وثيقة تُكشَف لأول مرة عقب إطلاق الرصاص علي الشيخ/ حسن البنا في عام'1949م' في شارع'نازلي' رمسيس حالياً، اعترف- وهو ينزف، ويلفظ أنفاسه الأخيرة بمستشفي القصر العيني- أنه برئٌ من جماعة الإخوان المسلمين، ومِن أفعالها الإجرامية، ومخالفتها لصريح الدين، ومن خروجها علي مبادئه التي نادي بها! بل، إنه أشار إشارةً واضحةً إلي أنَّ اغتياله كان مِن فِعل النظام الخاص للإخوان! لا سيَّما، بعدما هاجمهم في مقالةٍ شهيرةٍ بعنوان'ليسوا إخواناً.. وليسوا مسلمين'! ومن أقدار الله، وتصاريفه أنني التقيتُ مُؤَخَّراً بالشيخ/ عوض المسعودي'93 عاماً' بإحدي مدن البحر الأحمر، وهو من أتباع البنا المُخلصين، وقد سمع هذه الشهادة التاريخية من أحد الأطباء الذين عالجوا البنا بالمستشفي! لكنه لم يستطع أنْ يحكيها لأحدٍ، خوفاً علي نفسه مِن بطش التنظيم الخاص للإخوان! وقد ظلَّتْ هذه الشهادة عقوداً طويلةً غيرَ معروفةٍ! وهي تأتي مُهِمَّةً، كوثيقةٍ تكشف عن دموية الإخوان، ولدحض افتراءت الإخوان، واتهاماتهم للملك/ فاروق باغتيال البنا، في جميع أدبياتهم، من دون أنْ يُقدِّموا دليلاً واحداً علي صدق مزاعمهم، وتخرُّصاتهم! دعاء البنا علي الإخوان! يقول الشيخ/ عوض: بل، إن البنا رفع يدَيْه بالدعاء الحار إلي السماء، وهو يبكي قائلاً: 'اللهمَّ إنني أبرأُ إليكَ مما فعل، ويفعل هؤلاءِ الإخوان! اللهمَّ.. لقد غدروا بالإسلام، فغيَّروا أصوله، وبدَّلوا تعاليمه، فاللهمَّ.. اِقْضِ عليهم! واطوِ صفحتهم! وشتِّتْ جمعهم، لأنه لا تقوم دعوي لكاذبٍ! اللهمَّ.. فلا تُقِمْ لهم رايةً، ولا جماعةً! اللهمَّ.. إنَّ دمائي تنزف مِن فعلهم، فقد أصبحوا خوارج العصر، فناوؤني مثلما ناوأ الخوارجُ الإمامَ/ عليَّ بنَ أبي طالب- رضي الله عنه- فحاربوه، ثُمَّ قتلوه في النهاية! فاللهمَّ.. اغفرْ لي ذنبي بتكوين هذه الجماعة، وتجاوزْ عن خطأي، فقد ظننتُ أنني أدعو إلي الله علي بصيرةٍ، أنا ومَن اتَّبعني! لكنْ.. خدعني التابعُ، وخذلني المريدُ، فأساء الجميعُ، وأجرم! اللهمَّ.. سامحني، فدمي قُرْبةٌ، وفِداءٌ للإسلام، وللوطن! اللهمَّ.. تقبَّلْ دمي دليلَ براءتي مِن دماء: الخازندار، وأحمد ماهر، والنقراشي، وغيرهم من الأبرياء'! ثمَّ زاد البنا قائلاً، وهو يتمنَّي لو عاد به الزمنُ للوراء: 'اللهمَّ اِقْبَلْ توبتي، وامسحْ حوبتي! فلو عاد بي الزمنُ إلي الوراءِ، لَسَمِعتُ كلامَ شيخي الصُّوفي/ الحُصافي-رحمه الله- فقد حذَّرني من تكوين هذه الجماعة، فلم أستمع إليه! فقد قال لي: إنَّ الجماعات تُفَرِّق صفَّ المسلمين، وتشُقُّ وحدتَهم، وتقضي عليهم'! وفي هذه الأجواء الصعبة، التي يعترف فيها المرءُ بالحقيقة المُرَّةِ، تذكَّرَ البنا نصيحةً أخري له بعدم تكوين هذه الجماعة، فقال: 'كذلك، نصحني شيخي الجليل/ طنطاوي جوهري-رحمه الله، إذْ قال لي: يا حسن، ادعُ، وقوِّمْ الناسَ، وأصلِحْ فاسدهم، كما فعل سيِّدُنا رسولُ الله- صلي الله عليه وسلم- بالدعوة الفردية الخالصة المُخلِصة! يا حسن: إنَّ الفِرَقَ، والأحزابَ، والجماعات، لا تقود الناسَ إلي خيرٍ! وبمرور الزمن، يظن أتباعُ الجماعاتِ أنها هي الإسلام، فيتعصَّبون لها، ويُكَفِّرون ما عداها! بل، إنهم يظنون قادتها هم المُشَرِّعون الأصليُّون للإسلام، فكأنَّ الوحيَّ نزل عليهم، فيُقَدِّسون كلامهم! وتكون الطّامةُ الكبري، فمَن أطاعهم دخل الجَنَّةَ، ومَن عصاهم دخل النار'! ويعترف البنا بأنه أخطأ كثيراً'عندما مزج بين الدين والسياسة داخل جماعته، فدخل البرلمان، وتقرَّب من القصر، والإنجليز! فيقول: 'فيا ليتني اقتصرتُ- فقط- علي العمل الدعوي، والخيري، والاجتماعي، فابتعدتُ عن السياسة التي حذَّرنا منها الشيخ/ محمد عبده، وممّا تُسبِّبه من ويلاتٍ، وجرائم، إذا ما اقترنتْ بالدين! فالرقصُ علي حِبال السياسة، يعني موتَ الداعية، والمتاجرة بالشعارات'! ويختم البنا شهادته، وبراءته من الإخوان.. بالدعاء الصادق الباكي، لِيغسلَ نفسه، وروحه مِن أوزار جماعته، وحماقاتهم المتكررة، قائلاً: 'فماذا أفعل إذا سألني المولي عزَّ وجلَّ عن هذه الدماء الزَّكيَّة التي سالتْ بلا جريرةٍ، ولا إثمٍ؟! اللهمَّ.. لا تؤاخذنا بما فعل السُّفهاءُ، الأشقياءُ، المُجرمون مِنّا! اللهمَّ.. لا تُحاسِبْنا بأفعال الموتورين، المُتنطِّعين مِنّا! اللهمَّ.. إننا لم نكن نعلم بما يكيدون به للإسلام والمسلمين، وما يُدبِّرون بِلَيلٍ، فلا تسألنا عن مكرِ الماكرين الغادرين، فمَن خدَعَنا في الله.. انخدعنا فيه! اللهمَّ.. لقد خرج الزمامُ عنِّي، وأفلتَ مِن يدي، فكلُّ ما سيأتي مِن جرائم، وخطايا، سيُنْسَبُ إليَّ! فماذا أفعل؟! وكيف أستطيعُ أنْ أُبَصِّرَ الناشئةَ، والأجيالَ القادمة؟! اللهمَّ.. تُبْ عليَّ، لأتوب، اللهمَّ تُبْ عليَّ، لِأتوب'!