لم يكن السؤال هو: لماذا يلجأون - بكل خسة - إلي اغتيال من يخالفونهم الرأى، فهذا منهجهم منذ بدأوا السير فى طريق الضلال. لكن السؤال كان : لماذا الدكتور على جمعة بالذات؟!.. قد تكون هناك أمور تتصل باعتقادهم أنه هدف سهل فى منطقة هادئة تناسب جريمتهم البشعة.. وقد يكون نجاحه فى إيصال رسالته الدينية والفكرية إلى الناس باعثا على الجريمة. وقد يكون نهر الخير الذى أراد الله أن يجرى على يديه لمن يحتاجونه قد أثار حفيظة أعداء الله وجنود الشر!! قد يكون كل ذلك أو شيء منه وراء الجريمة. لكننى أعتقد أن الاساس فى استهداف الدكتور جمعة من بين كثير من الأئمة الذين يتبعون نهجه، هو أنه لم يتوقف يوما عن إعلان رأيه المستند إلى المعرفة بالدين وبتاريخ الوطن، بأن الإرهاب - بكل فصائله وراياته التى تدعى زورا الانتساب للاسلام - قد خرج من جماعة واحدة هى جماعة »الإخوان«. إنها الحقيقة التى يعرفها كل من يعرف تاريخ هذه الجماعات الإرهابية المنحطة لكنه يكتسب المزيد من الأهمية والمصداقية عندما يخرج من عالم دين كبير، مخلص يصحح الدين، ومؤمن بأن هذا الوطن ليس «حفنة من تراب» كما قال كبير الخوارج فى جماعة الإخوان، ولكنه وطن يمتزج ترابه بدماء الشهداء الذين ضحوا لكى يبقى الوطن عزيزا، ولكى يكون هو الحامى للعروبة، وهو الحصن يصحح الاسلام الذى كان وسيظل للأبد.. رسالة للحرية ودستورا لكل ما يعلى قيمة العقل ويرسى مبادئ التسامح بين البشر. فور إطلاق الرصاصات الطائشة عليه، كان تأكيد الشيخ على جمعة «إنهم الإخوان» وكان يقينه الذى لم يتأخر يوما فى الكشف عنه هو أن كل إرهاب يدعيه الخوارج على الاسلام هو من صنع «الإخوان» الذين خرجت من عباءتهم كل جماعات الارهاب.. والذين كان سلاح الاغتيال وسيلتهم منذ أن بدأت جماعتهم فى العمل، والذين كانت العمالة ركنا أساسيا فى برنامجهم منذ نشأوا على أيدى المخابرات البريطانية وبتمويلها قبل أكثر من ثمانين عاما بأموال من كانوا ينهبون شعب مصر ويستولون على قناة السويس ويجعلون من الشركة التى أممها عبدالناصر - بعد طول كفاح - دولة داخل الدولة!! لا يزعج «الإخوان» شيء أكثر من كشف تاريخهم الموغل فى دماء المسلمين. وفضح الحقيقة التى لا ينبغى أن تغيب عنا.. وهى أنهم أصل البلاء، وأنهم قاموا على فكر الخوارج، وأن كل جماعات الإرهاب تنتمى إليهم أو تخرج من عباءتهم. ولهذا استهدفوا الدكتور على جمعة، وسيستهدفون كل من يفضح حقيقتهم، ويبطل كل محاولات إعادة تقديمهم مرة أخرى على أنهم يمثلون «الاعتدال» بينما هم أساس التطرف وأصل البلاء. بالأمس.. كان المشهد موجعا. الدكتور جمعة يؤم المصلين فى صلاة الجنازة على روح فقيد مصر والعالم الدكتور أحمد زويل. الرجل الذى نجا قبل يومين من القتل على أيدى «الإخوان» يؤم مصر وهى تودع عالمها الجليل الذى لم تتورع «كتائب» الاخوان عن الشماتة فى موته ، لانه كان يخلص للعلم وللوطن.. بينما الخوارج من «الإخوان» يعادون العلم ولا يعرفون معنى الوطن. رحم الله عالمنا الجليل أحمد زويل. وحفظ الله إمامنا المناضل ضد الخوارج من كل شر.