قبل أن يبدأ رحلته في »الأهرام« تألق نجمه فى سماء «آخر ساعة» و»أخبار اليوم» و»الأخبار».. وعندما عاد للكتابة بعد 11 عاماً من الابتعاد- أو الإبعاد- كانت «أخبار اليوم» هى التى قرر هيكل أن يخاطب القارئ من فوق منبرها. «الأستاذ» قرر واختار.. وصاحب السلطة شاء أن يبتعد هيكل من جديد! الزمان: أول يناير 1986. المكان: مكتب هيكل. المناسبة: حوار شامل بين «الأستاذ» ومجلس تحرير أخبار اليوم أجاب فيه على مدى ساعتين على جميع الأسئلة التى وجهت إليه، ووصفها ب»المحاكمة» ولكنه قبلها. وعلى مدى ثلاثة أعداد تم نشر الحوار مسلسلاً، وهو الحوار الذى نعيد نشره بين دفتى هذا الكتاب، وكان بمثابة تمهيد لعودة هيكل للكتابة المنتظمة ب«أخبار اليوم» تحت عنوانه الأثير «بصراحة».. أو هكذا كانت تشى الأجواء. ...................... الزمان: 15 فبراير 1986. المكان: الصفحة الأولى من «أخبار اليوم» العمودان الأول والثانى من العدد، وتحت عنوان «بصراحة» وصورة للأستاذ هيكل، كان مقال «صنع القرار السياسى فى مصر» باكورة كتاباته. فى العدد التالى كان العنوان سؤالاً: ما الذى يعترض عملية صنع القرار؟ واصل هيكل الكتابة فى عدد أول مارس، ثم اختفت «بصراحة». صمت هيكل عن الكلام المباح، ولم تنجح مبادرة إبراهيم سعدة فى مواصلة الحياة أكثر من ذلك! منذ تلك اللحظة كان من الواضح أن كتابات هيكل مزعجة لمبارك ومن حوله من رموز نظامه. .............. فى معرض الكتاب 1995 حذر «الأستاذ» من أن «النار قريبة من الحطب»، وفى عام 2002 ألقى هيكل قنبلته المدوية: «السلطة شاخت فى مواقعها» فكان الافتراق حتى لحظة سقوط نظام مبارك. هكذا كانت حكاية هيكل مع مبارك، رغم أن الحلقة الثالثة من حواره مع «أخبار اليوم» والتى مهدت الجسور لإطلالته من جديد، وعودة «بصراحة» للظهور فى الصحافة المصرية، تضمنت اعترافاً من «الأستاذ» بأفضال مبارك، والتى كانت بحسب هيكل: ● أنه أعطى الأولوية لعنصرى السلام والأمان. ● أنه قدم نفسه للناس بطريقة طبيعية فى مناخ عصبى. ● أنه لم يحاول اعتراض طريق التطور الطبيعى لحركة القوى الاجتماعية بطريقة خشنة. لكن مبارك، أو بدقة رد فعله، كان عصبيا وخشناً تجاه ما كتبه «الأستاذ» ولم يطق عليه صبراً حينما اقترب من تناول عملية صنع القرار فى عصره. تلك الصفحة -أقصد صفحة مبارك - فى تاريخ علاقة «هيكل» مع الرؤساء الذين تعاقبوا على حكم مصر تبدو ضبابية، إلا أن حواره الطويل مع «أخبار اليوم» ربما يسلط أضواءً كاشفة على بعض جوانب علاقته ليس مع نظام مبارك فحسب، ولكن أيضاً مع نظامين سبقاه إبان حكم الرئيس عبدالناصر، ثم الرئيس السادات. من هنا تتجسد أهمية هذاالحوار الذى جرى قبل نحو 30 عاماً، وننشره على صفحات هذا الكتاب.