قصواء الخلالي: العرجاني رجل يخدم بلده.. وقرار العفو عنه صدر في عهد مبارك    مصر للبيع.. بلومبرج تحقق في تقريرها عن الاقتصاد المصري    حملة ترامب واللجنة الوطنية للحزب الجمهوري تجمعان تبرعات تزيد عن 76 مليون دولار في أبريل    مصر على موعد مع ظاهرة فلكية نادرة خلال ساعات.. تعرف عليها    روسيا تصدر مذكرة اعتقال للرئيس الأوكراني زيلينسكي    أول تعليق من مدرب سيدات طائرة الزمالك بعد التتويج ببطولة إفريقيا أمام الأهلي    نجم الأهلي السابق يوجه طلبًا إلى كولر قبل مواجهة الترجي    هل ينخفض الدولار إلى 40 جنيها الفترة المقبلة؟    حزب العدل يشارك في قداس عيد القيامة بالكاتدرائية المرقسية    عيار 21 بكام بعد الارتفاع الجديد؟.. أسعار الذهب والسبائك اليوم الأحد 5 مايو 2024 بالصاغة    بعد معركة قضائية، والد جيجي وبيلا حديد يعلن إفلاسه    أسعار السمك اليوم الأحد 5-5-2024 بعد مبادرة «خليها تعفن»    بورصة الدواجن اليوم.. أسعار الفراخ والبيض اليوم الأحد 5 مايو 2024 بعد الارتفاع    علي معلول: تشرفت بارتداء شارة قيادة أعظم نادي في الكون    العمايرة: لا توجد حالات مماثلة لحالة الشيبي والشحات.. والقضية هطول    الأرصاد: انخفاض مفاجئ في درجات الحرارة.. وشبورة مائية كثيفة صباحًا    تشييع جثمان شاب سقط من أعلي سقالة أثناء عمله (صور)    توقعات الفلك وحظك اليوم لكافة الأبراج الفلكية.. الأحد 5 مايو    كريم فهمي: لم نتدخل أنا وزوجتي في طلاق أحمد فهمي وهنا الزاهد    تامر عاشور يغني "قلبك يا حول الله" لبهاء سلطان وتفاعل كبير من الجمهور الكويتي (صور)    حسام عاشور: رفضت عرض الزمالك خوفا من جمهور الأهلي    ضياء رشوان: بعد فشل إسرائيل في تحقيق أهدافها لا يتبقى أمام نتنياهو إلا العودة بالأسرى    عمرو أديب ل التجار: يا تبيع النهاردة وتنزل السعر يا تقعد وتستنى لما ينزل لوحده    الزراعة تعلن تجديد اعتماد المعمل المرجعي للرقابة على الإنتاج الداجني    حسب نتائج الدور الأول.. حتحوت يكشف سيناريوهات التأهل للبطولات الأفريقية    كاتب صحفي: نتوقع هجرة إجبارية للفلسطينيين بعد انتهاء حرب غزة    احتجاج مناهض للحرب في غزة وسط أجواء حفل التخرج بجامعة ميشيجان الأمريكية    مصرع شاب غرقا أثناء الاستحمام بترعة في الغربية    إصابة 8 مواطنين في حريق منزل بسوهاج    رئيس قضايا الدولة من الكاتدرائية: مصر تظل رمزا للنسيج الواحد بمسلميها ومسيحييها    اليوم.. قطع المياه عن 5 مناطق في أسوان    الآلاف من الأقباط يؤدون قداس عيد الميلاد بالدقهلية    محافظ الغربية يشهد قداس عيد القيامة بكنيسة مار جرجس في طنطا    البابا تواضروس يصلي قداس عيد القيامة في الكاتدرائية بالعباسية    مكياج هادئ.. زوجة ميسي تخطف الأنظار بإطلالة كلاسيكية أنيقة    دار الإفتاء تنهي عن كثرة الحلف أثناء البيع والشراء    حكم زيارة أهل البقيع بعد أداء مناسك الحج.. دار الإفتاء ترد    صناعة الدواء: النواقص بالسوق المحلي 7% فقط    أبو العينين وحسام موافي| فيديو الحقيقة الكاملة.. علاقة محبة وامتنان وتقدير.. وكيل النواب يسهب في مدح طبيب "جبر الخواطر".. والعالم يرد الحسنى بالحسنى    عاجل.. مفاجأة كبرى عن هروب نجم الأهلي    هل يجوز السفر إلى الحج دون محرم.. الإفتاء تجيب    عبارات تهنئة بمناسبة عيد شم النسيم 2024    تساحي هنجبي: القوات الإسرائيلية كانت قريبة جدا من القضاء على زعيم حماس    محافظ القليوبية يشهد قداس عيد القيامة المجيد بكنيسة السيدة العذراء ببنها    نميرة نجم: حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها غير موجود لأنها دولة احتلال    سعاد صالح: لم أندم على فتوى خرجت مني.. وانتقادات السوشيال ميديا لا تهمني    شم النسيم 2024 يوم الإثنين.. الإفتاء توضح هل الصيام فيه حرام؟    صيام شم النسيم في عام 2024: بين التزام الدين وتقاطع الأعياد الدينية    بعد الوحدة.. كم هاتريك أحرزه رونالدو في الدوري السعودي حتى الآن؟    عوض تاج الدين: تأجير المستشفيات الحكومية يدرس بعناية والأولوية لخدمة المواطن    لطلاب الثانوية العامة 2024.. خطوات للوصول لأعلى مستويات التركيز أثناء المذاكرة    محافظ بني سويف يشهد مراسم قداس عيد القيامة المجيد بمطرانية ببا    رسالة دكتوراة تناقش تشريعات المواريث والوصية في التلمود.. صور    نجل «موظف ماسبيرو» يكشف حقيقة «محاولة والده التخلص من حياته» بإلقاء نفسه من أعلى المبنى    شديد الحرارة ورياح وأمطار .. "الأرصاد" تعلن تفاصيل طقس شم النسيم وعيد القيامة    المنيا تستعد لاستقبال عيد القيامة المجيد وشم النسيم    مهران يكشف أهمية استخدام الذكاء الاصطناعي في التأمين    من القطب الشمالي إلى أوروبا .. اتساع النطاق البري لإنفلونزا الطيور عالميًا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الانفلات الأمني وراء كل المشكلات
نشر في الأهرام المسائي يوم 26 - 09 - 2011

كلمتين يامصر‏..‏ يمكن يكونوا هما آخر كلمتين‏..‏ حد ضامن يمشي آمن‏,‏ أو مآمن يمشي فين؟ هذه الكلمات للشاعر أحمد فؤاد نجم.
