أكد أساتذة الشريعة الإسلامية أن آراء الجمهور في الفقه الإسلامي بجميع مذاهبه لا تعترف بإسقاط العقوبة عن المتهم مهما طال الزمن. أيدوا ما طلب المستشار محمود الرشيدي قاضي مبارك بتعديل المادة 15 من قانون الإجراءات الجنائية التي تنص علي إسقاط العقوبة بالتقادم وطالبوا بأن يتفق التعديل الجديد مع الشريعة الإسلامية. قال الدكتور نوبي جاد الكريم أستاذ الفقه الإسلامي بجامعة الأزهر إن الجريمة لا يمكن أن تسقط عن صاحبها ولا يتنازل المشرع الإسلامي عن عقوبة المتهم في الدنيا ولو كان ذلك في آخر عمره. أضاف أن الإسلام عندما يقرر ذلك فإنما يغلق كل الأبواب علي أي مجرم أو متهم يحاول أن يفلت من العقاب بمضي المدة قال إن فلسفة الإسلام في ذلك لها جانب إيماني أخروي أيضا نستشفه في قول علي بن أبي طالب كرم الله وجهه "من أصاب ذنبا فعوقب به في الدنيا فالله أكرم من أن يثني العقوبة عنده في الآخرة". ومن هنا فإن الشريعة عندما تؤكد علي ضرورة العقوبة وعدم إفلات المتهم من العقاب فإنها في ذات الوقت تلتمس للمتهم غفران الله له في الآخرة وعذاب الدنيا مهما كان ومهما عظم فإنه لا يقاس بعذاب الآخرة.. وقد قال الرسول صلي الله عليه وسلم عن رجل تم رجمه في حد الزنا إنه تاب توبة لو قسمت علي أهل المدينة لكفتهم جميعا. الدستور والشريعة ولذلك فإننا نطالب بأن يكون التعديل الجديد متفقا مع الشريعة الإسلامية ومتفقا مع الدستور الجديد الذي ينص في مادته الثانية علي أن الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع وياحبذا لو تم عرض التعديل علي هيئة كبار العلماء. أشار الدكتور نوبي جاد الكريم إلي أن العقوبات في الشريعة تتميز بأنها محددة خاصة ما يتعلق منها بالحدود أو القصاص أما العقوبات التعزيرية فإنها تختلف باختلاف الجريمة وإن كانت بعض هذه العقوبات تصل إلي الإعدام. تساءل كيف تسقط العقوبة في الدنيا والله في عليائه فتح باب التوبة للإنسان ما دام فيه قلب ينبض ومن شروط التوبة أداء حقوق العباد. الدكتور رشاد خليفة شاهين أستاذ الشريعة بجامعة الأزهر بطنطا يقول إن الأصل عند جمهور الفقهاء أن العقوبة لايمكن أن تسقط بالتقادم ومها طال الزمن.. وهذا ما اتفق عليه جميع المذاهب الإسلامية لأن الحقوق الثابتة لا يمكن إسقاطها. وما دامت الجريمة قد ثبتت في حق المتهم بالأدلة اليقينية والبراهين القاطعة فإن المجني عليه ينتظر حقه من القانون فإذا أفلت المتهم من العقاب فإن هذا يفتح الباب لمزيد من الجرائم ومزيد من الحيل أيضا للإفلات من العقاب في الدنيا وهذا يشكل خطورة كبيرة علي المجتمع ويشجع علي اقتراف المزيد من الجرائم والآثام وهذا لا يرضاه الله ورسوله. ذكر أننا نؤيد ما طالب المستشار محمود الرشيدي من تعديل المادة 15 من قانون الإجراءات الجنائية التي تسقط العقوبة بالتقادم ونري أن التعديل لابد أن يتفق مع شرع الله حفاظا علي دين الله أولا وحفاظا علي المجتمع من أي زيادة في الجريمة وحتي ينعم الجميع بالأمن والاستقرار في ظل شريعة الله. الإعلان والمشاهدة الدكتور محمد الجبالي أستاذ علوم القرآن بكلية القرآن الكريم بجامعة الأزهر بطنطا يؤكد أنه لا يوجد في الشريعة الإسلامية هذا المبدأ القانوني الذي يؤدي إلي إسقاط عقوبة الجريمة ما دام قد مضي عليها مدة معينة. أشار إلي أن القرآن الكريم أوضح ذلك بجلاء عندما قال "وكتبنا عليهم منها أن النفس بالنفس والعين بالعين والأنف بالأنف والأذن بالأذن والسن بالسن والجروح قصاص فمن اعتدي عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدي عليكم". بل إن الشريعة الإسلامية فرضت في بعض العقوبات ضرورة الإعلان والمشاهدة وذلك للزجر وحتي يرتدع بقية المجرمين أو كل من تراوده نفسه التفكير في الجريمة أن يراجع نفسه مرات إذا رأي العقوبة الرادعة تقع علي غيره.. بل الأخطر أن الله في عليائه وهو الرءوف الرحيم عندما تحدث عن عقوبة جلد الزاني قال ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله إن كنت تؤمنون بالله واليوم الآخر وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين فلا توجد رأفة في العقوبة لأن هذه العقوبة إنما جعلها الله للرأفة بالمجتمع من أن تشيع الجرائم بين الناس فلا يأمن الجار علي نفسه من جاره ولا تأمن الفتاة علي نفسها من ذئاب الشوارع ولا يأمن الشيخ العجوز علي نفسه من السرقة أو القتل فيتحول المجتمع إلي غابة وهذا ما يؤدي إليه الإفلات من العقاب. أضاف الدكتور محمد الجبالي إنني أؤيد ما ذهب إليه قاضي مبارك من ضرورة تعديل المادة 15 من قانون الإجراءات الجنائية وأطالب بأن يكون التعديل الجديد متفقا مع الشريعة الإسلامية الغراء لتنعم مصر كلها بالأمن والأمان وليصدق فيها قول الحق جل في علاه "ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين".