فاتن حمامة..هي العصر الذهبي للسينما المصرية..هي الساكنة في الوجدان.. هي دفتر أحوال أيامنا..هي عطر مصر. ونهر فنها الحقيقي..هي رمز لزمن راق مر ولن يعود..هي سينما النبل والصدق والحب.. هي كقصائد أحمد شوقي الشجية..وغناء أم كلثوم المحلق..ونحت محمود مختار العبقري..وعذوبة عبد الوهاب المدهشة..ولوحات محمود سعيد الساحرة..ونغمات سيد درويش الأصيلة.. هي من قال عنها الناقد الكبير رجاء النقاش..فاتن نبضة من نبضات قلوبنا..هي أميرة الشاشة..وعندما نقول فاتن حمامة لابد ان نتذكر مصر وعندما نقول مصر لابد ان نتذكر فاتن حمامة فاتن حمامة هي سيدة الشاشةالعربية وايقونة الفن المصري.. أمس واليوم وغدا.. في حوار خاص مع الاهرام مع نهاية عام2010 وبداية2011.. تحدثت من القلب..عن القاهرة التي تحبها..وعن الشوارع القديمة وعن الانتخابات وعن مسلسل الجماعة وعن الانتخابات وعن التوك شو و المرأة المصرية والحب و الرجل المصري والنجاح ما أكثر عمل فني أعجبك في رمضان ؟ لم أستطع مشاهدة كل الاعمال, فقد كانت مسلسلات كثيرة جدا.. ومن الظلم الحكم علي كل الاعمال المقدمة بدون متابعة لها..لكن في رأيي مسلسل الجماعة أفضل الاعمال وأهمها.. هذا المسلسل سعدت به جدا, وكنت أشاهد احيانا الحلقة الواحدة مرتين, في الصباح والمساء, كتابة ذكية ورائعة ودقيقة.. بالاضافة الي اتقان الممثلين وحرفية الإخراج.. أعتبرالمؤلف وحيد حامد قدم عملا عظيما جدا والمخرج محمد ياسين كان هايل.. حركة الكاميرا وسرعتها والتعبير بها والإحساس بزوايا المشهد.. كنت ألهث للمتابعة حتي لا تضيع كلمة واحدة, كان مسلسل جميل جدا ويتمتع بكل عناصر الجذب والحيوية.. والبطل إياد نصار؟ كان كويس قوي جدا.. كلنا فوجئنا به.. قدم دور حسن البنا بمنتهي الروعة..الكل كان يسال من هو اياد نصار ؟البعض قال سوري أم مصري وبعدين عرفنا انه ممثل اردني. استطاع امتلاك اللكنة المصرية, لم يخطا في أي شيء.. هل شاهدتي مسلسل أهل كايرو؟ للأسف لا. تحبي البحر وتقضين فيه أوقاتا كثيرة, ماذا يمثل لك البحر؟ البيئة النظيفة و الهدوء وعدم التكدس.. الزحمةالشديدة حولت معظم المصريين الي اشخاص متوترين بدرجة غير طبيعية في القاهرة, أنا واحدة من الناس اصبحت لا أخرج معظم الوقت.. اظل في منزلي,لم يعد الخروج يسعدني.. بل يسبب توترا.. لكي اذهب من مكان الي مكان لابد من ساعتيين علي الاقل,كأنني علي سفر.. ألا تفتقدين شوارع القاهرة القديمة,الزمالك,شارع النيل,ميادين وسط البلد ؟ الأفلام القديمة هي التي تذكرني بشوارع القاهرة الجميلة والحال الذي كانت عليه, كم كانت هذه الشوارع متناسقة وجميلة ورايقة..كان في نظام ونظافة والناس مهندمة رغم الفقر..كان في رصيف حقيقي ومضبوط ويصلح للسير الادمي.. وكان في عمارات متناسقة وكان يوجد تناغم وحضارة. هل كنت تتصورين أن القاهرة الجميلة التي كانت شوارعها أحلي من شوارع باريس..يصل بها الحال لهذا الحال ؟ كانت القاهرةوالاسكندرية من احلي مدن العالم.. وانا اتذكر جيدا كم كانت الاسكندرية مدينة ساحرة.. القاهرة قطعا كانت بلد حلوة قوي, لكن وقت ما كانت حلوة قوي كنت انا محبوسة داخل الاستوديوهات, كنت اعمل, طول الوقت, طول النهار. في أحد الايام.. كنت اشاهد فيلم دايما معاك لي ومحمد فوزي وفي أحد اغاني الفيلم لفوزي كان الحنطور يسير في شوارع القاهرة.. كل الموجودين علقوا علي جمال شوارع القاهرة زمان وكم كانت فاضية وكل مدة تسير سيارة بجوار الحنطور!! زمان كان الشارع نظيف والرصيف متساوي وعليه اشارات ابيض واسود..( فيلم دايما معاكس1954) ايهما افضل: الوصول للحب أم الوصول إلي النجاح.. أيهما يمنح سعادة للإنسان أكثر؟ الوصول إلي الاثنين معا هو الذي يمنح الانسان السعادة.. لكن.. الامر يتوقف علي عمر الانسان.. في السنوات الاولي للعمر الوصول للحب وتحقيقه اهم من أي شيء.. لكن عندما يكبر الانسان قليلا ويعلو صوت العقل.. طبعا النجاح المهني يتسيد الموقف وبيقوي صاحبه قوي. إذا كان النجاح يقوي الانسان..فهل يعوضه عن الحب؟ لا شيء يعوض عن الحب, الحب بمعناه العام..(المحبة) حب الاسرة, الاولاد, الاصدقاء,الحب هو الذي يساعد علي النجاح. وبحكمة السنيين تقول عموما الامر يتوقف ايضا علي سن الانسان..وان النجاح يعوض صاحبه بل يمنحه القوة. في فيلم ارض الاحلام لم تستطيعي السفر بسبب فقدانك جواز السفر الخاص بك..وفي الفيلم استمرت حياة البطلة في مصر.. لانها كانت ارض الاحلام بالنسبة لها.. هل يمكن الان تعيشي في بلد غير مصر؟ مستحيل. هل لديك بطاقة انتخابية؟ عندي بطاقة شخصية وليس بطاقة انتخابية..وبالرقم القومي استطيع انتخاب من اريد. وهل أدليت بصوتك في انتخابات مجلس الشعب الأخيرة؟ لا لم اذهب الي صندوق الانتخابات..لانني لم اكن متاكدة أن مقار الانتخابات مكان استطيع الذهاب اليه بأمان وبدون صدامات ومشاجرات وبهدلة.. ما الحلم الذي تمنيتينه في حياتك ولم تستطيعي تحقيقه؟ لا يوجد حلم بهذا المعني.. لكن لو هناك امر اريد انجازه وتحقيقه عندما انتهي منه أو أحققه.. هذا يعني أنه كان حلم وتحقق. كنت تحلمين بأن تكوني مهندسة ديكور وتصميم ديكورات مختلفة تحمل بصمة فاتن حمامة؟ كل القريبين منك يشهد لك بذوقك الخاص جدا الذي كنت تضعيه احياينا في العديد من ديكورات أفلامك؟ انا اصمم ديكورات منزلي وهذا اسعدني دائما.. لان منزلي هو شخصيتي والواني وطريقتي في الحياة واسلوبي في التعامل مع الاشياء.. طوال مشوارك السينمائي..قدمت المرأة المصرية في مراحلها الزمنية المختلفة..البنت المقهورة قبل الخمسينيات ثم السيدة العاملة التي تلعب ادوارا متعددة في الحياة.. أعمالك كأنها دفتر احوال المصريات في تلك السنوات.. حسب السنين.. لو تلاحظي الأفلام التي قبل الخمسينيات كنت أدواري هي أدوار البنت المقهورة التي تخشي ابيها وتسير وفقا لتعليمات العائلة وفقط. كما كان الواقع انذاك. بعد ثورة52 بدات البنت والسيدة المصرية تكمل تعليمها وتلتحق بالجامعة.. وبدأت تعمل وتعتمد ماديا علي نفسها, أصبحت المراة المصرية أكثر قوة وصاحبة ارادة وقد اديت ادوارا تحاكي هذا التغيير..انا مثلت مراحل التغيير التي مرت بها الست المصرية.. في فيلم أريد حلا طرحت مشاكل المطلقات.. وساعد الفيلم علي تغيير القانون وللان مازالت المراة المصرية تصرخ تريد حلا.. برغم سن قوانين اخري جديدة تساعد الي حد ما علي تحقيق العدل..