الحزب الوطني مثله مثل أي حزب آخر يهمه أن يظل في السلطة ويحقق الأغلبية ومن حقه أن يمارس المناورة والتخطيط ودراسة نقاط الضعف في الخصوم وملافاة عيوبه التنظيمية والتنفيذية وغيرها وليس ذنبه ان الأحزاب لم تعرف كيف تنفذ إلي نقاط ضعفه!. اختار الحزب الوطني مرشحيه بانتقائية كبيرة هذه المرة ودرس الدوائر والتوزيع الجغرافي وغير ذلك. ولا يعني هذا انه لم يرتكب أخطاء أو أنه حزب من الملائكة!.. لكنه عرف كيف يداوي العيوب.. من جهة أخري فشلت جميع الأحزاب والقوي المعارضة في مصر أن تعالج نفسها من مرضها العضال الذي ينخر فيها منذ 30 عاما ولم تهتد بعد إلي علاج ناجح وشاف.. الأحزاب ليس لها سيطرة علي نوابها!.. النائب أقوي من الحزب وهي ميزة غريبة وفريدة تنفرد بها مصر.. النائب ينجح باسمه وخدماته وليس باسم الحزب الذي ينتمي إليه. الأحزاب لا تبحث عن أسباب ضعفها والدليل انها مازالت تعاني من نفس الأمراض.. تزعم ان الحزب الوطني هو السبب في مرضها. مع أن ضعفها واتكاليتها وعدم ابتكار وسائل جديدة للتلاحم مع الجماهير هو السبب الرئيسي. أكبر دليل علي ضعف الأحزاب هو هذا البرلمان الموازي الذي شرعوا في تشكيله من الراسبين في الجولتين الأولي والثانية من الانتخابات. ونصبوا من أنفسهم نوابا للشعب بعد أن رفضهم الشعب. أكبر دليل علي ضعف الأحزاب ان بعضها طالب الرئيس مبارك بإعادة الانتخابات قبل أن تظهر نتيجتها!! وبرهان آخر هو ان نوابا معارضين من الذين شكلوا المعارضة في المجلس السابق قرروا الخروج بفكرة البرلمان الموازي متصورين انهم سيرغمون القيادة السياسية علي إعادة الانتخابات. نواب المعارضة لا يتميزون بالفطنة السياسية لأنهم ظلوا يطالبون بإعادة الانتخابات وبطلان المجلس حتي بعد أن ألقي الرئيس كلمته أمام الهيئة البرلمانية للحزب الوطني. نعم ادان الرئيس التجاوزات والسلبيات والانتهاكات وأعمال العنف التي صاحبت عملية التصويت في بعض الدوائر ناهيك عن المال والترهيب والترغيب. ولكن مبارك لم يصرح أو يلمح إلي أن نتيجة الانتخابات لم تعبر عن إرادة الناخبين. هناك كلمة لابد أن تقال في هذا الصدد وهي أن التجربة أثبتت أن نواب المعارضة يهمهم "المقعد" أكثر مما يهمهم الناخب.. تهمهم الحصانة البرلمانية والوجاهة السياسية أكثر مما يهتمون لحقوق المواطن في الديموقراطية والتصويت الحر ونزاهة الانتخابات وشفافيتها. ان أكبر مثال علي ذلك أن نواب المعارضة الذين نجحوا في الانتخابات لم يمتثلوا لدعوات المقاطعة والانسحاب التي رددتها أحزابهم.. وأصبح من السخرية بمكان أن تجد الحزب يدعو للمقاطعة والانسحاب من الانتخابات لأنها مزورة ونوابه يؤكدون انهم مستمرون ويرفضون قرارات الأحزاب التي خاضوا الانتخابات باسمها!! الأحزاب تقول ان الانتخابات تم تزويرها بكل الوسائل. ونوابها الناجحون يقولون إن حقوق ناخبيهم عليهم تستلزم منهم البقاء في مقاعدهم الانتخابية.. الأحزاب تؤكد أن الانتخابات مزورة ونوابهم يقولون انهم نجحوا بإرادة الجماهير فأين التزوير؟! هذه هي المأساة والملهاة باختصار الأحزاب تقول الانتخابات تم تزويرها وبالتالي فإن مرشحيها الذين رسبوا سيشكلون البرلمان الموازي.. والمرشحون