ضمن مبادرة"صَحِّح مفاهيمك".. أوقاف الفيوم تنظم قوافل دعوية حول حُسن الجوار    مجلس النواب 2025.. بعد كمال الدالي.. محمد سليم يعلن استقالته من حزب الجبهة الوطنية بأسوان ويعتذر عن خوض الانتخابات    صندوق التنمية السياحي يصدر أحدث أوراقه البحثية عن الدور المحوري للشركات الناشئة في القطاع السياحي    بوتين يجري مباحثات ثنائية مع رئيس وزراء توجو في الكرملين    مستشار الرئيس الأمريكي: واشنطن تعمل لفرض هدنة وإنهاء الصراع في السودان    أكسيوس: واشنطن تنتظر رد زيلينسكي بشأن مناقشة خطة أمريكية جديدة لوقف الحرب    وكالة ناسا تكشف صورا مقربة لمذنب عابر قادم من نجم آخر    حماس: المجزرة المروعة في غزة وخان يونس تصعيد خطير يسعى من خلالها نتنياهو لاستئناف الإبادة ضد شعبنا    دوري أبطال أفريقيا.. بعثة ريفرز النيجيري تصل القاهرة لمواجهة بيراميدز| صور    خالد الغندور: أفشة ينتظر تحديد مستقبله مع الأهلي    أرسنال يكبد ريال مدريد أول خسارة في دوري أبطال أوروبا للسيدات    قلق داخل الجهاز الفني لمنتخب مصر قبل أمم إفريقيا بسبب صلاح ومرموش    حبس ممرض حاول التحرش بموظفة بمستشفى شهير في الدقي    التحقيقات.. لا شبهة جنائية في وفاة نجار مسلح سقط من أعلى عقار بالهرم    بمعرض الكويت للكتاب.. "أرجوحة" المصرية تفوز بجائزة عبد العزيز المنشور لأفضل ناشر عربي    ميسي: كنت أتمنى إنهاء مسيرتى فى برشلونة لكن الظروف كانت أقوى مني    الذكاء الاصطناعي يمنح أفريقيا فرصة تاريخية لبناء سيادة تكنولوجية واقتصاد قائم على الابتكار    حكيمي أفضل لاعب فى أفريقيا: نعد الجمهور المغربى بحصد كأس الأمم 2025    أمريكا: المدعون الفيدراليون يتهمون رجلا بإشعال النار في امرأة بقطار    انقلاب سيارة محملة بالطوب بالطريق الصحراوي الغربي في قنا    السكة الحديد تصدر بيان عقب تداول فيديو اختفاء مسامير تثبيت قضبان بأحد الخطوط    ماييلي: جائزة أفضل لاعب فخر لى ورسالة للشباب لمواصلة العمل الدؤوب    رشا عدلي: بدأت مشروعي الروائي بوعي.. وأشعر أن روح بطلة «شغف» تسكن الرواية وتدفعها للأمام    عصام صاصا عن طليقته: مشوفتش منها غير كل خير    بعد تعرضه لوعكة صحية في دبي.. رئيس اتحاد الناشرين العرب يوجّه بيان شكر    زيارات ميدانية ومراجعة عقود الصيانة.. توجيهات من رئيس هيئة التأمين الصحي لتعزيز جودة الخدمات    أخصائي تغذية: الجبن يمكن أن يسبب الإصابة بالإدمان    منتخب مصر فى التصنيف الثالث بقرعة كأس العالم 2026 رسميا    أسامة كمال عن حوار مجدي يعقوب ومحمد صلاح: لقاء السحاب ومباراة فى التواضع    قليوب والقناطر تنتفض وسط حشد غير مسبوق في المؤتمر الانتخابي للمهندس محمود مرسي.. فيديو    أبناء محمد صبري ينضمون لفرق الناشئين بنادي الزمالك    رئيس مجلس القضاء الأعلى يزور شيخ الأزهر الشريف    هكذا دعمت بسمة بوسيل تامر حسني بعد تعرضه لوعكة شديدة    عبدالوهاب شوقي: لم يشغلني سبب منع «آخر المعجزات» وكنت واثقا من عرضه بالقاهرة السينمائي    الأرصاد الجوية: ارتفاع تدريجي في درجات الحرارة وشبورة مائية على بعض الطرق خلال الأيام المقبلة    أسعار الأسهم الأكثر ارتفاعًا وانخفاضًا بالبورصة المصرية قبل ختام تعاملات الأسبوع    الصحة: مرض الانسداد الرئوي يصيب أكثر من 392 مليون شخص عالميا    خالد الجندي: الكفر 3 أنواع.. وصاحب الجنتين وقع في الشرك رغم عناده    هل دخل الشقق المؤجرة الذي ينفق في المنزل عليه زكاة؟.. أمين الفتوى يجيب    محافظ كفر الشيخ يناقش جهود مبادرة «صحح مفاهيمك» مع وكيل الأوقاف الجديد    من يعود إلى المنزل بهذه الجوائز.. كاف يبرز كؤوس الأفضل في حفل الرباط    جنازة المخرج خالد شبانة عقب صلاة العشاء بالمريوطية والدفن بمقابر العائلة بطريق الواحات    غرامة 100 ألف للمخالف.. بدء الصمت الانتخابى بانتخابات مجلس النواب ظهر غدا    رئيس جهاز مستقبل مصر ووزير التعليم يواصلان جهود تطوير التعليم الفنى    سكك حديد مصر تسيير الرحلة الثالثة والثلاثين من مشروع العودة الطوعية للأشقاء السودانيين    جامعة أسيوط تطلق قافلة طبية مجانية لعلاج أسنان الأطفال بكلية طب الأسنان    بعد اكتمال المشروع| ماذا تعرف عن الكابل البحري العملاق 2Africa ؟    أهم أحكام الصلاة على الكرسي في المسجد    وزير الري يلتقي نائب مدير الوكالة الفرنسية للتنمية    المسلماني: برنامج دولة التلاوة يعزز القوة الناعمة المصرية    رئيس جامعة المنيا يفتتح الملتقى التوظيفي الخامس لكلية السياحة والفنادق    استعدادا لاستضافة cop24.. البيئة تكثف أنشطة التوعوية بالمحافظات    رئيس مجلس الشيوخ الإسباني يستقبل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي    أردوغان: صادراتنا السنوية بلغت في أكتوبر 270.2 مليار دولار    الصحة: مصر خالية من الخفافيش المتسببة في فيروس ماربورج    رئيس جهاز الثروة السمكية: صحة المصريين تبدأ من الطبيب البيطرى.. حارس الأمن الغذائي للبلاد    مقتل 6 عناصر شديدى الخطورة وضبط مخدرات ب105 ملايين جنيه فى ضربة أمنية    مواقيت الصلاه اليوم الأربعاء 19نوفمبر 2025 فى المنيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كلمتين يا مصر يمكن.. هما آخر كلمتين حد ضامن يمشي آمن .. أو مآمن يمشي فين؟

لحظات.. تلك التي فصلت بين تحولي من صحفي يده لا تعرف سلاحا إلا القلم يدافع به عن الناس في الشارع إلي شخص يمسك بيده سلاحا يواجه به واحدا من هؤلاء الذين دافعت عنهم في لقاء لا يقبل القسمة علي اثنين فهو لقاء يجب أن ينتهي ببقاء أحدهما فقط وهذا ما حدث.
البداية كانت الجمعة 27 يناير (10 صباحا).. أبلغتني زوجتي علي هاتفي المحمول أن جدتها دخلت في غيبوبة سكر و.. فجأة انقطع الخط ومعه خدمات الشبكات الثلاث قبل الموعد المحدد لتنفيذ القرار الكارثي بساعتين.. وعلي الرغم من أن المستشفي لا يبعد عن المنزل دقائق إلا أن انقطاع الموبايل جعل الوصول للطبيب المعالج مستحيلا.. عندما وصل الطبيب كانت قد مرت ساعة علي دخول الجدة في الغيبوبة وكان رد الطبيب الطبيعي هو (البقاء لله.. شدوا حيلكوا).
