انتهت مؤخرا أعمال المكتب الدائم للاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب، التي عقدت في دبيبالإمارات، برئاسة الشاعر حبيب الصايغ أمين عام الاتحاد، وبحضور 16 وفدًا يمثلون اتحادات وروابط وأسر وجمعيات الأدباء والكتاب في الوطن العربي، وأقيمت علي هامشها ندوة فكرية موسعة بعنوان: "نحو استراتيجية ثقافية عربية"، شارك فيها نخبة من المثقفين العرب، بالإضافة إلي ثلاث أمسيات شعرية مثلت المشهد الشعري العربي جميعه. وفي الختام أعلن المجتمعون مجموعة من الوثائق، وعددا من القرارات التي توصلوا إليها، ومنها منح جائزة القدس هذا العام للمفكر الكويتي د.خليفة الوقيان، ومنحت كذلك للمرة الأولي لمثقف أجنبي هو الروماني جورج جريجوري، كما منح الاتحاد العام للمرة الأولي أيضا جائزة لشعراء عرب 1948، حصل عليها الشاعر سليمان دغش، بالإضافة إلي قرار تكريم الحقوقي الأردني ليث شبيلات في الاجتماع المقبل، بمنحه درع الاتحاد العام، كأحد الشخصيات المدافعة عن الحقوق والحريات العامة. وقد ناقش الاجتماع عددًا من القضايا الأكثر إلحاحًا في الراهن العربي، وفي مقدمتها ما يواجه فلسطين من محاولات لإبادة حقائق التاريخ علي الأرض الفلسطينية، والإجهاز علي إرادة الفلسطينيين في مواجهة الاحتلال، وكذلك ما تتعرض له سوريا، والعراق ومصر، وليبيا، وتونس، والسودان من إرهاب تجاوز استهداف البشر إلي استهداف الأوابد التاريخية، والإرث الحضاري في هذه الأقطار وغيرها. وحرصا من الأدباء والكتاب العرب علي أن يكون لهم دور تنويري في مواجهة هذه التحديات، أكدوا علي: حق الشعب الفلسطيني في مواجهة الاحتلال الصهيوني لأرض فلسطين وتقرير مصيره وبناء الدولة الفلسطينية ذات السيادة علي كامل التراب الفلسطيني، مقاومة مختلف أشكال التطبيع مع الكيان الصهيوني، حق دولة الإمارات في استعادة جزرها الثلاث "طنب الكبري، طنب الصغري، أبو موسي" المحتلة من إيران، دعوة الأدباء والكتاب العرب والقوي الفكرية والسياسية في الوطن العربي إلي تغليب لغة الحوار علي لغة الشحن العرقي، والديني، والطائفي، وإلي تعزيز ثقافة التنوير، إدانة مختلف أشكال الإرهاب داخل الوطن العربي وخارجه، رفض مختلف أشكال التدخل الأجنبي في الشؤون الداخلية للدول العربية ومواجهة أي محاولة لتقسيم أي دولة عربية إلي وحدات جغرافية أصغر وفق اعتبارات عرقية أو مذهبية، دعوة الحكومات العربية إلي احترام حرية التعبير والاختلاف في الرأي والتخلي عن أي دور وصائي علي أي جهة ثقافية عربية، الوقوف إلي جانب قوي التنوير والدعوة إلي دعمها بمختلف الأشكال بما في ذلك حق هذه القوي في بناء نفسها وفي تمكينها من مواجهة الفكر الظلامي، والدعوة إلي تأسيس منتدي ثقافي عربي لمواجهة مختلف أشكال التطرف والتعصب والإرهاب في الوطن العربي. أما فيما يخص حالة الثقافة العربية التي تعاني في هذا الظرف العصيب، أكد المجتمعون وجوب التفكير بشكل جذري فيما يلزم استحداثه واستبيانه من أجل تخريج الإنسان العربي مخرجًا يتساوق فيه الشأن الداخلي مع قضايا العالم، ويكون ذلك بتفعيل مجموعة من النقاط تعمل علي تجاوز حالة القلق التاريخي، حيث أكد الكتاب