الآخرون الذين نجحوا في مجلس الشعب الشرعي قرروا الاستمرار في مقاعدهم لتمثيل من اختاروهم. وسواء كان ذلك غير حقيقي أو انهم يرغبون في وجاهة اجتماعية فإن الحقيقة التي لا مراء فيها ان كل نواب المعارضة في مجلس الشعب ضربوا عرض الحائط بشعارات الأحزاب التي يرفعونها في الفضائيات والصحف الخاصة بأن الانتخابات تم تزويرها.. وأصبح لسان حال نواب المعارضة في مجلس الشعب هو أن دوائرهم التي نجحوا فيها نزيهة وشفافة وتحقق فيها الفوز بعرقهم وجهدهم وصلاتهم بأهالي الدائرة وخدماتهم لهم. أما زملاؤهم الذين رسبوا فربنا معاهم وربما تكون الانتخابات قد تم تزويرها في دوائرهم.. بمعني آخر.. نواب المعارضة في مجلس الشعب فازوا في انتخابات نزيهة.. ونواب المعارضة في البرلمان الموازي رسبوا في انتخابات مزورة.. أرأيتم ان الأحزاب ليست ضعيفة ولكنها مريضة بالأنانية والاتكالية وتريد لمرشحيها النجاح بأي ثمن.. نجاح يقدم لهم علي طبق من ذهب بدون معاناة أو تخطيط أو غير ذلك.. وإذا سقط مرشحوها رغم أن بعضهم انضم إلي هذه الأحزاب قبل الانتخابات بأسبوع. فالانتخابات زورها الحزب الوطني وسيطر أحمد عز أمين تنظيم الوطني علي مجلس الشعب. نكتة الحصانة! في كل شتاء "يسخن" د.إبراهيم زهران صاحب دعوي عدم تصدير الغاز لإسرائيل والتي رفضها القضاء الإداري في أعلي درجاته وقال في حيثياته إن تصدير الغاز لإسرائيل عمل من أعمال "السيادة" وبالتالي فهو أكبر من وزارة البترول.. د.زهران "سخن" هذا الشتاء أيضا وقال إنه حصل علي حكم نهائي في قضية تصدير الغاز وأنه بصدد رفع جنحة مباشرة علي المسئولين بوزارة البترول خلال أيام موضحاً أنه كان سيتقدم بها ضد وزير البترول سامح فهمي ولكنه حصل علي الحصانة بعد دخوله مجلس الشعب! السبب الحقيقي لتصريحات زهران التي نشرتها الزميلة نهضة مصر يوم الأحد الماضي أن الشتاء دخل وظهرت أزمة البوتاجاز السنوية وزهران يحاول من جانبه أن يوحي أن السبب فيها هو تصدير الغاز لإسرائيل. مع اننا جميعاً نتذكر أنه طوال التسعينات وقبل تصدير الغاز لإسرائيل كانت هناك أزمات مستمرة في اسطوانات البوتاجاز.. مخزن الدراسة "سابقا".. شهد طوابير في الثمانينات والتسعينات ولم نكن نصدر لإسرائيل وكان عدد المصريين أقل بكثير من الآن "55 مليونا". أزمات اسطوانات البوتاجاز تنجم عن أشياء كثيرة منها زيادة الاستهلاك في الشتاء ووجود أكثر من أنبوبة ببعض المنازل وانتشار شائعات بأن الدولة سترفع أسعار الاسطوانات وتأخر بعض شحنات الاستيراد. كل هذه عوامل تؤدي إلي حدوث اختناق في بعض المناطق. طبعاً الصحف الخاصة والفضائيات وإبراهيم زهران عندما يتكلمون عن أزمة نقص البوتاجاز فإنهم لا يتطرقون أبداً إلي دخول الغاز الطبيعي إلي عدد كبير من المنازل من الإسكندرية لأسوان. وأن الغاز الطبيعي رحم كثيرين من الاسطوانات ولو لم يكن بهذا الانتشار لتضاعفت الأزمة ثلاث أو أربع مرات. لكن النكتة فيما قاله زهران ليست في "تصريحاته الشتوية" التي يقولها في ديسمبر ويناير كل عام. لكن النكتة في الجنحة المباشرة التي اعتزم رفعها ضد سامح فهمي وزير البترول ولم تستمر لأنه حصل علي حصانة مجلس الشعب. ويبدو أن د.