يعود المخرج خالد يوسف إلي السينما بعد غياب 6 سنوات. وهو المهندس الذي اكتشفه المخرج الراحل يوسف شاهين. واختار له أن يكون الوجه الجماهيري لسينما شاهين. الذي كان يتمني أن تحظي أفلامه بالنجاح الجماهيري وتحقق ذلك في أفلام خالد يوسف. واقترن اسمه بشاهين في فيلمه الأخير "هي فوضي" عام 2007. "كارما" هو أحدث أفلام خالد يوسف. تأليفاً وإخراجاً. حدث معه أحد المواقف النادرة في تاريخ السينما المصرية. عندما تم سحب الترخيص قبل يومين من عرضه في العيد. ثم أعيد له في نفس اليوم. والفيلم مثل الكثير من أفلام مخرجه يذهب إلي المناطق الساخنة والمثيرة في المجتمع من أجل تقديم قصة من المفترض أنها تزيد من الوعي السياسي للجمهور في اللحظة التي يشاهده فيها. ولكن خالد يوسف اختار أن يزيد من حيرة الجمهور عندما قدم "كارما" الذي ينتمي للدراما النفسية "السيكودراما" عن رجل الأعمال المسلم الثري الذي يزوره في الأحلام الشاب المسيحي الفقير "وطني" وتظهر حياة كل منهما في أحلام الآخر. وكأنهما شخصاً واحداً لأن الفقير يحلم بالثراء ورجل الأعمال تزوره الكوابيس خوفاً من أن تزول عنه نعمة الثراء. والفقير يبحث في الواقع عن كنز مدفون في منطقة مهجورة. والثري يبحث عن عملية تُدْعَي "لبن العصفور" تُدر عليه المليارات بعد الاستيلاء علي منطقة بوسط البلد. يسكنها الفقراء. ويريد رجل الأعمال أن يلقي بأهالي المنطقة في النيل. حتي يحصل علي الأرض ويقيم المشروع. وخالد يوسف يعشق إظهار التناقض الثنائي منذ أول أفلامه "العاصفة" عام 2000 عندما صنع مواجهة ملفقة بين شاب مصري يذهب مع جيش بلاده لتحرير الكويت من الاحتلال العراقي. وهناك يكون شقيقه مجنداً في الجيش العراقي. وتحدث المواجهة أو المفارقة الدرامية عندما يحارب الشقيق شقيقه. في "كارما" نشاهد مصر كما كان يصفها البابا شنودة "وطن يعيش فينا" ثنائية الغني والفقير.. المسلم والمسيحي. كلاهما يكمل وجود الآخر في وطن واحد. كلاهما يبحث عن الذهب وعن السعادة. وعن مستقبل أفضل للطفلة "كارما" بنت الفقراء. التي عرفت الحزن مبكراً عندما ماتت جدتها نرجس "دلال عبدالعزيز" وأمها مدنية "زينة" والفتاة تلعب بين القبور. ولا تجد أمامها غير أبيها "وطني" أو "أدهم" فهما مواطن واحد. ومن الطبيعي أن نتذكر فيلم "الاختيار" للمخرج يوسف شاهين. الذي قدم فيه عزت العلايلي شخصيتان: "سيد" المثقف المقيد في سجن تطلعاته الاجتماعية. وشقيقه التوءم "محمود" المنتمي للشعب والمتحرر من أوهام النجاح والثراء. لكن في "كارما" الثنائية بين الثراء والفقر. ولا أعرف كيف اقتحم خالد يوسف اختلاف الدين أيضاً. وهل أدهم ووطني هما شخص واحد يعاني من الفصام. وإذا كان هكذا.. فكيف للمريض أن يحمي الطفلة "كارما" ويسعي من أجل سعادتها وتأمين مستقبلها. وإذا كانت هوية الوطن الواحد تجمع المسيحي والمسلم. فهل هو وطن الأثرياء أم الفقراء.. أم كلاهما معاً؟!! من اللقطات الأولي في الفيلم تدرك أنك أمام مدير تصوير موهوب. هو رءوف عبدالعزيز. الذي استخدمه الكاميرا "الطائرة" بأسلوب متميز. إلي جانب براعة ديكور فوزي العوامري. وموسيقي يحيي الموجي. وكريم عرفة. ومونتاج غادة عزالدين.. ولا توجد أي قيمة أو أهمية لأغنية الفيلم لهاني عادل. التي لم تضف شيئاً للفيلم حتي بعد وضعها علي تترات النهاية. كالعادة فإن الأداء التمثيلي في أفلام خالد يوسف علي مستوي جيد. خاصة عمرو سعد الذي قام بدوري أدهم ووطني. وتميزت زينة في دور "مدنية" ولا جديد في أداء غادة عبدالرازق وخالد الصاوي. وماجد المصري. ومجدي كامل. ومنح خالد يوسف فرصة التمثيل للمذيعين يوسف الحسيني في دور ضابط المباحث. وخالد تليمة في دور القسيس. وكلاهما اجتهد في حدود قدراته الفنية.