حنان البيلى - شاهيناز العقباوى - الطيب الصادق - لن تنجح ثورات الربيع العربى إلا عندما نأكل مما نزرع، وإلا سيبقى مصيرنا فى يد غيرنا، بداهة لابد من الانطلاق منها والتأسيس عليها، ونحن نبحث عن آلية استعادة قرارنا، لذا ستظل فجوة الغذاء العربية المعضلة التى لابد من حلها للوصول إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي من الحبوب بشكل عام، مثلا تستورد مصر نحو 90 %من زيوت الطعام وأكثر من 60 % من القمح، وبنفس النسبة السلبية أو أكثر نجدها فى معظم الدول العربية، مما رفع فاتورة الفجوة الغذائية إلى أكثر من 40 مليار دولار سنويا، كما أن المحاصيل الزيتية التى تشمل الذرة الشامية والصفراء وفول الصويا والسسم وعباد الشمس لها قيمة مضافة بالنسبة للاقتصاد العربى، حيث يمكن إقامة الصناعات الغذائية اعتمادا على هذه المحاصيل، مما يسهم فى توفير العملة الصعبة وخلق فرص عمل جديدة. الوصول إلى تحقيق الاكتفاء الذاتى من الحبوب فى الوطن العربى يتطلب مقومات عدة ، سياسية واقتصادية ومالية وزراعية، فما هذه المقومات? وما معوقات تنفيذها؟ ثمة تضارب فى التصريحات الحكومية الخاصة فى إنتاج مصر من القمح، فما تم الإعلان عنه أننا ننتج نحو 9 ملايين طن من القمح فى العام الماضى، الأمر الذى يعنى أننا نحتاج لاستيراد 6 ملايين طن من القمح من الأسواق العالمية. لكن بورصة شيكاغو للحبوب وكذلك المجلس العالمى للحبوب يعلنان أن مصر تستورد 10 ملايين طن من القمح سنويا منذ عام 2009، إلا أن ما تم توريده للحكومة يصل إلى 2.5 مليون طن من القمح، فأين يذهب بقية الإنتاج؟! هنا يوضح د. نادر نور الدين - الخبير الزراعى - أن المواطن المصرى يستهلك 175 كيلوجراما من القمح فى السنة، يشمل ذلك الرقم احتياجاته من العيش المدعم والعيش الحر والفينو والمكرونة وكل المخبوزات، وبالتالى فإن إجمالى احتياجات مصر تصل إلى 15 مليون طن من القمح. وأشار إلى أنه حتى مع قيام الحكومة برفع سعر توريد الأردب من القمح إلى 370 جنيها، وهو ما يعنى أن إنتاجية الفدان من القمح تصل إلى 2000، فى حين أن المزارع يصرف على الفدان حوالى 3000 جنيه، الأمر الذى يدفع العديد من الفلاحين إلى عدم زراعته. وفى العام الماضى عندما تم رفع السعر إلى 370 جنيها للأردب، كان السوق المصرى ممتلئاً بالقمح الروسى والكرواتى بسعر 250 جنيها للأردب، وحقق أعلى توريد فى تلك السنة ووصل إلى 3.7 مليون طن، وذلك فى حالة عدم وجود منافسة من القطاع الخاص للحكومة. لكى نحقق الأمن الغذائى، فلابد من زراعة 6 ملايين فدان قمح على الأقل ، فالمساحة المحصولية لمصر تصل إلى 7 ملايين فدان، يتم تخصيص 1.6 مليون فدان لزراعة بساتين الفاكهة وقصب السكر والخضراوات، وفى الشتاء تتم زراعة القمح والبرسيم، حيث يتم تخصيص 2.5 مليون فدان لزراعة القمح، فى حين يتم تخصيص 3.5 مليون فدان للبرسيم، وذلك لتلبية احتياجات الثروة الحيوانية فى مصر، والتى لا تزيد على 8 ملايين رأس ماشية بأنواعها المختلفة، وعلى الرغم من ذلك فإن نسبة الاكتفاء الذاتى من اللحوم فى مصر تصل إلى 40%. وشدد على أنه إذا أردنا أن نعمل على إحداث نوع من أنواع التوازن