تلخص ببساطة حالة الفوضي الأمنية التي يعانيها أهالي المحروسة علي مدار سبعة أشهر مضت تلك الفوضي التي تعتبر السبب الرئيسي لكل المشكلات التي تعاني منها الدولة الآن‏,‏ هكذا قال المفكر الاجتماعي والاقتصادي المصري الدكتور جلال أمين مؤكدا أن الدولة القوية تعني حكومة قوية وهو ما لم يتوافر لمصر معبرا عن خيبة أمله وتفاؤله في آن واحد‏..‏ الأهرام المسائي التقت المفكر الكبير الذي حكي وروي لنا ماذا حدث للمصريين؟ وماذا علمته الحياة؟ ذلك الرجل الذي عاش فرحة ثورة يوليو‏1952‏ وثورة‏25‏ يناير‏2011‏ وما بين الثورتين عاشت مصر‏.‏
‏*‏ كيف تقرأون النقطة التي تقف عندها الثورة الآن؟ وهل ترونها حقا ثورة؟
‏**‏ لم أتردد في وصفها بالثورة منذ قيامها في الخامس والعشرين من يناير وذلك لأن الأعداد المشتركة في المظاهرات والتي وصفت حقا بالمليونية والانتشار الجغرافي من الاسكندرية إلي أسوان بشكل وكم لم يحدث له سابقة في تاريخ مصر ولا حتي في ثورة‏23‏ يوليو‏1952‏ ولا في ثورة‏1919‏ فهذا التجمع الضخم كسر المقاييس أضف إلي ذلك رفع شعارات عميقة وجذرية وعلي رأسها اسقاط النظام‏,‏ لكني أشعر بخيبة أمل كبيرة لأن الكثير من الآمال لم تتحقق حتي تلك التي كان من المتوقع تحقيقها بسرعة لم تتم أيضا مثل استرداد الأموال المهربة وحصر جميع الفاسدين ثم اختيار مجموعة معينة للتحقيق معها وأخري تم استبعادها تماما من المشهد مما جعل الرؤية غير واضحة المعالم‏.‏
‏*‏ هل يمكن أن تحدث انتكاسة للثورة؟
‏**‏ بالطبع لا‏..‏ نعم هناك قلق شديد وخيبة أمل لكن يقابل ذلك كله أيضا حماس شديد بدأ يتصاعد ولا يمكن أن ننسي أو نتناسي حالة الأمن الفوضوية التي دفعت عددا كبيرا من المتعاطفين مع الثورة إلي تقليل هذا التعاطف لكني في كل الأحوال متفائل جدا لأسباب عديدة منها أن الثورة أفصحت وبينت أشياء ايجابية جدا موجودة ومتأصلة في مصر لم نكن نتوقعها وعلي رأسها الشباب ومواقفهم الوطنية وحماسهم الذي فاجأ الجميع أيضا اشتراك المرأة بصورة غير متوقعة وكذلك مشاركة جميع طبقات المجتمع المختلفة وهذا لم يحدث من قبل في أي ثورة‏,‏ ومهما يحدث فلا يمكن أن يعود حكم مبارك ونظامه أو شبيه له بعد ذلك وهذه نقطة مهمة‏,‏ أيضا لم تكن الثورة المصرية ثورة جياع كي نخاف من عقباها بهذا الشكل‏.‏
‏*‏ فماذا تطلق عليها إذن؟
‏**‏ إنها ثورة المظلومين
‏*‏وهل هناك ثورة يقوم بها غير المظلومين؟
‏**‏ يصمت ثم يقول‏:‏ معك حق فليس هناك ثورة تقوم إلا ووراءها مظلومون فلتكن إذن تعبيرا ورمزا لكل المظلومين كما عبرت الثورة بالفعل عن وجهها الجديد والمشرق للعالم كله وجعلت الشعوب الأخري تنتفض وتثور‏.‏
‏*‏ عشت ثورتي يوليو ويناير‏..‏ ما الفرق بينهما؟
‏**‏ فروق كثيرة جدا فالعالم غير العالم والزمن غير الزمن حتي تعداد السكان اختلف كثيرا هناك فارق بين الثورتين فيما يقارب الستين عاما كان الشعب المصري وقتها يمثل‏21‏ مليون نسمة أما الآن فقد زادوا أربعة أضعاف وعلي سبيل المثال كانت هناك في الخمسينيات طبقة أطلق عليها الرئيس الراحل جمال عبد الناصر طبقة النصف‏%‏ ويقصد بها الطبقة المسيطرة وهم الملاك تلك هي الطبقة الثرية في المجتمع المصري آنذاك ثم هناك طبقة وسط تمثل‏20%‏ والثمانون‏%‏ الباقون هم طبقة الفلاحين الغلابة يعيشون حياة غير آدمية وهذا ما جعل الفروق تبدو كبيرة جدا بين الطبقات وفي الوقت نفسه لم يكن هناك طموح لدي الطبقة المتوسطة في أن تعلو كما كان الفلاح الفقير راضيا بحاله ولم يكن لديه أي أمل أو حلم لتغيير حاله إلي الأفضل وساعد علي ذلك بالطبع عدم انتشار التعليم أو وسائل الإعلام فعلي الرغم من عموم السخط علي العهد الملكي بين جميع طوائف الشعب كان أقصي عمل جماهيري يمكن القيام به في ظل الملكية هو انضمام مجتمعات طلابية إلي تجمعات عمالية تحمل بعض الشعارات والهتافات وتسير في الشوارع حتي يفضها رجال الشرطة ولم يكن وقتها التجمع
