* علي الشاشات المفتوحة في بيوتنا منذ اليوم الأول لشهر رمضان الكريم ما يقرب من 35 مسلسلا جديدا. وبعض الأعمال التي سبق إنتاجها هذا العام ..2017 وإلي جانب هذا العدد الكبير توجد برامج عديدة جديدة. لا تعرض إلا في هذا الشهر فقط بجانب المسلسلات. منها برنامجان تم تصنيفهما علي انهما برامج رعب وخوف وحظي أولهما الأقدم بالكثير من الغضب والرفض في السنوات الماضية.. لكنه مازال باقيا علي الخريطة في القناة الخاصة التي تنتجه.. وهذه الحالة - سواء المسلسلاتية أو البرامجية - تقودها القنوات الخاصة المصرية بعد أن خرجت "عصا القيادة" من التليفزيون المصري العام. أي ماسبيرو فأصبح مستوردا للدراما وليس مصدرا لها بل أصبح ينسق مع إحدي الشبكات الخاصة الجديدة لعرض أعمالها الدرامية علي شاشاته وهناك ملمح ثالث مهم في الخريطة التي نراها الآن هي الاعلانات بكل أشكالها والتي تفرض بل فرضت بالفعل بعد يومين لا أكثر عبئا علي المشاهدين في البيوت بما تطرحه من طلب مساعداتهم من أجل دعم المراكز الطبية القديمة والجديدة وإنشاء المزيد منها لرعاية ملايين المرضي من المصريين. وصولا إلي اعلانات الفقر التي تراجع أسلوب تقديمها وتم تخفيفه من خلال الفنانين الذين يذهبون إلي هؤلاء ويستعرضون حياتهم "اعلان دلال عبدالعزيز" ليبلوغنا - نحن الذين نري ونسمع - بأن حصول هذه الأسرة علي المياه النقية يحتاج ألفين من الجنيهات. بينما تحتاج الحاجة فاطمة التي يذهب إليها عمرو سعد إلي مساعدات أخري! وقد خفف المعلنون هنا علينا باستبدال الرجال والنساء الكبار بالأطفال. وفي صورة أخف وألطف من السنوات الماضية كذلك الطفل الجميل الذي يتحدث عن نفسه وتلك الطفلة التي تأخذ الناس بالأحضان بعد شفائها من مرض القلب.. وغيرها أمور استجدت في اعلانات المساعدة كاعلانات التبرع بالملابس واعلانات المساهمة في وجبات للمحتاجين والتي أصبح محمد هنيدي عنوانا لها هذا العام ومن المفارقة هنا انه بفضل هذه الاعلانات أصبح يظهر علي الشاشات أكثر بكثير من ظهوره لو كان قد قدم مسلسلا من المسلسلات. اضافة إلي انه في المسلسل يمثل لكنه هنا يغني أيضا. رونالدو.. وطلته * أخيرا.. نأتي إلي الاعلانات الدعائية الصريحة والتي تقفز معنا ومع "الريموت" من قناة لأخري بما فيها من وجوه شهيرة وأغنيات لتذكيرنا بأهمية الذين مولوها مثل اعلانات شبكات المحمول التي ضمت شيرين عبدالوهاب وتامر حسني وعمرو يوسف وكندة علوش "والأخيران كانا بطلي اعلان آخر استغلالا لقصة زواجهما" كذلك... لم ترفض نجمة كبيرة بحجم ليلي علوي اعلان عن شركة أجهزة وأدوات منزلية.. فهل مجرد التواجد وسط مهرجان العام الدرامي هو السبب؟ وهل توجد رسالة أبلغ من تلك التي قدمها لنا نجم الكرة العالمي رونالدو عبر اعلان يقدمه في مصر وهو يداعب الأطفال.. في الشوارع وينطق في النهاية جملة عربية بدت كأنها هيروغليفية علي لسانه عن الشركة صاحبة الاعلان. طلعت حرب راجع * اعلان واحد فقط ايجابي.. جديد يبث الأمل عند شباب كثيرين يبحثون عن فرص عمل. الاعلان لجأ إلي الماضي للأسف في صياغته حين يقول لنا ان "طلعت حرب راجع" وهو يقصد النهضة التي أحدثها طلعت حرب زمان.. مع ان المسئولين عنه وعن بنك مصر يقدرون علي صياغة أفضل وأكثر عصرية لأن مخاطبة الناس فن.. وكنت أتمني لو كان هذا الاعلان أقوي وأكثر بلاغة في مواجهة اعلانات كالطوفان عن السلع الجديدة التي تفوق ما عندنا في البيوت. وبأسلوب لا يركز علي أهمية الابتكار وإنما الانتقاص من الأجهزة الموجودة اضافة للخيال الدرامي العالي للعديد من صناع هذه الاعلانات والذين وجدوها فرصة علي ما يبدو لتقديم تمثيليات قصيرة تسبق اعلاناتهم وأخيرا اعلانات المساكن الجديدة الخاصة جدا والتي يحرك ساكنها الأرض والجراج والجدران بريموت كنترول.. وهي اعلانات خاصة وليست عامة في تقديري ومكانها ليس هنا وإنما نشرات اقتصادية خاصة لأصحاب الملايين من المصريين.. وليس الملاليم. مسلسلات الغضب * في مسلسلات هذا العام.. والتي لم نري غير حلقات ثلاث منها تنوع واضح في أفكارها.. وقصصها.. وفي أساليب التقديم أيضا الذي يميل لاستعراض عضلات المخرج وفريق العمل وقدرة المنتج علي الدفع بالمزيد من العناصر الفنية في مفردات الصوت والصورة والحركة والألوان لتقديم عمل مشوق. قادر علي جذب المشاهد بأجياله. خاصة هؤلاء المغرمين بالأكشن وفي هذا الإطار تأتي مسلسلات "الحالة الأمنية" معبرة عن هذا التوجه بداية من مسلسل "وضع أمني" للمخرج مجدي أحمد علي والمؤلف حسين حمدي والذي يقدم قصة هجوم واقتحام مستشفي والاستيلاء عليها من قبل شاب ساخط "عمرو سعد" ومسلسل "أرض جو" الذي يقدم أيضا قصة خطف طائرة مصرية في الجو بواسطة شاب لا يؤكد المسلسل انه إرهابي. ولكن شقيق إحدي المضيفات "غادة عبدالرازق" وفي مسلسل "ظل الرئيس" بطولة ياسر جلال مؤامرات تتوالي من الحلقة الأولي ضد رجل أعمال فيقتل طفله وزوجته وفي الحلقة الثالثة يقتل شريكه "محمود الجندي" والبقية تأتي وهكذا تبدأ دوائر العنف من الحلقات الأولي لمسلسلات أخري مثل "الحالة ج" تأليف فايز رشوان واخراج حسين شوكت والذي يأتي العنف فيه من خلافات عائلية. أما "طاقة نور" الذي يقوم ببطولته هاني سلامة الأكثر ظهورا في الحلقات الثلاث الأولي في دور الرجل الذي يخلص الحقوق الضائعة بسبب عدم تطبيق القانون بكل الطرق! وبالطبع فإن كل هذه القصص والبدايات سوف يضاف إليها الكثير من الخطوط في الحلقات القادمة. لكن البداية واختيارها جزءا أساسيا من رغبة صناعها في اجتذاب جمهورهم الكبير.. وبالتالي أصبحت قضية علاقة المواطن بالحصول علي حقوقه سببا لصراعات المسلسلات.. ومن اللحظة الأولي. كلابش.. قصة ضابط شرطة * ضمن الأعمال الجديدة المبشرة. هذا المسلسل للكاتب باهر دويدار الذي قدم من قبل عملين جيدين هما "حق ميت" و"الميزان" والمخرج بيتر ميمي الذي قدم منذ شهور مسلسله "الأب الروحي" وبطله