الفريق أسامة عسكر يتفقد أحد الأنشطة التدريبية بالقوات البحرية    ارتفاع أسعار الفول والزيت وتراجع اللحوم اليوم الجمعة (موقع رسمي)    سها جندي: ندرس إنشاء مراكز متخصصة لتدريب الراغبين في الهجرة    الإسكان: تشغيل 50 كم من مشروع ازدواج طريق «سيوة / مطروح» بطول 300 كم    إسرائيل تُعلن استعادة 3 جثث لرهائن من قطاع غزة    موعد مباراة الأهلي والزمالك لحسم لقب دوري المحترفين لكرة اليد    رسميًا| ميلان يعلن رحيل بيولي عن تدريب الفريق (فيديو)    طقس الساعات المقبلة.. "الأرصاد": انخفاض في الحرارة يصل ل 5 درجات بهذه المناطق    رفع 36 سيارة ودراجة نارية متهالكة.. خلال 24 ساعة    غدا، 815 ألف طالب يبدأون امتحانات الدبلومات الفنية التحريرية 2024    معدية أبوغالب.. انتشال جثة "جنى" آخر ضحايا لقمة العيش    قرارات جمهورية هامة ورسائل رئاسية قوية لوقف نزيف الدم بغزة    في ختام دورته ال 77 مهرجان «كان» ما بين الفن والسياسة    تجديد ندب أنور إسماعيل مساعدا لوزير الصحة لشئون المشروعات القومية    ألين أوباندو.. مهاجم صاعد يدعم برشلونة من "نسخته الإكوادورية"    مجلس أمناء جامعة الإسكندرية يطالب بالاستخدام الأمثل للموازنة الجديدة في الصيانة والمستلزمات السلعية    تراجع مؤشرات الأسهم اليابانية في جلسة التعاملات الصباحية    سويلم يلتقى وزير المياه والري الكيني للتباحث حول سُبل تعزيز التعاون بين البلدين    «الجيل»: التشكيك في المفاوضات المصرية للهدنة هدفها استمرار الحرب وخدمة السيناريو الإسرائيلي    مصرع 14 شخصاً على الأقلّ في حريق بمبنى في وسط هانوي    نائبة رئيس الوزراء الإسباني تثير غضب إسرائيل بسبب «فلسطين ستتحرر»    النشرة المرورية.. سيولة فى حركة السيارات على محاور القاهرة والجيزة    17 رسالة من «التربية والتعليم» لطمأنة الطلاب    «المعلمين» تطلق غرفة عمليات لمتابعة امتحانات الدبلومات الفنية غدًا    أمريكا تفرض قيودا على إصدار تأشيرات لأفراد من جورجيا بعد قانون النفوذ الأجنبي    أسعار الخضروات اليوم 24 مايو في سوق العبور    نقيب المحامين الفلسطينيين: دعم أمريكا لإسرائيل يعرقل أحكام القانون الدولي    عائشة بن أحمد تروي كواليس بدون سابق إنذار: قعدنا 7 ساعات في تصوير مشهد واحد    هشام ماجد: الجزء الخامس من مسلسل اللعبة في مرحلة الكتابة    حملات توعية لترشيد استهلاك المياه في قرى «حياة كريمة» بالشرقية    الصحة العالمية: شركات التبغ تستهدف جيلا جديدا بهذه الحيل    "صحة مطروح" تدفع بقافلة طبية مجانية لخدمة أهالي قريتي الظافر وأبو ميلاد    «الإفتاء» توضح مناسك الحج بالتفصيل.. تبدأ بالإحرام    «الإفتاء» توضح نص دعاء السفر يوم الجمعة.. احرص على ترديده    ألمانيا: سنعتقل نتنياهو    «القاهرة الإخبارية»: أمريكا تدرس تعيين مستشار مدني لإدارة غزة بعد الحرب    حظك اليوم برج العقرب 24_5_2024 مهنيا وعاطفيا..