مثل انشاء محكمة الاسرة وقانون الخلع.. كيف ترين واقع المطلقات في مصر؟ علي الفنان أن يحاول دائما أن يقدم اعمالا تساعد المجتمع علي التقدم.. وأن يقدم اعمالا تلقي الضوء علي مشاكل الناس وهمومهم,خاصة الفئات الاكثر ضعفا.. والفنان يؤدي واجبه تجاه مجتمعه من خلال فنه.. وليس ان يشترك في مظاهرة.. ومن الاعمال التي اعتقد أنها خدمت المجتمع مثل فيلم أريد حلا وأفواه وأرانب, في البداية.. قدمنا افواه وارانب في الاذاعة في السبعينيات.. لنتواصل فيه مع الفلاحات المصريات في القري والحقول ونحاول ان نوصل لها فكرة الانجاب باعتدال, رحمة بالابناء والاسرة كلها, في هذا الوقت كانت الفلاحات تستمع الي الراديو.. لم تكن التليفزيونات انتشرت بعد.. فوجئت بعد ذلك ان الجميع في الريف والمدينة تابع المسلسل ونجح ثم قدمناه للسينما.. ولكن رغم نجاح الفيلم فإن مشكلة الزيادة السكانية مازالت قائمة وملحة..ولكنها كانت محاولة.. فيلم أريد حلا عرض الواقع الاجتماعي الذي كانت تعاني منه المرأة المصرية, في تنفيذ حكم الطاعة بقوة الشرطة.. ونجح في الغاء هذا الامر, ساعد ايضا علي اقرار قانون حق الخلع سنة2000 كيف اخترتي هذه القصة للسينما؟؟ بدات فكرة فيلم أريد حلا.. من حكاية قصتها الكاتبة أمينة السعيد..وهي قصة سيدة طلقها زوجها بعد ثلاثين سنة زواج..وطردها من المنزل وكل ما فعله انه قدم لها نفقة سنة.!!.وهي كانت زوجة موظف كبير في الدولة و تزوج بأخري صغيرة السن..واضطرت هذه السيدة بعد ان عاشت طوال عمرها ميسورة الحال.. ان تعمل فراشة في احد المدارس!! وهذه الحكاية قدمتها امينة رزق في الفيلم.. في الحقيقة هذه القصة اوجعت كل الحضور..وكان تاثير ما قالته شديدا.. وكانت هناك سيدة أخري تعيش ماساة الزوجة التي تتعذب بسبب استحالة الحياة مع زوجها وفشلها لسنوات الحصول علي الطلاق وهروبها المستمر من تنفيذ حكم الطاعة بقوة الشرطة.. فاتصلت في اليوم التالي بالكاتبة حسن شاه..وطلبت منها كتابة قصة فيلم تناقش هذه القضايا الرهيبة باعتبارها دارسة للقانون, فهذه القصص تحتاج الي بحث دقيق و وافي في احكام الشريعة..واي خطا في هذه المنطقة غير مسموح به علي الاطلاق.. وبالفعل قامت حسن شاه ببحث ودراسة شديدة العمق.. وقامت بزيارات كثيرة ميدانية للمحاكم المصرية,سجلت معاناة السيدات المصريات التي يتعرضن لعذاب مضن تارة من ازواج غير شرفاء وتارة اخري من الثغرات القانونية وبطء التقاضي.. ولو كان الفيلم وقع في اي خطا خاص بالشريعة او الفقه او المذاهب الدينية.. كانت الدنيا اتقلبت علينا.. اتذكر ان في اليوم الاول لعرض الفيلم في السينما ذهبت مجموعة من السيدات ومعهم مذيعة مشهورة انذاك في التليفزيون..وكن في حالة غضب شديد من طرح فكرة بهذا الشكل..وكن يبحثن عن اي خطا في تناول احكام الدين او الشريعة..ولكنهن بعد انتهاء العرض..قالوا اريد حلا عرض القضية بمنتهي الامانة ولا يوجد خطا واحد في الطرح و المعالجة وطبعا المخرج سعيد مرزوق كان(هايل) قبل التصوير ذهب الي المحكمة عدة مرات ليشاهد معاناة السيدات..الانتظار في ردهات المحاكم وتكدس القاعات والاحتكاكات بين الازواج والزوجات وبكاء الصغار وتلاعب بعض المحامين و تلاعب اصحاب شهادات الزور ودورهم في تعثر العدالة..