متاحا إلا في فناء الجامعة وبعض المدارس الثانوية والمصانع‏,‏ أما الآن فقد اختلفت النسبة حيث ارتفعت الطبقة المتوسطة بطموحاتها وآمالها خاصة بعد انتشار السفر للخارج والهجرة في السبعينيات والثمانينيات وانتشار التعليم وبالتالي اختلفت النظرة للأشياء وبدأ الشعب في الإحساس بالفساد وحجمه وأصبح لديهم إحساس بالسخط أكثر كلما تقدم بهم الزمن ولا شك أن وسائل الإعلام ساعدتهم كثيرا‏.‏
‏*‏ وما دور الإعلام في الثورتين؟
‏**‏ كان دور الإعلام في ثورة‏1952‏ دورا‏(‏ كاشفا‏)‏ بالأساس حيث تحولت حركة الضباط الأحرار إلي ثورة لا بالتعبئة الجماهيرية بل بما قامت به الحركة من أعمال واتخذته من إجراءات وأصدرته من قوانين هذا هو الذي جعلها تستحق بجدارة أن تصبح ثورة بعد أن كانت مجرد حركة وقد كشف الاعلام وقتها عن ذلك‏,‏ أما في ثورة‏25‏ يناير فالإعلام كان دوره‏(‏ صانعا وخالقا‏)‏ للثورة ابتداء ومحددا لمسار الأحداث أيضا وقد رأينا كيف نجح الانترنت ووسائل الإعلام الحديثة في تجميع الشعب وتحديد متطلباته وتوجيه أهدافه مع التحفظ طبعا علي بعض القنوات‏,‏ وكلنا رأي كيف أثر التليفزيون في تهدئة الناس سواء ببث بيانات المجلس العسكري وقرارات الحكومة ثم محاكمة مبارك مما يدل علي أن سلاح الإعلام خطير جدا فإن قرارات مهمة أصبحت الآن تتخذ بناء علي ما يمكن أو لا يمكن عمله عن طريق التليفزيون‏.‏ لم يعد ما يسمي بوسائل الإعلام إذن مجرد وسائل لتعريف الناس بما يجري من أحداث بل أصبحت هي التي تحدد مسار الأحداث بما في ذلك مثلا ما إذا كان الرئيس المخلوع ستتم معاقبته أم لا‏.‏؟
‏*‏وما الجديد في الثورة الحالية؟
‏**‏ ثورة‏23‏ يوليو بدأت انقلابا ثم تحولت إلي ثورة حينما انضم الشعب إلي حركة الضباط الأحرار وتضامن الشعب والجيش وتوحدت مطالبهم أما ثورة‏25‏ يناير فهي منذ البداية ثورة بحق انضم فيها الجيش إلي جانب الشعب ونخاف ان تتحول إلي انقلاب في ظل هذه الظروف العصيبة‏.‏
‏*‏ كتابك ماذا حدث للمصريين؟ هل تنبأت فيه بإرهاصات ثورة‏25‏ يناير خاصة وأنت تتحدث عن الطبقية والهجرة والانفتاح الاقتصادي؟
‏**‏ قيل لي ذلك فهناك فصل في الكتاب عن السينما لخصت فيه فيلم المنسي الذي مثله النجم عادل إمام والذي انتهي بمواجهة بين المظلومين والنظام وبالتالي انتهيت بما يقول إننا مقبلون علي ثورة‏,‏ لكني مازلت قلقا علي الثورة من الفوضي الأمنية والانفلاتات مما جعل البيت فوضويا أيضا من الداخل والخارج‏.‏
‏*‏ وكيف نعيد ترتيب البيت من الداخل؟
‏**‏ لقد طردنا من بيتنا ثلاثين عاما وفجأة تسلمنا البيت المغلق علي ناس يعيثون فيه فسادا وكلما حاولنا فتح غرفه فوجئنا بثعابين تقبع خلف باب الغرفة الأولي وذئاب متوحشة خلف باب الثانية وهكذا ولا يمكن فتح كل الأبواب مرة واحدة حتي لا يحدث تخريب وتطهير كل غرفه يحتاج لترتيب أولويات داخل كل ملف علي حدة وفي أن واحد فملف التعليم مثلا يحتاج لترتيب أولوياته وكذلك الاقتصاد والصحة وهكذا وكل يسير جنبا بجنب مع باقي الملفات الأخري‏,‏ صحيح أن هناك مطالب فئوية عطلت جزءا من المسيرة لكن ليس عليهم أي لوم وهذا حقهم الذي حرموا منه طوال ثلاثة عقود متتالية علي الأقل عند التعبير عن مشاعرهم‏,‏ والحق أقول بأن بداية الحلول دائما تأتي من خلال حكومة قوية وحازمة وجادة تملؤها شخصيات قوية مقنعة صادقة وقادرة علي مخاطبة الجمهور وتعد بما تستطيع تنفيذه وليس العكس ولا تتهرب من مشكلاتها وبالتالي تكسب ثقة الناس وتستعيد الدولة هيبتها وهو ما لا نجده الآن علي أرض الواقع والدليل علي ذلك استمرار خروج الناس في مظاهرات واعتصامات وجمعات متعددة المسميات رغم ما تعلنه الحكومة يوميا من إجراءات لذا فنحن في أمس الحاجة لحكومة قوية مقنعة وأيضا صادقة تعد وتنفذ‏.‏