تصل لمناصب عليا    عودة الروح ل«مسار آل البيت»| مشروع تراثي سياحي يضاهي شارع المعز    نقابة المهندسين بالغربية تنظم لقاء المبدعين بطنطا | صور    قطاع السيارات العالمي.. تعافي أم هدوء قبل العاصفة؟    مدرب الزمالك السابق.. يكشف نقاط القوة والضعف لدى الأهلي والترجي التونسي قبل نهائي دوري أبطال إفريقيا    مقتل مُدرس على يد زوج إحدى طالباته بالمنوفية    أشرف بن شرقي يقترب من العودة إلى الزمالك.. مفاجأة لجماهير الأبيض    أوقاف الفيوم تنظم أمسية دينية فى حب رسول الله    شخص يحلف بالله كذبًا للنجاة من مصيبة.. فما حكم الشرع؟    عائشة بن أحمد تعلن اعتزالها التمثيل مؤقتا: شغل دلوقتي لأ.. عايزة استمتع بحياتي شوية    جهاد جريشة: لا يوجد ركلات جزاء للزمالك أو فيوتشر.. وأمين عمر ظهر بشكل جيد    نقيب الصحفيين يكشف تفاصيل لقائه برئيس الوزراء    هيثم عرابي: فيوتشر يحتاج للنجوم.. والبعض كان يريد تعثرنا    منتخب مصر يخسر من المغرب فى ربع نهائى بطولة أفريقيا للساق الواحدة    سورة الكهف مكتوبة كاملة بالتشكيل |يمكنك الكتابة والقراءة    تمنحهم رعاية شبه أسرية| حضن كبير للأيتام في «البيوت الصغيرة»    وزير الخارجية البحرينى: زيارة الملك حمد إلى موسكو تعزيز للتعاون مع روسيا    وفد قطرى والشيخ إبراهيم العرجانى يبحثون التعاون بين شركات اتحاد القبائل ومجموعة الشيخ جاسم    افتكروا كلامي.. خالد أبو بكر: لا حل لأي معضلة بالشرق الأوسط بدون مصر    «صحة البرلمان» تكشف الهدف من قانون المنشآت الصحية    «فيها جهاز تكييف رباني».. أستاذ أمراض صدرية يكشف مفاجأة عن أنف الإنسان (فيديو)    انتهاء فعاليات الدورة التدريبية على أعمال طب الاسرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كلمتين يا مصر يمكن.. هما آخر كلمتين حد ضامن يمشي آمن .. أو مآمن يمشي فين؟

لحظات.. تلك التي فصلت بين تحولي من صحفي يده لا تعرف سلاحا إلا القلم يدافع به عن الناس في الشارع إلي شخص يمسك بيده سلاحا يواجه به واحدا من هؤلاء الذين دافعت عنهم في لقاء لا يقبل القسمة علي اثنين فهو لقاء يجب أن ينتهي ببقاء أحدهما فقط وهذا ما حدث.
البداية كانت الجمعة 27 يناير (10 صباحا).. أبلغتني زوجتي علي هاتفي المحمول أن جدتها دخلت في غيبوبة سكر و.. فجأة انقطع الخط ومعه خدمات الشبكات الثلاث قبل الموعد المحدد لتنفيذ القرار الكارثي بساعتين.. وعلي الرغم من أن المستشفي لا يبعد عن المنزل دقائق إلا أن انقطاع الموبايل جعل الوصول للطبيب المعالج مستحيلا.. عندما وصل الطبيب كانت قد مرت ساعة علي دخول الجدة في الغيبوبة وكان رد الطبيب الطبيعي هو (البقاء لله.. شدوا حيلكوا).
