الأديب سعيد الكفراوي قال إن هذه أخلاق أنبياء وقديسين، وليس غريباً علي شخصية نجيب محفوظ أن يصدر عنها فعل مثل هذا لأن من عرفه جيدا يعلم ذلك ويدركه، فقد كان محفوظ، حينها، في أواخر عمره وكان علي يقين كامل من كونه بات قريباً من الأبدية، فقد صفي حساباته مع الدنيا، مطمئناً لأنه قد أدي دوره علي ما يجب أن يكون، وتابع الكفراوي: "لم أسمع عن مسألة العفو وخطاب الاعتذار من جانب الأستاذ نجيب، لكنه كان يشفق علي هؤلاء الشباب بحجة أنهم لم يتعلموا ولم يفهموا صحيح دينهم الذي يحرم قتل النفس، كما أنهم كانوا نتاجاً لمرحلة أخرج الإنسان المصري فيها أسوأ ما عنده، وفي النهاية فما حدث، إن كان صحيحاً، لا يتنافي أو يختلف مع شخصية نجيب محفوظ الذي كان له نصيب وافر من السماحة والعفو، في كل مراحل حياته ومع كل من قابلهم وعاصرهم، فقد كان إنساناً حقيقياً". الأديب نعيم صبري وهو أحد المقربين من محفوظ، اتفق مع الكفراوي في أن هذا الفعل، ليس غريباً علي نجيب محفوظ الذي كثيراً ما أبرز تعاطفاً مع المتهمين وكان يرثي لحالتهم التي أوصلتهم إلي ما فعلوا، كما كان يعتبرهم ضحايا. وتابع صبري: "من الوارد جداً أن يكون الأستاذ نجيب عفا عمن أرادوا اغتياله، وبالنسبة لبطاقة المعايدة فلا أستبعد أنها حقيقية، ذلك لأن الأستاذ نجيب محفوظ كان يكثر من عمل الخير ولا يخبر أحداً به، ومسألة عفوه عن أناس أرادوا ذبحه لهو خير كبير وفضل أكبر، من الوارد أن يكون قد فضل الاحتفاظ به لنفسه كعادته التي عرفناها فيه". الدكتور يحيي الرخاوي، الذي أشرف علي علاج الأستاذ وكان يشرف، يومياً، علي تمرين الكتابة الذي كلف به محفوظ، يقول أن الأستاذ لم يخاطب جهات أمنية لنقل سجين من سجن إلي آخر، وكان يرفض التدخل في القانون وكثيراً ما كان يقول أنه مثل سقراط في مسألة احترام القانون وعدم المساس به أو الخوض فيه، وتابع الرخاوي: "كان نجيب محفوظ يدعو لهؤلاء الذين أرادوا ذبحه ويطلب من الله أن يغفر لهم ويصلح لهم أحوالهم، وعندما عرضت عليه أن يتوسط لدي الرئيس أو من بيده الأمر كي يخرج هؤلاء الشباب من سجونهم بما أنه عفا وصفح، رفض وأكد لي أنه في قرارة نفسه قد سامحهم، لكنه لن يتدخل في أمور تخص القضية ومسارها القانوني". الأديب يوسف القعيد قال أنه يستبعد أن يعفو نجيب محفوظ عمن حاولوا قتله، لأن الفكرة عرضت مرة واحدة علي الأستاذ نجيب من أحد الأشخاص، وقد امتنع القعيد عن ذكر اسمه لأنه، بحسب القعيد، قد مات ويجب علينا احترام خصوصية الموتي، وقد رفض محفوظ هذه الفكرة وكان القعيد حاضراً وقتها، وتابع: "لا أستطيع أن أجزم بصحة ما ورد بخصوص عفو نجيب محفوظ عن المتهمين باغتياله فقد كنت حاضراً علي رفضه، كما أني أفضل احترام إرادة الموتي وعدم الخوض في شئونهم".