أمل كبيرة وحالة من الغضب تسيطر علي أهالي حلمية الزيتون والمطرية، الذين كانوا يعتمدون بشكل مُباشر علي ترام مصر الجديدة في حركة تنقلاتهم اليومية، وبعد اختفاء الترام واستبداله بأتوبيسات النقل العام، شعر أهالي المنطقة أنهم في كابوس، مؤكدين أنهم كانوا يطالبون فقط بتطويره وليس إلغاءه، مشددين علي أنه يُعد وسيلة مواصلات سهلة وصديقة للبيئة، إضافة الي رخص ثمن تذكرته بالمقارنة بسعر تذكرة الأتوبيس. لمصلحة من تم القضاء علي مترو مصر الجديدة؟، ومن سيتحمل الخسائر المادية التي سيُخلفها هذا القرار؟، هذا ما حاولنا التعرف عليه في السطور التالية مدير إدارة النقل: إلغاؤه فضيحة تاريخية وتُسبب خسائر بالملايين مدير إدارة الحركة: يُزيد معدلات الزحام بالوسائل الأخري إلي 60 ألف راكب يومياً تاريخ إنشاء ترام مصر الجديدة يعود إلي العام 1910، حيث أنشئ أول خط بين القاهرة وهليوبوليس بواسطة شركة بلجيكية تُسمي "سكك حديد مصر الكهربائية وواحات عين شمس"، وكان هذا الخط في البداية يعمل بين محطة كوبري الليمون وروكسي بمسافة 7 كيلومترات، وتعمل عليه قطارات بتقاطر كل نصف ساعة، وعدد ركاب لا يزيد علي 4800 راكب في السنة. وفي عام 1951 بدأ تشغيل خط عبد العزيز فهمي، وفي عام 1952 نقل نهاية خط النزهة من محطة عماد الدين إلي شارع الجلاء، وفي عام 1962 أنشئ خط مدينة نصر، وامتد خط الميرغني 1.2 كيلومتر، أما عام 1963 فامتدت الخطوط من الجلاء إلي كورنيش النيل، وفي عام 1972 كانت بداية تشغيل خط (المطرية - الدراسة). وفي بداية التشغيل كانت العربات، التي يعمل بها المترو صناعة بلجيكية، وعددها 27 عربة، وتم زيادتها إلي 23 مركبة بين عامي 1920 و1938 وفي عام 1951 وضعت 12 مركبة في الخدمة وجميعها كانت صناعة بلجيكية. "آخر ساعة"، قامت بجولة رصدت خلالها حركة إخلاء القضبان، وعربات القطارات، وأكشاك السائقين، وناظر المحطة، ورصدت غضب المواطنين، وتعرفت علي ردود أفعال السائقين والموظفين بالهيئة من القرار. البداية كانت علي قضبان محطة المطرية إلي التجنيد، حيث رصدنا مجموعة من الأوناش وهي تقوم بتحميل القضبان والأكشاك، وسط حالة من الغضب انتابت المواطنين الذين تساءلوا عن سبب قيام محافظ القاهرة باتخاذ هذا القرار. محمود متولي، أحد العاملين بالهيئة، قال "لا أحد يعرف السبب الحقيقي وراء إلغاء الترام سوي أنهم يرغبون في الاستثمار علي حساب محدودي الدخل، فإذا كانت الفكرة هي استبدال الترام بالأتوبيسات فلمن تكون المصلحة إذن؟، بالتأكيد لصالح رجال الأعمال، إضافة إلي أن أهالي المنطقة وركاب الترام يرغبون في تطويره فقط، وليس إلغاءه باعتباره وسيلة آمنة ورخيصة الثمن". المهندس نصر السيد حلمي، مدير إدارة شئون حركة الترام، يقول إن الترام يخفف من حدة التكدس المروري في الشارع لأنه يخدم 60 ألف راكب يوميا وخاصة من منطقة المطرية وحلمية الزيتون، علماً بأن الترام وسيلة آمنة وصديقة للبيئة بالمقارنة بالأتوبيسات وعوادمها، التي تصل سعر تذكرتها إلي جنيهين. عند موقف السواح، وأمام القضبان والقطارات، وجدنا كردونا أمنيا يحيط بالمحطة، وتحدث إلينا المهندس طلعت ياقوت، المدير العام لإدارة النقل والحركة، وقال "لا توجد خطة مسبقة لإلغاء الترام، وفجأة تم إعلام المديرين والموظفين بأن هناك قرارات سيادية بإلغاء الترام واستبداله بأتوبيسات هيئة النقل العام دون النظر إلي حجم الخسارة التاريخية لوجود الترام بالقاهرة، بخلاف الضرر المادي الواقع علي المواطنين لأن تذكرة الترام 50 قرشا بالمقارنة بتذكرة الأتوبيس بداية من جنيه إلي 2 جنيه". أضاف، الترام وسيلة رخيصة وآمنة فهي غير مكلفة في الشبكات ولا القطارات، كما أن ميزانية القطارات التي تم تكهينها تصل إلي 5 ملايين جنيه للقطار فمن يدفع ثمن هذه الخسائر، وكان من الممكن أن يتم تطويرها بدل الاستعانة بالأتوبيسات المكلفة ذات العمر الافتراضي القصير بالمقارنة بالترام. المهندسة صافيناز حسن، أحد موظفي الهيئة، أوضحت أن قرار إلغاء الترام لم يكن في الحسبان، وليست له أي خطة موضوعة، فهو فضيحة للهيئة، لما للترام من تراث تاريخي وما يسببه قرار إلغائه من خسائر مادية، إضافة إلي أن الموظفين أصبحوا في حيرة من أمرهم، وسيتم تشتيت الموظفين في الهيئات التابعة للنقل، وهم في جهل عن أمور العمل بها. ميرفت متولي، إحدي الموظفات بالهيئة، قالت إنه بعد إلغاء الترام نستطيع القول إنه بات في طي النسيان، والموظفون حائرون بين القطاعات المختلفة، فكيف لصاحب القرار أن يضع مصلحة المادة فوق مصلحة المواطن؟، لصالح مافيا رجال الأعمال الذين يرغبون في الاستيلاء علي قطاعات الدولة واحدة تلو الأخري عن طريق مشاركة القطاع الخاص بأتوبيسات يتم دمجها للهيئة. شكري أسمر، منسق مبادرة تراث مصر الجديدة، أكد أن قرار إلغاء الترام قاتل نظراً لأهمية خط (المطرية ألماظة)، كما أنه قرار مفاجئ وغريب، متسائلاً "من المستفيد من نزع البنية التحتية من قضبان وكابلات وفلانكات؟"، والأهم المسار نفسه واستبداله بأتوبيسات ملوثة تنقل عددا أقل بكثير من المواطنين، وتسهم سلباً في خلق المزيد من الاختناقات المرورية، إضافة إلي تكلفتها العالية علي خزينة الدولة علي المدي المتوسط، ومن سيعوض 70 ألف مواطن ممن يستخدمون الخط يوميا بتذكرة ثمنها نصف جنيه فقط، في الوقت الذي زادت فيه تسعيرة الميكروباص الموازي عند توقف الخط من جنيه ونصف إلي ثلاثة جنيهات.