الجزار: مسئولو المدن الجديدة في جولات موسعة لمتابعة مشروعات رفع الكفاءة والتطوير والنظافة    غدا.. مجلس الشيوخ يناقش ملف جودة التعليم العالي    غدا.. مجلس الشيوخ يفتح ملف التصنيع الزراعي    السيسي: مصر تتمتع بموقع متميز ومحور رئيسي لنقل البيانات بين الشرق والغرب    روسيا تعلن تدمير 17 مسيرة أوكرانية    جدول مباريات اليوم.. الزمالك لحجز مقعد بنهائي الكونفدرالية.. ديربي لندن.. وترقب تريزيجيه    الأقباط السودانيون يتصدرون المشهد بقداس أحد الشعانين بدير الأنبا سمعان (صور)    42 عاما على تحريرها تنمية سيناء رد الجميل لشهداء الوطن    سعر الدولار اليوم الأحد 28 أبريل.. وقائمة أبرز العملات العربية والأجنبية    وزير الاتصالات يستعرض أمام السيسي محاور وأهداف استراتيجية مصر الرقمية    جولات لمسئولي المدن الجديدة لمتابعة مشروعات رفع الكفاءة والتطوير والنظافة    العودة في نفس اليوم.. تفاصيل قيام رحلة اليوم الواحد للاحتفال بشم النسيم    انطلاق دورة دراسات الجدوى وخطط الصيانة ضمن البرنامج التدريبي للقيادات المحلية    فرنسا تتهم زوجة قيادي في داعش بارتكاب جرائم ضد الإنسانية    غدا.. «بلينكن» يزور السعودية لمناقشة وقف إطلاق النار في غزة وإطلاق سراح الرهائن    أنا وقلمى .. القادم أسوأ    افتتاح معرض أنشطة المدارس الرسمية لغات بالبحيرة    48 ساعة فارقة للأهلى والزمالك.. خطة «كولر وجوميز» لعبور نصف نهائى القارة السمراء    حالة الطقس اليوم.. الأحد حار نهارًا على أغلب الأنحاء والقاهرة تسجل 31 درجة    مصرع شخص وإصابة 23 آخرين في حادث تصادم بصحراوي أسوان/القاهرة    «تعليم مطروح» تنهي استعداداتها لانطلاق امتحانات الفصل الدراسي الثاني    بعد اتهامها بالزنا.. عبير الشرقاوى تدافع عن ميار الببلاوى وتهاجم محمد أبو بكر    وداعًا المبهر العظيم صلاح السعدنى    الليلة الكبيرة - عيلة تايهة    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : شكرا سيدى على الدعوة00!؟    نصائح هامة لتنظيم ساعات النوم مع التوقيت الصيفي    التصريح بدفن جثة شاب لقى مصرعه أسفل عجلات القطار بالقليوبية    ننشر أسعار الريال السعودي في البنوك المصرية الأحد 28 أبريل 2024    مواعيد مباريات اليوم الأحد 28- 4 -2024 والقنوات الناقلة لها    انتوا بتكسبوا بالحكام .. حسام غالي يوجّه رسالة ل كوبر    خلال شهر مايو .. الأوبرا تحتفل بالربيع وعيد العمال على مختلف المسارح    تحرير 7 محاضر مخالفة ضد أصحاب مخابز بالأقصر    تزامنًا مع قضية طفل شبرا.. الأزهر يحذر من مخاطر Dark Web    عاجل.. مدحت شلبي يفجر مفاجأة عن انتقال صلاح لهذا الفريق    بطلوا تريندات وهمية.. مها الصغير ترد على شائعات انفصالها عن أحمد السقا    لا بديل آخر.. الصحة تبرر إنفاق 35 مليار جنيه على مشروع التأمين الصحي بالمرحلة الأولى    تصفح هذه المواقع آثم.. أول تعليق من الأزهر على جريمة الDark Web    لتضامنهم مع غزة.. اعتقال 69 محتجاً داخل جامعة أريزونا بأمريكا    عاجل.. قرار مفاجئ من ليفربول بشأن صلاح بعد حادثة كلوب    السكك الحديد تعلن عن رحلة اليوم الواحد لقضاء شم النسيم بالإسكندرية    مصرع 5 أشخاص وإصابة 33 آخرين في إعصار بالصين    رفض الاعتذار.. حسام غالي يكشف كواليس خلافه مع كوبر    آمال ماهر ل فيتو: مدرسة السهل الممتنع موهبة ربانية ومتمرسة عليها منذ الطفولة    اشتباكات بين الفلسطينيين والاحتلال الإسرائيلي غرب رام الله    فضل الصلاة على النبي.. أفضل الصيغ لها    عضو اتحاد الصناعات يطالب بخفض أسعار السيارات بعد تراجع الدولار    هيئة كبار العلماء السعودية تحذر الحجاج من ارتكاب هذا الفعل: فاعله مذنب (تفاصيل)    هل مرض الكبد وراثي؟.. اتخذ الاحتياطات اللازمة    متحدث الكنيسة: الصلاة في أسبوع الآلام لها خصوصية شديدة ونتخلى عن أمور دنيوية    نصف تتويج.. عودة باريس بالتعادل لا تكفي لحسم اللقب ولكن    ما حكم سجود التلاوة في أوقات النهي؟.. دار الإفتاء تجيب    تملي معاك.. أفضل أغنية في القرن ال21 بشمال أفريقيا والوطن العربي    العالم الهولندي يحذر من زلزال قوي خلال 48 ساعة ويكشف عن مكانه    إصابة 8 أشخاص في حادث انقلاب سيارة ربع نقل بالمنيا    هل يمكن لجسمك أن يقول «لا مزيد من الحديد»؟    السيسي لا يرحم الموتى ولا الأحياء..مشروع قانون الجبانات الجديد استنزاف ونهب للمصريين    ما هي أبرز علامات وأعراض ضربة الشمس؟    " يكلموني" لرامي جمال تتخطى النصف مليون مشاهدة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"الإمام والمرشد".. نص مذكرات شيوخ الأزهر عن جماعة الإخوان المسلمين
نشر في الموجز يوم 20 - 07 - 2016

تحت عنوان «موقف الأزهر الشريف وعلمائه الأجلاء من جماعة الإخوان» كان هذا الكتاب للباحث في تاريخ الحركات الإسلامية «حسين القاضى»، وهو الكتاب الذي أثار ردود أفعال مختلفة، ويعد أول تجميع ورصد لآراء مؤسسة الأزهر وعلمائها في جماعة الإخوان منذ نشأتها عام 1928 وحتى الآن، والكتاب دراسة وثائقية في أربعة فصول الأول : عن رأي مشيخة الأزهر من الجماعة، والثاني : آراء مفتو الديار المصرية، والثالث يستعرض حقائق على ألسنة كبار العلماء والمشايخ، والأخير يتضمن آراء المفكرين غير الأزهريين من جماعة الإخوان.
