صغير في حجم النملة ويعمل عملة.. ساهم في حل جزء من مشكلة »العواطلية« فلا يحتاج العمل عليه مقابلة شخصية ولا تقديم سيرة ذاتية.. يعمل غالبا بدون رخصة قيادة والأسلوب السحري للوصول إلي الحواري والشوارع الضيقة وغير الممهدة، يستخدم كوسيلة مواصلات وسريع في توصيل الطلبات وبالتالي يمكن تسمية الخدمة التي يقوم بها ب »هوم دليفري« ولكنه رغم كل هذه المزايا تسبب في الكثير من المشاكل والحوادث والأزمات المرورية علاوة علي استخدامه من جانب بعض البلطجية والمسجلين خطر كوسيلة لترويج المخدرات وارتكاب جرائم الخطف والاغتصاب.. حكاية »التوك توك« العجيب نتعرف عليها في سياق التحقيق التالي. »التوك توك« اسمه يبدو فكاهيا وموطنه الأصلي الهند ويعتبر اسرع وأرخص وسيلة مواصلات داخلية في المدن والقري والآن أصبحت في المواصلات العامة وبمجرد ظهور »التوك توك« اختفي علي الفور »الحنطور« وكل وسائل المواصلات البدائية الأخري بل طموحه المصحوب بالجشع وصل إلي اعتدائه علي وظيفة التاكسي من خلال تجاوزه إلي المناطق التي من المفترض أن يسير فيها وهي المحافظات والقري ولكنه تطلع للسير وسط المواصلات العامة في الشوارع الرئيسية وعلي الرغم من صغر حجمه إلا أنه في الآونة الأخيرة سطا علي مهنة عربات النقل حيث استخدمه الزبون في حمل الأغراض الثقيلة مقابل أجر أقل من أجر عربات النقل التقليدية وكل هذه الأحلام والطموحات الجامحة والتي تبحث عن المال دون السلامة والأمان ولاتعرف أن هناك قانونا سوف يقف أمامها وتعترض طريقها. حول »التوك توك« اختلفت الآراء حيث يري البعض أنه ساهم في حل مشكلة البطالة بين الشباب إضافة إلي مساهمته في حل مشكلة التنقلات الداخلية خاصة في القري والنجوع وبعض المناطق في المدن التي لا تستطيع السيارات الدخول لها وأيضا انخفاض سعره ولكن يحتاج إلي عملية تنقية وبعض الضبط في حين يري البعض الآخر ان انتشار ظاهرة »التوك توك« تنذر بكوارث عدة خاصة أنه وسيلة انتقال غير آمنة لعدم توافر شروط السلامة فيها ويعتبر مصدراً شديد الإزعاج نظرا لاجهزة الصوت الضخمة التي يقوم سائقو »التوك توك« بوضعها لمحاولة جذب الانتباه كما أن غالبية سائقيه من الأطفال والأشخاص الذين لديهم سوابق ومن ثم تحدث من ورائهم حوادث القتل والسرقة والاختطاف. في البداية نلقي الضوء علي أداء أصحاب التكاتك فيقول محمد عبدالمقصود صاحب أحد التكاتك في منطقة الجيزة إن التوك توك هو اللي حل مشكلته فاشتراه منذ ثلاث سنوات وكان سعره 16 ألف جنيه وكانت تحويشة عمره ولكن العمل علي »التوك توك« عوضه وبقاله شغلانة كويسة يقدر يتجوز منها. يوافقه الرأي عن حل »التوك توك« لمشكلة البطالة أشرف عادل خريج معهد فني تجاري ويقول أنه لم يجد وظيفة مناسبة له بعد التخرج فاشتري »توك توك« بالتقسيط وعمل عليه وبالرغم من أن قيادة »التوك توك« مهنة لاترضي طموح أي شاب ولكنها الخيار الوحيد المتاح أمامه. في حين يوضح محمد علي إبراهيم سائق »التوك توك« أن سوء استخدام المركبة ليس مشكلتها ولكن مشكلة سائقيها فأنه يوجد من يتعامل بشكل ملتزم دون استخدام الأبواق وحسن القيادة وملتزم بالقواعد المرورية كما أن التوك توك مصدر رزق له وأنه يتمني تصحيح وضع تلك المركبة كما حدث في المحافظات التي قامت بترخيصها من الوحدات المحلية. وعن سائقي التوك توك من الأطفال يقول محمد مرزوقي يعمل بمنطقة الجيزة وعمره 14 سنة: أعمل في الوردية الصباحية للتوك توك في الفترة من 7 صباحا وحتي 4 عصرا ويطلب مني صاحب »التوك توك« خلال هذه الفترة أن أحصل علي 150 جنيها وأي زيادة تكون من نصيبي لذلك لا أتهاون خلال هذه المدة حتي ولو اضطررت إلي أن أجعل »التوك توك« عربية نقل وأحمل عليه الخشب أو حتي الموبيليا وأن أذهب إلي توصيل الزبائن إلي الأماكن البعيدة ولكن مخصوص وبالتالي تكون الأجرة مرتفعة نظير هذا المشوار »ماهو أصل الواحد لازم يعمل للمستقبل من دولوقتي ماينفعش كل حاجة علي بابا وماما والدنيا بقت غالية«. والأهم من هذا أن »التوك توك« تمكن حاليا من دعم علاقاته مع السكان وتكوين رصيد من الشعبية معهم فيقول مدحت محمودسائق »توك توك« وعمره 13 سنة الكثير من الزبائن يكونون من كبار السن أو المرضي وكل هؤلاء يحتاجون إلي من يقضي لهم احتياجاتهم بعيدا عن عناء الزحام والمواصلات ولذلك فإني أقوم بناء علي اتصال تليفوني منهم يشراء مايطلبه الزبون من خضراوات وفاكهة وأدوية وغيرها وتوصيلها إليه في المنزل. من ناحية أخري التقينا ببعض أصحاب بزنس التكاتك من الذين يقومون بتشغيل السائقين عليها لنعرف منهم لماذا يفضلون السائقين الأطفال؟ حيث يقول عبدالله موافي صاحب 6 تكاتك بمنطقة فيصل اشتريت هذه التكاتك بالتقسيط ونظام العمل عليها ورديات منهم من يأخذ الصباحية وتبدأ من 7 إلي 4 عصرا والمسائية تبدأ من 4 إلي 3 ليلا وهذ الفترة بشكل خاص تخدم قطعا عريضا من المواطنين حيث انها تقوم بتوصيل من يحدث له أزمات مرضية مفاجئة وتوصليهم إلي أقرب مستشفي بجوارهم فلن يستطيع الزبون في هذا الوقت أن يحصل علي سيارة لتصحبه إلي المستشفي لذلك فالتوك توك له إيجابيات كما أنه حل مشكلة الانتقال داخل القري التي يرفض التاكسي الدخول إليها وخاصة بعش الشوارع غير الممهدة. وجاءت آراء زبائن »التوك توك« والأهالي مختلفة فمنهم من لايستطيع الاستغناء عنه ومنهم من مالايطيقه علي الأرض فيقول أحمد عيسي محاسب من الأهالي بمنطقة الهرم أن »التوك توك« يمثل خطرا يوميا علي الأهالي والأطفال علاوة علي مايسببه من إزعاج ومايؤدي إليه من تخمة مرورية سواء داخل المدينة أو خارجها. كما أنه يساهم في انتشار الجرائم والأعمال المنافية من السرقة وتعاطي المخدرات والاغتصاب وعلي النقيض يقول محمد فتحي مهندس كهربائي إن »التوك توك« رغم كل سلبياته إلا أنه له بعض الإيجابيات في حل مشكلة الانتقال وخاصة أن سائقي التاكسي يرفضون دخول بعض الشوارع والميكروباصات غير متواجدة في مناطق كثيرة ولكن الوضع يحتاج إلي تقنين ووضع شروط خاصة له مثل منع خروجها علي الطريق السريع وأيضا ترخيصها سواء في الوحدات المحلية أو المحافظة بحيث يتم الاستفادة منها في الخدمة علي الوحدة المحلية التابعة لها تلك المركبات وأيضا تكون لها رادع بحيث إذا قام أحد بالمخالفة فيكون عليه أي دليل لتقديم شكوي ضده لأنه في الوضع الحالي لا يحمل أي رقم أو لوحة معدنية تدل عليه. وتري د. سهير لطفي الخبير بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية أن تواجد تلك الفئة بكثافة في الشارع المصري مع إسناد قطاع المواصلات للقطاع الخاص أدي إلي أنها أصبحت سببا في كثير من الحوادث من قتل واغتصاب وبلطجة وأشياء أخري بسبب سعيها الدائم للحركة بحثا عن الدخل الأمر الذي خلق نوعا من العداونية بينهم وبين المواطنين وبينهم وبين رجال الشرطة من جهة أخري. ورصدت د. سهير انتشار المخدرات بين هذه الفئة وهو ما عززته التقارير الأمنية لإدارات المرور التي تجري اختبارات مرورية للكشف عن نسبة المخدرات في دم السائقين ولكن الذي يهرب من هذه الإجراءات هم سائقو »التوك توك« ونسبة 90٪ من العينات التي تم أخذها في عدد كبير من المرات تحمل آثارا للمواد المخدرة وهو ما ترجعه إلي اعتقاد خاطيء لدي السائقين بأن المخدرات أو المنشطات من شأنها أن يساعدهم علي تحمل الأرهاق والتعب ومواصلة السهر واليقظة اثناء القيادة. وقال الدكتور عبد الرؤوف الضبع أستاذ علم الاجتماع بكلية الآداب بسوهاج إنه لايمكن تعميم الإجراء بين فئة معينة سواء بين السائقين أو غيرهم لكن هناك فئة تعمل في ظروف معينة تجعلها أكثر عرضة فهذا الوضع وبين السائقين يزيد العنف وكثير منهم لم يكمل تعليمهم بصورة كافية ولم يؤهل للقيادة بل منهم أطفال وهم سائقو »التوك توك« وسلوك تلك الفئة في التسارع جعلها الأكثر احتكاكا بالمواطنين الذين ينظرون إليهم بشيء من الاستغفاف مما جعلهم يشعرون أن المجتمع ينظر إليهم نظرة عدوانية وأصبحت هناك اتفاقية سائدة لتلك الفئة وهي ثقافة »التوك توك« والميكروباص بداية من نداء صبي السيارة حتي نوعية الأغاني التي يسمعها السائق وطالب بضبط تراخيص السائقين لهذه الفئة بصفة دورية واخضاعهم لدورات تدريبية ونفسية للتعامل مع الجمهور.