** من حق الشعب أن يفرح.. وأن يعود للميادين معبراً عن تلك الفرحة التي جاءت ب "طلوع الروح".. ولكنني لا أوافق من يعتبرون العبور والنصر علي الأعداء في معركة رد الشرف والكرامة.. كالفوز في مباراة لكرة القدم حتي لو أوصلتنا إلي نهائيات كأس العالم بموسكو 2018 بعد 28 عاماً من الغياب كان البعض يظنها ستمتد إلي أن يقام المونديال في إيطاليا حيث اعتاد المنتخب أن يلعب هناك كما حدث عامي 1934 و1990!! لا أحب من يت حدثون عن مباريات الكرة كأنها "معركة" بل إن أغلب النقاد والمحللين الرياضيين يرددون كلمة "موقعة" علي اللقاءات بين الفرق المتنافسة خاصة إذا كانت بين الأندية الكبري أو المنتخبات وهو ما يؤدي إلي زيادة تعصب الجماهير ويبتعد عن الأخلاق الرياضية حيث لا يرضي مشجعو كل فريق إلا بالفوز لتحقيق النصر المبين في أي مواجهة حاسمة ومن هنا تنشأ العداوات وتبدأ المشاحنات ويزداد الشغب في الملاعب ويتحيز كل طرف لفريقه وقد يتطور الأمر لإعلان الحرب بين الدول كما حدث عام 1969 بين هندوراس والسلفادور خلال التصفيات المؤهلة لكأس العالم 1970 بالمكسيك وراح ضحيتها الآلاف بعد قتال لعدة أيام لولا تدخل منظمة الدول الأمريكية وسعيها لإيقاف الحرب التي نشبت بسبب مباراة من المفترض ان يتحلي فيها الفريقان بالروح الرياضية وهناك أمثلة أخري كانت مباراة مماثلة سبباً في إفساد العلاقة لفترة بين مصر والجزائر مع ان الشعبين ما يربطهما منذ حرب التحرير أكبر بكثير ولكنها "كرة القدم" التي تذهب بالعقول خاصة إذا كان هناك من ينفخ في النيران ليزيدها اشتعالاً!! ولأن المنتخب حقق المراد وأعاد الفرحة للمصريين فلا مانع من الربط بين عبور القناة وتحطيم خط بارليف وبين الفوز علي الكونغو وكسر النحس الذي يلازم المنتخب لأكثر من ربع قرن وذلك علي اعتبار ان الحادثين وقعا في شهر أكتوبر الذي علي ما يبدو ان "روحه" أصبحت تسري في نفوس المصريين فارتبط بالانجازات والتغلب علي المستحيلات. وإذا كان الربط لتحليل الأحداث ومعرفة أسباب النصر والفوز والتأكيد عليها.. وأخذ العظات والعبر.. فلا بأس.. بل إنه شيء مطلوب للأجيال القادمة.. وحتي تتأصل في المصريين جينات أكتوبرية أساسها الإيمان بالله والثقة بالنفس والأخذ بالأسباب.. والإعداد الجيد والتدريب المستمر.. والعمل بجدية وإخلاص النية.. واللجوء إلي العلم وأهل الخبرة والاستعانة بالشباب. نعم.. تعلمنا من ملحمة 6 أكتوبر 1973 ومن إنجاز 8 أكتوبر 2017 ضرورة تكاتف الشعب وتشابك أيدي المصريين والعمل معاً بروح الفريق فلولا أصغر مقاتل وتضحيات الجنود البواسل ما عبرنا وانتصرنا ولا أصبح السادات بطلا ولا المشير أحمد إسماعيل والشاذلي والجمسي قادة يتحدث عنهم العالم.. تماماً فإن جهد المدربين واللاعبين والاحتياطي هو الذي أوصل "محمد صلاح" إلي المرمي ليحرز الهدفين.. فلو كان "سوبرمان" فإنه لم يكن وحده يفعل شيئاً دون "تريزيجيه" أو تصدي "الحضري" لأصعب كرة في المباراة وإنقاذ مرماه من هدف أكيد.. وبالطبع لم يكن كوبر سيحصل علي "العلاوة" ويتقاضي 90 ألف دولار شهرياً وينال 500 ألف دولار مكافأة الوصول لموسكو!! ليزداد إيماننا بالله.. وبأنه لا يوفق إلا من يستحق ولا يعطي إلا لمن أحسن عملا.. فالحالة الراهنة التي نعيشها والواقع الصعب سياسياً واقتصادياً واجتماعياً يستدعي العمل بأقصي طاقة.. فإعادة بناء الدولة تحتاج لكل حبة عرق.. وإلي عصارة فكر كل مواطن.. وإلي سواعد الشباب وخبرة الشيوخ.. وإلي استمرار التدريب ودراسة المشاكل وايجاد الحلول المصرية النابعة من أرض الوطن وعلينا عندما نواجه التحدي ألا نفرط في التفاؤل ولا نستهين بالخصوم.. لكي لا نصطدم بيأس قاتل للطموح ولا إحباط يدمر النفوس.. والأهم الاستمرار في المحاولة وبذل الجهد حتي آخر نفس وعدم فقدان الأمل في تحقيق المراد طالما نؤدي ما علينا.. ف "الجول يأتي في ثانية"!! مطلوب الاستماع إلي جميع الآراء.. فالكل عاشق لتراب هذا الوطن.. وقد يكون الحل لدي من ليس في المقدمة.. فالله قد يضع سره في أضعف خلقه!! نحتاج أن نتعلم من المنافس التنظيم وأداء المهمة علي أفضل وجه فإذا لم نستفد الآن فإننا نعد فريقاً للمستقبل يمكنه في الغد إنجاز ما أخفقنا فيه اليوم.. ولا مانع من الانتقاد وإظهار السلبيات والأخطاء طالما يتم ذلك دون تجريح.. ويكون الغرض هو التصويب وليس التحطيم.. والمساندة والبحث عن الأفضل دون إيقاف المسيرة!! نعترف ان لدينا مشاكل وأزمات.. وبالتأكيد هناك صعوبات وتحديات داخلية وخارجية.. ويعاني الشعب من الغلاء والبطالة.. وغالباً لا تكفي المعاشات والمرتبات لشراء الطعام والعلاج.. ولكن مع الإيمان بالله.. واليقين بقدرات المصريين واصطفافهم وقت الشدائد.. وتكاتف أياديهم واتحاد قلوبهم.. ولأن هذا البلد يمتلك كافة مقومات النهضة والتقدم والرقي.. فلن يخذلنا الله وسينصرنا كما كان معنا في 6 و8 أكتوبر.. وسنتغلب علي الجهل والفتن وعلي الإرهاب والتخلف وعلي الفقر والمرض.. مهما طال الزمن وستعود الفرحة علي وجوه المصريين وسيرددون الأغاني ويرفعون الأعلام في الميادين.. بشرط ألا نسمح للخلافات والانشقاقات بأن تتسرب بيننا وألا نترك الفساد يعشش في الدواوين وإذا لم نفعل.. فلا نلومن إلا أنفسنا! ماذا تريدون من "كوبر"؟ ينظر العالم إلي الرياضة علي أنها علم وصناعة إلي جانب دورها في الإعداد البدني للمواطنين ولا مانع من الترفيه.. والأهم أنها منافسة ترتقي بالأخلاق وتشجع التعاون والتحلي بروح العمل الجماعي وتقديم القدوة للنشء والشباب. مازالت الرياضة في دول العالم الثالث بعيدة عن تلك المفاهيم.. ومع أن مصر بدأت منذ سنوات التحول من الهواية إلي الأخذ بنظام الاحتراف خاصة في كرة القدم فإن التعامل في الوسط الرياضي يبتعد عن العلم والصناعة ويتم في أغلب الأحيان ب "الفهلوة" والابتعاد عن الموضوعية بل وكثيراً ما تسود العشوائية والبلطجة وتضيع الأخلاق تحت أقدام من يدعون أنهم يعرفون كل شيء أو من ينتقدون أخطاء الآخرين ولا ينظرون إلي خطاياهم!! تعاقد اتحاد الكرة مع المدرب الأرجنتيني كوبر علي أساس تكوين منتخب يستطيع ان يصل إلي نهائيات بطولة أفريقيا التي لم يصعد إليها 3 مرات متتالية.. ثم النجاح في تحقيق حلم المصريين بالوصول إلي نهائيات كأس العالم بموسكو والتي لم يتمكن أي مدرب آخر من تحقيقه طوال 28 عاماً مع أنه كان هناك أجيال من اللاعبين ربما كانت أكثر حرفنة وشهرة من الموجودين حالياً. قام الرجل بالمهمة بامتياز فلم يصل إلي نهائيات أفريقيا فقط بل وصل إلي المباراة النهائية وطار الكأس الذي كنا الأقرب إليه ثم صعد إلي مونديال 2018 ومع ذلك هناك من ينادي بإقالته.. فماذا يريدون وهل كان عندهم من يحقق ذلك.. أم لديهم مصالح ويريدون فرض أسماء بعينها؟ بالطبع.. نحن لا نشكك في كفاءة أحد من المدربين.. لا المصريين ولا الأجانب.. ولكن لماذا نحارب من يحقق النجاح في مجاله.. هل كان المصريون سيشعرون بالفرحة والسعادة إذا أدي اللاعبون بصورة جماعية وتلاعبوا بالفرق الأخري وأمطروهم ترقيصاً وتغزيلاً وأظهروا "الحرفنة" ثم خرجوا مهزومين ولم يصلوا لا لنهائيات أفريقيا ولا موسكو؟ كوبر مدرب كفؤ.. له أسلوبه الذي نجح به.. واختار من اللاعبين من يحققون رؤيته.. صحيح ان الأداء لا يعجبنا وبالتأكيد لدينا من اللاعبين من نراهم "أحرف".. ولكن عندما تنطلق صافرة الحكم إيذاناً بانتهاء المباراة نطير فرحاً بالفوز الذي حققه كوبر ولاعبوه.. وهو الذي سيظل يتذكره التاريخ الذي لن يسجل أبداً ان الفريق المصري أدي بشكل رائع ولكنه خسر. بعد كل مباراة يهاجم الجمهور والمحللون طريقة كوبر التي حفظها اللاعبون ويكسبون بها حتي لو حرقت "دم الجماهير".. قالوا عنه إنه "نحس" فإذا به يفك كل العقد ويهزم الفرق التي اعتادت علي الفوز ومنها من قهرنا ب "الستة" فهل كان هؤلاء يريدون أن يطول ابتعادنا عن ملاعب كأس العالم 50 سنة أخري؟ العيب.. أن في مصر 100 مليون مدرب وناقد.. وأننا لا ننظر للرياضة علي أنهم علم وصناعة.. أو فوز وخسارة .. وأن هناك خططاً وتكتيكات يضعها من يعرف إمكانيات لاعبيه ومواطن قوة وضعف منافسيه.. وحتي لو كنا نفوز بدعاء الملايين والراجل "وشه حلو" سيبوه لعلنا نصل لدور ال 16 في موسكو وإذا لم ينجح "شيلوه"!!