هكذا بدأت جمعة الغضب ماتت سيدة عجوز ضحية قرارات غشيمة أشعلت الموقف بدلا من إخماد نيرانه والله وحده يعلم كم غيرها لقوا نفس المصير وسط انعدام وسائل الاتصال السريعة وانشغال المستشفيات باستقبال مصابي المصادمات نهارا والانفلات الأمني للمجرمين ليلا. إكرام الميت.. رجمه!
المشهد الطبيعي في الشارع المصري عند مرور جنازة.. أن يفسح الجميع الطريق ويرفعوا أصابعهم بتوحيد الله وقراءة الفاتحة للميت في خشوع.
لكن في ذلك اليوم رأيت شعبا آخر.. ففي الطريق إلي مدافن (15 مايو) استقبلت الحشود المتجمهرة في منطقة المعصرة سيارة نقل الموتي بالطوب و«الشوم» صرخنا في السائق ان يعود أدراجه سريعا وبدأت السيارات تصطدم ببعضها في محاولة للهروب رجوعا من الطريق، جاءت مظاهرة من الخلف يتقدمها شباب ممسكون بضابط شرطة - يرتدي ملابسه الميري برتبة نقيب - وكأنه مجرم معلق من (قفاه)، لا تستطيع أن تجزم إن كان حيا وفقد الوعي أم أنه قد مات من الضرب المبرح.
حاصرونا فحاولنا تذكيرهم أن الموت له جلاله وإكرام الميت دفنه وعليهم أن يفسحوا لنا الطريق.. كان الرد «اللي مش عاجبه هايحصلها مش كفاية راكبين عربيات وإحنا مش لاقيين نركب أوتوبيس».. التفت لأجد أحدهم يهدد أخا زوجتي بقالب طوب.. إما أن يعطيه (سيجارة وخمسة جنيهات) أو يحطم له السيارة؟
الجنازة التي تحركت من حدائق القبة بعد صلاة العصر وصلت إلي مدافن15 مايو في الثامنة مساء بعد التعرض لجميع أنواع الاعتداءات ومحاولات السرقة، لكن كل ذلك كان لا شيء في ما حدث أثناء العودة.
الجمعة 10 مساء
عدنا إلي حدائق القبة وفي شارع ترعة الجبل وجدنا أكثر من 2000 شخص يحملون الشوم والأسلحة البيضاء ولمبات ال«فلورسنت» يحطمونها علي سيارات المارة فتصدر صوتا مدويا يرهب الناس.
الجمعة 30,11 مساء
عادت نفس المظاهرة وهم يحملون أسلحة سلبوها من قسم الزيتون وهم يهتفون «خلاص.. قسم الزيتون خلاص» وسادت الفوضي.
سبت .. الفوضي
فجأة سمعنا ضجة وصراخا وحدثت فوضي شديدة فعرفنا أن هناك هجوما من مجرمين علي سوبر ماركت كبير في منتصف الشارع به ماكينة (ATM) للبنك الأهلي.
بدون اتفاق مسبق هبط الجميع إلي الشارع.. وكذلك أنا أمسكت بسكين مطبخ في يميني وبشومة في يساري وانطلقت دون تمييز يتملكني شعور قوي بالغضب لأن أحدا يحاول الاعتداء علي شرفي أو ممتلكاتي التي سددت ثمنها من أعصابي وصحتي قبل أموالي.
وعلي مدار ساعتين دون ترتيب أو تفاهم طاردنا - سكان المنطقة - مع أشباه بشر ربما هم أقرب لمستذئبين أصابهم سعار، فخرجوا لينهبوا الأموال ويعتدوا علي الأعراض.. واجهنا مسعورين قادمين من عشوائيات محيطة ب (سرايا وحدائق القبة ومصر الجديدة) يهتفون انزلوا بما لديكم من مال وذهب وإلا صعدنا لكم وأخذنا المال والنساء أيضا.
