جاء اعلان وفد صندوق النقد الدولي الذي اجرى مباحثات مكثفة مع المسئولين الاقتصاديين فى مصر استغرقت أحد عشر يوما بالتوصل لاتفاق مع الحكومة المصرية لإقراضها 12 مليار دولار على ثلاث سنوات ليمثل انتصارا للدولة المصرية التى تثبت كل يوم أمام العالم أنها تتحرك بخطى ثابتة على الطريق الصحيح كما دعا الوفد الاقتصادى الدولى شركاء مصر إلى مساعدتها في هذا التوقيت الحرج الذى تمربه موضحا أن البرنامج التمويلي يهدف إلى تحسين أسواق العملة وتقليص عجز الموازنة وخفض الدين الحكومي . ومن المؤكد أن قرض الصندوق سيعمل على تحسين الوضع الاقتصادى وسيؤدى الى تعزيز احتياطي النقد الأجنبي وخفض التضخم وزيادة الصادرات وجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة لكن ذلك يتطلب بذل جهودا كبيرة من الحكومة للعمل على خفض الواردات وتقليل الانفاق وزيادة الصادرات لإنعاش الاقتصاد المنهك منذ ثورة يناير 2011 وما أعقبتها من قلاقل أدت إلى عزوف المستثمرين الأجانب وتراجع السياحة بجانب انخفاض تحويلات المصريين العاملين في الخارج وهى المصادر الرئيسية للعملة الصعبة. وأعتقد أن الحكومة المصرية تمتلك رؤية اقتصادية واضحة دعت الصندوق للاشادة ببرنامجها للاصلاح الاقتصادى وهو ما ساهم بشكل كبير فى اتخاذ قرار الاتفاق مع مصر على القرض الذى من المتوقع أن يستخدم في سد الفجوة التمويلية التي يعانى منها الاقتصاد المصري إضافة إلى احتواء أزمة نقص الدولار وضبط الأوضاع المالية والنقدية علاوة على أن البرنامج سيساعد في تحقيق نمو مصحوب بزيادة فرص العمل الذى ستعود ثماره على الجميع كما يتضمن التركيز على نوع من الحماية الاجتماعية سيتم توفير تمويل لها من بنود أخرى فى الميزانية ليشمل ذلك دعم الغذاء وتقديم دعم مالى لفئات اجتماعية شديدة الاحتياج للمساعدة وهو ما سيعمل على رفع مستوى معيشة الشعب المصري . وليس هناك مجال للشك فى أن الحكومة المصرية ستعمل بكل الجد على الاستفادة من تجارب الدول التى سبقتنا فى الاقتراض من الصندوق والتى تمكنت من الخروج من أزمات مماثلة لما تمر بها مصر وتمكنت من استخدام قروض الصندوق في التنمية الداخلية وخرجت من مأزقها الاقتصادي ولم تستمر في الاقتراض كما تعاملت هذه الدول مع القرض على أنه أحد وسائل دفع الاقتصاد إلى الأمام وليس الوسيلة الوحيدة نحو النمو الاقتصادي ومنها ماليزيا وبولنداوغيرها. ولعل تأكيد محافظ البنك المركزى طارق عامر بأن الاتفاق مع الصندوق يعد حدثا هاما فى هذه الفترة التى يمر بها الاقتصاد المصرى يعبر عن تفاؤل كبير بقرب تجاوز الأزمة الاقتصادية وأن توقيع اتفاق القرض يمثل شهادة ثقة بالإجراءات الإصلاحية التي تتخذها الحكومة من خلال برنامج وطنى لتصحيح مسار الاقتصاد وتوقع بأن ينعكس الاتفاق إيجابيا على تدفق الاستثمارات الأجنبية المباشرة إلى مصر.