* إلي متي سنظل ندور في حلقة مفرغة من مبادرات الوقت الضائع التي يتبناها شخصيات إخوانية أو محسوبة علي الإخوان من وقت لآخر ..ولمصلحة من إرباك الوطن وتعطيل خارطة المستقبل في هذه اللحظة الحرجة ..ومن يهمه إطالة أمد الفوضي من خلال التفاوض- إن كان هناك تفاوض أصلاً- لكسب الوقت في ظل ظروف هي الأشد خطورة في عمر الوطن..لماذا الإصرار علي إنهاك الجيش و الشرطة رغم نجاحهما الملموس في تطويق الإرهاب .وتجفيف منابعه في سيناء ..وهل هي مصادفة أن تُسرب مقاطع فيديو بهدف تشويه قادة الجيش بالتزامن مع إطلاق مثل هذه المبادرات العبثية..وهل هي مصادفة أيضًا أن تعلق أمريكا مساعداتها لمصر ثم تخرج علينا من خلال بعض نوافذها في مصر لإثارة غبار في سماء السياسة مثلما فعل سامي عنان بتسريب خبر ترشحه في انتخابات الرئاسة المقبلة ومذكراته المثيرة للريبة والجدل ..ثم جاءت مبادرة د.كمال أبوالمجد ..وما أدراك ما أبو المجد عراب الوساطة بين الإخوان والنظام .وبين النظام والأمريكان منذ عهد السادات .وعلاقته معروفة بمكتب ماكينزالأمريكي المشهور.وكذلك رئاسته للمحكمة الإدارية بالبنك الدولي سابقًا .وغيرها من الأدوار والوساطات التي أشار إلي بعضها ثروت الإخواني القيادي الإخواني السابق في حديثه لإحدي القنوات الفضائية..ثم ألم يكن أبو المجد هو من أفتي للرئيس المعزول محمد مرسي بعودة مجلس الشعب والصدام مع دولة القانون..ألم يكن طرفًا في لجنة الحكماء أيام مبارك ..الرجل حبيب كل الأنظمة من لدن عهد عبدالناصر وحتي نظام مرسي .كما أنه حبيب الإخوان أيضًا وهو قامة فكرية معتبرة ..لكن ما حيثيات مبادرته في مثل هذا التوقيت ..و كيف تقبل مبادرته وهو لم يقل رأيه صراحة في ثورة 30 يونيو حتي هذه اللحظة ..وعلي أي أساس يتم التفاوض ..وما هي الأوراق التي يملكها للإخوان حتي تقبل الحكومة بالتفاوض معهم ..ولماذا إصرار النخبة علي الحديث عن انتخابات الرئاسة قبل وضع الدستور ..لماذا إلهاء الناس بغير الضروري من القضايا ..لماذا تبدو القوي المدنية تائهة في المشهد ومشغولة بترشح السيسي للرئاسة أو عدم ترشحه..لماذا لا تنشغل بمعركتها الحقيقية بحشد الشارع للاستفتاء علي الدستور حتي يجبّ دستور الشعب دستور الإخوان ويبدد مزاعمهم عن الشرعية ..ألا يدرك هؤلاء حقيقة ما يحاك ضد الجيش وقادته من مؤامرات في الداخل والخارج ..ألا تزعجهم مواقف ماكين وتصريحاته الكارهة للفريق السيسي ..لماذا الإغراق في مصالح فئوية زائلة علي حساب الوطن..لماذا يبدو المشهد عبثيًا »حكومة غائبة .أحزاب وقوي سياسية منزوعة الفعالية والتأثير .تمضي بلا أجندة وطنية واضحة ولا أولويات حقيقية ودائما ما تسبقها حركة الجماهير وحراك الشارع الذي يعرف بفطرته ووعيه وضميره الحي ماذا يريد..وربما أكثر منهم ؟! لماذا يبدو واقعنا خليطا من المتناقضات والمفارقات ..تدين شكلي ..