ينتشر آلاف الاشخاص فوق لوحات المفاتيح لنشر الدعاية الموالية للحكومات علي مواقع وسائل التواصل الاجتماعي وتدبير الخدع علي الانترنت كل يوم. يعمل هؤلاء الافراد في وظيفة اصطلح علي تسميتها في بعض الدول باللجان الالكترونية لكنها معروفة منذ زمن طويل باسم ¢مزارع المتصيدين¢ وهي كنية للأشخاص الذين يقومون بنشر دعاية تغلب عليها الكراهية علي شبكة الانترنت. مزارع المتصيدين ونقلت صحيفة فاينانشال تايمز عن أدريان تشن. الذي زار ¢مزرعة للمتصيدين¢ في وكالة أبحاث الإنترنت أثناء إعداد تقرير لصحيفة نيويورك تايمز قوله إنه يعتقد أن اللجان الالكترونية الروسية تضم المتصيدين الأكثر تنظيما. لكن الصحيفة تري في تقريرها أنها مع ذلك ليست فريدة من نوعها حيث انتشرت ظاهرة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي لتشويه الجدل السياسي في جميع أنحاء العالم. وفي روسيا نفسها كما يري تشن قد لا يقتنع مستخدمو الإنترنت بما يبثه المتصيدون من تدوينات علي الانترنت لكن ذلك لا يهمهم فكل ما عليهم هو زرع بذور الشك في المناقشات الجارية عبر الإنترنت فالهدف من صب الماء البارد علي وسائل التواصل الاجتماعي هو تثبيط الجمهور وتشتيته بدلا من أن يجتمع في مناقشة صريحة قد تقوده الي رأي عام موحد. والنتيجة الحتمية لهذا التأثير الأكثر مكرا هو جعل الإنترنت مصدرا غير موثوق به للمعلومات وتقويض الطابع الديمقراطي للانترنت وهذا بالطبع لصالح الحكومات. قمامة الإنترنت واوضح الصحفي الامريكي أن تلك اللجان الالكترونية تعمل في المكسيك والهند بطريقة مشابهة. ونفس المبدأ ينطبق علي شبكة الكترونية تحمل اسم جيمر جيت. تأسست لمكافحة الاساءة ضد السيدات في ألعاب الفيديو. والتي ظهرت في عام 2014 مشيرا الي أنه يمكنك بسهولة أن تغرق الإنترنت بهذه القمامة في محاولة لشغل معارضيك علي حد وصفه. تدير الصين أيضا جيوش الدعاية الخاصة بها وتراقب ما ينشره الناس علي الانترنت لمعرفة كيف يفكر الجمهور ويغير رايه إزاء اي شيء. وفي الوقت نفسه أصبحت جماعة مثل إيزيس تتمتع بخبرة كبيرة في خلق حسابات مجهولة الهوية تستخدم لنشر الدعاية وتجنيد الإرهابيين المحتملين وحالما تغلق ادارة فيسبوك وتويتر هذه الحسابات تظهر غيرها فورا. وعندما ظهرت وسائل التواصل الاجتماعي في البداية بدت وكأنها تعطي الجميع القدرة علي بث الآراء الجماهيرية. مما يعني أن مجموعة واسعة من الأصوات يمكنها أن تجد آذانا صاغية من وسائل الإعلام التقليدية مثل المحطات التلفزيونية او الاذاعية. منابر مناقشة المواطنين ونجح السياسيون مؤخرا في بناء تواجد هائل علي الشبكات الاجتماعية. يوفر لهم وسيلة سهلة تمكنهم من الوصول إلي الناخبين مباشرة فالرئيس الامريكي باراك أوباما لديه أكثر من 68 مليون متابع علي تويتر. في حين أن رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي لديه أكثر من 17 مليون متابع. ولكن المشاركة في النقاش السياسي مع المواطنين لا تزال نادرة بحسب ما يقول كريستيان فوكس. مدير معهد البحوث في جامعة وستمنستر للاتصال والإعلام مشيرا إلي أن أوباما استخدم حسابه الشخصي علي تويتر لتعزيز المنافسة في الانتخابات التمهيدية الرئاسية قبل رحلته إلي ولاية ألاسكا في الشهر الماضي. قال كريستين فوتش مدير معهد الاتصال والاعلام في جامعة ويستمنستر إن ما نفتقده اليوم إلي حد كبير هو وجود ساسة مبدعين لديهم قدرة علي الابتكار في وسائل التواصل الاجتماعي سياسيا تمكنهم من استغلال امكانية إشراك المواطنين في المناقشات السياسية مع بعضهم البعض واستكشاف تعقيدات التحديات السياسية الرئيسية التي يواجهها العالم اليوم. وبحسب وصف نيك انستيد أستاذ مساعد في قسم الإعلام في كلية لندن للاقتصاد فإن جزءاً من أسطورة وسائل التواصل الاجتماعي هي أنها وسيلة للوصول إلي الجماهير الكبيرة مجانا. وقال عندما كان الناس ينظرون الي الإنترنت ووسائل التواصل الجديدة كانوا يعتقدون بأنها ستغيير ديناميكيات القوة وستؤدي إلي إعادة توزيع النفوذ لكن من الواضح الآن أن ازدهار وسائل التواصل الاجتماعي اجبر السياسيين أن يكون لديهم قدرة علي الوصول الي مجموعة كبيرة من المؤيدين ولكن أيضا عليهم الوصول الي المال. الدعاية الانتخابية وفي سباق الانتخابات الرئاسية الأمريكية لعام 2008. شهدت حملة أوباما نجاحا باهرا في استخدام القاعدة الشعبية الكبيرة من انصاره لنشر رسائل علي الانترنت لكنه انفق 10% من الميزانية الإعلامية مقابل اعلانات علي الانترتت. من جانبه أكد أندرو هيوارد. خبير في المختبر الاعلامي في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا. أن استراتيجيات السياسيين تغيرت لتواكب وسائل الإعلام الاجتماعية بطريقة تشبه تماما العلامات التجارية الكبري مشيرا الي أن أكبر مثال علي ذلك هو المرشح الجمهوري في الانتخابات الحزبية الممهدة لانتخابات الرئاسة الامريكية دونالد ترامب. واضاف أن ترامب حرك الكثير من الأمواج الدعائية عبر وسائل التواصل الاجتماعي والتي بدورها جذبت تغطيات الاعلام التقليدي من صحافة واذاعة وتليفزيون ليحظي بتغطية خيالية عززت قدرته علي المنافسة. ويحلل هيوارد السباق الانتخابي من خلال أداة تحليله جديدة تحت مسمي ¢سباق الخيل للأفكار¢ في الولاياتالمتحدة. وأظهرت الدراسة أن هناك رجع صدي عكسي بين مناقشة العديد من الموضوعات المدرجة علي وسائل التواصل الاجتماعي بداية من موضوعات الأمن القومي الي الهجرة يظهر مباشرة في الإعلام التقليدي والعكس بالعكس.. ويتوقع هيوارد لهذا السبب أن الشبكات الاجتماعية يمكن أن تصبح في الواقع ¢صالة اجتماعات افتراضية للمدينة¢ والمرشح الاقوي لذلك هو تويتر علي الأقل. واختتم قوله إنه عالم جديد شجاع لكنه في الواقع ممتلئ بالمفارقات فعلي الرغم من أنه يستفيد من التكنولوجيا الحديثة والمتطورة. لكنه ردة إلي ما كان الآباء المؤسسون للولايات المتحدة يفكرون فيه وهو مشاهدة محادثات المواطنين علي الهواء مباشرة!.