الفرحة جميلة، خاصة اذا جاءت بعد فوز مستحق وبعد تعب وجهد، وفي أعقاب لحظات درامية عاشت فيها الملايين مشاعر مختلفة ما بين فوز قريب ينهي الغياب عن كأس العالم منذ 1990، إلي تعادل يضع هذا الحلم في مهب الريح، إلي ضربة جزاء في آخر لحظات المباراة يحرز منها نجمنا محمد صلاح بأعصاب يحسدعليها هدف حجز مقعدنا في مونديال موسكو، لينفجر شلال الفرح في مصر وفي كل أنحاء الوطن العربي. تعلمت في الفترةالأخيرة ان اشاهد مباريات الكرة علي قنواتنا التليفزيونية بعدان أغلق مفتاح الصوت حتي لا أفسد متعة متابعةالمباراة (!!) كنت قلقا من المباراة الحاسمة بعد ان بدأت الاحتفالات المبكرة مع تعادل غانا مع أوغندا، وبعد ان تحولت شاشات التليفزيون الي »مصاطب» لثرثرة جنرالات المقاهي، ومع مخاوف من زحام غير مطلوب في مقر الفريق يؤدي بالقطع إلي التأثير في تركيز اللاعبين وزيادة الضغوط النفسية عليهم!! وبالفعل لعب المنتخب المصري وهو تحت كل هذه الضغوط، وفي المقابل كان فريق الكونغو يلعب بأعصاب هادئة ويقدم أداء جيدا ويكافح حتي النهاية بكل جدية. ومن هنا كانت المباراة عصيبة والنتيجة معلقة حتي النهاية الدرامية التي أسعدت الملايين وأوصلت مصر الي مونديال روسيا. كل التحية للاعبي المنتخب. لم يبخل لاعب منهم بجهد. كلهم كانوا مثل محمد صلاح وهو يقاوم الحزن القاتل عندما اصيب مرمانا بهدف التعادل. وكلهم امتلكوا القدرة علي استعادة ثباتهم الانفعالي ليكتبوا خلال دقائق قليلة صفحة من أجمل الصفحات في تاريخ الكرة المصرية بفوز كلل مسيرتهم الناجحة في كل مباريات التصفيات. والتحية.. قبل الجميع للجمهور الرائع الذي قدم نموذجا في التشجيع المثالي ولكل من أشرف علي هذا العرس الرياضي الجميل الذي أسعد الملايين.. سواء من رجال الأمن أو اتحاد الكرة، هذا العرس الذي يفتح الباب امام عودة الجماهير للمباريات في أقرب وقت. ويبقي المدرب الكبير »كوبر» هذا الرجل الذي تحمل المسئولية في أصعب الظروف. واستطاع ان يتخطي كل العقبات، وأن يبني هذا الفريق المتجانس الذي استطاع ان يصل لنهائيات أفريقيا، ثم ان ينتزع بطاقة العودة الي كأس العالم بعد طول غياب. عمل »كوبر» باحترافية كبيرة تؤكد أنه أفضل من درب المنتخب منذ سنوات طويلة عبر مطبات الكرة المصرية في هذه الفترة، وتحمل ثرثرة من يفهم ومن لا يفهم في الكرة وتمسك باختياراته وتحمل المسئولية حتي وصل بالمنتخب الي المونديال. أمامنا الآن شهور لنستعد لمنافسات موسكو. ولا شك ان الاستعدادات ستكون أفضل، وأن كل الامكانيات سيتم توفيرها لكي نظهر في أفضل صورة. صلاح ورفاقه قادرون تحت قيادة كوبر علي تقديم الاجمل في موسكو. ونحن من حقنا ان ننتظر المزيد من الانتصارات وأن يكون لنا أكثر من موعد تغمرنا فيه شلالات الفرح.