هكذا بدأت جمعة الغضب ماتت سيدة عجوز ضحية قرارات غشيمة أشعلت الموقف بدلا من إخماد نيرانه والله وحده يعلم كم غيرها لقوا نفس المصير وسط انعدام وسائل الاتصال السريعة وانشغال المستشفيات باستقبال مصابي المصادمات نهارا والانفلات الأمني للمجرمين ليلا. إكرام الميت.. رجمه!
المشهد الطبيعي في الشارع المصري عند مرور جنازة.. أن يفسح الجميع الطريق ويرفعوا أصابعهم بتوحيد الله وقراءة الفاتحة للميت في خشوع.
لكن في ذلك اليوم رأيت شعبا آخر.. ففي الطريق إلي مدافن (15 مايو) استقبلت الحشود المتجمهرة في منطقة المعصرة سيارة نقل الموتي بالطوب و«الشوم» صرخنا في السائق ان يعود أدراجه سريعا وبدأت السيارات تصطدم ببعضها في محاولة للهروب رجوعا من الطريق، جاءت مظاهرة من الخلف يتقدمها شباب ممسكون بضابط شرطة - يرتدي ملابسه الميري برتبة نقيب - وكأنه مجرم معلق من (قفاه)، لا تستطيع أن تجزم إن كان حيا وفقد الوعي أم أنه قد مات من الضرب المبرح.
حاصرونا فحاولنا تذكيرهم أن الموت له جلاله وإكرام الميت دفنه وعليهم أن يفسحوا لنا الطريق.. كان الرد «اللي مش عاجبه هايحصلها مش كفاية راكبين عربيات وإحنا مش لاقيين نركب أوتوبيس».. التفت لأجد أحدهم يهدد أخا زوجتي بقالب طوب.. إما أن يعطيه (سيجارة وخمسة جنيهات) أو يحطم له السيارة؟
الجنازة التي تحركت من حدائق القبة بعد صلاة العصر وصلت إلي مدافن15 مايو في الثامنة مساء بعد التعرض لجميع أنواع الاعتداءات ومحاولات السرقة، لكن كل ذلك كان لا شيء في ما حدث أثناء العودة.
الجمعة 10 مساء
عدنا إلي حدائق القبة وفي شارع ترعة الجبل وجدنا أكثر من 2000 شخص يحملون الشوم والأسلحة البيضاء ولمبات ال«فلورسنت» يحطمونها علي سيارات المارة فتصدر صوتا مدويا يرهب الناس.
الجمعة 30,11 مساء
عادت نفس المظاهرة وهم يحملون أسلحة سلبوها من قسم الزيتون وهم يهتفون «خلاص.. قسم الزيتون خلاص» وسادت الفوضي.
سبت .. الفوضي
فجأة سمعنا ضجة وصراخا وحدثت فوضي شديدة فعرفنا أن هناك هجوما من مجرمين علي سوبر ماركت كبير في منتصف الشارع به ماكينة (ATM) للبنك الأهلي.
بدون اتفاق مسبق هبط الجميع إلي الشارع.. وكذلك أنا أمسكت بسكين مطبخ في يميني وبشومة في يساري وانطلقت دون تمييز يتملكني شعور قوي بالغضب لأن أحدا يحاول الاعتداء علي شرفي أو ممتلكاتي التي سددت ثمنها من أعصابي وصحتي قبل أموالي.
وعلي مدار ساعتين دون ترتيب أو تفاهم طاردنا - سكان المنطقة - مع أشباه بشر ربما هم أقرب لمستذئبين أصابهم سعار، فخرجوا لينهبوا الأموال ويعتدوا علي الأعراض.. واجهنا مسعورين قادمين من عشوائيات محيطة ب (سرايا وحدائق القبة ومصر الجديدة) يهتفون انزلوا بما لديكم من مال وذهب وإلا صعدنا لكم وأخذنا المال والنساء أيضا.
