كل عام وأنتم بخير.. اليوم ثاني أيام عيد الأضحي المبارك.. هذه الأيام فرصة لكي يراجع المسلم الحقيقي مسيرة حياته ماذا أخذ وماذا أعطي؟ وكيف ربي أبناءه وماذا قدم لوطنه إن إماطة الأذي عن الطريق ونظافة الشارع والحفاظ عليه درجة من درجات الإيمان في الإسلام. هذه الأيام فرصة للتصالح مع الله ومع النفس ومع الأهل والأقارب والجيران والأصدقاء والزملاء.. فرصة لأن تصبح إنساناً جديداً وكل المسلمين يعرفون الأركان الخمسة للإسلام لكن البعض منَّا لا يعرف الأسس الثلاثة للإسلام وهي العقيدة والشريعة والأخلاق. والفرصة قائمة لأن نتقرب إلي الله بالعمل الصالح والأخلاق النبيلة كما نتقرب إليه سبحانه بالذبح والذبائح والتكبير والتعظيم.. وفي هذه الأيام المباركة ندعو الله أن يحقن دماء المسلمين وجميع بني البشر وأن تتوقف الحروب في سوريا واليمن وليبيا وفلسطين والصومال وأفغانستان. إن هذه المناسبة المباركة تعيد إلي أذهاننا حادثة عظيمة وردت إلينا في الكتب السماوية ويطلقون عليها "الابتلاء العظيم" انها أعجب قصة نقلت إلينا في التقرب إلي الله تعالي بالذبح قصة الخليل إبراهيم عليه السلام حينما رأي في المنام أنه يذبح ابنه "قال يا بُني إني أري في المنام أني أذبحك فانظر ماذا تري" ورؤية الأنبياء صدق وحق كان امتحاناً شديداً للأب الذي سيقدم ولده قرباناً لربه عز وجل وامتحاناً للابن في الاستسلام أبو الأنبياء تلقي بالأمر بذبح الابن وليس رميه برمح أو إلقاءه من شاهق وإلا لكان أهون.. تلقي سيدنا إبراهيم الأمر بأن يباشر النحر بيده وذلك أشد إيلاماً للأب والولد حين يلتقي الناظران أو البصران ويتبادلان النظرات. رغم المحنة بادر الغلام بالطاعة وأسرع إلي الإجابة وقال "يا ابت افعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين" برّ عظيم وتوفيق من الله أعظم ونفس راضية بما أراد الله وقدر وحانت ساعة التنفيذ والأب يسوق ابنه للموت ويضجعه للذبح وعندئذ جاء الفرج من الله العلي الحليم بالفداء العظيم "فلما أسلما وتله للجبين وناديناه أن يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا إنا كذلك نجزي المحسنين إن هذا لهو البلاء المبين وفديناه بذبح عظيم" وكان هذا الذبح كبشاً عظيماً فدي الله تعالي به إسماعيل فذبحه الخليل عليه السلام ويقال إن إسماعيل احتفظ بقرنيه فجعلهما في الكعبة وظلت قريش تتوارثهما حتي بعثة النبي محمد عليه الصلاة والسلام واحترق القرنان في خلافة بني أمية لما احترق البيت. إنها حادثة عظيمة خلد بها الله ذكر رسوليه الكريمين إبراهيم وابنه إسماعيل وفيها من صور الاستسلام لله تعالي ما يزيد الإيمان ويعظم محبة الأنبياء لأنهم قدوة البشر. ثم صار ذبح الضحايا أمراً متبعاً يساهم فيه المسلمون كل عام ذكري لذبح إسماعيل ونجاته وشكراً لله علي نعمه ونعمائه.