حين جاء ثروت عكاشة إلي وزارة الثقافة لم يكن أحد في الأوساط الثقافية أو السياسية، يعرف عنه أي معلومة، مجرد ضابط بالقوات المسلحة، ضمن الضباط الأحرار الذين شاركوا أو أطلقوا شرارة حركة يوليو؛ أو كما عُرِفت فيما بعد بثورة يوليو، حين انضمت إليها جماهير من الشعب، لكن الضابط القادم من منصب ملحق عسكري في عدة دول أوربية، صار رمزًا للنهضة المصرية الثقافية، وعرفه الجميع رغما عن أنوفهم بإنجازاته؛ فقد أنشأ فرقة الموسيقى العربية وفرقة البالية والسيرك القومى، ودشن عملية إنقاذ آثار النوبة، كما أسس أكاديمية الفنون بالجيزة عكاشة لم يهتم برموزالثقافة وقتها فقط، بل أوْلى اهتمامه بالشباب، وراهن عليهم فى البناء الثقافى، حيث كان يستدعى مجموعة من الشباب للقيام بأدوار قيادية فى الأعمال الثقافية، ونجح في رهاناته؛ هذه إنجازاته على المستوى العام والإداري، أما إنجازاته على المستوى الإبداعي والفكري الشخصي، والعام أيضا؛ فهي لا يحصيها مقال كهذا، ومن أشهر مؤلفاته؛ مجلدات "فنون عصر النهضة"، و"معجم المصطلحات الثقافية"، و"الفن عند الإغريق"،و "العين تسمع والأذن ترى" وغيرها الكثير من الموسوعات المهمة انتهاءً ب "مذكرات ثروت عكاشة". أيضًا تكرر الأمر، مع الفنان التشكيلي فاروق حسني، حين استقدمه المرحوم الدكتورعاطف صدقي رئيس الوزراء الأسبق؛ من إدارته للأكاديمية المصرية بروما، ليتولى وزارة الثقافة في بداية الثمانينيات، لم تكن غالبية الشعب في مصر تعرف عنه شيئًا، رغم إنه كان فنانًا تشكيليًا معروفًا حتى قبل سفره إلى روما، ولكن رغم ماشاب فترة حسني من الأخطاء، إلا أن إنجازاته هوالآخر، وإن لم تكن تتماثل مع قيمة وقوة إنجازات عكاشة؛ فهي لا تقل كثيرًا عنها إجمالاً، ولو لم يُذكر لفاروق حسني سوى مشروع القراءة للجميع، أو متحف الحضارة الكبير، و ترميمه للكثير من الآثار القبطية والإسلامية، وخاصة القاهرة الفاطمية، لكفاه هذا إنجازًا. وكأنني مضطر لذكر مامضي كمقدمة، ربما تكون كافيةً للرد على ماقرأته لكثيرين ممن ينتسبون إلى العمل الثقافي، سواءً كناشرين أو كتاب وغيرهم، حين انتقدوا دكتور عبدالواحد النبوي لوزارة الثقافة، و بجهل وجليطة يحسدون عليها، تساءل بعضهم: من يكون؟ ولماذا هذا الرجل المجهول تاريخه؟ وهل هو كاتب أوفنان تشكيلي، أو ..أو ..، وربما استمرأوا الجليطة إلى السؤال: ولماذا لم نكن نراه على مقاهينا، مقاه المثقفين! و ينسى معظم هؤلاء المتثاقفين، أن هناك مثلاً إنجليزيًا يقول " ليس بالضرورة أن يكون أمهر الجراحين مديرًا ناجحًا للمستشفي"! بقي في النهاية أن للرجل تاريخا ثقافياً مشرفًا، فيكفيه أي "النبوي" حين تولى مسئولية دار الكتب و الوثائق، إنه ساهم في إنقاذ نصف مليون وثيقة من أيدي جماعة الإخوان الإرهابية؛ من ضمنها وثائق الحدود المصرية وتاريخ الإخوان وتاريخ العلاقات المصرية القطرية والتركية والسعودية. والأهم، انتظروا الرجل ودعوه يعمل و بعدها احكموا، ولا تتبرعون هكذا ومجانًا بإطلاق أحكام مسبقة، ولتتخذوا عبرتك ممن فشلكم و غيبوبة وعيكم الثقافي و الفكري حين وقفتم بجوار الإخوان في فيرمونت وغيرها!