وتحقيق الأمن الغذائى فى إنتاج القمح أن يتم تخصيص 3.5 مليون فدان لزراعة القمح بدلا من البرسيم، مع مراعاة أن القمح يحتاج إلى 2000 متر مكعب من الماء، فى حين أن الأرز يحتاج إلى 6000 متر مكعب، وكذلك الذرة تحتاج إلى 6500 متر مكعب، فى حين أن البرسيم يحتاج إلى 5000 متر مكعب للفدان الواحد. الأمر الآخر الذى يجب التنبه إليه الأراضى تحت الإصلاح، فنحن لدينا 620 ألف فدان فى زمام ترعة السلام، منها 400 ألف فدان فى سيناء، جزء كبير منها صالح لزراعة القمح فورا، وكذلك يوجد لدينا الساحل الشمالى يمكن استغلال موسم المطر، وهذه المنطقة غزيرة بالأمطار فى الشتاء باستثناء شهر إبريل، وكذلك يوجد لدينا 540 ألف فدان فى توشكى ويوجد فى شرق العوينات 250 ألف فدان. فإذا تمت زراعة 4.5 مليون فدان بالقمح، فإننا نقترب من الاكتفاء الذاتى بنسبة 80 - 85 % من احتياجاتنا من تلك السلعة الإستراتيجية. أما الدكتورة أمنية حلمى - المدير التنفيذى للمركز المصرى للدراسات الاقتصادية - فترى أنه لابد من إعادة تخطيط السياسة الزراعية المصرية، لأننا لابد من تحديد سياسة الدعم التى تعطى للمزارعين، فالقمح سلعة إستراتيجية، يجب ألا تترك للأسعار العالمية والتى تتقلب بدورها بسبب التقلبات المناخية، فلابد من توفير مخزون للحفاظ على الأمن القومى، لذلك لابد من تشجيع المزارعين على زيادة إنتاج القمح. ولابد أن توفر الدولة الأمن الغذائى للمصريين من تلك السلعة، فمفهوم الأمن الغذائى هو أن يستطيع المواطنون الحصول على الغذاء وفقا للسعرات الحرارية المناسبة لكل سن ونوع من أفراد المجتمع على مدار العام، لذلك لابد من إعادة الدورة الزراعية وتحديد عدد الأفدنة التى تزرع بالقمح كل عام. وعربيا يوضح الدكتور سعد نصار - الخبير الزراعى - أن الدول العربية يغطى إنتاجها من الحبوب 56 % من احتياجاتها الغذائية، بما فى ذلك القمح والأرز والذرة والشعير. وقد تم عرض برنامج طارئ للأمن الغذائى العربى، قامت بوضعه المنظمة العربية للتنمية الزراعية فى قمة الكويت الاقتصادية عام 2010، ويهدف إلى زيادة نسبة الاكتفاء الذاتى من المحاصيل التى تعانى الدول العربية من نقص شديد منها مثل الزيوت والمحاصيل السكرية واللحوم الحمراء، وقد حددت لهذا البرنامج ميزانية تصل إلى 145 مليار دولار. ونحن فى العالم العربى لدينا ميزة نسبية فى مصر والسودان وتونس والمغرب و الجزائر وسوريا واليمن والأردن والسعودية، وبعد تلك القمة بدأت بعض الدول تعلن عن مساحاتها، ولم يتم تنفيذ هذا البرنامج الذى حدد له مدة خمس سنوات. وللحقيقة الأمن الغذائى العربى مهدد فى المحاصيل الزراعية بنسبة %56، والزيوت بنسبة 34 %، وفى اللحوم الحمراء والألبان والدواجن بنسبة %34، وبالنسبة لمحصول القمح فرن إنتاجه على مستوى العالم يصل إلى 600 مليون طن، ونسبة ما يدخل فى التجارة العالمية يصل إلى 15 % فقط، أى نحو 90 مليون طن، ويعنى ذلك أنه يتم استهلاكه فى أماكن إنتاجه. وتصل الفجوة الغذائية العربية إلى نحو 40 مليار دولار فى السنة، وتستطيع الدول العربية مجتمعة إذا تم استثمار هذه المبالغ فى الزراعة فى الوطن العربى لمدة أربع أو خمس سنوات