وتناول الكتاب البيانات الصادرة من الأزهر عن الإخوان وعشرات العلماء عبر مراحل تاريخية بدأت بالشيخ محمد مصطفى المراغي، والشيخ يوسف الدجوي، والشيخ عبد الوهاب الحصافي، والشيخ أحمد حسن الباقوي، والشيخ محمد الغزالي، والشيخ الشعراوي، والشيخ محمد المدني، والشيخ أحمد محمد شاكر، والشيخ جاد الحق، والشيخ عطية صقر، والشيخ عبد الله المشد، والشيخ معوض عوض إبراهيم، والشيخ علي جمعة، والشيخ أحمد عمر هاشم، والشيخ نصر فريد واصل، والشيخ شوقي علام، وصولا إلى الشيخ أسامة الأزهري، وذكر الباحث في مقدمته أن الكتاب مقصود به الشباب المتحير الذي يريد معرفة رأي مرجعيته الدينية في جماعة الإخوان، كما لفت الباحث النظر إلى التقصير الواقع من القائمين على مشيخة الأزهر الحاليين في مواجهة التطرف.
كبار العلماء : الجماعة سلكت غير ما رسم القرآن وتآمرت على قتل الأبرياء وترويع الآمنين واغتيال المجاهدين
أصدرت جماعة كبار العلماء بالأزهر الشريف نداء للأمة بشأن جماعة الإخوان وذلك عام 1954 قالت فيه: "هذا نداء من جماعة كبار العلماء بالأزهر الشريف، نتجه به إلى الشعب المصري الكريم وإلى سائر المسلمين...أيها المسلمون: إن الدين الإسلامي دين توحيد ووحدة وسلام وأمان، وهو لذلك رباط وثيق بين الناس وربهم، وبين المسلمين بعضهم وبعض، وبينهم وبين مواطنيهم ومن والاهم من أهل الكتاب، فليس منه تغرير ولا تضليل، وليس منه تفريق ولا إفساد، ولا تآمر على الشر ولا العدوان، وقد قام الإسلام من أول أمره على هذه المبادئ، فجمع بين عناصر متنافرة، وقرب بين طوائف متباعدة، وأقام حياة المجتمع الإسلامي على أسس قوية كريمة، وقد ابتلى المسلمون في عصورهم المختلفة بمن أخذوا تلك المبادئ على غير وجهها الصحيح، أو لعبت بعقولهم الأهواء، فجعلوا منها باسم الدين وسائل يجتذبون بها ثقة الناس فيهم، ويستترون بها للوصول إلى غاياتهم ومطامعهم، والتاريخ الإسلامي حافل بأبناء تلك الطوائف التي شبت في ظلاله، وزعمت أنها جنود له، ثم كانت حربا عليه أشد من خصومه وأعدائه.
وقد كان ظهور طائفة الإخوان المسلمين - أول الأمر- ما صرف الناس عن التشكيك فيهم، والحذر منهم، بل كانت موضع ارتياح فيما اتخذت من أساليب الدعوة، واجتذاب جمهرة من الناس ناحية الدين، ولكنه - والأسف يملأ نفس كل عارف بدينه ومخلص لأمته ووطنه - قد شذ من هذه الجماعة نفر انحرفوا عن الجادة، وسلكوا غير ما رسم القرآن، فكان منهم من تآمر على قتل الأبرياء، وترويع الآمنين، وترصد لاغتيال المجاهدين المخلصين، وإعداد العدة لفتنة طائشة، لا يعلم مداها في الأمة إلا الله.
وجماعة كبار العلماء تستنكر هذا الانحراف عن منهج القرآن في الدعوة، وتشكر الله العلي القدير أن أمكن لأولي الأمر في هذه الأمة أن وضعوا أيديهم على بذور الفتنة ووسائلها، قبل أن يشتد أمرها، ويستفحل خطرها، وتعلن أن الخروج عن الدعوة التي رسمها القرآن الكريم، وسلوك سبيل العنف بالإرهاب والعدوان، والتضليل والخداع مشاقة لله ورسوله –صلى الله عليه وسلم-، وافتيات على الإسلام بما ينكره الإسلام ويأباه، ويعتبر صاحبه في صفوف المتعدين حدود الله (ومن يفعل ذلك فقد ظلم نفسه)، (ومن يتعد حدود الله فأولئك هم الظالمون)
وجماعة كبار العلماء تنصح المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها أن يتجهوا إلى الدين، فيفهموا مبادئه وإرشاداته على وجهها الصحيح، ويلزموها في حياتهم الخاصة فتسلم الأسرة، وفي حياتهم العامة فتسلم الأمة، وأن يكونوا يدا واحدة وقوة واحدة في حفظ كيان المجتمع والذود عن كرامته، والاعتصام بحبل الله.
