** أدرك محمد علي كلاي مبكرا ان الحياة لاتستقيم بدون إرادة الخالق العظيم رب العالمين. وأن كل ما حققه من مجد وانتصارات اهتزت لها الدنيا بأسرها لن تمد في عمره دقيقة واحدة. ولذا قرر وهو في أوج مجده أن يعلن اعتزاله رياضة الملاكمة. وقد كان ملكا متوجا علي عرضها. وحينما دعا إلي مؤتمره الصحفي الشهير ليعلن اعتزاله. وهو بعد لم يبلغ العقد الرابع من عمره. لم يتوقع أحد من الصحفيين ومراسلي وكالات الأنباء مثل هذا القرار الاخطر في حياة بطل العالم ورياضي القرن العشرين. وكان طبيعيا ان يسأل كلاي عن سيناريو حياته ما بعد الاعتزال.. ماذا سيفعل بعد أن ودع الحلبة..؟ وكم كانت اجابته مدهشة ومثيرة للجدل لغير المسلم. فاجأ محمد علي كلاي الحضور بقوله: "سوف أستعد للقاء الله".. وبعد ثلاث سنوات من قرار اعتزاله اصيب محمد علي كلاي بمرض الشلل الرعاش المعروف باسم: "داء باركنسون" الذي حال بينه والتواصل مع المجتمع والناس منذ منتصف الثمانينيات وحتي عام 2005 عندما تدهورت حالته الصحية وبدأ العد التنازلي للحياة الدنيا. واذا كان المشاهير والساسة ونجوم المجتمع يصابون بالاكتئاب عندما يحاصرهم المرض ويحرمهم من الأبهة والاضواء فان الملاكم المسلم الامريكي كان متصالحا مع نفسه للغاية. وامتثل لارادة الله وقرر يهب ما تبقي من سنوات عمره لله تعالي. ليس بالعبادة وحدها ولكن بكل ما افاض به الله عليه من نعم متعددة..! ** قرر محمد علي كلاي ان يستجيب لنداء الحقيقة والحق المنبعث من داخله لنصرة دين الله الحنيف والمضي في دعوة الامريكان عموما. والزنوج منهم علي وجه الخصوص لاعتناق الاسلام. فإذا به يتصدي لتصحيح الصورة المشوهة التي رسخت في أذهان الغرب عن الاسلام والمسلمين. وصدق أو لا تصدق فقد حول الرياضي - الداعية - قصره في قلب الولاياتالمتحدةالامريكية الي جامع ومدرسة لتعليم القرآن وخصص دخله الذي يتجاوز مائتي مليون دولار للانفاق علي المشروعات الخيرية التي تصب في خدمة فقراء المسلمين وفي اعقاب اعتناقه الاسلام أعلن امام ملايين المشاهدين من جمهوره ومن غير جمهوره بمنتصف ستينيات القرن الماضي عزمه علي نصرة دين الله. ونطق بالشهادتين علي الهواء مباشرة واعلن تغيير اسمه من : Cassius Marrcellus clay الي "محمد علي كلاي" ولم يلتفت البطل الاسطورة الي ثورة بلاده عليه وعندما صدر قرار تجريده من "بطولة العالم" لم يعبأ بانفضاض الملايين من حوله خاصة بعد رفضه المشاركة في حرب فيتنام قائلا: ان هذه الحرب ضد تعاليم القرآن واننا كمسلمين ليس من المفترض ان نخوض حروبا الا اذا كانت في سبيل الله ورسوله وعندما اكدت لها مصادر عليا انه لن يشارك فعليا تيقن أن بلاده تريد استغلال اسمه في هذه الحرب الظالمة وتمسك أكثر بموقفه واسلامه مؤكدا ان اتجاهه نحو الاسلام كان أمرا طبيعيا يتفق مع الفطرة. ** آخر الكلام : - لعل الانجاز الأعظم الذي قدمه البطل الاسطورة محمد علي كلاي "1942-2016" للبشرية هو اسهامه في اعتناق اكثر من مليوني أمريكي الاسلام علي يديه خاصة من الزنوج ولست في حاجة الي الحديث عن انجازاته التاريخية في مجال رياضة الملاكمة. المتمثلة في فوزه ببطولة العالم لملاكمة المحترفين للوزن الثقيل ثلاث مرات ما بين منتصف الستينيات ومنتصف السبعينيات خاصة البطولة الاولي عندما فاز علي منافسه سوني ليستون في مباراة تاريخية بالضربة القاضية في الجولة الاولي. وما ادراك بتلك الضربة القاضية فقد وصفتها وسائل الاعلام بأنها تعادل في قوتها نصف طن والي جانب سجله الحافل بالاعمال الخيرية لدعم مسلمي أمريكا. ترك محمد علي كلاي مذكراته الصادرة بعنوان : "روح الفراشة" وفيها تتجلي فلسفته الحياتية بعد ان انار الاسلام عقله وقلبه ودعونا نتأمل بعض سطورها: * اذا سألتني بمن اود ان التقي..؟ سأجيبك علي الفور: بالنبي محمد صلي الله عليه وسلم. * إذا ساعدنا الاخرين أكثر ساعدنا أنفسنا بالفعل. * السقوط داخل الحلبة كالسقوط خارجها. لاعيب ان تسقط أرضا. بل العيب ان تبقي علي الأرض...!