من استوقفناهم بعد ذلك وسلمناهم اشتركوا في صفات واحدة لسانهم ثقيل في الكلام عيونهم زائغة يرتدون ملابس صيفية في عز البرد ولا يشعرون لا بالضرب المبرح ولا بجرح السكين وكأنهم «زومبي» أو الأموات الأحياء.
«استخدمنا في مواجهتهم زجاجات «مولوتوف» وأسلحة نارية مرخصة لبعض سكان المنطقة وأسلحة صوت وأجهزة صدمات كهربائية واستمرت الغارات العشوائية.. فشارعنا مستهدف لأن به (5 هايبر ماركت كبار ومول تجاري وعشرات المحلات للموبايل والكمبيوتر والذهب والملابس).
في المطاردات أحد الشباب كاد يموت بنوبة قلبية بعد أن ركض مسافة حوالي 800 متر ذهابا وإيابا 3 مرات متواصلة في مطاردة واحدة هذا بالإضافة إلي انفعاله وخوفه وغضبه معا.. فسقط فاقدا الوعي وأنقذه جارنا طالب طب في السنة النهائية.
المسعورون استخدموا سيارات الاسعاف وسيارات مسروقة وموتوسيكلات في محاولات هجوم خاطفة بعضها تم الامساك به وتسليمه .
في بداية ليل اليوم الثاني دخلوا الشارع بثلاثة موتوسيكلات وأحدهم يحمل رشاشا وانطلقت «صافرات» الشباب المحذرة بقدوم خطر، فهربوا قبل أن يطلقوا النار وتطورت أساليبهم لاستدراجنا فأرسلوا شخصا يطلب منا أن نذهب معه في سيارة ميكروباص لمستشفي الدمرداش للتبرع بالدم، ولكننا كشفنا اللعبة فورا وفر هاربا أثناء انشغالنا بتوقيف عدد من السيارات التي دخلت علي الكمين الذي نؤمنه.
شخص آخر ملتح ليس من المنطقة وجدناه في منتصف الشارع لحظة أذان العشاء يصرخ بهستريا (اذهبوا للصلاة ضاعت البلد لأنكم نسيتم الله وكفرتم ونساءكم فجروا.. اتقوا الله واتركوا السلاح واذهبوا للصلاة) وقبل أن يرهب الناس بصوته وطريقته تعاملنا معه وألقيناه خارج المنطقة مستخدمين معه الرأفة.
التغيير.. لما قبل التاريخ!
منذ مواجهات السبت مرت أيام ننظم ونؤمن ونحمي فقط ولا نستخدم السلاح ضد أحد مع تعرضنا لاطلاق النار من وقت لاخر ورغم دعوات الناس لنا بالتوفيق والحماية من الله لما نفعله ورغم محاولتي أن أري الجانب الإيجابي فيما نقوم به إلا أني أظل أشعر وأنا أقف كل يوم في دوريتي بانفصام في الشخصية وأتذكر (دكتور جيكل ومستر هايد) أشعر وأنا أقف في عرض الطريق حاملا شومة وسكينا أن ما ينقصني لأصبح نموذجا لإنسان ما قبل التاريخ هو ارتداء رقعة من جلد حيوان علي طريقة أبوالليف.
أشعر أني فقدت تحضري وضاعت المدنية وعدنا لقانون الغاب حيث تحمي كل قبيلة موطنها بالذراع.. أنظر لرفاقي المحامي والطبيب والمهندس والضابط والطيار وقد تركوا أعمالهم وغيرهم من الشباب الذين أغلقت شركاتهم وصرفوا مؤقتا من العمل.. أسمع همساتهم وهم يتحسرون (اتستتنا في البيت).. أحسب الخسائر والمكاسب التي عادت مما حدث فلا أجد سوي خسارة فادحة. «كلمتين يا مصر يمكن..
هما آخر كلمتين
حد ضامن يمشي آمن
أو مِآمن يمشي فين»
من قصيدة أحمد فؤاد نجم
«كلمتين إلي مصر»


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.