الأزهر : حاربوا الإسلام واصطنعوا الأغرار من دهماء المسلمين ونفخوا في صغار الأحلام بغرور القول ومعسول الأمل
في سنة 1965 صدر بيان من الأزهر الشريف بعنوان:(رأي الإسلام في مؤامرات الإجرام) كتبه الإمام الأكبر شيخ الأزهر حسن مأمون، قال فيه:
"إن الأزهر عاش عمره الطويل لفقه الإسلام والتعريف به، ومدارسة القرآن، والاستمداد منه، وورود الحديث الشريف والصدور عنه، قد شرفه الله بثقة المسلمين جميعا فيه، فائتمنوه على عقائدهم، وحكموه في كل ما يعن لهم من أقضية الحياة، ومحدثات العصور، ولقد كرم المسلمون شرف مهمته وإخلاص نيته فضموه إلى مقدسات الإسلام، ولم يبلغ الأزهر هذه المنزلة من التاريخ إلا لأنه تمشى مع طبيعة الإسلام، حقا لا إكراه عليه، ووضوحا لا خفاء فيه، وصراحة لا تبيت لها، وتخطيطا لا ائتمار عليه، يجادل بالحسنى، ويدعو إلى الله على بصيرة بالحكمة والموعظة الحسنة، لكن أعداء الإسلام حين عز عليهم الوقوف أمامه حاولوا حرب الإسلام باسم الإسلام، فاصطنعوا الأغرار من دهماء المسلمين، ونفخوا في صغار الأحلام بغرور القول، ومعسول الأمل، وألفوا لهم مسرحيات يخرجها الكفر لتمثيل الإيمان، وأمدوهم بإمكانيات الفتك، وأدوات التدمير، ولكن الله قد لطف بمصر، وغار على الإسلام أن يرتكب الإجرام باسمه، فأمكن منهم، وهتك سترهم، وكشف سرهم، ليظل الإسلام أكرم من أن يتجر به، وأشف من أن يستتر فيه، وأجمل من أن يشوه بخسة غيلة، ولؤم تبييت، ووحشية تربص، ودناءة ائتمار، وقد شاء الله أن يدل مصر وقيادتها على أوكار الخيانة وكهوف الغدر، وإذا كان القائمون على أمر هذه المنظمات قد استطاعوا أن يشوهوا تعاليم الإسلام في أفهام الناشئة، واستطاعوا أن يحملوهم بالمغريات على تغيير حقائق الإسلام تغيرا ينقلها إلى الضد منه، وإلى النقيض من تعاليمه، فإن الأزهر لا يسعه إلا أن يصوب ضلالهم، ويردهم إلى الحق من مبادئ القرآن والسنة المشرفة، وحين يشترط المتآمرون على الإسلام أن يكون المسلم منضما لجماعة خاصة تستهدف البغي، وتدعو إلى التمرد فإنهم بذلك يدخلون على الإسلام ما ليس منه، إن الاستعمار قد أن يعيش بينكم، فاصطنع منكم نفرا ليهدموا مكاسبكم، ويضعوا العراقيل في سبيل نهضتكم، وإياكم- أيها المسلمون- أن تخدعوا بكلمة حق يراد بها باطل، فدينكم واضح لا إلغاز فيه، شريف لا همس فيه، فمن أسر به إليكم فقد خدعكم، ومن تخفى في إعلامكم فقد استحمقكم، وإن الأزهر الشريف يلقنكم عقائد الدين صافية من تعكير الضالين، مستقيمة عن التواء المبطلين تأخذ بيديكم إلى خير مجمع عليه، وتنجيكم من شر غير مختلف فيه".
كما أصدر الأزهر أيضا تقريرا عن كتاب"معالم في الطريق" لسيد قطب جاء عام 1965 أعده الشيخ محمد عبد اللطيف السبكي-عضو جماعة كبار العلماء بالأزهر- بناءً على طلب الإمام الأكبر شيخ الأزهر الشيخ حسن مأمون الذي أسند إليه مراجعة وكتابة تقرير عن مضمون الكتاب جاء فيه: "لأول نظرة في الكتاب يدرك القارئ أن موضوعه: الدعوة إلى الإسلام، ولكن أسلوبه أسلوب استفزازي، يفاجأ القارئ بما يهيّج مشاعره الدينية، وخاصة إذا كان من الشباب أو البسطاء، الذين يندفعون في غير رؤية إلى دعوة الداعي باسم الدين، ويتقبّلون ما يوحى إليهم من أحداث، ويحسبون أنها دعوة الحق الخالصة لوجه الله، وأن الأخذ بها سبيل إلى الجنة، وأحب أن أذكر بعض النصوص من عبارات المؤلف، لتكون أمامنا في تصور موقفه، إن المؤلِّف ينكر وجود أمة إسلامية منذ قرون كثيرة . ومعنى هذا: أن عهود الإسلام الزاهرة، وأئمة الإسلام، وأعلام العلم في الدين، والتفسير، والحديث، والتفقه، وعموم الاجتهاد في آفاق العالم الإسلامي، معنى هذا: أنهم جميعًا كانوا في جاهلية، وليسوا من الإسلام في شيء، حتى يجيء إلى الدنيا سيد قطب"!! إن كلمة "ولا حاكمية إلا لله" كلمة قالها الخوارج قديمًا، وهي وسيلتهم إلى ما كان منهم في عهد الإمام علي، من تشقيق الجماعة الإسلامية، وتفريق الصفوف، وهي الكلمة التي قال عنها الإمام علي : "إنها كلمة حق أريد بها باطل" ، فالمؤلف يدعو مرّة إلى بعث جديد في الرقعة الإسلامية، ثم يتوسع فيجعلها دعوة في الدنيا كلها، وهو دعوة على يد الطليعة التي ينشدها، والتي وضع كتابه هذا ليرشد بمعالمه هذه الطليعة، وليس أغرب من هذه النزعة الخيالية، وهي نزعة تخريبية، يسميها: طريق الإسلام، والإسلام كما هو اسمه ومسمّاه يأبى الفتنة ولو في أبسط صورة، فكيف إذا كانت غاشمة، جبارة، كالتي يتخيّلها المؤلف"؟!!. "وما معنى الحاكمية لله وحده ؟؟ هل يسير الدين على قدمين بين الناس ليمتنع الناس جميعًا عن ولاية الحاكمية، أو يكون الممثل لله في الحكم هو شخصية هذا المؤلف الداعي، والذي ينكر وجود الحكام، ويضع المعالم في الطريق للخروج على كل حاكم في الدنيا، تلك نزعة المؤلف المتهوس، يناقض بها الإسلام، ويزعم أنه أغير الخلق على تعاليم الإسلام، أليست هذه الفتنة الجامحة من إنسان يفرض نفسه على الدين، وعلى المجتمع"
المراغي: الجماعة أحلت لنفسها الفتوى فى الدين وسعت أن تكون جماعة بديلة لمشيخة الأزهر .. ولا بد من حلها
طالب الشيخ المراغي من رئيس الوزراء أحمد ماهر حل جماعة الإخوان، وقد كانت علاقة الشيخ المراغي بحسن البنا علاقة وطيدة، بالنظر إلى أن البنا أسس جماعة دعوية غرضها الوحيد الدعوة للفضائل والتربية، ولذلك حدث تجاوب بين المراغي والبنا في سنة 1935 فعندما ذهب البنا ومعه عدد من الإخوان, وقابلوا الشيخ المراغي، وسلموه رسائل متعلقة بإصلاح التعليم الديني، كما بعث مرشد الإخوان برسالة إلى شيخ الأزهر مصطفى المراغي يدعوه لمقاومة "بوائق الإلحاد الإباحية الجامحة وتقوية سلطان الدين في النفوس، لكن ظهر للشيخ المراغي الوجه الحقيقي لجماعة الإخوان، وتبين له أن الأمر لا يعدو عن كونه وسائل مختلفة غرضها تحويل الجماعة إلى مرجعية بديلة من غير أن تكون مؤهلة لهذا الأمر، فأباحت لنفسها الفتوى في الدين، ومن هنا طالب الإمام المراغي بحل الجماعة، وورد خبر مطالبة المراغي بحل الجماعة في مجلة الإخوان المسلمين الأسبوعية، عدد الأحد 8 جمادى الآخر، 1367ه، 17 أبريل 1948م، السنة السادسة، العدد 195، ص10.