‏*‏ هل في العالم كله حكومة تعد وتفي بوعودها؟
‏**‏ هذا صحيح ليس هناك حكومة مثالية ولكن ليست كل الحكومات سيئة أيضا وكل حكومة تختلف عن الأخري ويؤثر فيها كذلك عامل الوقت فعلي سبيل المثال كانت حكومة عبدالناصر في الخمسينيات أفضل منها في الستينيات وقد كسبت حكومة الثورة ثقة الناس لأن القائمين علي الحكم وقتها شخصيات قوية ومؤثرة ومقنعة فأحبها الناس وساروا خلفها وساعدهم الإعلام طبعا في ذلك وهنا أحب أن أذكر أن تأثير الإعلام الإيجابي يظهر حينما تتولي مقاليد الدولة حكومة قوية تحسن استخدامه كما فعل الرئيس جمال عبد الناصر وكانت انتظار خطبه في الراديو متعة لدي الشعب الكادح ونجح في كسب حب وود الناس ولا أنسي أبدا تلك الأغنية الشهيرة التي تقول عالدوار عالدوار راديو بلدنا فيه أخبار هنا تكمن القوة ونحتاج لمثل تلك الشخصيات الآن ولا يعني ذلك أنني أؤيد حكم العسكر بل أتمني أن أري الدولة المدنية ولكني أيضا أعترف أن حكم العسكر ليس سيئا في كل الأحوال والدليل هو الرئيس الراحل جمال عبد الناصر‏.‏
‏*‏ هل تؤمن بوجود الثورة المضادة؟
‏**‏ الكلام عن الثورة المضادة غير مريح بالنسبة لي‏..‏ نعم هناك أشخاص تتمني أن يعود النظام القديم لأن لهم مصالح مرتبطة بوجوده وآخرون أملهم الوحيد ألا يقدموا للمحاكمة فيفتعلون أحداثا مشوشة بهدف تعطيل تلك الإجراءات لكن في كل الأحوال فإن السواد الأعظم من الشعب مع الثورة وأيضا العالم منعا ومؤيد لنا ولها‏.‏
‏*‏ ولكن هناك مواطنين شرفاء محبون ومخلصون للوطن لكنهم غير مؤمنين بالثورة؟
‏**‏ لا أنكر ذلك ولا ألومهم فمعظمهم آباء وأمهات يبحثون فقط عن الاستقرار خوفا علي أبنائهم وبناتهم خاصة وأن هناك فوضي أمنية بلطجة فضلا عن أن أفقهم السياسية محدودة ومعظمهم غير مسيس وهم كثيرون لكنهم وطنيون بلا شك بينما الذين لديهم وعي سياسي يعرفون أن كل شيء له ثمن والمسألة ليست هينة إنها ثورة‏.‏
‏*‏ كيف ترون أداء الحكومة الحالية؟
‏**‏ أداء مخيب للآمال‏..‏ سبعة أشهر مرت علي قيام الثورة ولم تتحقق الكثير من الأفعال التي تحتاج لقرارات حازمة وسريعة وتحتاج لحلول فورية وعلي رأسها مشكلة الانفلات الأمني التي ضربت البلاد في كل مكان ولم تقدر الحكومة علي التعامل مع تلك المشكلة الخطيرة التي أراها السبب
الأساسي وراء كل المشكلات الأخري أيضا عملية المحاكمات والتحقيقات والمنع من السفر تمت ومازالت بتباطؤ غريب جدا وأين إعمال قانون الغدر الذي تحدثوا عنه‏,‏ ايضا التباطؤ الشديد في التعامل مع تغيير القيادات الجامعية والإعلامية والتلفزيونية التي لا تحتاج سوي لقرار فضلا عن تذبذب القرارات في حد ذاتها وتلك قضية اخري والاختيارات غير الموافقة في مجالات عديدة‏,‏ والذي أعرفه أن الحكومة الضعيفة تعني دولة ضعيفة والدولة الضعيفة لا يمكن تنهض أو تستقر لأن الأمن فيها مضطرب‏.‏
‏*‏ في رأيك‏..‏ ما تفسير ذلك؟
