** إمتدت الاجازة لتصبح أسبوعاً كاملا حيث جاءت عطلة 30 يونيو بعد يوم من آخر أيام عيد الفطر فاستغلها الموظفون فرصة ليواصلوا الراحة والفرحة خاصة وإن ليلة العيد كانت نهاية امتحانات الثانوية العامة فاستراحت الأسر المصرية بعد عناء عام دراسي يطبق فيه "البوكليت" لأول مرة. أعطت الاجازة الطويلة فرصة لأهالي القاهرة للاستمتاع بالهدوء وبالشوارع الخالية حيث أغلقت المصالح الحكومية وعاد أهالي الصعيد وبحري إلي مدنهم وقراهم.. وخرجت العديد من العائلات إلي الشواطئ والمدن الساحلية خاصة مع موجة الحر الشديدة. .. ولأننا مازلنا نعيش أجواء شهر رمضان.. وفرحة العيد.. وبهجت الاجازات.. فلا حديث هذا الاسبوع عن السياسة "ووجع الدماغ" ولا عن الاقتصاد والحسابات لان الناس "مش ناقصة" وكفاهم لهيب الاسعار الذي فاق حرارة الجو وجعل الغالبية تتنازل عن شراء ملابس العيد لأطفالهم وتناسوا تماما أكل الكعك والبسكويت التي بلغ الكيلو منها أرقاما فلكية لاتتيح للعائلات سوي الصبر علي مشاهدتها في "فاترينات" المحلات والحديث عن الذكريات الجميلة أيام حمل "الصاجات" إلي الأفران وإلتهامها بالهناء والشفاء. .. وبمناسبة ذكريات الزمن الجميل فان العاصمة وسيولة المرور فيها يعيد إلي الأذهان قاهرة المعز في الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي.. كان الهدوء والشوارع الخالية.. إلا ان هناك فارقا كبيرا من حيث النظافة ووجود الأرصفة والأشجار الخضراء علي الصفين والزهور في الحارة الوسطي.. وهو ما يجب ان نستعيده أو علي الاقل نحرص علي وجوده في العاصمة الادارية الجديدة التي يجب من الآن التفكير في آلية فيها للنظافة والأخذ بالأنظمة الحديثة التي تراعي عملية جمع وفرز القمامة من المنبع وتصنيفها في 3 صفائح للمخلفات الصلبة والأغذية والأوراق مع نشر سلات المهملات في كافة الأماكن.. والاهتمام باعادة عربات رش الطرق وعمل صرف للأمطار ومراعاة عدم وضع بلاعات الصرف الصحي في وسط الشوارع واحترام الأرصفة والاهتمام بالتشجير والمساحات الخضراء لانها تعتبر رئة تحافظ علي البيئة وتثير البهجة وتنشر حب الجمال وترتفع بالذوق والحس الفني للمواطنين.. وياليت الأشجار تكون مثمرة فما المانع من زراعة النخيل وأشجار الزيتون والفواكه.. وقد رأينا في العديد من دول البحر المتوسط خاصة تونس واليونان أشجار البرتقال واليوسفي وهي تملأ الشوارع وعليها الثمار وشكلها رائع ولا مانع أن يستفيد بها الشعب.. كما تنتشر في دول الخليج خاصة الامارات أشجار النخيل.. فلماذا لا نستفيد من تجارب الاخرين في عاصمتنا الجديدة التي نريدها ان تتلافي كل عيوب "العاصمة العجوز". عموما استمتعوا بالقاهرة فالاجازة ممتدة حتي يوم الاحد.. وكل عام وأنتم بخير. "أسطوات" الميكروباص .. "صبيان" التوك توك.. والسايس "الفتوة"!! ** إذا كانت الدولة قد أثبتت إنها بدأت تستعيد قبضتها وتفرض هيبتها وتلزم كل من إعتدي علي أراضيها باعادتها أو تقنين وضعه.. فعليها أن تستكمل القضاء علي كل مظاهر الانفلات في الشارع المصري.. وتفرض احترام القانون في مختلف المجالات لكي يتأكد الجميع إنه لا أحد فوق القانون.. وإنه لاتوجد سوي دولة واحدة.. وحكومة واحدة. مازال سائقو الميكروباص يمثلون دولة داخل الدولة.. يفرضون قوانينهم ويتحدون الحكومة.. ولا أحد يستطيع التصدي لهم.. ويفرضون شروطهم علي الركاب ويحددون التعريفة علي "مزاجهم" خاصة في المواسم والأعياد وعند النقل بين المحافظات.. ويسيرون بلا رخص وبلا سيارات صالحة لركوب البشر خاصة في الأرياف.. وللأسف يمرون أمام الجميع ولايفكر أحد في ايقافهم أو إلزامهم علي الأقل بالحد الأدني من اشتراطات الأمان للسيارة.. وغالبا ما تكون الحمولة فوق المسموح به أو أدخنة العادم المنبعثة تعكر الأجواء وتلوث البيئة ونادرا ما يستوقفها رجل مرور. نفس الشيء ينطبق علي سائقي التوك توك الذين يحتاجون إلي تقنين لوضعهم وتحديد خطوط سيرهم وثمن الأجرة لانهم بالفعل يؤدون خدمة للمواطنين خاصة في الأحياء الشعبية والعشوائية ووسط الحواري والازقة والاماكن التي لاتتمكن السيارات من الوصول إليها أو الدخول فيها.. واستمرار عدم السماح لهم يجعلهم يعملون بلا قواعد وبلا