هل تحولت مراكز خدمة العملاء لشركات المحمول والانترنت وأيضاً التليفون الأرض إلي مجرد لافتات "ديكورية" للاستعراض والوجاهة واستكمال الشكل القانوني. حال هذه المراكز التي تكلف شركات الإتصالات ملايين الجنيهات شهرياً لا يختلف كثيراً عن حال اكشاك خدمة المواطنين بالمحليات وشركات القطاع العام.. فقط تستقبل شكوي المواطنين وعندما يسأل صاحب الشكوي عن طبيعة الخطوة القادمة أو موعد الاستجابة لشكواه أو حتي دراستها وفحصها والرد عليه لا يجد من الموظف إلا اجابة واحدة: ربنا يسهل.. وكأن المواطن المسكين يطلب من الموظف "أبو الروتين والبروقراطية" وظيفة محترمة بدرجة عضو منتدب براتب ملئ بالاصفار.. أو فيلا في حي راق.. أو شاليه فاخر في مصيف النبلاء.. أو سيارة فارهة من العائلة البافارية!! إذا تساوت مراكز خدمة العملاء في شركات المحمول والانترنت التي تدفع راوتب خيالية لموظفيها من أجل التفاني في خدمة عملائها والحصول علي رضائهم واستحسانهم.. بتلك الأكشاك أو الغرف الفقيرة المعنونة بمراكز خدمة المواطنين بالحكومة.. فهذه مأساة كبري لابد من القضاء عليها فوراً.. ولابد للأطراف المعنية والمسئولة بدءاً من وزير الاتصالات نفسه ومعاونيه بديوان الوزارة.. ومروراً بالجهاز القومي لتنظيم الاتصالات.. وانتهاء بالأجهزة الأخري المعنية مثل جهاز حماية المستهلك وحماية المنافسة وغيرها من عشرات الأجهزة الرقابية التي تزعم جميعها خدمة المواطن والمواطن لا يعرف لها طريقاً.. ولم يحصل من خلالها علي خدمة أو جميل يذكر. ما أكثر الشكاوي والآهات التي تصلنا يومياً من زملاء وأصدقاء وأقارب في مواقع العمل أو التواصل الأسري والإنساني.. وأيضاً من قرائنا الأعزاء.. وكلها تحمل آهات المكلومين وصرخات المظلومين مطالبة بالعدل والانصاف.. وشكاوي المحمول أغلبها من المغالاة في فواتير الاستهلاك وقطع الخدمة بلا داع أو انذار مسبق.. وهناك من يشكو من ضعف الخدمة وصعوبة ظهور أو اكتمال إشارات الارسال والاستقبال.. وأيضاً ضعف التغطية نتيجة عدم كفاية أبراج التقوية وهناك من يشكو من تكرار انقطاع المكالمة فجأة ويضطر المشترك المسكين لإجراء عدة مكالمات في مكالمة واحدة أو لشخص واحد!! أما شكاوي الانترنت سواء للثابت أو المحمول فحدث ولا حرج.. بدءاً من تأخر التركيب وتشغيل الخدمة وانتظار المشترك لفترة طويلة حتي يدخل جنة الانترنت.. ومروراً بسوء الخدمة وضعف الجودة وتعطلها بالساعات والأيام بدون تعويض أو حتي كلمة أسف واعتذار من الشركة المستبدة المتسلطة إلي المستهلك المسكين المقهور المغلوب علي أمره.. وانتهاء بالحيرة القاتلة التي يعاني منها المشترك حينما تصل علاقته باحدي الشركات إلي طريق مسدود ويقرر طلاقها بالثلاثة وهو لا يدري ان قانون الانترنت يختلف تماماً عن قانون الأحوال الشخصية.. فالثاني يسمح للرجل بالزواج من أخري فوراً وبلا شرط أو قيد.. فيما يشترط الأول الحصول علي إذن أو تصريح وإخلاء طرف من مطلقته للتعاقد مع زوجة أخري.. أقصد شركة أخري!! وبينما تختفي إلي حد كبير شكوي الجمهور من غلو فواتير الأرضي نجد آهات الناس تعلو وتعلو من تعطل الخدمة وغياب الحرارة بالساعات والأيام.. وربما لشهور في حالات الأعطال الجسيمة وسرقة الكابلات.. فلا ذنب للمواطن في كل الحالات.. ومادام يسدد فواتيره بانتظام فلا بد له أن يحصل علي خدمة ممتازة بجودة فائقة. وأخيراً.. أين لجنة حماية حقوق المستخدمين بجهاز تنظيم الاتصالات.. لم نعد نسمع لها صوتاً.. أو نشعر بتأثيرها.. الأمر برمته يحتاج إلي إعادة نظر.. ولابد أن يعود شعار "الزبون دائماً علي حق" ولكن بالأفعال وليس الأقوال.. ولنا عودة.