مصايد الموت.. بشوارع "الحي الراقي"

المواطنون: الحوادث مشاهد متكررة.. علي أسفلت "القاهرة الجديدة"

القاهرة الجديدة واحدة من أكبر وأرقي مدن محافظة القاهرة وتتكون من عدة تجمعات سكنية التجمع الأول والثالث وأكبرهم التجمع الخامس ومن أشهر شوارعها شارع التسعين والذي يبدأ مع انتهاء طريق NA عند الطريق الدائري ويمتد إلي منطقة اللوتس ويتفرع المنحني التسعين الشمالي إلي طريق الإسماعيلية والتسعين الجنوبي حتي مقربة طريق السخنة وتتميز القاهرة الجديدة بالتخطيط والتقسيم الهندسي المتفرد وانخفاض الكثافة السكنية والشوارع المتسعة والهادئة. كما يوجد بها عدد من الجامعات الخاصة والمدارس والمطاعم والمستشفيات بالإضافة إلي العديد من الفلل الفاخرة وبالرغم من أن مدينة القاهرة الجديدة لم تسكن بشكل كامل الا أن الزحام أصبح سمة لأشهر شوارعها الرئيسية ولاسيما تكرار وقوع حوادث السيارات بشارعي التسعين الشمالي والجنوبي وامتداد محور NA فلا يكاد يمر يوم وليلة ألا وتقع حادثة مروعة أما بسبب الزحام الشديد أو السرعة الجنونية واندفاع السيارات لمحور NA لتضيع معها آلاف الارواح والممتلكات.
وقد اجمع قاطنو ورواد شارعي التسعين والمارون بمحور NA علي أن الحوادث ذاتها تتكرر بنفس الأماكن وعلي ذات الشاكلة التي تقع عليها وبنفس النقاط من الطريق في يوم 2018/6/28 اصطدم أتوبيس نقل عام يحمل رقم 1018 بسيارة كيا تقودها سيدة ووالدتها المسنة وبناتها وقد أسفر الحادث عن تحطم السيارة وواجهه الأتوبيس واصابات وذعر للركاب علاوة علي تعطل وازدحام الطريق واجمع ركاب الأتوبيس ان السرعة الكبيرة لاتوبيس النقل العام كان سبب الحادثة وفي يوم 6/27 أدت الحفر المتواجدة بشارع التسعين الجنوبي لوفاة شاب علي أثر اصطدامه بحفرة بمنتصف الشارع.
يقول محمد سعد طالب بإحدي الاكاديميات لقد توفي شاب يقود دراجة نارية حيث اندفع إلي داخل احدي الحفر أمام مركز "مصر للاشعة" وطار لمسافة كبيرة مصطدماً باحدي السيارات لاقيا حتفه.
وألفت ان السرعة الجنوبية لقائدي الميكروباص اصبحت تمثل خطراً علي رواد الطريق فلا يكاد يمر يوم الا ويصطدم ميكروباص بأكثر من سيارة رغم وجود الرادارات والنقاط المركزية والكمائن ويتمني ان يلتزم المواطنون وقائدو المركبات لوقف نزيف الحوادث علي الدائري والتسعين.
مشهد متكرر
تقول نادية عبدالرحمن ربة منزل أصبحت الحوادث مشهداًَ عادياً في شوارع القاهرة وليس التسعين أو NA فقط فالقتلي يتساقطون والضحايا يتناثرون والمأساة مستمرة في نفس النقاط السوداء ويبدو أن الموت قد اتخذ قراراً بأن يسكن شوارع القاهرة.
وتتفق معها روان عاطف طالبة في ان السرعة الجنونية للسيارات علي الدائري وشارعي التسعين هو سبب تكرار الحوادث باستمرار فهناك نقاط سوداء للحوادث يتكرر بها المشهد يومياً بسبب الاخطاء البشرية للسائقين والمارة ونتذكر وفاة شاب يدعي محمد مصطفي أثناء عبوره ليلاً عائداً من الدرس وقد اصطدم بسيارة نقل ثقيل وفر صاحب المركبة تاركاً الضحية حتي لفظ انفاسه.
تضييف أن أخطاء قائدي المركبات علي الطرق السريعة وتجاوزهم للسرعات المقررة هي عامل رئيسي في تكرار الحوادث.