تنظيم.. فغالبية "التكاتك" يقودها صبية وبالطبع بلا تراخيص وبلا آداب.. ويستغلون "الغلابة" في الاعياد وفي الأوقات المتأخرة ويحصلون علي مايريدون.. فإلي متي يتم تجاهلهم وعدم الاعتراف بهم.. وتركهم يتحكمون في المواطنين. علينا الاعتراف بأهمية وجودهم.. وانهم بالفعل يؤدون خدمة للبسطاء.. لذلك فتقنين وضعهم أصبح ضرورة علي الأقل لمراقبتهم وضمان عدم التحكم في الغلابة ودمجهم في طرق المواصلات الشرعية ويمكن طبعا فرض عدم سيرهم في الشوارع الرئيسية وان تكون خطوطهم في الحواري الضيقة. .. ويعتبر منادي السيارات أو "السايس" أحد أهم المتحكمين في الشارع المصري بل هو "الامبراطور" الذي يظهر لك فجأة فهو غالبا لا يأتي وأنت "تركن" ولكن عندما تبدأ في السير.. وهؤلاء قد يحطمون سيارتك اذا لم تدفع لهم.. ولابد من تحديد مواقف للسيارات وتقنين وضع من يقف فيها وتحديد تسعيرة للوقوف علي الأقل لتجنيب المواطنين عناء الشجار اليومي مع من يفرضون عليهم "اتاوات" نظير ايقاف سياراتهم.. صحيح ان بينهم "بلطجية" يجب ايقافهم عند حدهم والتفتيش عليهم باستمرار.. لكن أغلبهم يقومون بمساعدة أصحاب السيارات.. كما انهم يقومون بعمل مهم وشريف واذا لم يجدوه ربما تشردوا أو تحولوا إلي خارجين علي القانون لذلك لابد من تقنين وضعهم ومراقبتهم. سيطرة الدولة علي الشارع.. وعدم تحكم أي فئة في المواطنين أصبح ضرورة.. وبالطبع لانريد قطع أرزاق سائقي الميكروباص و"التوك توك" أو "السايس".. ولكن المطلوب جعلها وظائف محترمة لهم ولخدمة المواطنين واخضاعهم للقانون وللرقابة والتفتيش الدائم لضمان عدم استغلال الناس خاصة في المواسم والاعياد. اباطرة عديدون يتحكمون في الشارع المصري.. "أسطوات" الميكروباص و"صبيان التكاتك" و"السايس الفتوة" فمن يرحمهم من أنفسهم ويرحم الناس من شرورهم؟! الشخصية المصرية.. تاهت في الزحام!! ** تعالوا نتحدث بصراحة بما إننا لسه خارجين من شهر رمضان "وعيب نكذب".. اذا كنا نتحدث عن الانفلات في الشارع فان ذلك دليل علي خلل قد حدث في القيم والاخلاقيات أصاب المجتمع كله ولم يعد نراه ونسمعه ونقاسي منه في الشوارع فقط دائما في كل مكان حولنا في المصالح الحكومية والمؤسسات والشركات والمدارس والمستشفيات وربما وصل إلي أماكن العبادة بل والبيوت أيضا. ماذا أصاب المصريون لدرجة ضياع الشخصية الحقيقية للانسان الأصيل التي تكونت عبر آلاف السنين.. أين ذهبت قيم احترام الكبير والعطف علي الصغير.. وهل مازال الوفاء موجوداً بيننا.. وكيف سمحنا بتفكك الترابط بين الأسر والعائلات لدرجة سماعنا عمن يقتل أحد والديه.. وهل يفكر أحدنا في الفقراء والمساكين.. والأهم هل الضمير الانساني مازال حياً داخل نفس كل مواطن.. وهل فكر أحد كيف يحب أهله وناسه وبلده؟! ماتت داخلنا أشياء جميلة.. وضاعت في زحمة الحياة المعاني السامية.. وطغت المادية علي القيم والمبادئ.. وأصبح الانسان قيمته بماله وليس باخلاقه ولا بعلمه ولا بموهبته.. نسينا تقدير المعلم والعالم.. وجرينا وراء المظاهر.. تركنا بر الوالدين.. والسؤال عن الجار والاحسان إليه.. قطعنا صلة الارحام ولم نفكر في الأقارب وحقوقهم.. لجأنا "للفهلوة" وتركنا العمل والعرق فهل هذا هو المصري ابن البلد الشهم الذي لايخون ولايعرف السلبية والتواكل.. لكنه يعتمد علي المولي ويتوكل علي خالقه؟! اتفقنا علي الصراحة "لسه رمضان قريب ومفيش كذب".. فهل أحدنا يعجبه هذا "الحال المايل"؟!.. اذا كانت الاجابة "لا" فليبدأ كل واحد بنفسه وبمن يعول يغيرها ويغيرهم لتعود الشخصية المصرية التي أحببناها ونروي حكاياتها لابنائنا.. وليتناقل الشباب علي مواقع التواصل الاجتماعي مبادرات في هذا الشأن بدلاً من الحديث عن اليأس والاحباط.. وليقم كل رجل دين مسلم أو مسيحي بدوره في ترسيخ القيم الأصيلة التي نادت بها الشرائع السماوية.. وليتبن كل صحفي وإعلامي تقديم شخصيات محترمة كقدوة تتسم بالاخلاق وتنخر أشياء إيجابية بدلا من برامج المقالب و"الهجص والرقص"!! علينا جميعا البحث عن أنفسنا.. عن الحب في داخلنا والسماحة والاخلاص والانتماء وان نحسن تربية أطفالنا.. علنا نستعيد الشخصية المصرية ان لم يكن الآن.. فعلي الأقل في الأجيال القادمة.