الإمام جاد الحق: الإخوان ساروا على طريق الانحراف
يقول الإمام الأكبر الشيخ جاد الحق في كتاب: (بيان للناس من الأزهر الشريف): " ..أما الانحراف والتطرف على مستوى مصر الدولة المسلمة التي انطلقت منها دعوة الإسلام منذ فتحت في سنة 21 هجرية فيحدثنا التاريخ أن الدولة الفاطمية التي قامت في مصر في منتصف القرن الرابع الهجري، كانت داعية إلى التشيع لمناوأة الخلافة العباسية السنية في بغداد، وكانت لها آثار حضارية أهمها الجامع الأزهر الذي شاء الله أن يتحول إلى منارة علم بعيدا عن المذاهب والتيارات السياسية، وظل صامتا طوال عشرة قرون يرقب الخلافات فيقوم معوجها وينير الطريق للراغبين في الإصلاح، ثم ظهرت في العشرينات من مارس 1928 (تاريخ نشأة جماعة الإخوان) حركة تنادي بوجوب الاستغناء عن القوانين الوضعية والعودة إلى القوانين الإسلامية بحكم أننا دولة إسلامية، وأن تاريخنا الطويل منذ عهد الفراعنة ورسالة إدريس عليه السلام يقوم على الدين، وأن حضارتنا في جميع عصورها مصبوغة بصبغة دينية، إلى جانب أننا كبشر لا يصح أن نستغني عن هداية الله بهداية غير الله تمسكا بالمادة الأولى في دستور الحياة البشرية يوم أن أهبط الله آدم إلى الأرض...كانت هذه الحركة قائمة على الدعوة، وتهيئة الأذهان لقبول هذه الفكرة، وتهيئة المجتمع ليكون مجتمعا إسلاميا ينتهي إلى أن تكوم مصر بحكمها وشعبا بلدا إسلاميا بالمعنى الصحيح، وحين اهتمت هذه الجماعة بإصلاح القاعدة ولم تتعجل الحكم اهتم بعض أفرادها أو جماعة أخرى تستهدف هذه الغاية بالقمة، معتقدة أن الحكم الإسلامي قانونا وتطبيقا لا يعود إلا بالاستيلاء بسرعة على السلطة القائمة وقتل الحكام الذين تربوا في أحضان الاستعمار، لأنهم في نظرها كفار بطريق مباشر أو غير مباشر، صراحة أو ضمنا، وكان من أثر هذا الاعتقاد انحراف في السلوك أدى إلى قتل واغتيال وتخريب وفتنة راح ضحيتها أبرياء، نسجل للتاريخ بعض هذه الأحداث أهمها اغتيال رئيس الوزراء محمود فهمي النقراشي في 1948, واغتيال رئيس جماعة الإخوان حسن البنا في 1949م كرد فعل الاغتيال النقراشي ومحاولة اغتيال جمال عبد الناصر سنة 1954.
علي جمعة: الإخوان خوارج العصر وهم إلى زوال
كان للدكتور علي جمعة قدم السبق في أنه أول من بادر وحذر المجتمع من جماعة الإخوان وفكرها ومنهجها ونبذ تصرفاتها بكل وضوح، ثم أطلق كلمتين صارتا شعارا وواقعا، وذلك حين خرج في أكثر من موقف وقالها بوضوح: (الإخوان خوارج العصر).
لم يكن الدكتور علي جمعة أول من فطر وصف الإخوان (بالخوارج) فقد سبقه بالوصف أئمة كبار انتقلوا إلى رحاب ربهم كالشيخ محمد الغزالي، والشيخ أحمد محمد شاكر، والشيخ عبد الله المشد، ولحقه أئمة كبار كالمفتي الشيخ نصر فريد واصل والدكتور أحمد عمر هاشم، إلا أن الدكتور علي جمعة كان أول من أخرج العبارة مدوية،وركز عليها وشرحها وفسرها وكررها، وأتى عليها بالأدلة والبراهين ودعمها بالنماذج والمواقف والأحداث فاستقرت وانتشرت بعد أن كانت عابرة لا يلتفت إليها.
ولأنهم (خوارج العصر) فقد ترتب على هذه المقولة نتيجة التي أعلنها وبشر بها وسبق بها الجميع حين رأى الجماعة تطلق سفهائها بالسب والقذف والبذاءات فقال(الجماعة إلى زوال)، كما قال: بدأت فكرة حسن البنا بالرفض من أساتذته الكبار، فقد خالف أستاذه الشيخ يوسف الدجوي -وكان كفيفًا-، حيث نصحه الذي نصحه بالابتعاد عن هذا الطريق، كما أن الشيخ محمد بن عبد الوهاب الحصافي قال للبنا أنت تفعل فتنة، بعد أن خالف البنا الحصافي حين رفض الحصافي تأسيس البنا لجماعة الإخوان، وكان البنا يكذب على الشيخ الدجوي، وإن جماعة الإخوان جماعة مارقة سرقت جماعة المسلمين ماكرة، وهم كما أخبر رسول الله – صلى الله عليه وسلم- : (سيكون في أمتي اختلاف وفرقة، قوم يحسنون القيل ويسيئون الفعل ويقرأن القرآن لا يجاوز تراقيهم، يمرقون من الدين مروق السهم من الرعية)، لا يرجعون، لأن عندهم تعالي وكبر لأنهم معتقدين أنهم يحسنون صنعا، ومعتقدين أنهم أحسن من البشر، وأن آرائهم هي الصحيحة، وأنهم هم وحدهم جماعة المسلمين التي يجب على المسلم أن ينضم إليها، وأنها صاحبة الطرح الإسلامي الوحيد حتى إن الشيخ محمد الغزالي كان مع الإخوان، وكان معجبا بحسن البنا مؤسس الجماعة، ثم سألهم: هل أنتم جماعة المسلمين أم جماعة من المسلمين؟، فجاءت الإجابة: نحن جماعة المسلمين، والغريب أن بعض الإخوان وصفوا الشيخ محمد الغزالي ب (الفاسق) ولذلك أقول دائما إن إنشاء جماعة دينية يعني إنشاء دين مواز.