أن تحقق الاكتفاء الذاتى بدلا من الاستيراد. يؤكد هانى رسلان- رئيس وحدة دراسات السودان وحوض النيل بمركز الدراسات السياحية والإستراتيجية بالأهرام - أن التعاون الذى يتم فى إطار الحكومات يواجه بعقبات وتحديات كثيرة متعلقة بتدفق التمويل والقرارات الإدارية التى عادة ما تكون بيروقراطية، الأمر الذى يؤثر على فرص النجاح. الأمر الآخر متعلق بالمياه، السودان بعد أن انفصل عن جنوب السودان، والذى يتميز بالهطول المطرى الغزير، الآن تبلغ حصة السودان من اتفاق تقسيم مياه نهر النيل 18.5 مليار متر مكعب، وقد أوشك على استنفاد هذه الحصلة بالكامل، خصوصا بعد أن قام ببناء سد مروى منذ عامين فى شمال السودان، وبالتالى فإن أى مشروعات استزراع ضخمة إما أن تعتمد على المياه الجوفية أو على هطول الأمطار، وتلك المزروعات يكون عائدها الإنتاجى أقل، لأنه لا يمكن التحكم فى ظروف الرى أو مواعيد أو كميات هطوله. لذلك فإن الأمل معقود على زيادة المساحة المخصصة لزراعة القمح فى مصر، هذا بخلاف المشروع المزمع الإعلان عنه حول جميعة المصريين بالخارج، والتى تريد زراعة مليون فدان إضافى من القمح فى الشتاء، ودراسة تخصيص تلك الأراضى لزراعة الذرة الصفراء، ومن المتوقع أن يعلن وزير الزراعة خلالها هذا الشهر عن تخصيص مليون فدان للمستثمرين المصريين فى الخارج لرفع درجة الاكتفاء الذاتى من القمح إلى 80 %. الفجوة الغذائية من جهته يؤكد الدكتور عبد السلام دراز وكيل معهد بحوث المحاصيل الحقلية السابق على صعوبة تحقيق الاكتفاء الذاتى من الحبوب فى ظل السياسات الزراعية الحالية التى أدت إلى اتساع الفجوة الغذائية مشيرا إلى أنه يمكن الخروج من هذه الأزمة وتحقيق نسبة مرتفعة من الاكتفاء الذاتى لتخرج المنطقة العربية من مرحلة الخطر وتخطى الحدود غير الآمنة، مشيرا إلى أن ذلك لا يمكن تحقيقه إلا بتبنى إستراتيجية لزراعة الحبوب وعلى رأسها القمح والذرة الصفراء فضلا عن تشجيع المزارعين لزراعة الحبوب . ولفت الدكتور دراز النظر إلى أن مصر تستورد الذرة الصفراء ولا يتم زراعتها، وهو ما يشكل تحدياً كبيراً يجب مواجهته من خلال وضع إستراتيجية لزراعة الذرة الصفراء وتحفيز المزارعين خصوصا أن استيراد مصر منها يبلغ 5 ملايين طن سنويا مع تناقص المساحات المزروعة للذرة الشامية فى مصر، مما يشير إلى أزمة كبيرة فى هذه المحاصيل مطالبا بضرورة عودة الحملات القومية لتشجيع زراعة الذرة الصفراء مرة أخرى وعودة الإرشاد الزراعى كما كان يعمل به فى الماضى. ونوه دراز إلى أن مصر تحتاج إلى اكتفاء ذاتى من الذرة الصفراء بنسبة 80 % للوصول إلى إنتاج 2 مليون طن بخاصة أن مصر تستورد من الخارج نسبة 95 % من الذرة الصفراء، ولذلك تحتاج الدولة إلى قرار جرىء من وزير الزراعة ليجذب المستثمرين ويشجع المزارعين لزراعة الحبوب التى تسهم فى زيادة إنتاج الزيوت والتى تفتقر لها مصر حاليا بسبب السياسة الزراعية التى كانت تنتهجها مصر فى الفترة الماضية . وتابع قائلا: إن التعاون العربى فى المجال الزراعى يحقق الاكتفاء الذاتى من الحبوب، خصوصا أن الدول العربية تمتلك كل مقومات الزراعة من رأسمال وعمالة وأراض خصبة صالحة