إبراهيم نسي أن المهندس سامح فهمي متمتع بالحصانة قبل خوضه انتخابات مجلس الشعب لأنه عضو منتخب بمجلس الشوري عن السويس وأنه انتقل من حصانة "الشوري" إلي حصانة "الشعب" بسلاسة وثقة الناخبين فيه وفي إنجازاته. لقد فشلت خطة الإخوان لإسقاط سامح فهمي في دائرة مصر الجديدة ومدينة نصر بحجة بيع الغاز لإسرائيل. وسقطت الحجة أيضا أمام القضاء.. وبالتالي فقد هزم المصريون وقضاؤهم المستقل دعوي تصدير الغاز. ومن غير المعقول أن يكون كل هؤلاء مخطئين. ود.زهران وحده علي حق! يا دكتور نظيف .. سعيد بيموت .. الحقوه! أكتب هذه السطور وقلبي يتمزق علي زميلي سعيد عبدالخالق الذي اختار أن يكون معارضاً في قناة شرعية هي حزب الوفد منذ اللحظة الأولي لميلاد الصحيفة. فكان أول صحفي معارض في مصر.. ليس سراً أن سعيد بدأ في "الجمهورية" لكنه اشتهر وصار نجماً في الوفد.. سعيد تعرض لغدر الوفديين كثيراً. لكنه كان يقاوم.. صمد لمائة مؤامرة ضده.. كل رؤساء الحزب باستثناء فؤاد سراج الدين العظيم عذبوه واضطهدوه وأزاحوه مرات.. لكنهم كانوا يلجأون إليه كلما ادلهمَّت الأمور. ليعيد الوفد للصدارة.. في رحلته الصحفية أصابته أمراض المهنة. القلب والضغط والسكر وكل شيء.. المؤامرة الأخيرة ضده أصابته بأزمة قلبية عنيفة يوم الاثنين الماضي دخل علي إثرها دار الفؤاد.. حالته حرجة.. لا أحد بجواره.. يا سيادة رئيس الوزراء أعلم أنك إنسان وصاحب مبادئ.. صحيح أن سعيد عبدالخالق هاجمك وانتقدك كثيراً وشن حملات ضدك والآن هو يصارع المرض فمد يدك إليه.. أنت رئيس وزراء مصر العظيمة التي ترعي أبناءها جميعاً.. لقد عالجت الدولة عدداً كبيراً من المعارضين مثل الراحل مجدي مهنا وعبدالرحمن الأبنودي وكثيرين.. وسعيد يستحق ذلك أيضاً.. وأرجو ألا تتأخروا عليه.. فضائيات القبور.. والفيلات! اضطررت لأداء واجب العزاء في والدة أحد الأصدقاء وذهبت معه لمراسم الجنازة والدفن بمقابر البساتين.. وبعد الانتهاء قفلت عائداً إلي منزلي وفي الطريق شاهدت كل المساكن المحيطة بالقبور وتلك التي في داخلها وقد اعتلتها "اللواقط" الفضائية أو ما يصطلح علي تسميته في مصر باسم الدش.. العشش فوقها دش والعشوائيات والمباني المشيدة خارج الكوردون كلها أنبتت فروعاً من اللواقط التي تؤكد أن جميع من في المقابر يشاهدون ما لا يقل عن 400 قناة مفتوحة علي النايل سات. أما الذين يلتقطون عدة أقمار بأطباق قطرها 2.4 متر فهؤلاء يشاهدون أكثر من خمسة آلاف قناة. ونظراً لأني كنت مرتبطاً بموعد في نفس اليوم بالتجمع الخامس فقد هرولت مسرعاً.. فاجأني أنني شاهدت نفس الأطباق الفضائية. لكن الفرق كان في المكان المنصوب فيه الطبق.. قبل عشر دقائق كانت الأطباق علي عشش وعشوائيات ومقابر.. الآن علي فيلات وقصور وعمارات حديثة. سألت نفسي هل يشاهد الفقراء نفس ما يشاهده الأغنياء؟ والإجابة هي في معظم الحالات نعم.. فهناك إجماع علي مباريات الكرة والمصارعة الحرة وأفلام الأكشن والمسرحيات الكوميدية والدراما العربية والتركية وأفلام الأبيض والأسود.. غالباً مذاق المصري واحد.. سواء كان مليونيراً أو "مديونيراً". انتقلت بخيالي إلي أسطح المنازل والعمارات في أوروبا وأمريكا وسألت نفسي هل يشاهدون ما نشاهد في مصر؟! وأجبت: في الكرة والأفلام نعم لكن ليس هناك قنوات دينية تبث سموم الجهل والتخلف وتزوير الدين لصالح جماعات وتيارات.. مؤكد لا يشاهدون قنوات التعصب المذهبي والترويج للخرافات.. قنوات تعلم المرء كيف يخاف لكنها لا تعلمه أبداً كيف يفكر!! في الغرب هناك قنوات تتمتع بقدر عال من المهنية والاحتراف وتحاول اجتذاب المشاهد واحترام عقله وترك الاختيار له وهذا أهم شيء.. الفضائيات لا تفرض علي المشاهد آراء تحريضية ولا تحاصره بمفهوم واحد في السياسة أو الاقتصاد أو الثقافة كما يحدث عندنا. الفرق أننا في مصر نلهث وراء الإثارة ولا نحترم عقولنا بينما في أوروبا وأمريكا ينقد المتفرج المذيع بقسوة إذا لم يصدقه.. الفضائيات استغلت الأمية السياسية في مصر وأصبحت تحتقر المسئولية الوطنية والأخلاقية.. تدعو للمقاومة وحرق إسرائيل وتنسي غرس روح العمل والإنتاج. فضائيات العرب ومصر تشجع علي الحرب الأهلية والفتن الطائفية.. هناك اغتيال متعمد للعقل واحتقار للذوق.. السياسة جعلتها الفضائيات بالصوت العالي المتشنج. وكرسي السلطة لابد أن يكون الطريق إليه مفروشاً بالجثث. حاول أن تشاهد قناة أوروبية أو غربية لن تجد فيها من يشجع علي الثورة وسفك الدماء.. فضائياتنا تشجع صناعة القبور تحت وهم الاستشهاد.. يدعون للانتحار تحت مسمي المقاومة. يريدون أن ينحروا الشباب في حرب استباقية ضد قوي الشر. ولا أعلم ماذا سيفعلون عندما تصبح المدن العربية صحراء قاحلة. هل سيكونون الصوت الوحيد الذي يصدح فيها؟.. ساعتها لابد أن يسأل أهل الفضائيات أنفسهم - بعد فناء العرب - علي من سيوزعون خناجرهم وسيوفهم التي يوزعونها يومياً؟. الشاشات في الفترة القادمة تحتاج إلي إحياء عقل المشاهد ودفن التعصب.. لابد من أن تعود المهنية إلي الفضائيات المصرية والعربية وتطبق رقابة ذاتية علي نفسها.. الفترة القادمة ستكون حساسة للغاية خصوصاً بعد صدور صحف يومية جديدة في أول العام هي الفجر والكرامة والضمير واليوم السابع.. هناك شائعات تتردد أن الزميل إبراهيم عيسي سيتولي رئاسة تحرير "الضمير" بعد صدورها. وأنه سيتفرغ لها مع برنامج جديد في قناة "الجزيرة" مباشر.. إننا نريد للجميع أن يعملوا ونؤمن أن المنافسة لصالح القارئ. لكن لابد من أن تكون المنافسة علي إحياء العقل وليس تغييبه وعلي إزكاء روح الوطنية وليس الانتحار وعلي إعلاء قدر السياسيين الحقيقيين الموضوعيين وليس علي استيلاد جيل جديد من "الحانوتية"! اضحك مع الفك المفترس!! بعد الحادث الأول الذي هاجمت فيه سمكة قرش سائحة روسية أمام سواحل شرم الشيخ. استنفرت محافظة جنوبسيناء أجهزتها وكذلك وزارة البيئة وتم إغلاق عدد كبير من الشواطيء وساد الاعتقاد بأن السلطات والمسئولين سيطروا سيطرة تامة علي "القروش". غير ان ما اضحكني عند اصطياد سمكة القرش الأولي ان خرج بعض المسئولين ليقولوا لنا انه تم اصطياد سمكة القرش المسئولة عن حادث الاعتداء علي السائحة الروسية!.. وزاد الطين بلة ان مسئولا قال ان أحد شهود الحادث تعرف علي سمكة القرش! والحقيقة انني لم أفهم تصريحات المسئولين ولا شهادة أحد شهود الحادث!.. فالمسئول الذي قال انه