سرعة جنونية
ويرجع محمود أحمد تكرار وقوع الحوادث في شارعي التسعين رغم وجود عدد لا بأس به من الكمائن ونقاط الارتكاز المرورية إلي السرعة الكبيرة لقائدي المركبات وكذلك إلي وجود بعض أعمال التطوير والبناء في شارع التسعين الجنوبي لم يتم الانتهاء منها بالإضافة لتشوينات الشركات والمولات الكبري علي جانبي الطريق مما يعيق من حركة السير وتضر معها السيارات إلي السير عكس الاتجاه بالإضافة إلي تواجد عدد من الحفر والشوارع غير الممهدة.
وفي السياق ذاته يؤكد محمد عبدالظاهر من أمام صينية أب المزاحيم ان السير عكس الاتجاه أصبح علامة من علامات السير لقائدي المركبات في التسعين الجنوبي ومعه يتكرر وقوع الحوادث.
ويؤكد صالح علي عامل انه تم تنفيذ شارعي التسعين علي أعلي مستوي وكذلك محور NA لكن فوضي سيارات النقل والاخطاء البشرية هي ما جعلت منه مصيدة للارواح وتناثر جثث الابرياء تعددت الطرق والموت واحد رغم الردارات والكمائن المرورية الا ان هناك قلة من البشر قد اعتادت علي خرق القوانين ولم تبال بمخالفات أو سحب الرخص أو الغرامات ومعها تقع الحوادث وتزهق الارواح.
وتتفق معه في الرأي مريم سعد طالبة في ان شارعي التسعين من أرقي شوارع القاهرة ولكن قائدي المركبات قد اعتادوا علي تجاوز السرعات المقررة مما يؤدي إلي وقوع الكوارث يومياً أجمع الخبراء علي ضرورة التصدي لظاهرة حوادث الطرق علي الطرق السريعة.
أكد اللواء مدحت قريطم مساعد وزير الداخلية الاسبق للشرطة المتخصصة ان الإدارة العامة للمرور تبذل جهداً كبيراً لمنع تكرار الحوادث وأن هناك شبكة طرق جديدة تشرف عليها الدولة قد اسهمت هذه الشبكة العملاقة في منع التكدسات وحوادث الطرق.
أوضح ان صعود المقطورات علي الدائري يتسبب في وقوع الحوادث ويجب ان توجه إلي طرق بديلة ومنع صعودها علي الدائري بشكل عام.
أضاف أن قانون المرور الجديد سيحد من تكرار وقوع الحوادث لانه سيلزم سائقي السيارات بشتي أنواعها بقواعد وآداب المرور علي الطرق كما سيضع شرائح للمخالفات منها مخالفات مغلظة للسرعات الزائدة لافتا أن الدولة عازمة علي أنجاح تطبيق المنظومة المرورية بشكل جيد عن طريق تطبيق القانون بشكل صحيح بعد استكمال البنية الأساسية من طرق وإدارات وكاميرات ومواقف خاصة بالميكروباصات لتسيير الحركة المرورية بشكل سليم بما يحد من تكرار وقوع الحوادث علي كافة الطرق السريعة وغيرها.
"نقاط سوداء"
ويتفق معه الخبير المروري مجدي الشاهد أن الدائري والتسعين ليسوا فقط من النقاط السوداء التي يتكرر عليهما الحوادث فهناك عدة محاور يتكرر عليها وقوع الكوارث وأن المجلس القومي للسلامة علي الطرق مسئول عن مواجهة حوادث الطرق حيث يتشكل من خبراء هندسة الطرق وأساتذة جامعة وخبراء مرور ومسئولي من وزارة الداخلية بالاضافة لمجلس أعلي للمرور الذي أنشئ بقرار جمهوري وله اختصاصات في قانون المرور ويسند إليه النهوض بمرفق المرور ومواجهة الحوادث ووضع مسئوليات وواجبات كافة الاجهزة الأخري والإدارات والمشاركة في وضع استراتيجية عامة لمواجهة أي فوضي مرورية وعدم اجتماع المجلس الأعلي للمرور أدي إلي غياب الاستراتيجية العامة الموحدة لمواجهة العديد من الأمور الخاصة بالمنظومة المرورية بشكل عام.
وأشار إلي أن مصر تمتلك الأن شبكة طرق عملاقة فالعيب ليس في الطريق انما في غياب الاستراتيجية الموحدة قد يكون العيب في الاضاءة أو العنصر البشري وعدم التزامه بالقواعد المرورية ضاربا مثالا ما حدث في طريق الساحل الشمالي عندما تم فصل حركة النقل الثقيل من علي الطريق لم يسجل نسب حوادث كما كان في سابق عهده.
