التصريحات الصادرة عن أمين عام منظمة التعاون الإسلامي إياد مدني، تجاه الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال كلمته في افتتاح مؤتمر »الإيسيسكو» بتونس تعد سقطة كبيرة وإهانة بالغة في حق مصر. ما حدث كان غير مسبوق في تاريخ المنظمات الدولية والإقليمية، وبهذا التصرف أثبت أنه شخصية غير مسئولة، لأن الرئيس عبدالفتاح السيسي، لا يمثل نفسه بل يمثل الشعب المصري، ويرمز لدولة عريقة لها ريادتها ولها دورها المحوري والإقليمي في المنطقة والعالم الإسلامي. وأدانت منظمة الشعوب والبرلمانات العربية التصريحات الصادرة عن إياد مدني واعتبرتها تدخلاً سافراً وجسيماً في الشئون الداخلية المصرية وقيادتها السياسية. وأكدت المنظمة في بيان أصدرته أن هذه التصريحات لا تتسق مع مسئوليات ومهام منصب الأمين العام للمنظمة وتؤثر بشكل جوهري علي نطاق عمله ما يتطلب تقديمه الاستقالة فوراً في محاولة لاحتواء الموقف. وأشار رئيس المنظمة عبدالعزيز عبدالله إلي أن تصريحات إياد خلال كلمته في حفل افتتاح المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة أثبتت فشله في تمثيل العالم الإسلامي حيث تنافي حديثه مع مبادئ الدين ويخلو من الأعراف الدبلوماسية والبروتوكولية. وكان الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي إياد مدني قد اعتذر عن الإساءة للرئيس عبدالفتاح السيسي مشدداً علي أنه لم يقصد الإساءة للقيادة المصرية مؤكداً احترامه للرئيس عبد الفتاح السيسي الذي يكن له كل تقدير كقائد عربي محنك يقود دولة عريقة تحتل مكانة كبيرة في قلب كل عربي ومسلم. الجانب المصري رحب بالموقف المشرف للعديد من السعوديين الذين عبروا عن رفضهم لهذه التصريحات المشينة بل وإطلاقهم حملة (لا يمثلني) وهي تعد بمثابة دليل واضح علي الإخوة والروابط العميقة التي تربط بين الشعبين الشقيقين. وأشارت مصادر دبلوماسية عربية رفيعة المستوي إلي أن دولاً عربية ذات تأثير في منظمة التعاون الإسلامي أجرت اتصالات بالأمين العام للمنظمة الدكتور إياد مدني وطالبته بتقديم استقالته من منصبه في أعقاب الأزمة التي تسبب فيها مؤخراً مع مصر. ومن منطلق الانتقادات الموجهة للدكتور الهلالي الشربيني وزير التربية والتعليم، والذي كان يرأس وفد مصر في مؤتمر »الإيسيسكو» بتونس، والتي اتهمت إياه بالتقصير في الدفاع عن بلده ورئيسه، قال وزير التربية والتعليم، إنه تعامل مع حديث إياد مدني بشكل دبلوماسي لأنه في هذا الموقف لا يمثل نفسه وإنما يمثل بلده. أضاف الوزير، أن هذه المواقف يترتب عليها أمور كثيرة وعلاقات دول ببعضها البعض وبالتالي فلا خيار عن الرد بدبلوماسية في مثل هذه المواقف. وقال الشربيني، إن مثل هذا الرد الدبلوماسي هو الذي أجبر مدني علي الاعتذار بشكل رسمي عن حديثه لافتا إلي ثناء العديد من رؤساء الوفود ووزراء التعليم في الدول الإسلامية مثل المغرب والبحرين والسودان علي هذا الرد والذين أكدوا تقديرهم للجهود المبذولة من الرئيس عبدالفتاح السيسي في الفترة الأخيرة