ركاب.. حقائب.. تذاكر.. صافرات القطارات.. الميكرفونات تعلن عن إنطلاق رحلة إلي الصعيد أو الإسكندرية.. الهيئة تعلن عن رحلات إضافية.. زحام شديد أمام شبابيك التذاكر.. مشاجرات ومشاحنات.. ومئات الآلاف يركبون قطاراتهم المتوجهة إلي الصعيد والإسكندرية وغيرها من المحافظات لقضاء الاجازة مع ذويهم.. كانت هذه صورة محطة سكة حديد مصر مع اقتراب عيد الأضحي المبارك في العام الماضي ولكن هذا العام تختلف الصورة لأول مرة منذ 150 عاماً. فالمحطة أغلقت أبوابها وتوقفت قطاراتها لدواع أمنية صدرت عقب فض اعتصامي رابعة والنهضة. ليتحول أزحم مكان في مصر إلي مدينة أشباح. أما مئات الآلاف من المسافرين فقد استسلموا لمصيرهم بقضاء الاجازة في القاهرة أو الرضا بالوقوع تحت رحمة مافيا الميكروباص والأتوبيسات الذين استغلوا الظروف وقفزوا بالأجرة ثلاثة أضعاف! "الجمهورية" تجولت في محطة مصر ورصدت بالصور الوضع داخل صالات المحطة وشبابيك الحجز والأرصفة والمول التجاري والمبني الإداري وكذلك الاستعدادات الأمنية. البداية كانت عند البوابة الرئيسية حيث أغلقت جميع أبواب المحطة وانتشر رجال شرطة النقل والمواصلات للتأمين ومنع دخول أي مواطن تنفيذاً لتعليمات الأمن. كما تواجد عدد من موظفي الاستعلامات للرد علي الاستفسار الوحيد للجمهور "متي تعود الحركة؟" والرد المعتاد "الله أعلم.. لا أحد في الهيئة يعرف!". الصالة الرئيسية التي افتتحت منذ عامين وتكلفت أكثر من 180 مليون جنيه لتطويرها كانت شبه مظلمة بعد إغلاق الكثير من أنوارها توفيراً للكهرباء. وخلت تماماً من المواطنين باستثناء بعض المخبرين السريين وعدد من عمال شركة النظافة. أما المحلات التجارية والصيدليات والمكتبات في ساحة الصالة الرئيسية كانت مغلقة بالأقفال مع منع دخول المواطنين للمحطة. كما أظلمت اللوحات الالكترونية التي تعلن مواعيد القطارات والأرصفة المخصصة لها وأغلقت شاشات العرض والإعلانات. كانت في الماضي مكاتب حجز الوجه البحري هي الأكثر زحاماً حيث تخدم خطوط الإسكندرية والمنصورة والإسماعيلية وبورسعيد ومطروح. ويقصدها يومياً آلاف الركاب صباحاً ومساء. ولكن هذه المرة خفضت المكاتب إضاءتها. وبدلاً من عشرات الموظفين الذين كانوا يتولون إصدار التذاكر للركاب وتواجد موظف واحد فقط بتعليمات من الهيئة. حال الأرصفة الأربعة الرئيسية لم يختلف عن حال الصالة الرئيسية أو شبابيك التذاكر. حيث اصطفت القطارات المغلقة أبوابها علي الأرصفة تنفيذاً لتعليمات الأمن بعد امتلاء الورش بالعربات والجررات التي لم تتحرك منذ حوالي شهرين. وتواجد عمال شركة النظافة علي الأرصفة لتنظيفها وغسلها بالمياه. أما أرصفة الوجه القبلي 11 . 10 . 9 . 8 تواجد عدد من عمال شركة المقاولات المسئولة عن تطوير أرضيات وأرصفة ومقاعد الأرصفة. أما أكشاك الطعام ومنافذ بيع الجرائد والمجلات كانت مغلقة بدورها. وأمام شبابيك الوجه القبلي تواجد عدد من موظفي حجز التذاكر والسائقين والكمسارية الذين وضعتهم الهيئة للطوارئ تحسباً لأي تعليمات جديدة في تشغيل القطارات. ومن أرصفة المحطة إلي المول التجاري العلوي حيث خيم الظلام الدامس علي الطرقات وأغلقت جميع المحلات التجارية وتوقفت السلالم الكهربائية. بينما انتظم العمل في المبني الإداري حيث مكتب رئيس الهيئة والنواب الذين ينتظرون تعليمات الجهات الأمنية لإعادة تشغيل القطارات المتوقفة منذ 59 يوماً بين القاهرة والوجهين القبلي والبحري. وأكدت مصادر مطلعة ل "الجمهورية" إن تشغيل القطارات قبل العيد مستحيل لاقتراب الاجازة وعدم إمكانية الهيئة استقبال المواطنين مع ضيق الوقت. كما استبعد المصدر فكرة تشغيل عدد محدود من القطارات علي خطوط الوجهين القبلي والبحري بشكل مؤقت خوفاً من سفر عدد من الركاب دون غيرهم والدخول في مشاكل مع الجمهور. من جانبه أكد المهندس حسين زكريا فضالي رئيس هيئة السكة الحديد إن تشغيل القطارات بين القاهرة ومحافظات الوجه القبلي والبحري تحسمه تعليمات الجهات الأمنية. حيث لم ترد للهيئة أي تعليمات جديدة ولن تخاطر بحياة راكب واحد مهما كانت الخسائر التي تتعرض لها الهيئة. أضاف رئيس الهيئة أنه تم تشغيل 14 رحلة مميزة بين الإسكندرية وبنها وأسوان وقنا والعكس منذ 15 يوماً وتسير بشكل منتظم في حين استوقفت حركة نقل البضائع منذ 28 يوماً "15 سبتمبر الماضي" باستثناء نقل المواد البترولية خوفاً من تعقبها والقيام بأي أعمال إرهابية لافتاً إلي أنه يتم تمشيط جميع الخطوط والتأكد من سلامتها تحسباً لأي أعمال تخريبية. كما تم التنسيق مع المحافظات لتأمين القضبان علي طول الخطوط لقطاعات المسافات الطويلة والقصيرة. وقال زكريا إن خسائر السكة الحديد وصلت إلي 269 مليون جنيه منذ توقفها في 14 أغسطس الماضي من بينها 236 مليون جنيه خسائر توقف قطارات الركاب و12 مليون جنيه خسائر أعمال التخريب والحرائق و21 مليون خسائر أعمال النهب والسرقة التي تعرضت لها القطارات والمحطات. وأشار رئيس الهيئة إلي أن استعدادا للعيد تم تشكيل مجموعات عمل للتواجد علي أرصفة المحطات التي تمر بها القطارات حالياً. لاتخاذ القرارات الفورية لحل أي مشاكل طارئة مشيراً إلي أن تشغيل الخط الساخن لتلقي شكاوي وبلاغات المواطنين علي مدار ال 24 ساعة علي الأرقام : 25774697 25771388