بداية.. لابد أن نعبر عن تقديرنا لمجلس النواب.. مهما اختلفت نظرتنا تجاه أداء بعض أعضائه.. أو تجاه بعض معالجاته لما يواجهه من مشاكل وقضايا.. وحتي وان لم يتفق بعضنا مع بعض ما يصدر عنه من قرارات أو حتي قوانين.. أو ما يسكت عن اتخاذه أيضاً من قرارات.. أو ما يسارع إلي اتخاذه من قرارات.. أو ما يتجاهله من أحكام.. هذا كله في جانب.. واحترامنا للمجلس جانب آخر.. لماذا هذه المقدمة؟.. أقولها قبل أن أسجل اعتراضي.. وربما اعتراض غيري أيضاً علي العصبية التي تدار بها بعض القضايا من حين لآخر.. وكان هناك من يهوي اثارة المشاكل. أو ادخال المجلس في صدام مع جهات أو طوائف أو سلطات أخري.. حق المجلس في التشريع لا ينكره أحد.. ولكن أي حق يقابله واجب.. أو يسبقه واجب.. وقد تجاهل المجلس أو بعض أعضائه هذا الواجب في تشريعين وربما ثالث أيضاً.. أحدهما صدر بالفعل والثاني علي وشك الصدور.. إن لم نضع كل المحاذير حوله في الحسبان.. أما الذي صدر.. فقد تمنينا علي الرئيس ألا يوقعه.. ونحمد الله انه لم يوقعه حتي الآن.. ونأمل أن يعيده إلي المجلس.. وقد أثار هذا القانون الداخل والخارج.. لأسباب مختلفة. حسب من أضير به.. ولكن المشكلة انه أضر بكل العاملين بالعمل التطوعي.. وفرض عليهم قيوداً لم تكن في القوانين التي تخلينا عنها منذ سنوات.. وكان الهدف في البداية دكاكين حقوق الإنسان.. والدكاكين التي تسعي إلي التمويل الأجنبي.. ولكن الأثر السلبي تخطاها إلي الجميع.. بعد أن أثري معظم أصحاب هذه الدكاكين وتحولوا من معدمين إلي أصحاب ملايين.. وكان لابد للقضاء علي هذه الظاهرة من الاسراع بإصدار قانون ينظم هذا الأمر.. وأعدت الحكومة مشروع قانون جري عليه حوار مجتمعي واسع.. ثم جاء أحد أعضاء المجلس ليقدم مشروعاً غيره.. ودون أن يمر بحوار واسع كما فعلت الحكومة. ثم اقرار القانون.. ليحدث ضجة بين الجميع.. من كان القانون موجهاً اليهم.. ومن كانوا خارج إطار الشبهات.. الكل أصبح مشبوهاً.. أما ذاك الذي لم يصدر حتي الآن.. ونأمل ألا يصدر.. فهو يبشر بأزمة جديدة تلوح في الأفق.. بل أصبحت قاب قوسين أو أدني.. بين السلطتين التشريعية والقضائية.. ذلك هو مشروع القانون المقترح لتعديل أسلوب اختيار رؤساء الهيئات القضائية بالاختيار بين ترشيحات هذه الهيئات بدلاً من الأقدمية المطلقة.. في اختيار رئيس كل من هذه الهيئات ليصدق علي الاختيار رئيس الجمهورية.. وطبقاً لما نص عليه الدستور من استطلاع آراء المجلس الأعلي للقضاء وباقي المجالس العليا للهيئات القضائية.. فقد تم الاستطلاع بالفعل.. فجاءت آراؤها جميعاً وبالإجماع رافضة لمشروع القانون المقترح.. وبدلاً من أن نسمع ان المجلس سيضع آراء السلطة القضائية موضع الاعتبار.. قرأنا تصريحاً مثيراً للنائب صاحب مشروع القانون يقول ان هذا الرأي غير ملزم للمجلس.. ويفسر ذلك بأن الدستور نص علي أخذ رأي الهيئات القضائية.. ولكنه لم ينص علي الزام المجلس بهذا الرأي.. !! ما معني هذا؟.. اننا نستشف من هذا نذر صدام محتمل نحن في غني عنه تماماً.. انه يعني ان النائب المحترم يريد أن يمضي المجلس في فرض هذا القانون علي السلطة القضائية.. رغم رفضها له.. ودون موافقتها.. فهل هذا هو ما سيسعي اليه مقدم المشروع؟.. وهل هذا هو ما سينتهي اليه الأمر في المجلس؟ إذا كان هذا هو السيناريو المحتمل للأزمة الجديدة.. فنحن أمام صدام محتمل.. بالفعل.. وتهديد بالغ الخطر للاستقرار المنشود للوطن.. الذي يحتاج إلي التقاط الأنفاس.. في مواجهة الأزمات المتتالية في كل مناحي حياته.. ويبحث عن الهدوء والتوافق بين كل أطيافه ومؤسساته وسلطاته.. يبقي أن نقول ان المشرع عندما أدرج في الدستور مادة تلزم المجلس بأخذ رأي السلطة القضائية في أي مشروعات قوانين تخصها. لم يدر بخلده علي الاطلاق ان هذا الرأي غير ملزم.. وإلا ما دعا إلي أخذ هذا الرأي.. وان نقول أيضاً ان القضاة لم ينسوا بعد ما فعلته عصابة الإخوان الإرهابية مع القضاء ولا تعديهم عليهم واقالتهم للنائب العام وتعيين النائب العام الملاكي والإعداد لمشروع قانون يؤدي إلي فصل ثلاثة آلاف قاض.. نرجوكم.. لا تكرروا ما فعله الإخوان مع القضاة.. !!.. نرجوكم نريد قدراً أكبر من الحكمة.. ولا داعي للاندفاع.. إلي إحداث شرخ جديد مع القضاة.. ومع المجتمع كله.. ومع الأزهر أيضاً في ذلك المشروع الذي يروجون له أيضاً بتحديد مدة شيخ الأزهر؟!!