‏**‏ الحقيقة لا أعرف هل هو ضعف أم ضغوط متزامنة في اتجاهات مختلفة أم هي ضغوط متضاربة لاتجاهات متباينة ولكن سبعة أشهر كان من الممكن جدا انجاز أشياء كثيرة تطمئن هذا الشعب وتكسب تعاطفهم يكفي أن أقول أن قانون الإصلاح الزراعي والذي نستفيد منه حتي الآن صدر في أقل من شهرين بعد قيام ثورة‏1952‏ فلماذا لم تتخذ ثورتنا الحالية قرارات سريعة وحاسمة في بعض الأمور خاصة مع تلك التي لا تحتاج لتغييرها سوي لقرار يمضي واختيار مناسب كإصلاح إدارات وقيادات الجامعة والإعلام والمؤسسات الصحفية كما ذكرنا لماذا كل هذا التباطؤ في التعامل مع الأحداث التي من المفترض ان ننهيها بأسرع ما يمكن وإذا كان الأمر كذلك فكيف سنتعامل مع الملفات التي تحتاج فعلا إلي وقت طويل هذا أمر يحتاج إلي تفسير من قبل الحكومة ذاتها لكن الموقف كله يتسم بعدم الوضوح‏.‏
‏*‏ وماذا تفعل الحكومة إذا تعارضت مصلحة البلد مع استرضاء الشعب؟
‏**‏ أنا متأكد من أن ما تطالب به جموع الشعب هو بالطبع مصلحة البلد ولن يكون هناك تعارض وأعتقد أن الحكومة لن تقع في هذا المأزق لأن الشعب المصري عظيم وأصيل لدرجة تفوق كل التصورات وإذا نجحت الحكومة بذكائها في عمل لقاءات معينة مع فئات الشعب المختلفة فسوف تكون هناك نتيجة عظيمة ولكن الطريقة هي التي تحكم نجاحها من عدمه‏.‏
‏*‏ وماذا عن محاكمة مبارك ونجليه ورموز النظام السابق؟
‏**‏ كنت رافضا من البداية ان تبث محاكمة الرئيس السابق مباشرة علي شاشات التليفزيون ولكن ربما كان اللجوء إلي هذا لتهدئة وإرضاء الجماهير وأهالي الشهداء وأعتقد أن البث المباشر لم يؤت بثماره ولم يكن ذا جدوي وكان يكفي أن تشير الصحافة والاعلام لما دار بالجلسة وفقط فهناك فرق شاسع بين التعبير عن مشاعر الغضب وبين الرغبة في القصاص ورجوع الحق لأصحابه‏.‏
‏*‏ ألا يمكن أن يؤثر ميل الشعب إلي الانتقام علي سير المحاكمات؟
‏**‏ هناك فرق شاسع بين رغبات الجماهير وبين التعبير عن مشاعرهم‏,‏ فكل ثائر يعبر عن مشاعره بشعارات تنم عن وحش مفترس وينادي بهتافات أشبه بالمعركة والرصاص وتلك هي مشاعر الغضب والثورة وذلك كله أمر طبيعي بينما تترجم تلك المشاعر الثورية في شكل رغبات يطالب بها الثوار كمطلب العدالة الاجتماعية ومعاقبة المفسدين وتلك يجب احترامها وتلبيتها بالشكل المناسب‏,‏ فرق كبير بين تملق الشعور وبين الاستجابة للرغبات‏,‏ وكما قلت الشعب المصري من أجمل الشعوب في تلك النقطة فهو يحب ويغفر والكثير من المصريين تراجعوا عن رغبتهم في الانتقام من مبارك بعدما رأوه يحاكم وراء القفص وعلي سرير المرض والكثير منهم ردد أنه اتبهدل كتير وكفاية عليه كده‏.‏
‏*‏ وهل تؤيدهم في ذلك؟
‏**‏ أنا واحد من هذا الشعب الذي أشرف بالانتماء اليه وهذا الشعب أصيل يغفر دائما ويكفي ان أذكر أن ثوار‏1952‏ عاملوا الملك فاروق وهو غير مصري أصلا بكل احترام وسلام حينما طالبوه بالرحيل بل ضربوا له تعظيم سلام وهو علي ظهر المركب عند توديعه فما بالنا ونحن نتعامل مع حاكم مصري بالأساس‏..‏ كما أنني لا أحب أن نضيع وقتنا في الانتقام فالطريق يحتاج لعمل جاد ونظرة أوسع للأمام وللمستقبل‏.‏
‏*‏ من تراه رئيس مصر القادم؟
‏**‏ هل تقصدين مواصفاته الشخصية أم شخصيات بعينها تودين أن أفصح عنها أم من أتمناه رئيسا لمصر أمن يأتي نتيجة قراءتي للواقع والمشهد السياسي الحالي؟
‏*‏ ماذا عن كل هؤلاء؟