والأدباء العرب أن هذه الاستراتيجية الثقافية عليها أن: تفعَل كخريطة طريق للسياسات الثقافية العربية المشتركة وتوحيد الجهود والوقوف في وجه تغول الهمجية والظلامية التي باتت تهدد الوجود العربي في أساسه ونشر الثقافة العربية المنفتحة علي قيم التسامح والاعتراف والتعاون مع الآخر، رفض ثقافة الانعزال الفكري والتكفير للقضاء علي الأمية بشكليها؛ أمية القراءة والكتابة والأمية الالكترونية، والقضاء علي الجهل الذي تسرب إلي قطاع واسع من البلدان العربية، تعظيم دور المرأة العربية الثقافي في بناء المجتمع والنهوض به، فتح الدورات واللقاءات الحوارية الممنهجة بين الشباب لفضح الخطابات الظلامية التي تؤدي إلي تمزيق البلدان ونشر الثقافه العربية المنفتحة علي قيم العصرنه والتراث الإيجابي وتمكين الموروث الحضاري والعمل علي تعريف الشباب بتراث وطنهم العربي الكبير، ترسيخ سبل الأمن الثقافي الذي من شأنه حماية الشباب والمضي بهم إلي مستقبل زاهر بنشر دور الثقافة ومراكز الفعل الثقافي، تفعيل دور المثقف والأديب إيجابيًا للنهوض بالمجتمع العربي وتنويره وتعزيز مكانة المجتمع الثقافي وتعميق التواصل بين مختلف الشرائح الاجتماعية ثقافيا واجتماعيا، الاهتمام بالطفولة ثقافيا وتوفير الإمكانيات والوسائل الثقافية اللازمة التي تساعد الطفل علي أن يكون كاتبًا أو مثقفًا أو مفكرًا، الدعوة إلي تعميم بعض التجارب العربية المتعلقة بمشاريع القراءة مثل تجربة الإمارات التي عملت علي تعزيز القراءة كفعل ثقافي وحضاري، العمل علي إشراك الاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب في جلسة تسبق اجتماعات وزراء الثقافة العرب للعمل سوياً علي تمكين اتخاذ قرارات عميقة فيما يخص الاستراتيجية الثقافية العربية. وحول حال الحريات في الوطن العربي أكد الاتحاد علي تمسكه برفض أي اعتداء أو تطاول أو مساس بحرية الرأي والتعبير تحت أي ظرف ومهما كانت الذريعة؛ وشدّد المجتمعون علي أنهم: يثمنون عاليًا الحكم التاريخي لمحكمة مجلس الدولة المصرية لصالح اتحاد كتاب مصر الذي يعد وثيقةً من وثائق الاتحاد؛ مؤكدين إدانة تغول أية سلطة تنفيذية علي استقلال النقابات الفكرية والاتحادات والجمعيات والأسر والروابط الأدبية العربية، ضرورة إجراء الاجتماعات والاستحقاقات القانونية في الاتحادات الأعضاء في مواعيدها المقررة، والالتزام بإجراء انتخابات مجالس وهيئات الإدارة وفق ما تنص عليه، وأن تكون شفافة وديمقراطية ومعبرة عن آراء الأغلبيات، يطالبون بالإفراج الفوري عن جميع معتقلي الرأي في بلدانهم أو بلدان عربية أخري، كما يأملون من القضاء السعودي النظر في إمكانية إصدار حكم بالإفراج عن الكاتب الفلسطيني "أشرف فياض"؛ خاصة وأن هذا القضاء قد سبق له أن ألغي حكم الإعدام بحق هذا الكاتب، ويطالبون السلطات الأمنية والقضائية العربية بتوضيحٍ شفافٍ وموضوعيٍ للموقف القانوني لأي معتقل، وأخيرا؛ لابد للدول العربية التي لم تجز حتي الآن إنشاء روابط أو اتحادات أو تنظيمات للكتاب في دولها أن تباشر إلي هذا الأمر خدمة للثقافة العربية ومساهمةً في جمع شمل الأدباء والكتاب العرب بانتسابهم إلي الاتحاد العام.