من المعروف أن أغلب الدول العربية ومنها مصر تعاني عجزاً كبيراً ومتنامياً في السلع الغذائية. وتغطي هذا العجز عن طريق الاستيراد من الخارج بما يمثله من عبء علي موازين مدفوعات أغلب الدول العربية وزيادة في الطلب علي العملات الصعبة "الدولار" إذ بلغت قيمة الواردات الزراعية نحو 95 مليار دولار منها 80 مليار دولار عبارة عن قيمة المدفوعات لاستيراد السلع الغذائية وحدها. أي أن الفجوة الغذائية العربية تعادل قيمتها 80 مليار دولار سنوياً. رغم الاعتماد علي الإنتاج المحلي في سد جزء من فجوة الغذاء التي تمثل الفارق بين الإنتاج والاستهلاك. وللتغلب علي هذه المشكلة هناك عدة سياسات لابد من إقرارها وتفعيلها للتغلب علي هذا العجز الرهيب من خلال تبني سياسات من شأنها زيادة الإنتاجية الغذائية والإحلال محل الواردات. وتطبيق تكنولوجيا الإنتاج الزراعي الكثيف واستنباط السلالات الانتاجية عالية الإنتاج. وتطوير الجهاز التسويقي. والعمل علي تقليص هدر وفاقد الإنتاج الزراعي. فالاحصاءات تشير إلي أن نسب الفاقد تمثل مؤشرات وأرقاماً مخيفة للغاية. وإذا حاولت الدول العربية تقليص نسب الفاقد. وهو ما يمكن تنفيذه. وعليه فإن هذا الإجراء من شأنه زيادة نسب الاكتفاء الذاتي من السلع الغذائية حتي دون زيادة الإنتاج والانتاجية مع ترشيد سلوك المستهلك العربي ليعتمد علي الكيف أكثر من الكم. فعلي سبيل المثال بلغ إنتاج العرب من الحبوب حوالي 64 مليون طن والفاقد منها 19 مليون طن خلال مرحلة الإنتاج وما بعد الحصاد والتخزين والتوزيع والاستهلاك. أي أن الفاقد من الحبوب حوالي 30%. أما بالنسبة للخضر فالأمر خطير للغاية حيث يقفز الإنتاج حوالي 56 مليون طن والفاقد منه 31 مليون طن أي أن الفاقد يمثل 55% من الإنتاج العربي من الخضر. حتي الألبان ومنتجاتها يبلغ إنتاجها 26 مليون طن والفاقد 5 ملايين طن أي بنسبة حوالي 19% من الألبان ومنتجاتها. وتأسيساً علي ما سبق يظهر جلياً أن السلوك العربي في التعامل مع الغذاء يبتعد كثيراً عن الرشد الاقتصادي إذ أن تقليص نسب المهدر والفاقد من شأنه أن يقرب العرب كثيراً من وضع الاكتفاء الذاتي الكامل لأغلب المجموعات السلعية الغذائية ناهيك عن برامج التكامل الاقتصادي العربي التي تؤدي إلي استغلال الموارد الزراعية العربية أفضل استغلال. "وللحديث بقية عن التكامل الاقتصادي العربي".