ربما بحكم السكن.. واعتياد الرؤية. كنت أتابع لسنوات طويلة ما يحدث لترام ألماظة أو مترو ألماظة. كما يحلو للأفندية أن يطلقوا عليه. تابعت تقلص المدي الذي يصل إليه.. وما أصابه من حسد امتزج بقلة بخت.. بعد إنشاء الكوبري العلوي فوق محطة مترو حلمية الزيتون "قطار كوبري الليمون سابقاً".. استولي مجهولون علي مساره. اختزلوه إلي قضيب واحد من أسفل الكوبري حتي ترعة الإسماعيلية.. ومخزن الزاوية الحمراء.. بعد إقصاء الترام القديم من شارع بورسعيد.. وبات يعاني من فوضي الركاب.. مع مدخل مصر الجديدة حتي ألماظة.. بعد اختزال مساره القديم إلي مدينة نصر والدراسة. كل الدلائل أشارت إلي التخلص التدريجي من مترو ألماظة.. وازدادت الاستحالات مع تراجع مترو مصر الجديدة بخطوطه "عبدالعزيز فهمي- النزهة- الميرغني" مع تشغيل الخط الأول لمترو الأنفاق. وقرار محافظ القاهرة كبح جماح المترو عند كوبري الليمون.. ودفن "قيل إنه مؤقت" للقضبان الممتدة في مسار مستقل تحت كوبري أكتوبر. وحتي محطة الشهيد عبدالمنعم رياض.. وقال المحافظ إنه إجراء مؤقت لتنظيم شارع الجلاء. وفض اشتباك المركبات الأخري.. وتكدسها في طريقها إلي محاور التحرير وقصر العيني والعتبة. حيث سبقها إلغاء الترام بطل أفلام الأربعينيات.. والأعمال الدرامية التي اعتمدت علي مسار من السيدة زينب حتي شبرا.. وأحياناً إلي الأميرية.. ومن أجلها حظي نموذج الترام بمكانة ملحوظة في استوديوهات الإنتاج الإعلامي.. وكان من مكونات الحي الشعبي.. وأيضاً الإسكندرية. حيث محطة أوبرا في مسلسل الفخراني وحنان ترك الشهير "أوبرا عايدة". 1⁄4 المهم.. بدلاً من تقوية إمكانات الترام.. "المترو" والحفاظ علي مساره. وامتداده إلي الأحياء الجديدة بالمحروسة.. نسينا تماماً الدور الأساسي الذي لعبه المترو في ازدهار ضاحية مصر الجديدة علي يد الخواجة إمبان.. حيث يمكن إجراء القرن الماضي.. عن اشتراكات مجانية لسكان الضاحية ضماناً للسكن فيها.. بالإضافة إلي المسار المستقل الذي يعني عدم التسبب في أي أزمة مع وسيلة نقل أخري.. وهو وسيلة مواصلات صديقة للبيئة.. من خلال عمله بالكهرباء.. ولم نسمع عن أي مشكلة. سوي العطل الناتج أحياناً عن سقوط الشبكة الهوائية.. الأمر الكفيل بإصلاحه الكمساري.. وربما أخطرها ما وقع مؤخراً في الإسكندرية أثناء نوة المكنسة عندما سقطت شبكة ترام الثغر المطور.. لينتقل التيار الكهربائي عبر مياه المطر.. ويتسبب في مصرع 3 من أبناء الثغر. ولنعد لموضوعنا. مترو ألماظة.. الذي قاوم المصير المحتوم.. ونجح في الحصول علي لقب صديق الطلبة والعمال.. الذين ارتبطوا بعلاقات حميمة مع السائقين والكمسارية. وتوصل الجانبان لتفاهم مشترك.. يقضي بالوقوف في غير المحطات.. وربما وجد العشاق في خدمة المترو.. مكاناً رائعاً للحب ومناقشة أحلام المستقبل.. وارتفعت بالتالي الأصوات مطالبة بتأهيل مترو مصر الجديدة ككل.. والحفاظ علي هذا التراث الجميل. كما تفعل الدول المتقدمة الأخري.. وارتفعت هذه الأصوات مع نجاح متواصل لخطوط مترو الأنفاق.. التي وصلت إلي ثلاثة حالياً.. تمهيداً لاكتمال التصور العلمي لمسار المترو في الدول الأخري.. وسمعنا عن امتداد مقترح للمدن الجديدة القريبة من العاصمة.. مثل أكتوبر والعاشر.. وأحياناً الشروق وبدر.. واستثمارات معروضة علي رجال أعمال.. إلخ.. في الوقت الذي خفت فيه صوت شركة مصر الجديدة التي آل إليها امتياز المترو.. ويبدو أن تراجع مشروعاتها السكنية.. قد جعلها تصرف نظر عن تحديث المترو.. الذي تحول إلي ذكريات مُسنة تسيرعلي قضبان.. يستغرب الإنسان من تراجع واضح في مستخدميه ساعة الذروة.. في الوقت الذي يتضاعف فيه الناس علي الميكروباص والميني باص. وحتي التوك توك.. بجوار المحطات.. ناهيك عن شهادة الزحام وكامل العدد الملحووظة بوضوح في جميع الأوقات. ونصل إلي اليوم الذي سمعنا فيه عن احتجاجات عمال شركة مترو ألماظة.. بعد إيقاف ما تبقي من مساره.. ووقع الأمر كدش بارز أيقظنا من أحلام التطوير والتجديد والتأهيل.. وبالفعل يعترض عيوننا.. فك سريع للفلنكات والقضبان والأسلاك.. تلهث المكيروباص والسيارات الخاصة والأجرة. وكل ما يدب علي اتساعها. تستولي علي مكان رائع للانتظار المجاني.. وبالطبع تتباطأ عمليات الفك والنزع.. كلما خرجنا من حدود مصر الجديدة.. إلي حلمية الزيتون والمطرية.. وحتي مخزن الترام.. لا ندري مصير هذه المعدات.. وهل ستباع خردة أو بالمزاد. وكذا المخزن كبير المساحة في قلب المنطقة السكانية بالأميرية. وبداية الزاوية.