الدكتور نصر فريد واصل: ما تفعله جماعة الإخوان خارج عن حدود الشرعية والشريعة
ما يحدث الآن من ادعاءات الدفاع عن الشرعية بالخروج على الدولة بالعنف والمظاهرات والتعدي على الجيش والشرطة يخرج تماما عن حدود الشرعية والشريعة والدين والدستور.. هذا ما أكده الدكتور نصر فريد واصل فى حديثه عن جماعة الإخوان، متابعا حديثه: لأن الإسلام يأمرنا بتحقيق الأمن، وشرعية الرئيس مدنية اكتسبها بانتخاب المواطنين له، وليست خلافة من الله، وعندما يخرج الشعب بسلمية ويطالب بتغيير الحاكم، فلابد أن يخضع الرئيس لهذه الإرادة التي أتت به حتى لا تحدث فتنة ويقتل الناس بعضهم، وما حدث في 30 يونيو هو نفس ما حدث في 25 يناير، وكان يجب أن يخضع الرئيس لهذه الإرادة، ويعود للشرعية المدنية بإجراء انتخابات مبكرة، أو الاستفتاء على بقائه، لكنه أصر على موقفه، فأسقطه الشعب، وما حدث مع مرسى هو ما حدث مع مبارك.وما يحدث في الجامعات يؤكد أن الطلاب مغيبون، والذين يخرجون الآن عن الوسائل السلمية من طلاب جامعة الأزهر التي تعبر عن وسطية الإسلام يشوهون الأزهر والعلم الأزهري أمام العالم، ويلصقون تهمة الإرهاب بالإسلام، وهؤلاء والطلاب خانوا أمانة الدين والعلم وخانوا الله ورسوله، ما يقوم به الإخوان وأنصارهم يجعلهم ممن ينطبق عليهم وصف الخوارج؟ ولم أكن أتوقع أن يقوم الشيخ القرضاوي باستدعاء القوى الخارجية وتحريضها على الجيش المصري، والتحريض على العنف والقتال وخروج الجنود على القيادات، وأرى أنه إما أنه لا يدرك ما يحدث في مصر لأنه لم يكن يعيش فيها، ولم ير الواقع والحقيقة، فهو مخدوع، وتم التدليس عليه، أو أنه حكم واجتهد اجتهادا خاطئا، أما الدكتور على جمعة فكان يرى الواقع ويدعو إلى السلام وعدم العنف.
الشيخ أحمد محمد شاكر: روعوا العالم العربى والإسلامى من أقصاه إلى أقصاه
كتب الشيخ المحدث أحمد محمد شاكر مقالا بعنوان: "الإيمان قيد الفتك" عن جماعة الإخوان، جاء فيه: "روَّع العالم الإسلامي والعالم العربي بل كثير من الأقطار غيرهما باغتيال الرجل.. الرجل بمعنى الكلمة النقراشي الشهيد غفر الله له، وألحقه بالصديقين والشهداء والصالحين-، وقد سبقت ذلك أحداث قدّم بعضها للقضاء، وقال فيه كلمته، وما أنا الآن بصدد نقد الأحكام، ولكني كنت أقرأ كما يقرأ غيري الكلام في الجرائم السياسية، وأتساءل: أنحن في بلد فيه مسلمون؟ وقد رأيت أن واجبًا علي أن أبين هذا الأمر من الوجهة الإسلامية الصحيحة، حتى لا يكون هناك عذر لمعتذر، ولعلَّ الله يهدي بعض هؤلاء الخوارج المجرمين فيرجعوا إلى دينهم قبل أن لا يكون سبيل إلى الرجوع، وما ندري من ذا بعد النقراشي في قائمة هؤلاء الناس، وإن الله سبحانه توعد أشد الوعيد على قتل النفس الحرام في غير آية من كتابه: {وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا} وهذا من بديهيات الإسلام التي يعرفها الجاهل قبل العالم، وإنما هذا في القتل العمد الذي يكون بين الناس في الحوادث والسرقات وغيرها، القاتل يقتل وهو يعلم أنه يرتكب وزرًا كبيرًا.
أما القتل السياسي الذي قرأنا جدالاً طويلاً حوله فذاك شأنه أعظم وذلك شيء آخر،
القاتل السياسي يقتل مطمئن النفس، راضي القلب، يعتقد أنه يفعل خيرًا، فإنه يعتقد بما بُثَّ فيه مغالطات أنه يفعل عملاً حلالاً جائزًا، إن لم يعتقد أنه يقوم بواجب إسلامي قصَّر فيه غيره، فهذا مرتد خارج عن الإسلام، يجب أن يعامل معاملة المرتدين، وأن تطبق عليه أحكامهم في الشرائع، وفي القانون هم الخوارج، كالخوارج القدماء الذين كانوا يقتلون أصحاب رسول الله- صلى الله عليه وسلم- ويدعون من اعترف على نفسه بالكفر، وكان ظاهرهم كظاهر هؤلاء الخوارج بل خيرًا منه، وقد وصفهم رسول الله بالوحي قبل أن يراهم، فقال لأصحابه: "يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم، وصيامه مع صيامهم، يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم، يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية"، أما النقراشي فقد أكرمه الله بالشهادة، له فضل الشهداء عند الله وكرامتهم، وقد مات ميتة كان يتمناها كثير من أصحاب رسول الله، تمناها عمر بن الخطاب حتى نالها، فكان له عن الله المقام العظيم والدرجات العلى، وإنما الإثم والخزي على هؤلاء الخوارج القَتَلة مُستحلي الدماء، وعلى مَنْ يدافع عنهم، ويريد أن تتردى بلادنا في الهوة التي تردت فيها أوربا بإباحة القتل السياسي، أو تخفيف عقوبته؛ فإنهم لا يعلمون ما يفعلون، ولا أريد أن أتهمهم بأنهم يعرفون ويريدون، والهدى هدى الله".
خالد محمد خالد: يد الإخوان ملوثة بالدماء
لقد تلوثت يد التنظيم السري للإخوان بالدم الحرام، والسمة المشتركة بين الإخوان -إلا قليلا منهم- كانت في تعجل الوصول إلى الحكم، ثم في التعصب للفكر الإخواني، ونبذ كل ما عداه، ثم في غياب الوعي السياسي الرشيد عن تفكيرهم، وفي مثل هذا المناخ يفرخ العنف ويبيض، ويصبح التطرف - إلى حد استباحة الدماء - شعيرة أو فريضة، هل كان الإخوان يريدون حكما تطاول استبطاؤه؟ كان إعجابي بالأستاذ البنا يتنامى دوما، فكل ما فيه يدعو للإعجاب به وبالمودة له، علمه وخلقه، وسمته وزهده وتواضعه وجهاده ومثابرته وتفانيه وسحر حديثه، ورواء بيانه، وشخصيته كلها الآسرة المضيئة، ولكن مع هذا الإعجاب كان ينتابي الحذر.. أكان حذر منه؟؟ أم حذرا عليه؟؟ لم أكن يومها أدري.. كل ما كنت أجده شعور غامض بالحذر..ولعل هذا الشعور هو الذي حدد علاقتي بالإخوان كمجرد زائر للدار ومستمع للأستاذ دون أن أرتبط بعضوية أو أي التزام.