للنهوض بمصر وبالمناقشات التي عقدها الرئيس خلال مؤتمر الشباب بشرم الشيخ. ووفقا لآراء العديد من خبراء التنظيم الدولي فإن مصر أمامها في مواجهة هذا الموقف ثلاثة خيارات متاحة الأول يتعلق بأن تتقدم مصر بطلب رسمي للأمانة العامة لمنظمة التعاون الإسلامي ووفقاً للائحة الإجراءات من أجل سحب الثقة من الأمين العام إياد مدني وهذا يشتمل علي بعض الصعوبات لأن مثل هذا الطلب يحتاج لموافقة من ثلثي الأعضاء في المنظمة والتي يبلغ عدد أعضائها 57 عضواً لا سيما أنها ثاني أكبر تنظيم دولي وإقليمي في العالم بعد الأممالمتحدة. أما الخيار الثاني المطروح أمام مصر وهو أن تقوم مصر بتعليق عضويتها في منظمة التعاون الإسلامي خلال الفترة المتبقية لإياد مدني في رئاسة أمانة المنظمة وهذا الوضع لن يؤثر علي الأمين العام ولكن مثل هذا الخيار قد يضر بمصالح مصر كدولة مؤسسة لمنظمة التعاون الإسلامي وفاعلة في المنظمة ولها علاقاتها ومصالحها مع مؤسسات المنظمة مثل بنك التنمية الإسلامي وغير ذلك من المؤسسات الهامة. بينما الخيار الثالث المطروح أمام مصر هو أن تقدم مصر علي توجيه رسالة رسمية مكتوبة قوية جداً تعبر فيها عن استيائها لما حدث من أمين عام منظمة التعاون الإسلامي وتعممها علي أعضاء المنظمة والمجتمع الدولي وتؤكد خلال هذه الرسالة أنها تري بأن الأمين العام للمنظمة ما هو إلا كبير الموظفين في المنظمة ولا يتساوي قدره مع الدول الأعضاء وبالتالي فإن مصر تعتقد أنه في ظل الظروف الحالية ذات الحساسية الكبيرة التي تمر بها الأمة الإسلامية تستلزم استمرارها في أداء دورها الفاعل في إطار المنظمة والمحافظة علي عضويتها وممارسة دورها داخل المنظمة لكن سوف يقتصر تعاملها طيلة فترة وجود إياد مدني كأمين عام لها مع سكرتارية المنظمة وسوف تتجاهل تماماً التعامل مع الأمين العام لحين انتهاء مدة خدمته لاسيما أنه أخطأ خطأً جسيماً وفادحاً في حق دولة عضو كمصر لها مكانتها ومن ثم فإنه من الحكمة والدبلوماسية ألا تتخلي مصر عن دورها الفاعل في المنظمة ولكن مع تجنب التعامل مع هذا الموظف الذي يعد مجرد سكرتير للدول الأعضاء. كان مجلس النواب قد ناقش عدداً من البيانات العاجلة بحضور السفير سامح شكري وزير الخارجية الذي حضر الجلسة ليوضح ما قامت به الوزارة تجاه التصريحات غير المسئولة لأمين منظمة التعاون الإسلامي، إياد مدني، بسبب تجاوزه في حق الرئيس عبدالفتاح السيسي. »مدني لازم يرحل».. شعار رفعه مجلس النواب، ومن ورائه الحكومة، مؤكدين أن الاعتذار وحده لا يكفي، هكذا وصف نواب الشعب واقعة تطاول إياد مدني أمين منظمة التعاون الإسلامي علي الرئيس عبدالفتاح السيسي. وطالب عدد من النواب وزارة الخارجية بضرورة الرد علي تلك التصريحات، وتقديم اعتذار رسمي من المنظمة الإسلامية. وألقي عدد من أعضاء مجلس النواب بيانات عاجلة في بداية الجلسة العامة لمجلس النواب، حيث قال النائب محمد علي عبدالحميد، عضو ائتلاف دعم مصر، إن الدولة المصرية لا يمكن أن تقبل بمهاترات مثل ما قاله إياد مدني أمين