‏**‏ من حيث المواصفات فلابد ان تتوافر في رئيس الدولة قوة الشخصية والنزاهة الوطنية والنشاط الدءوب‏(‏ يضحك‏)‏ ثم يقول‏:‏ ويستحسن طبعا أن يكون عمره أقل من السبعين‏..‏ وهناك ثلاثة أطباء كبار أراهم مستوفين كل تلك الشروط وأتمني ان يصبح أحدهم رئيسا لمصر وهم الدكتور علاء الأسواني والدكتور محمد أبو الغار والدكتور محمد غنيم وأضيف عليهم الدكتور عبدالجليل مصطفي وجميعهم تنطبق عليهم مواصفات الرئيس ولكن يا للخسارة لم يرشح أي منهم نفسه للرئاسة أما المرشحون الحاليون فلا أميل لأي منهم وخصوصا الدكتور البرادعي وأميل قليلا لعبد المنعم أبو الفتوح ولكن قد يظهر علي الساحة وفي الواقع رجل آخر يستحق ان ارشحه وآمل ذلك‏..‏ أما عن الواقع الذي اراه فعلي الارجح إذا تمت بالفعل انتخابات نزيهه سوف تكون لصالح التيار الديني بلا منازع لأن كفته الآن راجحة وهم الأغلبية المجتمعة وهذا لا يعني انني أميل شخصيا اليهم لكن المؤشرات تؤول إلي ذلك‏.‏
‏*‏ هل تعني أن التيار الديني بدأ يتصاعد بعد قيام الثورة؟
‏**‏ لا لم يتصاعد في أعقاب ثورة‏25‏ يناير فطالما كان يتصاعد طوال السنوات الأربعين الماضية والفرق الآن هو غياب الأمن الذي كان يتصدي لهم‏,‏ والمشكلة كانت في السياسات المختلفة في الاقتصاد والتعليم والإعلام التي ساهمت في ايجاد نوع من التشنج الديني داخل المجتمع المصري منذ فترة طويلة‏.‏
‏*‏ كيف مهدت السياسة الاقتصادية والتعليمية والإعلامية إلي هذا التصاعد؟
‏**‏ هناك مبدأ عام يقول إنه عندما تزداد البطالة وتنتشر في مجتمع ما وتصل الآمال إلي طريق مسدود بحيث لا يمكن تحقيقها فإن ردود الفعل من سخط وغضب وغل يتم صبها علي الأقليات بقصد أو بغير قصد وهذا المبدأ يسير علي كل مجتمع في هذا العالم يتمتع بهذين الشرطين وكما نري فقد فشلت سياساتنا الاقتصادية أثناء عهد مبارك وما قبله في حل مشكلة البطالة بل ساهمت في توطينها إلي حد جعل الفتنة تزداد التهابا بشكل واضح ولم تنجح تلك السياسة أبدا في ايجاد فرص عمالة فضلا عن العشوائيات والظروف الصحية والمعيشية الأكثر من سيئة كل ذلك جعل الحقد والسخط أكبر وأشد‏..‏ أما السياسة التعليمية فتجد أن المقررات والمناهج الدراسية بها ما يحرض علي الفتنة بالفعل ويبث مشاعر الكره بين المسلمين والأقباط وكذلك المدرسون لا يساعدون أبدأ في وأد الفتنة بل يشعلونها أكثر‏..‏ أما الإعلام فقد ظل لفترات طويلة جدا ينمي النزعات اللاعقلانية في الدين والتفسير اللاعقلاني للدين‏..‏ نحن نحتاج لأمثال الشيخ محمد عبده الذي كان يحبب الناس في الأديان الأخري والحل يكمن بالتأكيد في التخلص من روافد الفتنة كما ذكرنا وعلي الإعلام أن يساهم بشكل فعال في ذلك والسينما أيضا والدراما فأين المسلسلات أمثال خالتي صفية والدير التي تحث علي المودة بين المسلمين والمسيحيين وأين تعانق الصليب مع الهلال في أفلامنا ومقرراتنا وأعمالنا؟‏..‏
‏*‏ التطرف قد يصيب الديمقراطية أيضا‏,‏ ما هي عراقيل الديمقراطية؟ وكيف يمكن تجاوزها؟
‏**‏ نحن نفهم الديمقراطية بشكل ساذج فالقرار السليم ليس بالضرورة حصيلة جمع وطرح أصوات وعموما هناك ثلاثة عوامل تعرقل المسار نحو الديمقراطية في مصر وهي حجم الفساد وطبيعته والتفسير اللاعقلاني للدين وما حرم منه المصريون طوال ستين عاما من ممارسة حق التعبير الحر عن النفس وتكوين الأحزاب والتلاحق الحقيقي بين الأفكار‏..‏ والحل يكمن في القضاء علي الفساد وأسبابه ومنه شراء السلطة بالمال أيضا منع استغلال المشاعر الدينية لتغليب مرشح علي آخر وكذلك إفساح أكبر مجال للتعبير الحر عن الرأي ولكن مع حماية الرأي من سطوة المال ومن استغلال العواطف الدينية‏.‏
‏*‏ كيف تقرأون وتفسرون السياسية الاقتصادية الحالية؟
