مازالت العاصمة السودانية الخرطوم تشهد باحيائها المختلفة مظاهرات حادة وقطع طرق لليوم الثاني علي التوالي نتيجة قرار حكومة البشير برفع دعم الدولة عن المحروقات "الوقود" بنسبة 90% مما تسبب في ارتفاع الاسعار لمختلف السلع الغذائية نتيجة الاعتماد علي النقل البري للسلع بين الولايات المختلفة وقام المواطنون بالولايات المختلفة بقطع الطرق الرئيسية بين الولايات السودانية بحرق اطارات السيارات كتعبير سلمي عن رفضهم لقرار رفع الدعم كما قامت الحكومة باطلاق الغاز المسيل للدموع لتفريق المتظاهرين بالعاصمة وفي نفس الوقت. وكان الرئيس البشير قد أعلن خلال مؤتمر صحفي عقده الأحد الماضي مع وسائل الاعلام السودانية المختلفة بأنه لا مفر من رفع الدعم ومؤكدا انه من المتوقع ان يكون هناك مزيد من اجراءات التقشف التي سوف تقوم بها الحكومة لمواجهة الأزمة الاقتصادية التي تواجهها البلاد لافتا إلي ان الهدف من رفع الدعم عن المحروقات سوف يصب في صالح متوسطي الدخل خاصة وان معظم الدعم كان يذهب إلي الاغنياء من ابناء السودان الذين يملكون اكثر من سيارة والهيئات والمنظمات الدولية المتواجدة بانحاء البلاد كما وعد المواطنين بأنه سوف يتم تعويض موظفي الدولة نتيجة الرفع. ومن ناحية اخري اشار عدد من المراقبين للشأن السوداني إلي انه من المتوقع ان تتصاعد الاحتجاجات والمظاهرات ضد البشير وحكومته الحالية وانه كان علي الرئيس ان يترك اصدار قرار رفع الدعم للوزير المسئول حتي يكون هناك خط رجعة إذا تصاعدت المظاهرات خاصة وان السودان تشهد منذ فترة ليست قصيرة ارتفاع مستمر في اسعار السلع الغذائية الاساسية والا يستغل الرئيس شعبيته لدي ابناء السودان. كما اعرب المراقبون عن وجود طابور خامس وراء احداث العنف وقطع الطرق التي قام ويقوم بها المواطنون بدليل قيام مديري المدارس بمختلف الولاياتالمتحدة باخراج الطلاب من المدارس قبل موعد انتهاء الدراسة ودون الرجوع إلي حكومة الخرطوم وكذلك حكومات الولايات بينما يري البعض الآخر من المراقبين للشأن السوداني بأن هذه المظاهرات والاحتجاجات لن تستمر اكثر من اسبوع أو عشرة ايام بشرطان تقوم الحكومة امتصاص غضب الشارع السوداني وقيام الاعلام السوداني الوطني وبمختلف توجهاته بتوعية الشارع السوداني بالضرورة القصوي التي كانت وراء قرار رفع الدعم. وعلي جانب آخر اعرب عدد كبير من المواطنين عن رفضهم لهذا القرار خاصة وان الرئيس سبق وان اعلن بشكل غير مباشر بأن رفع الدعم عن المحروقات غير كاف وانه من المتوقع ان يكون هناك المزيد من الاجراءات الاقتصادية التي سوف تضر بالمواطنين البسطاء وذلك في ظل التحديات الداخلية والخارجية التي تواجهها السودان متسائلين أين العوائد الاقتصادية من الذهب والبترول خاصة وانه تم الاتفاق مع رئيس جنوب السودان باعادة ضخ البترول عبر الخرطوم فيما أكد عدد من المراقبين السياسيين من مختلف الولايات ان التصعيد سوف يستمر مع وجود الأزمة الاقتصادية الطاحنة وخاصة علي المواطنين السطاء منهم في مختلف الولايات السودانية. سادت الخرطوم حالة من الهدوء بعد احداث الشغب والمظاهرات التي شهدتها خلال اليومين الماضيين أم درمان وامبدة علي خلفية رفع الدعم عن الوقود والتي شهدت حرقا وتدمير عدد من المرافق العامة وممتلكات المواطنين فيما استمر قطع خدمة الانترنت عن البلاد لليوم الثاني علي التوالي وكثفت السلطات السودانية انتشار القوات الأمنية في عدد من أحياء العاصمة الخرطوم لمنع خروج المزيد من الاحتجاجات. وكانت مصادر طبية قالت ان عدد الذين لقوا مصرعهم نتيجة المواجهات مع الأجهزة الأمنية بلغ اكثر من 38 شخصا اضافة إلي أكثر من 60 مصابا في مدينة أم درمان فقط بينما أكد ناشطون سودانيون سقوط اكثر من 100 قتيل في عموم العاصمة الخرطوم. من جهتها قالت الحكومة السودانية انها ستتخذ اجراءات حاسمة لما وصفته ب "تفلتات المتظاهرين" وتواصلت الاحتجاجات لليوم الثالث علي التوالي في مدينة أم درمان وعدد من المناطق في الخرطوم بعد قرار الحكومة السودانية الغاء دعم الوقود. وقال د.أحمد بلال وزير الاعلام المتحدث الرسمي باسم الحكومة في تصريحات لوسائل اعلام محلية ان هناك توجيهات صدرت للقوات المسلحة بحماية المنشآت الحكومية العامة ومحطات الوقود. واضاف بلال ان المتظاهرين احرقوا اكثر من 20 محطة وقود جزئيا وكليا بالعاصمة كما أضرم محتجون النار في مقر حزب المؤتمر الوطني الحاكم جنوب العاصمة السودانية الخرطوم في ثاني حادث من نوعه بعد حرق مقر للحزب في أم درمان يوم الثلاثاء وردد المتظاهرون الذين شكل الطلاب السم الأكبر منهم "حرية.. حرية" و"الشعب يريد اسقاط النظام" ورشقوا الشرطة بالحجارة والتي ردت بالقاء القنابل المسيلة للدموع واغلقت المحلات التجارية ابوابها في العاصمة فضلا عن تعطيل الدراسة بمدارس العاصمة حتي نهاية الشهر كما قطعت فيها اتصالات الانترنت. وفي مدينة الخرطوم بحري اكد شاهد عيان انه رأي ست سيارات احرقها المتظاهرون واغلقت الشرطة جزءا من الطرق المؤدية للمطار وتوقفت وسائل النقل العام. من جانبها دعت السفارة الأمريكية في الخرطوم جميع الاطراف إلي عدم استخدام العنف واحترام الحريات المدنية وحق التجمع السلمي.