ضابط شرطة شجاع. لا يتورع عن الدخول في أصعب المواقف التي تهدده "أمير كرارة" حتي لو تجاوز وهو ما يعرضه للإيقاف والعقاب.. الحلقات القليلة تميزت بايقاع سريع ودخول واضح في قضية رجل الشرطة وردود الأفعال حول مهمته.. وأيضا التربص به من قبل الذين يقبض عليهم. الزئبق.. وملفات المخابرات * المسلسل الوحيد الذي يقدم قصة حول الصراع بين المخابرات المصرية والإسرائيلية هو "الزئبق" الذي كتب له المعالجة الدرامية مخرجه وائل عبدالله وشارك في الحوار مع وليد يوسف وتبدأ أحداثه من أحد أحياء القاهرة الشعبية بالبطل "كريم عبدالعزيز" وسط أسرته ومحاولاته للبحث عن عمل حتي يسرق الموتوسيكل الذي يمتلكه وحين يذهب لاستعادته من طه يفاجأ بمن اختاره للعمل معه "شريف منير" ويقع "عمر" في حيرة بالغة قبل أن يوافق حتي الحلقة الثالثة في اطار عمل سريع الايقاع جري التصوير فيه في أماكن عديدة كاليونان ولبنان ويضم ممثلين كبارا من مصر ولبنان وحتي العراق اضافة إلي عناصر فنية لامعة كمدير التصوير مصطفي فهمي والمونتير أحمد يحيي والمؤلف الموسيقي مودي الإمام. الحساب يجمع * في دائرة المشاهدة أيضا ثلاثة مسلسلات تنتمي لما نسميه "شريحة الحياة" هي "الحساب يجمع" للمخرج هاني خليفة بطولة يسرا في دور نعيمة الخادمة التي تعول شقيقاتها وابن شقيقها الراحل و"رمضان كريم" الذي يطرح علينا صورة لشارع في حي شعبي بكل ما فيه من زحام وعلاقات ومحبة وتجاوزات وأحلام يبرع في تقديمها المخرج سامح عبدالعزيز والمؤلف احمد عبدالله وعدد كبير من الممثلين ومسلسل "الحرباية" الذي يقدم صورة أخري للحي أو المنطقة الشعبية. أكثر تفككا ويسيطر عليها البلطجية لفرض قوانينهم خاصة علي "عسلية" الجميلة بأداء هيفاء وهبي وأختها الكبيرة "دينا" ومن هذه النوعية من الأعمال مسلسلات أخري لا يتسع المجال لمتابعتها. عفاريت عدلي علام * لأول مرة في تاريخه يقوم عادل إمام بدور موظف في دار الكتب وقاريء نهم يجلس في وسط مكان تفوح منه رائحة العراقة والثقافة في مقابل حياة أخري - عائلية - مع زوجة تؤمن بالجن والعفاريت "هالة صدقي" وتبدو من خلال الشعر والماكياج والحركة والنطق كأنها أمنا الغولة مما يدفع الزوج إلي تذكر الماضي وحبه القديم لفتاة ماتت فيذهب لمدفنها مع صديقه توفيق "كمال أبورية" لقراءة الفاتحة حتي تهل عليه عفريتة جميلة "غادة عادل" في الحلقة الثالثة في نص ليوسف معاطي واخراج رامي إمام يطرح أوراقا كثيرة مبكرا أمامنا قبل أن يعالجها طوال الحلقات القادمة. "عفاريت عدلي علام" للآن لا يقدم ضحكات كثيرة كعادة أعمال عادل إمام ولكن اعمال أخري غيره تقوم بعض الضحكات في اطار حلقاتها الأولي مثل "هربانة منها" لياسمين عبدالعزيز في حلقات منفصلة و"خلصانة بشياكة" الذي يلفت النظر بشدة من خلال الصورة والملابس والحركة والمجاميع.. فقط و"لمعي القط" ومحاولة محمد إمام التواجد كبطل أساسي وحده يفجر ضحكات المشاهد ويحظي باهتمامه