تركيز علي الشعائر دون المعاملات ..مباديء الإسلام والأديان في وادي وسلوكيات البشر في وادي آخر..غير المسلمين يملكون الذرة والفضاء وناصية العلم والانضباط ووضوح الرؤية والمقاصد..ونحن غارقون في جدل تافه سقيم يضر ولا ينفع حتي أصبحنا عالة علي الأمم..نأكل مما تزرع ..نلبس مما تصنع ..نتعلم مما تجود به علينا عقولها ومعامل أبحاثها رغم ما حبانا الله من موارد بشرية وطبيعية هائلة لا تتيسر لغيرنا لكننا لم نحسن توظيفها ..ألا يدل ذلك علي أن خللا رهيباً أصاب الشخصية المصرية والعربية وجعل الإمام المستنير محمد عبده يقول يوماً ¢في الغرب إسلام بلا مسلمين .وفي الشرق مسلمون بلا إسلام ¢..ألا يستلزم ذلك وقفة حساب ومراجعة للنفس لاسيما في أيام كهذه هي الأفضل عند الله ..أليس حريًا بالإخوان وهم المدعون امتلاك الحقيقة والتحدث باسم الإسلام أن يعودوا عن بغيهم وعدوانهم علي الشعب والدولة بدلاً من التماهي مع مواقف الأعداء ومساعدتهم في تنفيذ مخططاتهم الشيطانية ضد مصر ..؟! * حقاً كم في مصر من المضحكات..لكنه ضحك كالبكا.. إخوان يتمسحون بالدين وليس في أفعالهم شيء من الدين.. شعب متدين في الظاهر لكن سلوكه يناقض مظهره فرغم ما نعانيه من تدهور اقتصادي وكساد كبير فلا نزال الأكثر استهلاكاً للغذاء حتي أننا نستورد 80 % منه. ليس استهلاكاً عادياً بل استفزازياً ينطوي علي جهل واضح.. فكيف تكون كلمتنا من رأسنا ولقمة العيش لاتزال من غير فأسنا.. وكيف يدعو الدين للوسطية والاعتدال ثم نترك لأنفسنا العنان لالتهام كل ما تطاله أيدينا وخصوصاً في المناسبات الدينية..؟! * لقد ضربت حمي الأستهلاك حياتنا ليس في الغذاء الذي تذهب فوائضه لسلال القمامة فحسب حتي أننا ننفق علي الياميش ما يزيد علي المليار والمنشطات أكثر من 6 مليارات جنيه .ناهيك عن السفه في التليفونات المحمولة والسيارات الفارهة وغذاء الكلاب والقطط والمخدرات وغيرها في بلد لايزال يعاني فوائد الديون وعجز الميزانية وارتفاع نسبة البطالة والتضخم وهروب الاستثمارات والسياحة خصوصاً بعد ثورة يناير. * لايزال جدل السياسة ومتناقضاتها وصخبها يملأ الساحة دون أن يشغل المتصاخبون أنفسهم بغياب الأمن وتوقف الإنتاج ولا بإنجاز خارطة المستقبل بعد ثورة 30 يونيو وخوض معركة الوجود بالبناء والتنمية حتي لا يمن علينا أحد بمعوناته أويهددنا بقطع مساعداته ولا بمجابهة مظاهرات الفوضي التي يشعلها الإخوان وأشياعهم لتعطيل الحياة وضرب الاقتصاد والاستقواء بالخارج وبث الشائعات ضد الجيش وقادته لإثارة البلبلة والوقيعة بين الشعب وجيشه وهذا ما لن يحدث بإذن الله. ..وماذا بعد الحج..؟! * إذا كان الحجاج قد فرغوا من الوقوف بعرفة ركن الحج الأعظم.. واستعدوا للعودة لديارهم.. فإن السؤال الذي لم نجد له إجابة حاسمة:هل يمحو تكرار الحج والعمرة الذنوب والخطايا..أم أن مدار القبول سر بين العبد وربه..