كان البنا في الصدارة من الذين يألفون ويؤلفون، وكانت شمائله تفتح له القلوب الغلف ولا يقترب منه أحد إلا أحبه، فما الذي حمل رجلا هذه صفاته وهذه نجاحاته على أن ينشئ أو يوافق على إنشاء جهاز النظام الخاص بكل احتمالاته المائلة، ومخاطره المقبلة؟ هذا هو اللغز الكبير في مسيرة الإخوان، من أين أُتى الإخوان؟ وما الذي أزل خطاهم عن الطريق وأطفأ النور الذي كان يسعى بين أيديهم وبأيمانهم؟.. من معاصرتي الأحداث في تلك الحقبة من الزمان أستطيع حصر عوامل التعرية التي أصابت الجماعة في اثنين لا ثالث لهما:
فأولهما: التنظيم السري بسوءاته وحماقاته وجرائمه.
وثانيهما: غياب الإيمان بالديمقراطية واحترامها وبث الولاء لها في ضمائر الإخوان، وفكر الجماعة وسلوك القادة.
لقد أسرف التنظيم في هذا السبيل إسرافا كان السبب الأوحد في تدمير الإخوان من الداخل والخارج..وكانت أولى جرائم النظام الخاص اغتيال أحمد ماهر باشا رئيس الوزراء، ويقول بعض الإخوان إن الأستاذ المرشد لم يكن يعلم عن هذا النظام الخاص شيئا، ونقول لهم: هذا كلام خبئ، معناه ليست لنا عقول.
الدكتور سعد الدين السيد صالح: شباب الإخوان "ممسوخ الشخصية"
شباب الإخوان هم خيرة شباب مصر عملا وجهادا ومثابرة، وهم يقومون بأعمالهم حسبة لله، وخدمة للإسلام، ولكن للأسف وكنتيجة لمنهج تربوي خاطئ تجد الواحد منهم ممسوخ الشخصية أمام ما يوجه له من أوامر القيادة، فالقادة في نظرهم رجال منزهون عن الخطأ، ومن هنا فهو لا يكلف نفسه عناء الفهم والتدبر للأحداث والأوامر التي توجه إليه، هو مجرد أداة للتنفيذ فقط، ليس من حقه أن يفكر أو يتدبر أو يتعقل، وقد يوجه إلى الأخ أمر بعدم التعامل مع صهره أو شقيقه – لخلافه معهم- فإذا بالجميع يلتزم بهذا الأمر دون اعتراض، ولا مجال للتراجع في تنفيذ الأمر حتى لو كان فيه قطعية رحم، وهكذا نجد أنفسنا أمام نوع غريب من البشر ليسوا على استعداد لإعمال عقولهم فيما يوجه إليهم من أوامر.
وإذا أقمت عليهم الحجة على أخطاء الإخوة الكبار فإنهم لا يسمعون، وإن سمعوا تحت الإلحاح فإنهم لا يعقلون، وإذا ما عقلوا فإنهم لا يتكلمون، وإن تكلموا فسوف يكون كلامهم نميمة، حيث سيخبرون قادتهم بأنك تتحدث عن الإخوة الكبار بما يمس هيبتهم وكرامتهم، والمؤسف أن هذه القواعد على مستوى عال من العلم والثقافة فمنهم المهندس النابغة، والطبيب البارع، ولكن حين يتعلق الأمر بما يمس قادة الجماعة فشعارهم(لا أرى لا أسمع لا أتكلم)، فالوضع الطبيعي لهذا هو مسخ شخصية القواعد وإحساسهم بالتصاغر.
حيث فهموا هذا المبدأ على أنه إلغاء للعقل، ومصادرة للفكر، وتسليم مطلق بكل ما يقال دون أدنى تفكير أو فهم، فالمهم عندهم هو المسارعة إلى تنفيذ الأمر ما دام الإخوة الكبار قد أصدروه، يقول الدكتور حسان حتحوت: "ولو سئلت عن رأيي في مسألة السمع والطاعة لأجبت بما صرحت به في الأربعينات من أن مفكرا واحدا هو للدعوة خير من ألف جندي، وإنما تجب السمع والطاعة في جيش يحتشد لحرب أو يخوض معركة عسكرية، أما في سياق الدعوة الطويل فالمطلوب إعداد رأي عام مسلم لا قوة ضاربة"، وإن من خطورة سوء الفهم لمبدأ السمع والطاعة هو تحول التنظيم إلى دين، حيث حدث تداخل عجيب بين الدين وبين الدين كإدارة بشرية واجتهاد إنساني، بحيث أن الحد الفاصل بين الدين كأمر رباني والتنظيم كأمر بشري لم يعد واضحا بالنسبة للقاعدة العريضة من الأتباع، وهذا الأمر حول التنظيم إلى غاية مع أنه مجرد وسيلة من وسائل الدعوة، فبدلا من أن تكون الجماعة وسيلة للعمل للإسلام تحولت الجماعة(التنظيم) إلى غاية يوظف لها الإسلام.
عبد الوهاب الحصافي: البنا تلميذى ونصحته بعدم تأسيس الجماعة
ذكر حسن البنا في (مذكرات الدعوة والداعية) ما كان بينه وبين الطريقة الحصافية الصوفية التي انضم إليها، فقال: "توطدت العلاقة بيني وبين الحصافية، وواظبت على أوراد الوظيفة الرزوقية صباحا ومساء، وحين حضر السيد عبد الوهاب الحصافي – نفع الله به- إلى دمنهور كنت شديد الفرح بهذا النبأ، وبدا لنا أن نؤسس في المحمودية جمعية إصلاحية هي "جمعية الحصافية الخيرية".
مضى حسن البنا في هذا الطريق التزكوي التربوي الرباني، حتى أنشأ جمعية الإخوان المسلمين، وعرض الأمر على شيخه الشيخ عبد الوهاب الحصافي، الذي يصفه البنا بأنه: " امتاز في شخصيته وإرشاده ومسلكه بكثير من الخصال الطيبة: من العفة الكاملة عما في أيدي الناس، ومن الجد في الأمور، والتحرر من صرف الأوقات في غير العلم أو التعلم أو الطاعة أو التعبد، ومن حسن التوجيه، وصرف عمليا إخوانه إلى الإخوة والفقه وطاعة الله".