الكاميرا كانت تتحدث بلغة انسانية شديدة الصدق.... صنعة الفيلم كانت مضبوطة.ووصل الرسالة. هل سعدت بقوانيين محكمة الاسرة وقانون الخلع؟ طبعا قشة تسند ولكن المراة المصرية تحتاج الي المزيد من القوانين فهي تعاني لان الفقر زاد والغلب زاد والجهل زاد.. تصمت وتقول: انا اتعرف علي حالنا وأحوالنا من ملابس الناس في الشارع.. فمثلا دائما اجد الشباب الصغير تحت ال22 سنة يسير علي الكباري المختلفة وهو مهندم الملابس ومسرح شعره والبنات معظمهن محجبات ولكن يرتدين ملابس مزركشة وملونة..وعيونهم تحمل الامل في الغد رغم الفقر الظاهر..انا أجد الصورة هنا ملونة وبها ملامح للامل..لكن في الشريحة العمرية اللاحقة تتغير الملامح والالوان المزركشة ويظهر الغلب عليهم بوضوح في ملامح الوجه وفي طريقة السير وفي شكل الملابس.. للاسف..الفقر افقد المصريات والمصريين ابتسامتهم القديمة. ما رأيك في الرأي الذي يتهم المرأة المصرية بأن حماسها وكفاحها في الحياة تراجع.. و ايضا اهدافها الكبري في الحياة تراجعت عن السنوات السابقة..وتركت حلبة التقدم ؟ غير صحيح عندما تنظري للست المصرية هنا وهناك.. في الطبقات الدنيا والمتوسطة.. تجدين السيدة في الطبقات الفقيرة هي التي تتحمل مسؤلية اسرتها تماما في اغلب الاسر, وتصرف ماليا علي زوجها الذي يتزوج عدة مرات بدون اي احساس يذكر.... هل تغيرت أخلاق الرجل المصري.. هل نموذج الرجل الشهم انقرض وتلاشي ؟ وحل محله نموذج اخلاقي يعلو من قيمة المصالح والانانية ؟ الرجل هو الرجل, في رايي الذي تغير هو الظروف.. الظروف علي الكل.. صعوبة الحياة غيرت اخلاق غالبية الناس.. وانا اسال عندما يخرج الموظف من منزله في الصباح لكي يذهب الي عمله ويقضي ساعة ونصف في المواصلات والمرور, لاشك سيصل الي عمله منهك, كيف بعد هذه المعاناة..نطلب منه ان يعمل ويتعامل مع الاخرين ومع زوجته بشكل سليم.. في فيلم الحرام وأفواه وأرانب ودعاء الكروان قدمت نماذج للفلاحة المصرية.. كيف ترين واقع الفلاحة المصرية في زمن تقديم هذه الأفلام والآن؟ كان معروف عن الفلاحة المصرية انها رغم الظروف الصعبة ورغم الفقر, أنها ذكية وتعمل طوال النهاروتقف بجوار زوجها.. كنت اعرف حالهن زمان اثناء التصوير.. الآن لا اعرف..اشعر الان- ان الفلاحة المصرية تغير حالها قليلا واصبحت مودرن. واكثر ذكاء, ولو ظروف اسرتها ساعدتها علي التعلم ستتقدم..ولكن الكثيرات منهن اصبحن كسالي. كيف اتقنت ادوارا صعبة عزيزة في الحرام و امنة في دعاء الكروان؟ عندما قرأت رواية الحرام ليوسف ادريس لم انام.. شعرت أن عزيزة معي في كل مكان.. كأنها تقمصتني.. ودعاء الكروان رواية عظيمة..أساس نجاح الفيلم هو الورق..المسألة في البداية هي الرواية ورسم الشخصيات وملامحها وابعدها وحدودها..اتذكر ان د طه حسين قال لكي بعض ان شاهد الفيلم..خلتيني اشوف أمنة التي كتبتها في الرواية غدا السبت في الجزء الثاني من حوار سيدة الشاشة العربية فاتن حمامة سرقة لوحة الخشخاش كوميديا سوداء لهذه الأسباب برامج التوك شو الليلة تدعو للاحباط اغرب فزورة في مصر الان هي الفروق الشديدة بين الاغنياء والفقراء