وأن الحج فريضة تجب مرة واحدة في العمر كله لمن استطاع إليه سبيلاً .وأن فقه الأولويات يرجح سبل النفع العام للمجتمع وإنفاق المال في مصارف تشتد حاجة الناس إليها كبناء المداس والمستشفيات وإطعام المساكين والفقراء وتطوير العشوائيات فهذا في رأيي وفي رأي كثير من الفقهاء أفضل من تكرار الحج ..فخير الناس أنفعهم للناس ولا يظنن الأغنياء أنهم بتكرار مناسك الحج والعمرة هم الأقرب إلي الله أوالأكثر ثواباً وقبولاً.. ولا يتصور الغني المذنب أن حجه المتكرر يغفر الذنوب ويمحو الخطايا ثم يعود لمثلها بعد أداء الحج وإذا كان تكرار الحج جائزاً لمن يفعل ذلك بماله فهل يجوز ذلك لمن يكرر الحج بمال الحكومة أوغيرها..ألا يعد ذلك إهداراً للمال العام.. وماذا يقول الذين يحرصون علي تكرار الحج وهم لا يؤدون الصلاة ولا الزكاة ولا الصيام أصلاً..ألا يعلم هؤلاء أن الله طيب لايقبل إلا طيباً وأن أركان الإسلام خمسة.. أما حامت حوله الشبهات فالله غني عنه..والإنفاق علي المحتاجين أولي وأحسن عند الله..فما جاع فقير إلا ببخل غني..وربما يكون ثواب بناء مدرسة أومستشفي أوملجأ للأيتام أكبر عند الله من تكرار الحج والعمرة..!! * ما أحوجنا إلي العودة إلي الحق ومراجعة النفس وتصحيح مفهوم التدين الظاهري الذي لا يغني من الحق شيئاً..! ما أحوجنا في هذه الأيام المباركة إلي إخلاص العمل والدعاء.. لعل الله يستجيب .. اللهم ارزقنا الإخلاص في الأمر كله سره وعلانيته والقبول والمغفرة.. اللهم اجمع شملنا ووحد كلمتنا وصفنا فلا يزايد بعضنا علي بعض ولا يكون ولاؤنا إلا لله والوطن وليس لجماعة ولا تنظيم ولا حزب .. اللهم احفظ مصر من شر أبنائها وأعدائها وارزق حكومتنا الفهم والحسم والقدرة علي اتخاذ قرارات نافعة للمواطنين الغلابة والنزول للجماهير وتلبية احتياجاتها مثلما فعل وزير الإسكان حين أدخل المياه النظيفه ل70 ألف مواطن في منطقة الزرايب..!! اللهم أغن مصرنا عن معونات أمريكا وغيرها حتي تتحرر إرادتنا وقرارانا الوطني.. اللهم ارزقنا دستوراً يصون الحقوق والحريات ويحمي الدولة المدنية والهوية الوطنية.. دستوراً يحقق طموحات الشعب وآماله ويضع الموازين القسط لكل مؤسسات الدولة. فلا تجور إحداها علي الأخري.. دستوراً لا تمسسه يد الحاكم. ولا عبث ترزية القوانين وبطانة السوء.. دستوراً مصوناً بسياج فولاذي يأتي بالحاكم ويرسم له طريقه ويحدد له اختصاصاته بدقة. ويضمن استقلال القضاء .ويحرر الإعلام وهما عماد الديمقراطية الحقيقية.. دستوراً يجسد مطالب ثورتي 25 يناير و30 يونيو. ويحقق دولة العلم والعدالة والرفاه. اللهم ارزقنا برلماناً حقيقياً يعبر عن إرادة الناس بشتي طبقاتهم وأطيافهم.وارزقنا نوابا يحبون الوطن ويخلصون لدوائرهم ولا يكونون من محترفي التستر بالحصانات وجمع الثروات علي حساب الشعب الفقير.. اللهم احفظ مصر من الفتن ما ظهر منها وما بطن.. آمين .