فلما عرض البنا على الشيخ الحصافي فكرة تأسيس جمعية الإخوان، رفضها الشيخ، ونصحه ألا يمضي في هذا الطريق، لكن البنا أبى الأخذ بنصيحة شيخه مع إقراره بأن شيخه ذا حكمة ورأي سديد.، يقول البنا: "واستمرت صلتنا على أحسن حال بشيخنا السيد عبد الوهاب حتى أنشئت جمعيات الإخوان المسلمين وانتشرت، وكان له فيها رأي، ولنا فيها رأي، وانحاز كل إلى رأيه، ولازلنا نحفظ للسيد – جزاه الله عنا خيرا- أجمل ما يحفظ مريد محب مخلص لشيخ عالم عامل تقي، نصح فأخلص النصيحة، وأرشد فأحسن الإرشاد".، وعلى ذلك فإن الشيخ الأزهري الجليل السيد عبد الوهاب الحصافي شيخ الطريقة الحصافية - التي كان البنا واحد منها- هو أول من نصح البنا بعدم المضي فيما مضى فيه من إنشاء جماعة الإخوان، وأن البنا مع ثقته في علم الرجل وعقله وإخلاصه وورعه وتقواه إلا أنه رفض النصيحة، واستمر في تأسيس الجماعة، فكان ما كان
الشيخ محمد الغزالي: سياسة الخوارج تجددت على أيدي شباب الإخوان
كان الشيخ محمد الغزالي عضوا في الهيئة التأسيسية للجماعة وعضوا في مكتب الإرشاد أيام الأستاذ حسن الهضيبي، وأثنى على حسن البنا مؤسس الإخوان ثناء كثيرا، كما انتقد ما تعرضت له الجماعة من تعسف وظلم، وأما عن فكر الجماعة ومنهجها ودخولها في السياسة فقد رأى أنها انحرفت عن المنهج السليم، وأن سياسة الخوارج تجددت على أيدي شبابها.
ويعد الفصل الذي كتبه عن السمع والطاعة عند جماعة الإخوان في كتابه: (من معالم الحق في كفاحنا الإسلامي الحديث) من أهم ما كتبه، حيث تناول أثر الطاعة العمياء والانقياد التام من شباب جماعة الإخوان لقيادات مكتب الإرشاد ومسئولي التنظيم..
ننقل هنا بعض كلامه حيث يقول: (عز علي أن تتجدد سياسة الخوارج مرة أخرى، وأن يُلعب بالإسلام وأبنائه بهذه الطريقة السمجة، فيلعن أهل الإيمان ويترك أهل الطغيان, وبم أن القائد وبطانته لهم حق السمع والطاعة، بيد أن تعليم هذا الجنون كان أسلوب تربية وتجميع عند بعض الناس!! أي إسلام هذا؟ ومَنْ من علماء الأولين والآخرين أفتى بهذا اللغو؟ وكيف تلبسون الدين هذا الزي المنكر؟ وهيهات.. فقد تغلغل هذا الضلال في نفوس الناشئة حتى سأل بعضهم: هل يظن المسلم نفسه مسلما بعدما خرج من صفوف الجماعة؟
إنه يؤسفني أن أقول: إنني كنت إذا صارحت بأن للإخوان أخطاء وجدت العيون تحمر، والوجوه تثبت، وكأني كفرت، إنها عصبية عمياء.. إنه لا حرج أبدأ من اختلاف وجهات النظر، لكن لا يجوز لصاحب رأي ما أن يحسب نفسه المتحدث الرسمي باسم الله ورسوله، وأن من عداه خارجون عن الإسلام، بعيدون عن الحق.. قد تستطيع عصابة من الناس أن تخطف (حكما) بالاغتيال والنسف أو بالاحتيال والعسف، بيد أن نسبة هذا الحكم لله حمق كبير... من حق العقلاء أن يمقتوا الدين، وينبذوا تعاليمه يوم يكون الدين مرادفا لجمود الفكر، وقسوة الطبع، وبلادة العاطفة، ويوم يكون استيلاؤه على زمام الحياة عودة بها إلى الوراء وتغييرا لفطرة الله...إنه يومئذ لن يكون دينا من عند الله، بل أهواء من عند الناس، ولن يكون السير عليه تقوى ومثوبة، بل معصية وعقوبة).
الشيخ الشعراوي: اكتشفت أن قضية الإخوان مطامع سياسية وليست دعوة
إمام الدعاة الشيخ الشعراوى : ليست جماعة دينية وإنما سياسية وأغلبية وأقلية وطموح إلى الحكم
انضممت إلى الإخوان وكان يعجبني في الشيخ حسن البنا أنه كان قمة في الدعوة إلى الله، وكان حافظا للسيرة النبوية عن ظهر قلب، وكتبت أول منشور للإخوان بخط يدي، وفي عام 1938 أردنا الاحتفال بذكرى سعد باشا، حيث كنت اعتبر الاحتفال بذكراه هو احتفال بذكرى وطنية، وألقيت قصيدة امتدحت فيها زعماء الوفد، فغضب حسن البنا، وبعدها وفي جلسة مع مجموعة من الإخوان فيهم البنا لاحظت أن الحاضرين يتحاملون على النحاس باشا، وفوجئت بأحد الحاضرين يقول: إن النحاس باشا هو عدونا الحقيقي.. أعدى أعدائنا، لأنه زعيم الأغلبية، وهذه الأغلبية هي التي تضايقنا في شعبيتنا، أما غيره من الزعماء وبقية الأحزاب فنحن "نبصق" عليها جميعاً فتنطفئ وتنتهي! كان هذا الكلام جديداً ومفاجئاّ لي، ولم أكن أتوقعه، وعرفت أن المسألة ليست مسألة دعوة، وجماعة دينية، وإنما سياسية، وأغلبية وأقلية، وطموح إلى الحكم، وفي تلك الليلة اتخذت قراري وهو الابتعاد، وقلت: سلام عليكم، ماليش دعوة بالكلام ده، قلتها بكل أدب، ابتعدت عنهم، وكان ذلك في سنة 1938 تقريبا.
ويضيف الشعراوي: "ابني سامي كان في الإخوان، فقلت له بعد أن شاهدت التحول الذي طرأ على الجماعة: أنت أخذت خير الإخوان، فابتعد وحجم نفسك، لأن المسألة انتقلت إلى مراكز قوى وإلى طموح في الحكم، وفعلا سمع كلامي وابتعد،ومازال الإخوان متمسكين بالحكم، وقلت كلمتي، وأعلنت رأيي بكل وضوح وقلت:" أنا لا أريد أن أكون أنا الذي أحكم بالإسلام، إنما أريد أن يحكمني من يشاء بالإسلام، وبعد أن أعلنت كلمتي وحددت موقفي لم يستطع أحد أن "يهوب" ناحيتي، وأصبحت أقول كلمتي في الدعوة إلى الله دون أن يتعرض لي أحد، أو يقول إنني طامع في الحكم أو لي مآرب أخرى من وراء الدعوة، وإن خيبة أي داعية أن يستعجل ثمرة دعوته، وهذا ما لم يحدث مع النبي – صلى الله عليه وسلم- فكيف تستعجل أنت ثمرة دعوتك".