للزراعة ومناخ جيد إلا أن المشكلة تكمن فى كيفية توحد العرب ووضع إستراتيجية موحدة لزراعة الأراضى العربية والوصول إلى التعاون العربى المشترك فى هذا المجال. أما الدكتور محمد النحراوى الخبير الزراعى، فأكد أن مصر والدول العربية دخلت فى مرحلة خطرة وتخطت الخطوط الحمراء ولم تصل إلى الحد الأدنى من الاكتفاء الذاتى من الحبوب، وأصبحت أزمة الغذاء تتصدر جميع القضايا فى الوطن العربى رغم امتلاكنا الأموال والأرض والمناخ مشيرا إلى أنه لا يمكن سد الفجوة الكبيرة التى أصبحت واقعا إلا بإعادة النظر فى السياسات والمناهج التى تتبعها الدول العربية فى المجال الزراعى خصوصا مصر . وأوضح أن مصر تعانى من فجوة كبيرة فى توفير الحبوب وخاصة القمح والذرة بسبب تدنى نصيب الفرد من الرقعة الزراعية لتصل إلى أقل من 12 % من الفدان والزيادة الكبيرة للسكان، مما يزيد من العبء الملقى على إنتاج الغذاء وتباين الفرق بين الإنتاج والاستهلاك وتسارع معدلات التحضر وتغير أنماط الاستهلاك الغذائى، فضلا عن تآكل البقعة الزراعية بسبب الزحف السكانى عليها وعدم استصلاح الأراضى الجديدة. ولفت النظر إلى ضرورة وضع تدابير للاكتفاء الذاتى من الزيوت النباتية من خلال تأسيس زراعة الحبوب الزيتية على أسس علمية، واستخدام الوسائل العلمية فى التحضير المبكر، واستجلاب البذور الجيدة والأسمدة والمبيدات لما يحقق إنتاجية جيدة فضلا عن توفير مدخلات الإنتاج لصناعة الزيوت من بذرة القطن والفول وزهرة الشمس .. لافتا إلى أن الاكتفاء الذاتى من الحبوب يحتاج التمويل البنكى فضلا عن ترشيد استهلاك مياه الرى والعمل على الاستغلال الأمثل لها لزيادة البقعة الزراعية خصوصا أن حصة مصر من المياه 55 مليار متر مكعب . ودعا إلى ضرورة توفير الاحتياجات من الحبوب لتصل إلى نسبة 70 % بدلا من 56 % حاليا والاعتماد على البحث العلمى والإرشاد الزراعى القوى ودعم المزارعين وتوفير كل احتياجاتهم مع وقف الاستيراد من الخارج والاعتماد عليهم فضلا عن أهمية القدرة التخزينية للحبوب وإنشاء صوامع جديدة وتطوير جهاز التعاون الزراعى وعدم التحكم الحكومى فيه ليمثل المزارعين والرقابة على الأسواق . الزراعة بالسودان وطالب بضرورة التعاون مع الدول العربية فى المجال الزراعى وخاصة عقد اتفاقيات مع السودان لزراعة هذه المحاصيل لتحقيق الاكتفاء الذاتى منها، وتشجيع المستثمرين للدخول فى هذا المجال مع جذب البنوك لتمويل القطاع الذى يمثل صمام الأمان للأمن القومى المصرى والعربى حتى لا تمارس الدول الأخرى ضغوطا سياسية واقتصادية علينا بسبب الاحتياج إليها . ودعا الدكتور عبدالمنعم السيد، الخبير الاقتصادى، البنوك إلى التخلى عن إحجام تمويل القطاع الزراعى لتحقيق الاكتفاء الذاتى من الحبوب، وحتى يمكن للقطاع الخروج من كبوته وإيجاد رءوس أموال جديدة تستغل فى تنفيذ مشروعاته. مشيرا إلى أن الحكومة المصرية فى عام 2010 قامت بخفض حجم الائتمان الممنوح للقطاع الزراعى المصرى من 2 % إلى 1.5 %. وطالب بضرورة تقسيم الأراضى إلى قطع زراعية تشمل كل قطعة من 10 إلى 20 فداناً، يتم توزيعها على الشباب لزراعتها ووضع سياسة زراعية محددة المعالم