‏**‏ ليست هناك سياسة اقتصادية أصلا كي أقراها أو أفسرها نحن نسير اليوم بيومه كل يوم له سياسته الخاصة ربما لأن الأمور الاقتصادية والمالية كان تولي في السابق لغير أهلها لكن الآن جاء رجال الاقتصاد ولكن في توقيت عصيب وصعب للغاية ومطلوب منهم أن يعبروا الجسر‏,‏ لقد وصل الاقتصاد المصري إلي حالة تكسف من معدل نمو منخفض في الناتج القومي مع معدل بطالة مرتفع وجهاز إنتاجي مختل لصالح الخدمات وعلي حساب الصناعة والزراعة ونسبة عالية من الاعتماد علي الخارج في توفير بعض السلع الأساسية أهمها القمح مع مستوي عال من الديون الداخلية ونمط بالغ السوء لتوزيع الدخل ونظام للتعليم متهالك‏,‏ وأري أن حل مشكلة الأمن هو الفيصل للنهوض بالاقتصاد ولست من أنصار الحديث طويلا عن المشكلات الاقتصادية طويلة المدي الآن فليس هذا وقتها علي الإطلاق مثل مشكلة العدالة الاجتماعية التي ليس لها حل أبدي ولا يمكن حلها أصلا بين يوم وليلة ولست أعني بذلك تركها أو ركنها علي الرف بل يجب تشكيل لجان لدراسة مطالب الناس المشروعة وهي كثيرة وبذلك نحقق نوعا من العدالة يأتي بشكل منظم ومنتظم ودون أن يعيق عملية الإصلاح‏,‏ كما أن الحديث عن تطبيق الضرائب التصاعدية الآن لا يصح أبدا في ظل هذا الركود فالأولي أن ننهض بالسياحة ونعمل علي عودة المستثمرين وأنا مع تطبيق تلك الضرائب ولكن ليس وقتها الآن‏.‏
‏*‏ ماذا عن البطالة؟
‏**‏ هي أكثر عامل سخط لدي الناس علي مجتمعهم وحكامهم خاصة وأن تعليم معظمهم عال وتلك المشكلة قديمة وسببها أن الهجرة للخارج قلت والحكومة سحبت يدها من الاستثمار تاركة الخريجين تحت رحمة القطاع الخاص يتحكم في عملهم وفقا لمتطلباتهم واستثماراتهم ايضا والبعد عن الاستثمار الحكومي والمبالغة في الاعتماد علي الاستثمارات الأجنبية كثيفة الاستخدام لرأس المال والعمالة القليلة‏..‏ واعترف أن الظروف الحالية ليست في صالحهم من حيث إحجام المستثمرين ولكن نأمل أن نبدأ بالحل من خلا النهوض بالسياحة علي سبيل المثال لأنها سوف تحل جزءا من المشكلة وترفع معدل العمالة‏,‏ وأري أن التركيز علي حل مشكلة البطالة ومكافحتها أهم بكثير من التركيز علي زيادة الناتج القومي‏,‏ كما أن زيادة السكان مشكلة أخري تساهم في تفاقم البطالة وحل مشكلة الاقتصاد سوف يحل مشكلة السكان وذلك لأن الرقي الاقتصادي يصحبه تقليل في النسل‏,‏ لذا يجب الاتجاه الآن إلي المشروعات الصغيرة والمتوسطة وعلي البنوك أن تمول تلك المشروعات التي سوف تحل جزءا كبيرا من البطالة‏,‏ أيضا النهوض في مجال السياحة يمكن ان يستوعب مئات الألوف من المصريين ولا ننسي الزراعة طبعا لكن إمكاناتها في مصر بسيطة ومحدودة حتي المشروعات التي أقيمت بهدف الزراعة كانت خطأ ومنها مشروع توشكي رغم أن استثماراته كانت كبيرة ومكلفة أيضا‏,‏ وهكذا نحتاج للاستثمار في كل مجال يمكن أن يستوعب ايدي عاملة‏.‏
‏*‏ وماذا عن الحدين الأقصي والأدني للأجور؟
‏**‏ لا أرجح ايضا الحديث عن وضع حد أقصي للأجور فهذا أمر في غير أوانه ولا حتي الحد الأدني لأن الأمر يحتاج إلي أن يعالج بعناية خاصة مع وجود تضخم ومشكلة البطالة ولكن من الممكن جدا أن تطبق وزارة الصناعة الحد الأدني والأقصي علي كل الشركات الحكومية والقطاع العام كل علي حدة وبما يناسب الشركة وأوضاعها المالية وذلك من خلال لجنة مختصة من قبل الوزارة تقوم بدراسة حالة كل شركة منفردة وتعالج الفئات المتضررة‏,‏ أما بالنسبة للقطاع الخاص فأري أن نتركهم لحالهم حتي لا تتراجع الاستثمارات إذا فرضنا عليهم الحدين الأقصي والأدني لأن ذلك سوف يصيب الاقتصاد بالركود‏,‏ والأكثر من ذلك أنه في ظل انتشار البطالة فإن الحد الأدني لا يطبق أساسا لأن هناك ناسا تقبل العمل بأقل من هذا الحد الأدني المقرر فعلي سبيل المثال حينما رفع الرئيس جمال عبدالناصر الحد الأدني للأجر الزراعي لم يتم تطبيقه فعليا إلا عندما بدأ بناء المصانع والسد العالي وبدأ الإنتاج وقلت البطالة وقتها طبق الحد الأدني فعليا‏,‏ وأنا أري أن غياب الدولة هو المرض الحقيقي الذي تولدت عنه مختلف المشكلات الاقتصادية التي نشكو منها الآن في مصر‏.‏