إننا لا نضمن أن تكو للإخوان روح حسن البنا، وعندما يراهم الناس يجدون أنهم قد أصبحوا غير ملتزمين ويشكلون نقطة ضعف للرجل، والأجيال مع الوقت أصبحت لها طموحات...هل نشأت الجماعة لتحكم هي أن هدفها كان أن تحكم بالإسلام؟ المخلص للإسلام ماذا يريد؟ يريد الإسلام..فمن غير الضروري أن أكون أنا الحاكم، إنما منطق "فيها أو أخفيها" فهذا هو ما لا يوصل إلى شيء
لقد تحولت المسألة داخل الجماعة إلى مراكز قوى ضد الشيخ حسن البنا نفسه، وأنا رأيت بعيني عبد الرحمن السنديوهو " يزق" الشيخ حسن البنا ويكاد يوقعه على الأرض، لولا تساند البنا على من كانوا يقفون خلفه، وكان ذلك في مقر الإخوان بالحلمية.
وحين وجهت المجلة سؤالا للشيخ الشعراوي عن قوله:"إن أعدائي هم الشيوعيين والإخوان المسلمين"، أقر بأنه قال هذه العبارة، ولمزيد من الإيضاح حول سبب قوله هذه العبارة قال الشيخ الشعراوي: "لأن الإخوان المسلمين لا يسمعون الإسلام إلا من حناجرهم.. إن قام واحد ليقول في الإسلام وليس منهم فلا يسمعون حديثه"
الشيخ معوض إبراهيم: أكلوا الثمرة وهزوا الشجرة ولم يتركوا فيها شيئا مثمرا فلم يعد في جماعة الإخوان خير
"عرفت حسن البنا مؤسس جماعة الإخوان منذ زمن بعيد، حيث كان البنا إذا نزل بلدا سأل عن علماء الأزهر الشريف، فقابلته بالمنزلة محافظة الدقهلية عام 1942 في دار أحد المدرسين، وفي عام 1948 أرسل البنالي سكرتيره عمر إبراهيم، وقال له : "جاءكم واعظ اسمه معوض إبراهيم أرجو أن تنتفعوا به"، وهذه العبارة تدل على أني لم أكن منتسبا قط لهذا المنظومة وذلك التنظيم بدليل قوله" أرجو أن تنتفعوا به"، كانت هذه أخلاق حسن البنا، تلك الأخلاق التي اختفت تماما من جماعة الإخوان، بل إنني أقول إن الإخوان اليوم لا يمتون إلى الفضل أو العلم أو المنهجية المنضبطة بأي صلة، ولقد رأيت الجماعة اختلفت اختلافا كبيرا عما كان عليه البنا في بداياتات نشأة الجماعة، فإذا بهم يقذعون المخالف لهم من علماء الأزهر وغيرهم بأشد الألفاظ، وكنت أقول دائما: "إنهم أكلوا الثمرة، وهزوا الشجرة، وأرادوا ألا يتركوا في الشجرة شيئا مثمرا، فلم يعد في جماعة الإخوان خير، وما بقي من الإخوان إلا طالب جاه أو شهرة أو سلطان أو متعالم أو قائل في دين الله مما لا يصح به دليل، ولا يقوم عليه برهانن لقد تحول حسن البنا وجماعة الإخوان إلى العمل السياسي الحزبي المحدود، وكان الأجدى تفرغهم للدعوة والتربية، لقد أصبحوا يعشقون الفشل، ويعشقون الدفاع عنه، فالإخوان لا يريدون أبدأ أن يعترفوا بالواقع ولا بفشلهم، ثم حدث أن استنزف العمل السياسي الحزبي طاقات الجماعة وإمكانيات شبابها، وأصبح عبئا عليها خاصة من جهة التربية والدعوة، إنني بعد عمر طويل استعرضت الحركة الإسلامية في مصر والبلاد العربية، وخبرت دعاتها، وعرفتهم وقابلت بعضهم، وقرأت عن الدعوة الإسلامية عمرا، وعشت لها، وألفت فيها، واشتغلت بها، محاضرا ومدرسا وأستاذا، وأستطيع بعد ذلك أن أقرر بوضوح لا لبس فيه، وجزم لا شك يعتريه أنني أرفض كل التيارات من سلفية وإخوان وغيرهم منهجا وسلوكا، ولا أرى إلا الأزهر الشريف منهجا وموجها.
الشيخ أسامة الأزهري: الإخوان فكرة عاطفية متحمسة دون فقه أو بصيرة
كان حصيلة الثمانين عاما الماضية أن تركت بين أيدينا اليوم أطروحات دينية، ابتغت خدمة الشرع، وتحمست له، فوضعوا لأنفسهم أصولا، وصنعوا نظريات فكرية تنتسب إلى الشرع، وقُدِّمت تنظيرات، وكتبت تأصيلات، وصدرت صحف ودوريات، وكم من قضية أو نازلة طرأت، كان لهم فيها رأي وأطروحة، مع أحداث تاريخية عاصفة، ووقائع ملتبسة، وموارد فكرية متداخلة، كل ذلك في جو نفسي مشحون وعاصف، سقطت فيه الخلافة، وتحير العقل المسلم في تلمس طريقٍ وانتماء ولقد حصلت في أثناء ذلك حركة حافلة وحاشدة، دأبت على أن تتلمس لنفسها أصلا ومدخلا وسبيلا واستمدادا من القرآن والسنة، لكن لم يكن لهم صبر على عملية الاستنباط، بآلاتها، وفَنِّيَّاتِها، وإجراءاتها ومعاييرها، ودوائر علومها الخادمة، ومقاييس التثبت من دقة النتائج والأفهام التي تم استنباطها، حتى تصاعد الأمر في الأعوام الأخيرة على نحو فادح، وتسارعت حركة الاستدلال، بل بدأت الأطروحات الفكرية التي أثمرتها الثمانون عاما الماضية تزداد تعقيدا وتداعيا، وآل الأمر إلى الأجيال الناشئة المتحمسة، ممن أجرى قلمه بمقال أو خطبة، مما أنتج خطابا دينيا صارخا وصادما وقبيحا، وفاقدا لمقاصد الشريعة، بل مدمرا لها، كما أعيد اليوم بعث فكر التكفير الذي كان كامنا في كتب التيارات المتطرفة، فتم تحويله إلى تنظيمات وجماعات وتطبيقات، بل تولدت منه الأجيال الثواني والثوالث من الأفكار والتطويرات والاستدلالات، مما أفضى بنا إلى تيارات تسفك الدماء، إننا أمام منهجين، منهج فكري مستقيم، في الأزهر الشريف، ويقابله: منهج فكري سقيم ومضطرب، مفعم بالتشنج، غاضب ومندفع وعدواني، عنده حماس للإسلام دون فقه ولا بصيرة ولا أدوات للفهم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.