تتمثل فى إلزام ملاك الأراضى بزراعة محاصيل محددة والتزام الدولة بشراء هذه المحاصيل بأسعار مناسبة تقترب من الأسعار العالمية، وتوفير السماد والاحتياطات الخاصة بالزراعة، وإنشاء مصانع لصناعات زراعية وإنتاج حيوانى مكملة من خلال دعوة المستثمرين وتشجيعهم علىالاستثمار. وتابع الدكتور عبدالمنعم قائلا: إن الدولة تقوم منذ عام 2005 بتأسيس صندوق دعم الصادرات الذى كان من المقرر أن يهدف إلى قيام الدولة المصرية بدعم التصدير ودعم المنتج المصرى عند التصدير، أسوة بما يحدث بالولايات المتحدةالأمريكية وبعض الدول الأوروبية ودول شرق آسيا، خصوصا الصين، لكن حدث شىء مخالف لكل النظم، إذ إن جميع الدول تقوم بدعم الفلاح والصانع ولا تقوم بدعم التاجر والمصدر، مبينا أن صندوق دعم الصادرات خلال السنوات من عام 2006 إلى 2009، كانت حصيلته على التوالى 1.5 مليار جنيه فى عام 2009، وبمتابعة أرقام دعم الصادرات وتوزيعها على القطاع الزراعى نجد أن معظم هذه الأموال تذهب إلى التاجر والمصدر فقط، ولا تذهب إلى المزارع أو المصنع، ونجد أنه ليس جميع المصدرين يحصلون على هذا الدعم، لكن نجد أن حفنة من رجال الأعمال فقط هم أقارب الوزراء والمسئولين السابقين والمحبوسين حاليا يحصلون على هذا الدعم رغم أن معظم هذه الصادرات تعود مرة أخرى لمصر أو يتم تصديرها لجهات أخرى بخلاف الجهات والدول المتفق عليها، وذلك لسوء الجودة أو سوء التصنيع. الاستيقاظ عند الأزمة الدكتور عزالدين عمر، عميد كلية الزراعة جامعة القاهرة، أكد أن المشكلة تكمن فى أننا نحن العرب عقب كل أزمة نجتمع لوضع الحلول المقترحة، مثلما حدث عقب أزمة الغذاء السابقة، لكن بعد انحسارها نعود إلى سابق عهدنا ونحن الآن ننتظر حدوث أزمة جديدة لنجتمع ونتباحث، ولكن الأمر الآن أصبح خطيرا جدا، ولابد أن نتحرك سريعا ، لاسيما أن المستقبل سيشهد ارتفاعا حادا فى أسعار الحبوب، لاسيما بعد تحول الكثير من الدول العربية لإنتاج الوقود منه، لذا من المتوقع أن نواجه نحن العرب بانفلات فى الأسعار لا نستطيع مواجهته، ناهيك عن عجزنا عن توفير احتياجاتنا من الحبوب لندرتها واستخدامها لغرض آخر غير الغذاء. وبين أن العالم العربى يتمتع بالكثير من المزايا النسبية، وعلى رأسها الأراضى الزراعية الصالحة لاستزراع كل أنواع المحاصيل، هذا فضلا عن توافر رءوس الأموال اللازمة لذلك، لذا فإن ما ينقصنا هو التكامل والاتفاق، فأرض السودان وحدها تكفى لتوفير الحبوب لكل أبناء الوطن العربى. وتتفق معه الدكتورة نادية عبدالعزيز، عميد كلية العلوم بجامعة عين شمس فى أن توافر الموارد المائية فى العالم العربى مع تنوع أنواع الأراضى ما بين رملية وطينية وغيرها يلعب دورا كبيرا فى الإسهام فى القدرة على التنوع فى زراعة العديد من المحاصيل، لاسيما الحبوب لتوفير احتياجاتنا منها. وأوضحت أنه لتحقيق ذلك نحتاج إلى خطة وتعاون بين الدول العربية، لاسيما أننا نأتى على رأس قائمة الدول المستوردة لكل أنواع الحبوب، وهو أمر يحتاج إلى إعادة النظر إليه، لاسيما أن الموضوع سهل جدا تحقيقه من خلال العديد من الوسائل، فكل الإمكانات متوافرة، ينقصنا فقط الاتفاق والتخطيط.