تبنت الأمانة العامة للاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب، البيان المرسل من اتحاد أدباء وكتاب العراق بشأن الجرائم التي ترتكبها الجماعات التكفيرية المتسترة وراء شعارات الدين، وهو منها بريء، علمًا بأن الاتحاد العام قد خصص يوم 19 أبريل من كل عام ليكون يومًا للثقافة العربية، تقام فيه ندوات وأمسيات وفعاليات ثقافية مختلفة في كل اتحادات الكتاب في الوطن العربي تهدف إلى شيوع أفكار التنوير، وتبصير المواطن العربي بالجرائم الإرهابية التي ترتكبها تلك التنظيمات، وعلى رأسها تنظيم داعش. إن الثقافة العربية تواجه خلال السنوات الأخيرة تحديات كبيرة، تتمثل أبرزها في استفحال وصعود الاتجاهات التكفيرية والإرهابية والأصولية، التي تتخذ من الإسلام مظلة لتمرير مشروعاتها وخططها السياسية المتوحشة التي أساءت لصورة العرب والمسلمين أمام العالم المتحضر، ودمرت الكثير من منجزات الثقافة العربية التنويرية وهي تشيع روح التسامح والتنوير والحداثة ومفاهيم الديمقراطية وحقوق الإنسان، فضلاً عن أعمال التدمير والتخريب التي مارستها ضد المجتمعات العربية المختلفة في سورياوالعراق وليبيا ومصر وتونس والجزائر ولبنان واليمن وغيرها، مما أدى إلى تدمير البنى التحتية والثقافية والصروح التاريخية والدينية والأثرية، وإلغاء حرية التعبير والاختلاف والتفكير لصالح رؤيا واحدية ظلامية تشرعن العنف والتوحش والتطرف وتعيد العالمين العربي والإسلامي إلى عصور الظلام والتخلف والعبودية. ولذا تلقى على كواهل الأدباء والكتاب والمفكرين والمثقفين العرب، في هذه المرحلة، مسؤوليات فكرية وأخلاقية وعملية جسيمة تتمثل في مواجهة هذا الانحراف الفكري الخطير بوصفه خرقًا في بنية العقل العربي يتطلب تفكيك أصوله الفكرية والمعرفية وإشاعة ثقافة تنويرية وإصلاحية قادرة على إنقاذ الفرد والمجتمع العربيين من السقوط في شباك هذه الأنظمة ذات العقلية الميثولوجية المتطرفة، المنافية لكل ما هو إنساني وحضاري وعقلي، والتأسيس لثقافة التسامح والحرية والاختلاف والتنوير التي تسهم في بناء مجتمعات عربية مدنية بعيدا عن هيمنة الغلاة والمتطرفين من كهان التوحش وفقهاء الظلام. وفي العراق، عانى المجتمع العراقي كما هو معروف من جرائم التوحش والعنف التي مارستها المنظمات الإرهابية والتكفيرية مثل القاعدة وداعش وغير ذلك من المسميات الدموية، ومعروفة للعالم جرائم التوحش والإبادة والتدمير التي ارتكبها تنظيم داعش منذ احتلال الموصل وحتى اليوم، ومنها سياسة الإبادة العنصرية والقتل على الهوية والتهجير وسبي النساء والأطفال وتدمير المعالم الحضارية والأثرية والدينية والجوامع والكنائس ودور العبادة لمختلف مكونات الشعب العراقي، وربما تؤشر المجزرة الأخيرة التي ارتكبتها عصابات داعش في (الكرادة الشرقية) ببغداد واحدة من الجرائم البشعة الجبانة التي يندى لها جبين التاريخ، فقد ذهب ضحيتها أكثر من ثلاثمائة شهيد ومائتي جريح جلّهم من الأطفال والنساء والشباب ممن جاءوا للتبضع من الأسواق التجارية لاستقبال عيد الفطر المبارك. وقد أثارت هذه الجريمة النكراء إدانات واسعة من جميع أنحاء العالم كان آخرها الموقف الرشيد للأزهر الشريف الذي أدان هذه الهجمات الإرهابية ووصفها بأنها تتنافى مع تعاليم الإسلام وكل الأديان السماوية والمبادئ الإنسانية. ولذلك فإن الاتحاد يهيب بالأدباء والكتاب والمفكرين والفنانين والإعلاميين وباتحاداتهم ونقاباتهم وجمعياتهم وأسرهم وروابطهم المختلفة لإدانة هذه الجرائم المتوحشة التي ترتكبها كل يوم عصابات داعش في العراق وفي بقية البلدان العربية والإسلامية في العالم، وإبداء مواقف التضامن مع الضحايا وأسرهم، وتحمل المسؤولية الثقافية والأخلاقية للنضال بلا هوادة ضد كافة مظاهر التطرف والعنف وضد كافة أشكال الشحن الطائفي والمذهبي والتكفيري، ورفض الانخراط في الدعوات المشبوهة التي تروِّج لها بعض المراكز السياسية والإعلامية لإيجاد تبريرات وذرائع سياسية وإيديولوجية تشرعن العنف والإرهاب والتكفير تحت ذرائع مختلفة. وتابع البيان أن على المثقف العربي أن يقول وبصوت عال: لا للعنف، لا للتطرف، لا للإرهاب، وان يقف موقفًا شجاعًا ومسؤولاً لاجتثاث الجذور الفكرية والثقافية للعنف والإرهاب والتكفير تمهيدًا لإعادة الانسجام والتوازن داخل الحياة الثقافية العربية التي تتطلع لإعلاء قيم الحرية والديمقراطية والتسامح والحداثة وحق الاختلاف واحترام الرأي الآخر.