والفت أن التشريع المروري الحالي يجبر السائق علي عمل حادثة لا يوجد قانون مرور في العالم يسمح بقيادة مركبة بدون رخصة قيادة وعدم استخراج رخصة قيادة أو تسيير يتصالح عليها القانون بدفع نصف الحد الأدني للغرامة وتنقضي الدعوي القضائية وتلغي جميع القراءات الإدارية وكذلك تجاوز السرعات يتصالح عليها القانون بدفع نصف الحد الادني للغرامة للميكروباص والسياحة والرحلات والنقل ونقل البضائع لتصل الغرامة 200 جنيه بدون حبس فالقانون هنا يقف بجوارهم وأبعدهم عن الحبس بخلاف السيارات الملاكي بدفع نصف الحد الأدني 300 جنيه من أصل 1500 وحبس مطالبا بتعديل تشريعي للنظر في مواد التصالح ووضع استراتيجية عامة لمواجهة حوادث الطرق والانفلات المروري ودراسة جميع النقاط السوداء من قبل خبراء هندسة النقل والمرور وحصرها علي مستوي الجمهورية وليس شارع أو مدينة بعينها ووضع أبحاث وقياسات شهرية لمواجهة تكرار الحوادث وشدد علي ضرورة الغاء قرار وزير النقل الذي يسمح لسيارات النقل الثقيل والمقطورات بتجاوز الحمولات المقررة 28 لسنة 0200 الذي أتخذه سائقو لتلك المركبات ذريعة للمخالفة فطبيعة عمل وزارة النقل تقضي برفع كفاءة الطرق والحفاظ علي أرواح المواطنين وليس السماح بالمخالفة.
وأكد د. حسين مهدي استاذ هندسة الطرق بجامعة عين شمس أن مصر تتربع علي عرش حوادث الطرق علي مستوي العالم فوفقا لبيانات الجهاز المركزي للتعبيئة والاحصاء بلغت حوادث السيارات في مصر في عام 2015 لأكثر من 14000 حادثة نتج عنها أكثر من 6000 حالة وفاة بمعدل حالة في اليوم الواحد وبلغ معدل خطورة الحوادث علي مستوي المحافظات والطرق السريعة من 8: 1 متوفي أو مصاب لكل حادثة وقد صنف التقرير معدل قسوة الحوادث علي مستوي المحافظات 35.3 متوفي لكل 100 مصاب والطرق السريعة 23 متوفياً لكل 100 مصاب.
وقد أكد التقرير أن العنصر البشري من أكثر أسباب الحوادث حيث بلغ 63% يليها الحالة الفنية للسيارات بنسبة 23% أما السيارات الملاكي فهي اكثر المركبات المسببة للحوادث حيث بلغت 5000 مركبة بنسبة 73% يليها النقل خفيف متوسط حيث بلغت 3000 مركبة بنسبة 20% من اجمالي المركبات المسببة للحوادث.
وأوضح أن شبكة الطرق الحالية والجاري تنفيذها تحد من وقوع الحوادث بشكل عام بالاضافة إلي الالتزام بالمنظومة المرورية والقانون المروري الجديد ستنتقل معه مصر لنقلة حضارية كبيرة.
"محاور جديدة"
وأكد م. عادل النجار رئيس جهاز القاهرة الجديدة أن تطوير شوارع القاهرة الجديدة الذي يتم علي قدم وساق جعل منها حيا متفردا من حيث الانضباط المروري للسيارات والمارة وتلاشت نسب الحوادث التي كاتت تقع مسبقا للطفرة الهائلة في طرق القاهرة الجديدة.
وأشار إلي عدد من الطرق الجديدة الجاري العمل بها اذ يتم تنفيذ ثلاثة طرق عرضية لربط شارع التسعين بالعين السخنة فضلا عن تطوير بعض الطرق في الأحياء القديمة وتنفيذ أعمال صناعية كبري مزدوجة بالاضافة لتنفيذ محاور طرق جديدة لربط القاهرة الجديدة بالعاصمة الإدارية بحيث تكون القاهرة الجديدة بمثابة البوابة الرئيسية للعاصمة الإدارية الجديدة.