من استوقفناهم بعد ذلك وسلمناهم اشتركوا في صفات واحدة لسانهم ثقيل في الكلام عيونهم زائغة يرتدون ملابس صيفية في عز البرد ولا يشعرون لا بالضرب المبرح ولا بجرح السكين وكأنهم «زومبي» أو الأموات الأحياء.
«استخدمنا في مواجهتهم زجاجات «مولوتوف» وأسلحة نارية مرخصة لبعض سكان المنطقة وأسلحة صوت وأجهزة صدمات كهربائية واستمرت الغارات العشوائية.. فشارعنا مستهدف لأن به (5 هايبر ماركت كبار ومول تجاري وعشرات المحلات للموبايل والكمبيوتر والذهب والملابس).
في المطاردات أحد الشباب كاد يموت بنوبة قلبية بعد أن ركض مسافة حوالي 800 متر ذهابا وإيابا 3 مرات متواصلة في مطاردة واحدة هذا بالإضافة إلي انفعاله وخوفه وغضبه معا.. فسقط فاقدا الوعي وأنقذه جارنا طالب طب في السنة النهائية.
المسعورون استخدموا سيارات الاسعاف وسيارات مسروقة وموتوسيكلات في محاولات هجوم خاطفة بعضها تم الامساك به وتسليمه .
في بداية ليل اليوم الثاني دخلوا الشارع بثلاثة موتوسيكلات وأحدهم يحمل رشاشا وانطلقت «صافرات» الشباب المحذرة بقدوم خطر، فهربوا قبل أن يطلقوا النار وتطورت أساليبهم لاستدراجنا فأرسلوا شخصا يطلب منا أن نذهب معه في سيارة ميكروباص لمستشفي الدمرداش للتبرع بالدم، ولكننا كشفنا اللعبة فورا وفر هاربا أثناء انشغالنا بتوقيف عدد من السيارات التي دخلت علي الكمين الذي نؤمنه.
شخص آخر ملتح ليس من المنطقة وجدناه في منتصف الشارع لحظة أذان العشاء يصرخ بهستريا (اذهبوا للصلاة ضاعت البلد لأنكم نسيتم الله وكفرتم ونساءكم فجروا.. اتقوا الله واتركوا السلاح واذهبوا للصلاة) وقبل أن يرهب الناس بصوته وطريقته تعاملنا معه وألقيناه خارج المنطقة مستخدمين معه الرأفة.
التغيير.. لما قبل التاريخ!
منذ مواجهات السبت مرت أيام ننظم ونؤمن ونحمي فقط ولا نستخدم السلاح ضد أحد مع تعرضنا لاطلاق النار من وقت لاخر ورغم دعوات الناس لنا بالتوفيق والحماية من الله لما نفعله ورغم محاولتي أن أري الجانب الإيجابي فيما نقوم به إلا أني أظل أشعر وأنا أقف كل يوم في دوريتي بانفصام في الشخصية وأتذكر (دكتور جيكل ومستر هايد) أشعر وأنا أقف في عرض الطريق حاملا شومة وسكينا أن ما ينقصني لأصبح نموذجا لإنسان ما قبل التاريخ هو ارتداء رقعة من جلد حيوان علي طريقة أبوالليف.
أشعر أني فقدت تحضري وضاعت المدنية وعدنا لقانون الغاب حيث تحمي كل قبيلة موطنها بالذراع.. أنظر لرفاقي المحامي والطبيب والمهندس والضابط والطيار وقد تركوا أعمالهم وغيرهم من الشباب الذين أغلقت شركاتهم وصرفوا مؤقتا من العمل.. أسمع همساتهم وهم يتحسرون (اتستتنا في البيت).. أحسب الخسائر والمكاسب التي عادت مما حدث فلا أجد سوي خسارة فادحة. «كلمتين يا مصر يمكن..
هما آخر كلمتين
حد ضامن يمشي آمن
أو مِآمن يمشي فين»
من قصيدة أحمد فؤاد نجم
«كلمتين إلي مصر»


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.