يقولون ان الحاجة أم الاختراع.. وفي أحيان كثيرة.. الحلم هو الدافع للاختراع والابتكار يبدأ فكرة تسيطر علي نفس الإنسان سريع الملاحظة.. المهموم بمن حوله.. يوجه كل قدراته لمشكلة ما إلي أن ينتهي الأمر كما قال نيوتن وهو يرقب التفاحة تسقط من أعلي الشجرة.. وجدتها. والابتكارات والاختراعات ليست البداية الصحيحة لتكوين الثروات فقط.. بل تعكس سباقا مستمرا من القدم.. منذ عرف الإنسان النار ولم ينته الأمر بالصعود إلي القمر وسكن الفضاء.. والمبتكرون والمخترعون هم صفو العلماء والباحثين.. لأنهم يقدمون الفكرة في شكل نموذج له طاقة محددة.. يفحص العلماء ويمنحونه شهادة البراءة والابتكار.. ليتحول إلي إنتاج صناعي كبير.. يتخطي الحدود ويتمتع به أناس لم يحلموا به.. أو يتصوروه حقيقة واقعة.. وبالتالي فإن المبتكرين خاصة الشباب يعتبرون في قلب الثروة القومية والكوادر التي يباهي بها الوطن.. ويتابع باهتمام أخبار نجاحاتهم في الخارج ويرحب بهم ويستمع إلي مشورتهم عندما يعودون إلي الوطن الأم في مؤتمر أو زيارة. وبصرف النظر عن أولئك المخترعين العظام الذين اختفت أسماؤهم وبقيت مخترعاتهم النافعة تخترق الحدود لتخدم جميع البشر بلا تفرقة بين جنس أو لون.. مقابل الذين ظلت أسماؤهم خالدة بإطلاقها علي الإدارة المخترعة.. فإن الشباب بطاقتهم وحماسهم وذكائهم وأحلامهم يظلون النبع الجميل لمبتكرات قادمة تجعل الحياة الإنسانية أفضل.. ومن هنا حرصت الدولة ممثلة في المركز القومي للبحوث وبعد تجارب متعددة لتسجيل وفحص وتبني براءات الاختراع في إنشاء مكتب تنمية أفكار الشباب الذي يستقبل كل فكرة يمكن أن تحل مشكلة أو تمثل إضافة لتحسين ابتكار مفيد حيث يقابل الشاب مسئولون ينصتون للفكرة ثم يصنفونها ويقدموها للعلماء المتخصصين وإذا كانت قابلة للتنفيذ يتم تسجيلها كبراءة اختراع باسم صاحبها لحمايتها في نقطة الاتصال الموجودة بالمركز. وبكل أسف فإن إعداد الشباب التي تقدمت للمركز بسبب الغياب الإعلامي قليلة جدا.. ونحن بالتالي أمام مشكلة ومبادرة لا ينبغي أن تموت لمثل هذا السبب.. رغم تعدد الحلول والإيمان المتزايد بقيمة الشباب والرغبة في اتاحة الفرصة لهم للانضمام إلي مشهد البناء والإعمار بل وتصدره.. وتبدأ بتذكر ما كان يحدث أيامنا من معارض سنوية لطلاب قسم العلوم بالمدرسة.. ينتجون فيه بإمكانيات بسيطة.. نماذج لتوليد الكهرباء ورفع المياه والاتصالات.. وغيرها تطبيق لمناهج الفيزياء والكيمياء وغيرها.. وكان هذا بالذات الأكثر إقبالاً من الزوار خلال عرض النشاط المدرسي.. وهناك أندية العلوم التي توهجت لفترة سنوات.. ثم اختفت وتوقفت.. اليوم لدينا المراكز التجريبية للعلوم بالإدارات التعليمية والمعتمد علي نشاطها.. والمئات من مراكز الشباب بالمدن والقري التي تستطيع استقطاب شباب المناطق التي تخدمها.. باجتذاب حقيقي من خلال انشاء مجموعات للعلوم.. وتخصيص مكان لها وتوفير الامكانيات البسيطة التي تحتاجها ضمن خطط توفير أدوات الألعاب المختلفة.. وهناك فكرة إنشاء المعامل البحثية داخل كبري الشركات والمنشآت الاقتصادية.. ليساهم من خلالها الشباب في علاج مشاكل الصناعة وابتكار الحلول الفنية التي توفر النفقات وتزيد من الأرباح. ويحضرنا هنا مثلاً أزمة عدم تواؤم آلات الغزل والنسيج مع القطن قصير التيلة والتي تمثل جانبا كبيرا من أزمة صناعة الغزل الحالية.. وتضع أمام عيوننا كيف نجح شباب اليابان وجنوب شرق آسيا والهند في استعارة التقسيم السويسري للصناعات الدقيقة.. بأن فتح باب التخصص للشباب والسيدات والأسر للحصول علي سر صناعة مسمار أو ترس.. أو قطعة غيار لساعة اليد.. يتم تجميعها في المصانع الأم لتوفر الإنتاج الوفير. وأعتقد ان مكتب تنمية أفكار الشباب بالمركز القومي للبحوث في حاجة إلي اخصائيين نفسيين.. لاستقبال الشباب والتعامل معهم.. والترحيب بأفكارهم مهما كانت.. لاكتشاف آلية الابتكار داخل الشباب ودعمها ودفعها للخروج والانطلاق للابتكار مع متابعة العلماء والمتخصصين لأننا في غياب توفر قاعدة البيانات للابتكارات والاختراعات في أنحاء العالم.. نجد ان بعض الحلول التي ابتكرها الشاب المصري لتحسين جهاز متوفر في الأسواق.. أو آلة قديمة تعمل منذ عشرات السنين.. قد تكون هذه الحلول قديمة.. سبقنا إليها آخرون.. ونجحوا في تعديل الآلة وإضافة الإمكانيات إليها لتنسب إليهم ويصبح ما توصلنا إليه خارج الزمان.. وقد يظهر هذا علي سبيل المثال بالنسبة للتطور غير المحدود في تكنولوجيا وصناعة المعلومات ما يرتبط بها من أجهزة كمبيوتر أو حتي هواتف يقال لها الذكية.. لأنها تقتحم السماء والفضاء والمحيطات.. وما زالت بعض الشركات المستخدمة تفضل الحصول علي هذه الأجهزة بالإيجار ليتسني لها استبدالها بالأحدث كلما توفر ذلك.. أيها السادة.. شبابنا يتمتع بنسبة ذكاء عالية تمنحه المقدمة عندما يعمل أو يهاجر خارج الوطن.. ولا تدعو البيروقراطية والروتين والتجاهل تحرم الوطن من عطائهم الوفير.