حقاً الدنيا حظوظ كما نقول في أمثالنا الشعبية.. لكل شيء عصره وأوانه أتذكر في وقت ما بالسبعينيات والثمانينيات كانت طبقة المدرسين تعاني الأمرين من قلة الدخل وأصبحت هي والموظفون من الطبقات الدنيا في الوقت الذي ارتفع فيه دخول الحرفيين من أبناء المهن المختلفة في النقاشة والسباكة والميكانيكا الخاصة بالسيارات والكهربائية علي كل شكل ولون يعني ببساطة شديدة الحياة أصبح لونها بمبي.. بمبي.. لبعض الناس ولونها أسود غطيس لناس أخري في مهن أخري.. وقد لا يعرف البعض ان مهنة التدريب في مجال كرة القدم كانت من المهن الوسطية التي كانت تدر دخولا منطقية معتدلة علي أصحابها من النجوم السابقين الذين قرروا الاعتزال ثم العمل بسلك التدريب!! واتلخن مدير فني في السبعينيات كان يحصل علي مبلغ لا يتجاوز الخمسة آلاف جنيه بل ان هناك مدربين خواجات كانوا يدربون بثلاثة آلاف دولار وأقصي مبلغ هو خمسة آلاف دولار وكان من الأرقام الخيالية وأتذكر الكابتن الكبير زكي عثمان عندما وافق علي تدريب نادي المنصورة برقم خيالي في هذا التوقيت وهو 2500 جنيه شهريا واثار الجدل بين مسئولي الأندية وبين المدربين أنفسهم!! انتهي عصر زمان وكلمة زمان ولم يعد هناك من تلك الحقبة سوي الذكريات الجميلة فقد حدث التحول الخطير في عالم التدريب والمدربين وأصبح أقل مدير فني أو مدرب لم يحصل علي شهادة تعادل البكالوريا زمان ولكن في عالم التدريب يحصل علي مبالغ خيالية 100 ألف جنيه و90 ألفا يعني الرواتب تتراوح بين 70 ألفا إلي 120 ألف جنيه لقد تحولت طبقة المدربين إلي طبقة عليا ومن لم يجد أي ناد يتولي تدريبه سيجد علي الفور قناة فضائية خاصة أو حكومية تتعاقد معه لتحليل المباريات بمبالغ خيالية أخري تفوق القيمة التدريبية لزوم العرض والطلب. يعني سلعة التدريب والمدربين أصبحت مطلوبة وبقوة.. لزوم السوق والجمهور عاوز كده!! وسبحان مغير الأحوال ولكن أيضا عالم المدربين له حظوظه والبركة تلعب الدور الأكبر لأن هناك مدربين كبارا ولكنهم غير محظوظين ونجد آخرين أقل منهم من ناحية الخبرة والدراسة ومع ذلك لا يجلسون في بيوتهم شهرا واحدا!! ماذا يحدث في هذا العالم العجيب والغريب المدرب أصبح مطلوبا في الملعب والاستديو وكله بثمنه وهي ظاهرة عالمية وأسعار المدربين تجنن وتثير الضغائن بين الغلابة لأن هناك مدربين بالفعل تحت خط الفقر في عالم التدريب ولكن علاقاتهم ممتازة فيتم الاستعانة بهم دوما.. انها لعبة الكراسي الموسيقية أيها السادة في هذا العالم العجيب عالم الأرزاق وسبحان العاطي الوهاب ولكن هناك شواذا كما نعلم واعرف مديرا فنيا من أفضل المدربين وصعد السلم التدريبي درجة درجة في ناديه الأهلي ورحل لأنهم أصروا علي عدم زيادة راتبه المحدد ب 5 آلاف جنيه مع ان المدربين الذين كانوا مساعدين له حصلوا علي 30 أو 40 ألفا.. انها دنيا الحظوظ وعالم المحظوظين!! هل هناك امتحانات أو اختبارات تجري سنويا علي الأقل لتحديد المجموعة المميزة من بين أبناء المهنة الواحدة؟! وهل تدريب الأهلي أو الزمالك بمثابة شهادة الدكتوراة لأي مدرب صاعد حصل علي لقب مدير فني وهو يركب قطار الصعيد متجها لتدريب أي ناد هناك والعودة بعد أسبوعين بشرط أن تكون وسائل الاعلام قد ذكرت انه مدير فني؟! لابد من تنظيم تلك المهنة التي بدأت تشهد رواجا غير طبيعي ولابد لاتحاد الكرة ان يحصل علي نسبة لأنه السبب المباشر في النعمة التي هبطت علي اسطوات التدريب ولم يعد شعار "بلد شهادات" هو المناسب لتلك المرحلة بل الأفضل منه هو "بلد المحظوظين". [email protected]