في عمل من اخراج عمرو عرفة. حلاوة الدنيا * يفاجئنا مسلسل "حلاوة الدنيا" من حلقته الثانية بمعرفة البطلة "هند صبري" بأنها مصابة بسرطان الدم "لوكيميا" وان خطة حياتها وزواجها قد تنهار في اطار خطوات جديدة يشرف عليها بالحاح عمها الطبيب "مصطفي فهمي" وفي اطار موقف صعب يبدأ به كاتب العمل تامر حبيب حلقات ممتدة لقضية انسانية قد تواجه أيا منا وفي مسلسل "لا تطفيء الشمس" المأخوذ عن رواية الكاتب الكبير احسان عبدالقدوس الشهيرة. يعود المؤلف الكبير إلي رعاية جيل جديد من مؤلفي التليفزيون كما حدث من قبل في مسلسلين هما "طريقي" "وجراند اوتيل" وبالاشراف علي كتابة السيناريو والحوار للكاتبتين سماء عبدالخالق وانجي القاسم واللتين وضعتا الرؤية ايضا للعمل بينما اخرجه محمد شاكر خضير وفي حلقاته الأولي محاولة لخلق صورة لمناخ عائلي في الستينيات بروح أيامنا هذه وأيضا مفرداتها وصورة مكررة حرفيا لنجم العمل محمد ممدوح من صورته في "جراند أوتيل". واحة الغروب * وتبدو العناصر الفنية في عدد من المسلسلات قوة جذب مهمة في تتبعها بجانب عنصر الكتابة مثل "الجماعة 2" للكاتب الكبير وحيد حامد والمخرج شريف البنداري و"لأعلي سعر" تأليف مدحت العدل واخراج محمد العدل اللذين قدما من قبل معا "حارة اليهود" و"هذا المساء" عن قصة واخراج تامر محسن مخرج "تحت السيطرة" و"بدون ذكر أسماء" ثم "واحة الغروب" المأخوذ عن رواية الكاتب الكبير بهاء طاهر التي حصلت عام 2008 علي الجائزة العالمية للرواية العربية والتي تدور حول العلاقة والصراع بين الشرق والغرب وكيف يحاول الغرب النفاذ إلي الشرق بكل الوسائل سواء العسكرية أو الثقافية في وقت لا يدرك فيه الكثيرون من أهل الشرق مكامن قوتهم وهو ما نراه في الحلقة الأولي من المسلسل - التي تدور أحداثها عام 1884- إبان ثورة عرابي علي الأتراك والقصر والانجليز وتجمع انصاره من الضباط لصد المراكب الحربية الانجليزية التي تقترب من الساحل المصري عند موقع رأس التين بالاسكندرية وتصور المخرجة كاملة أبوذكري هذه الواقعة بأسلوب فني بديع ينتهي بهزيمة المصريين ثم هزيمة عرابي وبحث مسئولي الجيش من الانجليز عن انصاره وبينهم بطل الرواية والمسلسل الضابط "محمود عبدالظاهر" الذي يقوم بدوره خالد النبوي في اطار دراما شخصية نفسية تمتزج مع دراما الوطن بكل ما فيها من ملامح صاغتها الكاتبة مريم نعوم حتي منتصف المسلسل أي 15 حلقة قبل ان تكملها كاتبة أخري هي هالة الزغندي وفقا للتيترات وبرغم ما تتيحه الرواية من مساحات لوصف المكان والزمان إلا ان المخرجة استطاعت التعبير عن هذا مع فريق عمل مبدع استطاع جذب الانتباه للمكان والألوان والتصوير وادارة الممثل فبدت منه شلبي في ظهورها بالحلقة الثالثة في دور "كاترين" الايرلندية القادمة وراء شغفها بالحضارة المصرية بدت منه مختلفة تماما وكأنها ولدت من جديد في هذا الدور وفي هذا العمل المختلف عن كافة الأعمال الأخري.