سبق الأدب والسينما والدراما المسئولين في مصر في التنبؤ بالآثار الاجتماعية للسياسات الاقتصادية التي بدأت منذ أكثر من 40 عاما بداية من الهجرة من الريف إلي المدن الأمر الذي أدي إلي تضخمها وانتشار العشوائيات مرورا بإنسحاق الطبقة الوسطي مع بداية الانفتاح منتصف السبعينيات وصعود طبقة الأثرياء الجدد أو ما عرف بالقطط السمان وانتشار الإرهاب الديني وتوظيف الاموال ولصوص القطاع العام وتراجع التعليم والبطالة بل وقدم علامات علي بوادر ثورة اجتماعية قد تتحول إلي ثورة جياع ولكن لم تجد الاعمال السينمائية أذناً صاغية لمنع الكارثة قبل وقوعها. المؤلف المسرحي أبوالعلا السلاموني يؤكد أن أعماله تركزت علي التطرف والإرهاب ومموليه الذين يستغلون الأحوال الاقتصادية السيئة لسكان العشوائيات في تجنيد الشباب لتدمير مجتمعهم ولكن لم ينتبه المسئولون وكانت موجة الإرهاب التي مرت بها مصر خلال الثمانينيات والتسعينيات تأكيد علي ما أشرنا له فهناك مثلا مسرحية "الحادثة التي جرت" عرضت بمسرح الطليعة تعرض استغلال جماعات التطرف للفقر والجهل بالمجتمع لتحقيق أهدافهم ومسرحيةپ"المليم بأربعة" مع جلال الشرقاوي عرضت بمسرح الفن عن جماعات توظيف الأموال التي استغلت الطبقة الفقيرة وأوهمتهم بتحقيق أرباح كبيرة في وقت قصير ثم أضاعت عليهم كل شئ لذلك يجب دراسة الأعمال الفنية الجادة لانها تكون جرس إنذار لما هو قادم. الطبقة الوسطي يقول سيد خطاب ناقد فني السينما تكشف تناقضات المجتمع وتفضح الصورة التي يتغافل عنها الجميع فنجد الخمسينيات والستينيات رسخت لفكرة ابن الطبقة العاملة القادم من الريف ويحاول الوصول إلي مراكز مهمة وهي بذلك تشير إلي الهجرة إلي المدن وما يترتب عليه من تضخمها وانتشار العشوائيات وضرورة الاهتمام بالريف ومدة بالخدمات لوقف الكارثة. أما أفلام الثمانينيات فكان بطلها ابن الطبقه المتوسطة الذي يحاول الوصول لمستوي معيشي أفضل والهروب من قاع المجتمع وصراع هذا البطل ما بين ظروفه الاجتماعية والاقتصادية واحتكاكه المباشر بالرأسمالية الطفيلية التي سحقت الطبقة المتوسطة مثل أفلام عاطف الطيب وداود عبدالسيد ومنها "سواق الأتوبيس" و"الحب فوق هضبة الهرم" و"الأفوكاتو" و"حب في الزنزانة" و"كراكون في الشارع". وترتب علي ذلك ان ابن الطبقة المتوسطة في أفلام بداية الألفية أصبح بعيد عن دائرة الضوء علي الرغم من القيم والصفات النبيلة التي كان يحملها فأبتعد روايدا رويدا ليظهر علي السطح بوضوح زبناء العشوائيات وذلك اتضح جليا في أفلام خالد يوسف تعاملت مع شريحتين أصبحا أساس المجتمع طبقة الأغنياء وأمراضهم ورفاهيتهم وبعض المشاكل الخاصة بالتربية يقابلها طبقة العشوائيات وذلك بأفلام "هي فوضي" و"مواطن ومخبر وحرامي" و"اللعب مع الكبار" وترصد هذه الأفلام الهوة السحيقة بين سكان العشوائيات وساكني القصور في أنماط المعيشة وطريقة التربية وأسلوب التفكير ومدي توافر الاحتياجات الأساسية مما ترتب عليه حقد بين الطبقتين. رصد الواقع يوضح مجدي صابر مؤلف وسيناريست أن الطبقة المتوسطة لازالت موجودة ولكن شريحة كبيرة منها تحولت إلي الطبقة الفقيرة والسينما منذ بدايتها حرص صناعها علي مراقبة التطورات الاجتماعية والواقع المصري الحالي الذي يزداد فيه الفقير فقرا والغني يزداد فني رصدته السينما في العديد من الأعمال فمثلا مسلسل "ربيع الغضب" الذي كتبته وإخرجه محمد فاضل يوضح الانقسام الطبقي ويتمثل في بائعة للشاي لعمال اليومية ومدي القهر والظلم والفقر والمعانة التي تعيشها هذه الطبقات الكادحة في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة. تشير دكتورة ماجدة خيرالله إلي أن السينما لها قرون استشعار لما يحدث في المجتمع بجانب أن الكثير من المخرجين مراقبين جيدين للأحوال بالبلاد واكثر من استطاع ان يعبر عنهم في فترة الثمانينيات هو عاطف الطيب فكل مشهد فأملامه كان له مغزي ورسالةپللمشاهد والأفلام بمجملها توحي بشئ معين علي سبيل المثال فيلم دماء علي الأسفلت وأفلام خالد يوسف التي تحاكي الواقع وتلقي الضوء علي العشوائيات وساكينيها وما يحدث بها كما أنها تتنبأ بثورة الجياع وما أوضحه من الاضطراب الفظيع للفروق الشديدة غير المنطقيةپبين طبقتي الاغنياء والفقراء وذلك بأفلام "هي فوضي" و"دكان شحاتة" و"مواطن ومخبر وحرامي" لداود عبدالسيد و"عفاريت الاسفلت" لاسامة فوزي وفي فترة الخمسينيات كان من أكثر المخرجين ابداع في عرض هموم الطبقة الفقيرة بمنتهي السلاسة والتلقائية المبدع صلاح ابوسيف بفيلم "الاسطي حسن" فنجد فيه صراعا طبقيا واضحا. الخراك الاجتماعي وتضيف نهي حماد ناقدة سينمائية أن معظم الأعمال التي تناولت فكرة الصراع الطبقي كان يتم استغلال الفقراء دينيا لصالح أي حزب ضد الحكومة أو تسييسهم لنفس الغرض وذلك لحاجتهم للمال علي سبيل المثال "نافذة علي العالم" لعصام الشماع و"العائلة" لاسماعيل عبدالحافظ ومعظم هذه الاعمال رصدت الحراك الاجتماعي بعد اتباع سياسة الانفتاح. حيث ظهرت شخصية البلطجي والبواب والزبال بثقافتهم وبيئتهم الذين اصبحوا أصحاب عمارات ونجوم مجتمع علي سبيل المثال فيلم أحمد يحيي "انتبهوا أيها السادة" وفيلم "البيه البواب"..وتضيف أن أفلام فترة ما بعد الخمسينيات تنبأت بصعود أبناء الطبقة الفقيرة والمتوسطة بعد أن كان التعليم هو أساس الصعود لهذه الطبقة في زمن الرئيس عبدالناصر ونجد أيضا أدباء الستينات تنبأوا بحدوث النكسة وذلك لمتابعتهم الأحداث والمشاكل المتلاحقة بالبلاد.