منظمة التعاون الإسلامي. وأضاف عضو ائتلاف دعم مصر إن مصر لا يمكن أن تقبل خروج مهاترات وسخرية من شخصية يفترض أنها مسئولة، ضد زعيم دولة بحجم مصر، متابعاً: »لن نقبل بمثل هذا الأسلوب ولابد من رد حاسم ومحاسبة هذا الشخص». من جانبه، انتقد النائب طارق رضوان، وكيل لجنة العلاقات الخارجية، تصريحات مدني، مطالباً الديوان الملكي السعودي بضرورة إصدار بيان اعتذار رسمي باسم مصر، لأن الرئيس لا يمثل نفسه بل هو ممثل للشعب المصري كله. وخلال إلقائه بياناً عاجلاً حول تصريحات مدني، وصف النائب سعد الجمال، رئيس لجنة الشئون العربية بمجلس النواب، تصريحات أمين عام منظمة المؤتمر الإسلامي خلال اجتماع للمنظمة العربية للتربية والثقافة والتعليم »الإيسيسكو»، بأنها خرق جسيم لكل قواعد السياسة والدبلوماسية والأخلاق والقيم والدين. وأضاف أن التصرف الشاذ الذي قام به هذا الرجل الذي يحتل منصباً مرموقاً في منظمة التعاون الإسلامي قد أساء لمنظمته وللمنظمة التي دعته لاجتماعاتها وللمملكة العربية السعودية التي يمثلها في المنظمة وشعبها قبل أن يسيء إلي مصر ورموزها. وأوضح الجمال أن المنظمة التي يعمل بها تعمل علي تعزيز التعاون الإسلامي بين الدول والأشقاء، وأن تكون نبراساً للمسلمين، في الالتزام بقواعد الدين والأخلاق، لكن الرجل ضرب بكل ذلك عرض الحائط لنزوة في نفسه أو خلل في سلوكه. وعلق وزير الخارجية السفير سامح شكري علي عدد من البيانات العاجلة التي ألقاها بعض النواب حول تصريحات إياد مدني المسيئة للرئيس السيسي، وقال إن ما ورد من عبارات غير لائقة وغير مقبولة من جانب هذا الموظف الدولي تم الرد عليه بشكل سريع من وزارة الخارجية. وأكد شكري أن وزارة الخارجية أصدرت بيانًا أعربت فيه عن الاستنكار الكامل لتصريحات هذا الموظف الدولي، الذي يتولي منصبًا مهمًا داخل منظمة عريقة هي منظمة المؤتمر الإسلامي، حيث تحتل مصر مكانة مهمة فيه، موضحًا أن ما صرح به مدني يخرج تمامًا عن القواعد التي تحكم تصرفات هذا المسئول، وأنها لم تمس الحكومة فقط، لكنها مست الشعب المصري كله، لكن الأمر يتطلب وضعه في حدود المنظمة. أضاف: »بمجرد أن وردت إلينا عبارات الاعتذار تقدمنا باحتجاج إلي المنظمة، وطلبنا تعميم هذا الاحتجاج علي كل أعضاء المنظمة، لأن ما صدر من تصريحات لهذا المسئول يلقي بظلال من شك علي المنظمة وأسلوب إدارتها، وقد صدر تصريح شخصي مني لإدانة هذا المسئول علمًا بأن علاقتنا مع الأمين العام وسكرتارية المنظمة قوية». وأكد أنهم يتواصلون مع المنظمة لتدارك الأمر وفقًا لقواعد العمل بها »وسوف نواصل بالتأكيد هذا الأمر، ونجري اتصالات مكثفة مع أعضاء المنظمة للتأكد من اتخاذ إجراءات لاحقة تحفظ مكانة مصر وهيبتها، ضمن الإطار الدولي والإسلامي ونؤكد مرة أخري أننا نتعامل مع هذه الأمور باعتبار أن ما صدر من تصريحات هو من موظف دولي». وأكد أن ما طرح في الجلسة من آراء يعبر خير تعبير عما يدور لدي الرأي العام المصري، وينبع لوجود إرادة شعبية تسعي إلي تصحيح أي خطأ في حق مصر».