بعد 6 سنوات من صدور قرار مجلس الوزراء بإلزام أصحاب المحلات التجارية بمواعيد محددة للفتح والغلق وفرض غرامة مالية علي الممتنعين عن التنفيذ في محاولة من الحكومة لتوفير الطاقة وضبط حركة الشارع المصري أعادت لجنة الإدارات المحلية بمجلس النواب طرح ومناقشة مشروع قانون تحديد مواعيد فتح وغلق المحال العامة من مطاعم وكافيهات ومنافذ لبيع المأكولات من جديد مستثنين الفنادق وغيرها من الأماكن المعدة للإقامة من القرار. فهل تنجح الحكومة في تلك المرة في تطبيق القانون حفاظاً علي الطاقة. يقول - نبيل فهيم - تاجر قطع غيار - إذا أردت أن تطاع فأمر بالمستطاع فتعميم قرار غلق المحلات التجارية في ساعة محددة علي كافة الأنشطة قرار غير منطقي فمثلاً طبيعة عمله في قطع غيار السيارات يجوز معها تطبيقه حيث انه ينهي عمله في تمام الخامسة عصراً وبالتالي ليس هناك ضرر يقع عليه مع تطبيق القرار ولكن هناك بعض الأنشطة التي يتطلب عملها التواجد ليلاً كمحلات الأكل والصيدليات وكذلك المحال الموجودة في المناطق السياحية لذلك يجب أولاً تصنيف الأنشطة وبناء عليه تحديد توقيت غلقها حتي لا يتسبب القرار في زيادة نسبة البطالة وايضا إضافة أعباء أخري علي كاهل المواطن المصري. ويتفق معه عبدالحميد سليمان - تاجر - قائلاً: إن تطبيق هذا القرار سيؤدي إلي قيام أصحاب المحلات للاستغناء عن عدد من العاملين لديهم وبالتالي سيتسبب في زيادة نسبة البطالة خاصة عند الشباب. رامي بشاي - تاجر أجهزة محمول - يري أنه كصاحب محل ملزم بدفع إيجار وفواتير مياه وكهرباء فكيف سيوفي ما عليه من التزامات إذا تم تقليص عدد ساعات العمل. ويؤكد محمود هاشم - تاجر أدوات منزلية أن الأسواق تعاني من حالة ركود شديدة ولا تنتعش حركة البيع والشراء إلا خلال الفترات المسائية نظراً لانشغال المواطنين نهاراً في أعمالهم وبالتالي لا يجدون وقتا للتسوق إلا ليلاً فكيف سيتم حل هذه المعادلة لو تم تطبيق القرار. ومن داخل أحد المقاهي أبدي محمد السيد - قهوجي - تعجبه من تطبيق قرار غلق المقاهي والتي أصبحت مكانا يتجمع فيه الأصدقاء هرباً من مشاكلهم الأسرية وهموم العمل ويعتبر متنفسا للشباب الذين لا يشتركون في الأندية الرياضية كما أن المقهي يعمل بنظام الورديات صباحاً ومساء وعند تطبيقه ستلغي الورديات وسنصبح في الشارع. أما مصطفي حسن - قهوجي - فيري أن غلق المقاهي في وقت مبكر ليس الحل في ترشيد استهلاك الكهرباء فلو ترك المواطن المقهي سيتوجه إلي منزله ليشاهد التليفزيون أو يستخدم الإنترنت وبالتالي سيستهلك ما تم توفيره ايضا لذا يجب البحث عن حلول أخري لا تتسبب في قطع أرزاق الناس. الدكتور جودة عبدالخالق - الخبير الاقتصادي يقول إنه لا شك أن الجميع يدعو إلي تقديس آليات السوق وآليات العرض والطلب ولكن فكرة الاقتصاد المفتوح لا تستدعي عدم التقييد في عمل المحلات التجارية فهذا ليس الحل في ترشيد استهلاك الكهرباء وهناك بدائل كثيرة لتوفير الطاقة فتقييد وقت العمل ربما يؤدي إلي مزيد من الركود وتقليل حجم المبيعات. ويضيف اللواء يسري الروبي الخبير الدولي بالأمم المتحدة أن القرار في مضمونه سليم ولكن تطبيقه صعب في مصر لاختلاف الثقافة والتعليم والوعي وتلك القرارات تحتاج إلي حملات توعية مسبقة لنشر الوعي بضرورة هذا الإجراء أو القرار. فهو يشبه قرار تقديم أو تأخير الساعة والذي تم إلغاؤه لأنه لم يأت بثماره. وتقول الدكتورة هالة حماد استشاري الطب النفسي والعلاج الأسري بالمجلس الطبي البريطاني إن المقاهي سبب اعتياد الشباب علي الثرثرة بما لا ينفع وعدم إعلاء قيمة الوقت وإهمال التطوير الثقافي والحرفي والديني والعلمي وكل سبل تنمية الذات فملازمة المقاهي إلي الساعات الأولي من الصباح يؤثر سلباً علي فئة الشباب سواء علي الصعيد المادي أو التحصيل العلمي فهم أصبحوا يجتمعون في المقاهي منهم من لم يكمل دراسته في الجامعة بسبب الأوضاع المادية السيئة ومنهم من ترك المدرسة ليلتحق بعمل يساعد به أسرته ليكون ارتياد المقهي مساء البرنامج اليومي لرؤية الأصدقاء وتبادل الأحاديث والأخبار أو التسلية علي صفحات الإنترنت والانغماس في محادثات أكثرها عاطفية أو وهمية وتشجيع بعضهم البعض علي الكسل وهجرة العمل بحجة عدم تكافؤ الدخول مع قدراتهم الكاذبة. ووصل الأمر لهجر الأزواج لبيوتهم بعد أوقات العمل بغرض الترفيه والجلوس مع الأصدقاء لتبادل الأحاديث التي لا تنفع بعد إرهاق العمل بشكل يومي ومفرط والجلوس لساعات طويلة وهذا ما نعتبره سبباً رئيسياً في تفكك الأسرة.. فعلي الصعيد المادي فإن هذه المقاهي تستنزف أموال مرتاديها وتستذلهم كما يستذل المروج مدمن المخدرات فيلهث الشاب من أجل تحصيل مبالغ مالية يضعها بين أيدي أصحاب المقاهي وقد يضطر أحياناً إلي التحايل علي والديه وأقربائه وأحياناً يضطر إلي السرقة من أجل الاستمتاع مع الزملاء في تلك الجلسات المشبوهة.