رغم أن عمرو حمودة يشير في مقدمة روايته (السمسار)إلي أن (أي تشابه بين بعض الشخصيات أو الأحداث في الرواية، مع شخصيات أو أحداث في الواقع، هو محض خيال المؤلف، ولا يمثل الحقيقة) إلا أن كل الإشارات والوقائع والأحداث، وربما أيضا كل الخيال في الرواية، هو واقع موجود بالفعل، يدور حول قصة صعود رجل الأعمال الهارب حسين سالم، أو قصة سقوط كل حسين سالم إلي الهاوية..(قراءة تؤكدها أحداث الرواية، ودرجة قرابة المؤلف من رجل الأعمال.. المؤلف تحديدا هو ابن (شقيقة حسين سالم)!! كانت شخصية »فوشية» في كتاب المؤرخ النمساوي ستيفان زفايج،هي ما فتن(منتصر فهمي) سمسار رواية عمرو حمودة، وأظنها أيضا هي مدخل المؤلف في تحليل شخصية السمسار..صحيح أن »فوشية» هو سفاح ليون وقاتل أهلها باسم مبادئ الثورة الفرنسية(1793)..لكن تجمعهما(فوشية والسمسار) صورة الشرالأعظم، القادر علي إفساد مدينة بأكملها...والحقيقة أن منتصر بطل الرواية يتجاوز شخصية (السمسار)إلي ماهو أكثر جرما وفسادا..إنه عالم (المافيا) وعالم (المخابرات) وعالم (السوق) المفتوحة علي تجارة النساء،وتجارة السلاح، وتجارة الغاز مع إسرائيل..عالم الشركات متعددة الجنسيات، وعلاقات المال والسلطة.. عالم خرافي شرس، كل شيء مباح.. لا قيم ولا حدود..لامعني للعدو.. ولامعني للوطن أيضا!! رواية عمرو حمودة الصادرة عن (دار الثقافة الجديدة) مفاجأة فنية بكل المقاييس، فالمؤلف أستاذ للدراسات الاقتصادية، وهو خبير بترول..سبق له أن أصدر رواية وحيدة (فيوليت والبكباشي)..لكن روايته (السمسار)عمل ممتع وشائق، سرد بسيط، وقدرة علي صياغة المعلومات بتدفق وسلاسة، في لغة سهلة وشائقة تدخلنا إلي عالم من الرعب والإثارة..عالم تجارة السلاح وخراب الوطن!!