‏*‏ ماذا تعني بغياب الدولة؟
‏**‏ سأشرح لك مثالا السنوات العشر السابقة لهزيمة‏1967‏ أي تقريبا منذ عام‏1956‏ كانت الدولة المصرية قوية حيث تم تعديل قانون الإصلاح الزراعي ثم جاء تأميم القناة ثم بناء السد العالي والمصانع وارتفاع معدل التصنيع أنا بعد النكسة ظهر ضعف الدولة حيث تدهور نظام التعليم وزادت البطالة وقلة الإنتاج واستمرار العجز في الميزان التجاري أي عجز الصادرات عن أن تلحق بالواردات وكذلك ارتفاع معدل نموالسكان وتلك العلل اصابت إدارة الدولة بالشلل والاستسلام للقوي الخارجية حتي حينما جاء الإنفتاح في عهد السادات كان انفتاحا استهلاكيا وليس إنتاجيا والحل يكمن في استعادة الدولة المصرية قوتها وهيبتها وقانونها ونفض غبار الرخاوة الفظيعة نحن بحاجة لدولة قوية وليست بوليسية‏.‏
‏*‏ لماذا اختفت المشروعات القومية من مصر؟
‏**‏ ولماذا بالضرورة مشروع قومي؟ ليس شرطا أن يكون هناك مشروع واحد كبير يلتف حوله المصريون بل يمكن أن تكون هناك عدة مشروعات صغيرة ناجحة وتحل مشكلة البطالة أفضل من تلك القومية فلم تعد لها جاذبية ولو أن هناك خطة سياحية مثلا في عدة مشروعات مثل بناء الفنادق فإنها ستعود بنتيجة أقوي بكثير من المشروع الواحد الكبير والمكلف بالطبع بل يمكن أن تعود بآثار اقتصادية لها نفس أهمية مشروع السد العالي‏,‏ ونادرا ما يكون هناك مشروع واحد له جاذبية مثل السد العالي فمشروع السد كان له جاذبية في العمل أعتقد أنها لن تتكرر‏.‏
‏*‏ فما رأيك إذا في المشروعات الكبيرة والقومية التي طرحها بعض علماء مصر؟
‏**‏ مشروع ممر التنمية الذي اقترحه الدكتور فاروق الباز لا أرجحه أبدا لأنه مكلف جدا ويتسم بعدم الوضوح في بياناته ومعلوماته‏,‏ أما مشروع تنمية سيناء فعلي الرغم من أنه مكلف لكنه مرتبط بطموحات الناس القومية والسياسية وهذا هو المشروع القومي الذي له جاذبية السد العالي‏,‏ أما المشروع النووي والذي أعلن الدكتور محمد النشائي عن استعداده للتبرع بخمسين مليون دولار من أجله فأعتقد أنه مشروع واجب التنفيذ من الناحية الاقتصادية لأن الاستثممار في تنمية الطاقة النووية للاستخدامات السلمية مطلوب وضروري ايضا مشروع الجامعة الذي اقترحه الدكتور زويل جيد للغاية لكن لابد أيضا من تطوير الجامعات المصرية ومشروعات التكنولوجيا العلمية وكل ذلك بحاجة إلي مساعدات وتبرعات سواء من الداخل أو الخارج‏..‏ وفي كل الأحوال لابد أن نعود إلي نظام التخطيط الذي تنكرنا له وهجرناه بدون مناسبة فالتخطيط العلمي هو الطريقة الوحيدة لاكتشاف وإقرار المشروعات الأكثر ملاءمة وأهمية سواء كانت صغيرة أم كبيرة وهو الذي يحدد التوقيت أيضا لبدايتها ونهايتها‏.‏
‏*‏ أخيرا ماذا حدث للمصريين؟ وما الذي لم يحدث لهم بعد؟
‏**‏ أشياء كثيرة حدثت للمصريين لا يمكن اختصارها في عدة سطور لكنهم في كل الأحوال أرقي شعوب العالم وأكثرها نبلا وأصالة وكثير أيضا الذي لم يحدث لهم فالطريق أمامنا طويل وهكذا علمتنا الحياة‏.‏


إضافة تعليق

البيانات مطلوبة

اسمك
*


بريد الالكترونى *
البريد الالكتروني غير صحيح

عنوان التعليق *


تعليق
*


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.