شهدت الشهور القليلة الماضية ارتفاعا تجاوز الجنون في أسعار المواد الغذائية وخاصة السلع الاستراتيجية منها مثل الألبان والسكر والزيوت واللحوم والدواجن علاوة علي الخضروات والفواكه اضافة الى ارتفاع فواتير الكهرباء والمياه والغاز وتغير كل شيء وباتت جميع الأسر مهددة فى لقمة معيشتها فالغلاء العاصف تجاوز حدود العقل والقدرة على تأمين الاحتياجات الضرورية للبقاء وأصبحت دخول المواطنين لا تكفي إلا أياما قليلة بعد أن فقدت القدرة الشرائية للجنيه الكثير وتعقدت الظروف المعيشية لتضيف بؤسا أكثر على حياة المواطنين. ولم يعد هناك مجل للشك فى أن لهيب الأسعار الذى تعيشه مصر هذه الأيام والذى أصاب الجميع بخيبة أمل وبصفة خاصة الطبقات الشعبية منها والتى تعيش أياما صعبة بسبب اشتداد الخناق عليها من كل الجوانب فالحكومة عاجزة عن ضبط ايقاع الأسواق وهناك قصور بالغ من قبل المسئولين الذين يعيشون فى ابراج عاجية ويصمون آذانهم عن شكاوى الناس وكأنهم يعيشون فى بلاد أخرى علاوة على الجشع البالغ من رجال الأعمال والتجار الذين يصنعون الأزمات ويحتكرون السلع ويحجبونها لتعطيش الأسواق لترتفع الاسعار وتزداد مكاسبهم فهم لايفكرون الا فى الكسب السريع المبالغ فيه وهو بالطبع كسب حرام لأنه على حساب الفقراء والمعدمين. وصحيح أن موجة غلاء الأسعار التي تشهدها أسواق المحافظات المصرية حالياً ليست ظاهرة محلية وانما هي ظاهرة عالمية تعانى منها غالبية الدول لكنها فى مصر أصبح مبالغ فيها بشكل كبير ولم يعد هناك حسيب أو رقيب وألقت الظاهرة بظلالها على الكثير من السلع ولم تعد تمس سلعة دون أخرى بل طالت غالبيتها وبشكل استفزازى وانعكست سلبا على شرائح كبيرة من المجتمع وباتت تقلق الجميع الا الأجهزة الحكومية التى لم تعد تعير المشكلة أى اهتمام ويجب على مراكز الدراسات الاقتصادية طرحها وتحليلها للمساهمة في إيجاد حلول مقترحة لها. وبنظرة فاحصة على الفئات المتضررة من الارتفاعات المتتالية للأسعار نجد أن هناك فئات في المجتمع ترزح تحت وطأة حمى ارتفاع الأسعار وتثقل كواهلها تشمل الفئات الفقيرة وأصحاب الدخول المتدنية وأصحاب المعاشات وهم الذين تأثروا تأثّرا كبيرا علاوة على أصحاب الطبقة المتوسطة الذين كانوا يعيشون دون شكوى فأصبحوا اليوم ترتفع أصواتهم ويصرخون من نار الأسعارويطالبون بحلول عاجلة للمشكلة التى يئنون تحت وطأتها. والمتابع عن قرب لما يدور على أرض مصر منذ قيام ثورة الثلاثين من يونيو 2013 يلاحظ أن الدولة المصرية تسابق الزمن وتعمل على انجاز العديد من المشروعات العملاقة التى تأخرت كثيرا خلال السنوات الماضية ولكن يجب ألا يتم ذلك دون مراعاة للطبقات الفقيرة والكادحة بل والمتوسطة وعلى القيادة السياسية أن توجه الحكومة الى ضرورة مراعاة الفقراء وضبط الأسعار حتى لايؤدى ذلك الى تذمر الناس التى صبرت كثيرا والتى تقف فى ظهر الدولة وتساندها ويعلمون جيدا أن وطنهم يواجه تحديات صعبة فى الداخل والخارج ومع ذلك فهم يتحملون الكثير.