تم اصطياد السمكة المسئولة عن مهاجمة السائحة الروسية أدلي بتصريح أقرب إلي "الفشر" والمبالغة لإظهار مدي يقظة السلطات في مواجهة أي هجوم علي السائحين وأن مصر جنة السياحة في العالم.. لكن كيف عرف المسئول ان هذه هي السمكة التي اعتدت علي السائحة؟.. هل اعترفت قبل أن تقع في أيدي الصيادين؟! هل توجهت إلي قسم بوليس وانهال عليها المخبرون ضربا لتعترف بأنها هاجمت السائحة؟! هل تم تفتيش معدتها وعثروا فيها علي ساق السائحة الروسية؟ وحتي إذا تم هذا فهل ستظل الساق الآدمية علي حالتها بعد أربعة أيام من الحادث؟! أسئلة تدور برأس أي عاقل ولا يملك الا ان يضحك علي السذاجة التي يتعامل بها المسئولون مع الكوارث وسرعة التلبية التي يتميزون بها لطمأنة الناس مع أن الموضوع أخطر من ذلك. المسئول يهمه الحفاظ علي السياحة وطمأنة العالم الخارجي وبث الطمأنينة في نفوس من يرتادون الشواطيء. لكن بدون أن يكون ذلك مدعاة للسخرية ومادة للتندر!!.. لذلك كان غريبا جدا ما صدر عن المسئولين بأن أحد شهود الحادث تعرف علي السمكة الجانية! وأنا شخصيا لا أدري كيف تعرف عليها هذا الشاهد؟.. هل تم عرض عدد من أسماك القرش أمامه فأشار إلي إحداها باعتبارها الفاعل! وهل كان العرض قانونيا بحيث يقف أمام كل مجرم "سمكة قرش" وقتا كافيا لتفحص ملامحها والتأكد من ان نظره لم يخدعه وأن السمكة هي الجاني فعلا؟ هل كان شاهد الحادث موجودا في مكان يسمح له برؤية الفك المفترس ويتفحصه قبل أن يلتهم السائحة. خاصة وان القرش لا تظهر رأسه إلا لمدة ثانيتين ومن ثم لا يمكن التأكد من انه القاتل!! ما علينا.. هكذا أرادوا أن يخرجوا المسرحية ليؤكدوا علي أن كل شيء تمام. لكن الإخراج تم باعتباره فيلما كوميديا اسرفوا فيه في التفاؤل فجاء الضحك بدلا من الاقتناع. وبلغت الملهاة ذروتها عندما استضاف التليفزيون أحد خبراء الغوص في شرم الشيخ وقال ان لديه معلومات أكيدة علي ان إسرائيل تحول أسماك القرش التي يربونها في ايلات لافتراس السائحين في شرم الشيخ وذلك من خلال تركيب جهاز GBS أو ما يعرف بتحديد المكان وتوجيهها من خلال موجات لاسلكية إلي شرم الشيخ!! ومع تسليمي بأن إسرائيل يمكن أن تفعل أي شيء ضد مصر فهذا لا مراء فيه. لكن التسليم بذلك يحتاج دليلا بسيطا وهو أن نستخرج جهاز تحديد المكان الجغرافي من داخل السمكة ونعرضه علي تليفزيونات وفضائيات العالم ونفضح إسرائيل ونجرسها.. لكن أن نقول ذلك بلا دليل فهذا ولا مؤاخذة "تهريج وقعدة قهاوي".. يمكن أن تضحك علينا وسائل الإعلام طالما لم نقدم دليلا.. خبير الغطس الذي استضافه التليفزيون قال انه سمع بقصة GBS الإسرائيلية من صديق له يثق فيه! وإذا كان هو يثق في صديقه. فما هو الدافع لنا نحن المشاهدين كي نثق فيهما "الخبير وصديقه"؟ ما هي مصداقيتهما لدي الجمهور. باختصار ما حدث من المسئولين ومن خبير الغوص ومن آخرين يؤكد أن المصريين يحبون "التمثيل" لكنهم ليسوا بارعين فيه ولم يصلوا بعد إلي مرحلة الاحتراف! المشاهدون والقراء أكثر احترافا لأنهم يرون النكتة ويتفاعلون معها ويرون الجانب الكوميدي فيها. عكس المسئولين الذين يتصورون انهم جادون للغاية مع انهم في الحقيقة "آخر حظ"!