قال د. سيد علي إسماعيل عرف جمهور المسرح المصري شخصية هارون الرشيد بصورة فنية عام 1876. عندما عرض سليم النقاش مسرحية "أبوالحسن المغفل" في الإسكندرية. والمعروفة أيضاً باسم "هارون الرشيد". وقد عرفها الجمهور مرة ثانية عندما جاء القباني عام 1884 ومثل مسرحيته "هارون الرشيد مع الأمير غانم بن أيوب وقوت القلوب". وفي عام 1886 ظهرت مسرحية ثالثة باسم "هارون الرشيد" مثلتها فرقة القرداحي. وتبعاً لإعلانات الصحف لاحظنا انها تختلف عن المسرحيتين السابقتين. والأغرب ان جميع الإعلانات لم تذكر مؤلفها. بعكس الأولي لمؤلفها مارون النقاش. والثانية لمؤلفها القباني. وظلت فرقة القرداحي تمثل هذه المسرحية فترة طويلة. وأسهم مراد رومانو - شريك القرداحي - في ترويج عروض هارون الرشيد. عندما جعل التذاكر تُباع في أكثر من مكان. ومع أكثر من وكيل. فجريدة الأهرام في يناير 1886 أعلنت أن تذاكر المسرحية تباع عند حسن القماش في حارة الشمرلي. وعند حبيب غرزوزي بسكة الضابطية. وعندما جاءت فرقة القرداحي إلي القاهرة ومثلت هذه المسرحية في الأوبرا. حضرها الخديوي توفيق وزوجته. وكذلك ذو الفقار باشا رئيس التشريفاتية الخديوية. وإسماعيل كامل باشا رئيس القرناء. وأحمد مختار باشا الغازي. والسير هنري درامندولف المرخص العالي الانجليزي "المعتمد البريطاني" وفي عام 1891 مثل هذه المسرحية جوق الممثل أحمد أبي العدل. وهو من الأجواق المغمورة. وفي عام 1893 مثلت المسرحية كذلك جمعية الكمال الوطنية في أسيوط. وهي من الجمعيات المغمورة كذلك. وهكذا ظلت الفرق المسرحية الكبري والصغري تعرض مسرحية "هارون الرشيد" لمدة عشر سنوات. من غير أن نعرف من هو مؤلفها؟! وفي عام 1895 طبع الكاتب المسرحي "محمود واصف" مسرحيته "عجائب الأقدار". وكتب لها مقدمة تاريخية. ذكر فيها مؤلفاته. وأكبر مفاجأة كانت اعترافه بأنه المؤلف الحقيقي لمسرحية "هارون الرشيد". التي ألفها باسم "الصياد". قائلا: "وقد مسخ بعض المتطفلين علي موائد الأدب رواية الصياد وطبعها علي ذمته لمنفعته الخصوصية بغير رخصة مني. فتناولتها أيدي الابتذال وشخصت في الموالد والسوامر بعد ان كانت في مقدمة الروايات التي حازت استحسان أفندينا ولي النعم المغفور له "توفيق باشا"". ورغم هذا الاعتراف ظلت الفرق تمثل مسرحية "هارون الرشيد" حتي عام 1916 دون ذكر لاسم مؤلفها الحقيقي محمود واصف!!