بدأ شاعرا . قبل أن تجذبه نداهة السرد إلي روايته الجميلة "رائحة كريهة " لكن شغفه بتحقيق التراث جذبه إلي مناطق أبعد وأكثر رحابة بعد أن أنجز مع رفيق دربه الباحث والمحقق المجتهد هشام عبد العزيز الكثير من المخطوطات ورغم عمله الأساسي بالصحافة لم يحرم نفسه من اكتشاف ذاته كناقد صاحب رؤية متميزة عبر عدة مقالات نقدية حول العديد من الأعمال الأدبية نشرت مؤخرا.. حوارنا مع الكاتب المبدع والباحث والمحقق المتميز عادل عبد الحميد العدوي.. يقول أنا محقق تراث في الأساس تربيت ثقافيا علي هذا العلم. ويؤثر في جوانب كثيرة من حياتي. حتي في كتابتي الأدبية أعتقد أن روح المحقق تظل تتلبسني طوال فترة الكتابة » وأظن أن هذا - علي أهميته - هو ما يبطئ حركتي في الكتابة الأدبية. فحتي الآن لم أنجز سوي رواية واحدة هي ¢رائحة كريهة¢ "الجائزة المركزية بهيئة قصور الثقافة 2004. صدرت عن الهيئة العامة للكتاب 2007" ومجموعة قصصية بعنوان ¢الليلة الخامسة¢ 2009 "طبعة محدودة" وهناك رواية طويلة أعمل عليها منذ قرابة الخمس سنوات. وعدة قصص قصيرة لم تبلغ المجموعة بعد. لكن ما منحني التحقيق من صفات جعلني أكثر دقة ومراجعة لما أكتب. * وما هي قصة مخطوط سيرة الأسكندر؟ كتاب ¢سيرة الإسكندر¢. جزء من مشروع كبير بيني والصديق الباحث المحترم هشام عبد العزيز توقف منذ ما يقارب الخمسة عشر عاما. والآن ينشر منه أجزاء مسلسلة علي موقع الحضارات بالأهرام والحقيقة. يجب الاعتراف بأهمية هذا الموقع بشكل عام في إحياء مثل هذه الأعمال. وبشكل خاص يمثل عودة حميدة لاستئناف عمل ظل في أدراج المكتب سنوات طوال. * كيف تري أهمية تلك السيرة ونشرها؟ له أهمية كبيرة للباحثين في هذا المجال. وما يحمل من قيم سردية وحكائية في تاريخ السرد العربي. وكذا الجمع بين ما تحمله الذاكرة الشعبية عن السيرة وما حفظته مدونات التاريخ عن شخصية الإسكندر. وما قد ينتج عن ذلك من إعادة نظر فيما يخص هذه المنطقة من التاريخ. * وما جدوي نشرها في الموقع دون تحقيق؟! نعم وهذا له أهمية كبيرة حيث يتعرف المتلقي علي هذه السيرة للمرة الأولي. وهو غير معني في المقام الأول بما يدور حول النص من عملية بحثية شاقة. فأعتقد أنها تهم الباحثين المتخصصين المهتمين بشكل ملح بتاريخية النص وضبطه ومصادره.. الخ مما يتعلق بعلم التحقيق» الأمر الذي يجعل نشر الكتاب له أهميته ووجاهته. * تحقيق التراث مسألة شاقة وتحتاج لإبداع من نوع خاص فضلا عما يحتاجه السرد فكيف توزع نفسك بين الأمرين؟ بين التحقيق والإبداع. تتوزع شخصيتي ككاتب. فمن ناحية أجدني أنتمي إلي تحقيق التراث ولي بعض الإنجاز في هذا. علي الرغم من توقفي فترة ليست بالقصيرة ترجع إلي عدة أسباب طبيعية جدا» حيث إن التحقيق يحتاج جهدا كبيرا ومصدرا ماليا ليس من السهل توفيره. لذا فإنني في وقت ما توقفت بغير إرادتي. يمكنك أن تعدد: بناء أسرة وأولاد ومعيشة.. الخ. معظم ما أنتجت كان قبل كل ذلك. ومن ناحية أخري أجدني لا أستطيع مقاومة الجانب الإبداعي بداخلي. فمن حين إلي آخر أمارس الإبداع في صور مختلفة "رواية. قصة. مقال نقدي" لكن بشكل غير منتظم. يمكنك أن تقول إنني مبدع بالقوة وليس بالفعل. لكن لدي شعور قوي بأنني علي مشارف مرحلة مصيرية في حياتي الإبداعية. * رغم تعدد وجوهك تصر علي مناوشة النقد بعدد من القراءات النقدية لبعض الأعمال فمن أي منطلق تخوض تلك المغامرة؟ ممارساتي النقدية فهي تنبعث من كوني مبدعا في الأساس. وليس لكوني ناقدا متخصصا منتظما. فأنا أحب أن أقدم رؤية جمالية حول النصوص التي أقرأها وتثيرني للكتابة. لكني لا أفعل هذا بدافع الالتزام النقدي. فأنا لست ناقدا علي أية حال. كل ما في الأمر أنني لدي رغبة جامحة في أن اطلع المتلقي علي قراءتي للعمل الأدبي. خصوصا الرواية. فهي حلمي الأكبر وعالمي الذي أحب أن أعيش فيه. . لكن. هيهات أن يغتر محقق تراث بمثل هذه المظاهر. فأنا أعرف أين أقف وحدود المساحة التي تخصني في هذا العالم. * وكيف تري جوهر عملية النقد في نظرك؟ النقد هو الذي بمقدوره الكشف عن العناصر الجمالية في العمل الأدبي ووضعها في سياق رؤية خاصة تثير ذهن المتلقي وتدهشه. وتكون في الآن نفسه دافعا لقراءة العمل الأدبي مجددا.. هكذا أمارس العملية النقدية من دون تقعر ولهاث وراء مصطلحات قد لا تعني المتلقي بصفة حتمية. فالتعلم يجد له سبيلا نحو قاعات الدرس والكتب المدرسية والنظرية.. الخ. أما الباحث عن متعة الأدب فعليه أن يتلقي الأدب متجردا عن كل ما يعيق تناول المتعة واللذة في القراءة. * ما الذي تتمني أن يسعفك الوقت لتفعله في الكتابة؟ أتمني أن يسعفني الوقت لممارسة الكتابة فقط لا غير. ألا أنشغل بشيء غير مشروعي الإبداعي وممارسة ما أحب.. أعلم أن هذا حلم بعيد المنال في مصر. علي الرغم من أنه حقيقة واضحة في بعض بلدان العالم. أو هكذا يجب أن يكون الوضع. لكن. في مصر يبدو لا أحد يريدك أن تفعل شيئا. وكأن الجميع يتواطأ ضدك.. لكن أحاول معالجة ذلك بخيال واسع وطموح أوسع. حيث أعتبر نفسي شخصين أو ثلاثة أو ربما أكثر. وعليّ أن أقوم بعدة أدوار حتي أحقق ما أريد دونما ضرر لأحد.