في الأسبوع الماضي استعاد العبد لله خواطر منشورة هنا قبل أكثر من عام لم يكن هذا كسلا أو تكاسلا عن الكتابة ولكنه كان تنبيها وتحذيرا واضحا قبل سنة كاملة بأن مصر ليست الجزائر وكان المفهوم ضمنا ان هناك من يسعي أو يحاول أن يكرر هنا تجربة الجزائر في الصدام بين الجيش وقوي في تيار الإسلام السياسي وهو صدام كلف البلد الشقيق أعباء ثقيلة ربما لا يزال يعاني من آثارها إلي اليوم مع ان هذا الصدام تفجر قبل أكثر من عامين وامتد أعواما ومن يراجع صحف الاسبوع الماضي سيجد أكثر من صحيفة تعرضت بشكل أو آخر إلي المقارنة بين مصر والجزائر كما ذكرت صحف أخري ان مصر ليست أيضا مثل ليبيا أو سوريا بمعني ان هناك من يظن ان في قدرته أن يجر مصر وشعبها وجيشها إلي مستنقع مثل الذي يغوص فيه البلدان الشقيقان منذ أكثر من عامين وقد لاح في الأفق خلال الأسابيع الأخيرة ومنذ طرحت حركة تمرد الدعوة إلي إجراء انتخابات رئاسية مبكرة ان هناك قوي تجاهر قولا وعلنا بما قد يقود مصر إلي السقوط في مستنقع الاقتتال الأهلي أو الحرب الأهلية وأثار هذا ردود فعل قوية لدي قوي سياسية متعددة لم تملك إلا التحذير من الآثار الخطيرة التي يمكن أن تخلقها كلمات مثل اللي يرش الرئيس مرسي بالميه نرشه بالدم وهي كلمات فتحت الباب واسعا لتدفق الكثير من الأقوال التي تشابهها والتي بدا وكأن من يدلون بها يدبرون أمرا ما وخلقت هذه التصريحات والبيانات أجواء سياسية خانقة فلما جاء 30 يونيو بملايينه التي لم تكن تخطر علي بال أحد والتي قاربت أزادت علي الثلاثين مليونا أثار ثائرة من لم يتقبلوا بل رفضوا وقاوموا بكل ما يملكون من قدرات الدعوة إلي إجراء انتخابات رئاسية مبكرة تمرس هؤلاء مع الدكتور محمد مرسي خلف شعار الشرعية التي عنت لهم اساسا بل أولا وآخرا شرعية صندوق الانتخاب التي تعني أن يكمل الرئيس المدة الرئاسية وهي أربع سنوات وتجاهلوا في ذلك عامدين السلبيات والأخطاء التي وقعت في كافة مناحي الحياة تقريبا في العام الذي قضاه الدكتور محمد مرسي رئيسا لمصر فماذا كان يمكن أن يحدث لو انه أكمل مدته الرئاسية أي استمر ثلاث سنوات أخري؟! ولم يسأل هؤلاء أنفسهم إلي أين كان سيقود هذا الحكم البلاد بعد هذه السنوات؟ وقد حدثت هذه التطورات وسط مؤشر ملموس للناس أجمعين وهو النقص الحاد في البنزين والسولار وانقطاع التيار الكهربي بشكل غير مسبوق وذلك إلي جانب أخطاء بل خطايا عديدة داخليا وخارجيا وباختصار شديد كانت السنة التي حكم فيها الدكتور محمد مرسي وبالا علي مصر وأدت إلي عملية استقطاب حادة شرخت الشعب المصري وهددت وحدته الوطنية وهي صمام الأمان الأول له والتقويم الصحيح لهذه السنة وما أسفرت عنه من نتائج كارثية داخليا وخارجيا سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وثقافيا لا يكتمل إلا بالحديث عن تحولات جماعة الاخوان المسلمين ليس في هذه السنة فقط بل فيما سبقها من سنوات وهي التحولات التي قادتها إلي الحكم وتولي أحد أعضائها رئاسة مصر والحديث هنا يطول ويطول ويدخل في دروب ومسالك قد تتطلب من المرء أن يقص حكايته مع الاخوان وكيف خذلوه بعد أن دافع عنهم سنوات غير قليلة باعتبارهم قوة أساسية من قوي الجبهة الوطنية التي يجب أن تقود الحكم في مصر وقد كان هذا تيارا قويا في داخل اليسار المصري وربما في أوساط ليبرالية مصرية فقد رأي هؤلاء وأولاء في جماعة الاخوان المسلمين منذ بداية تسعينيات القرن الماضي بشكل خاص وجها مختلفا كثيرا عن الوجه الحقيقي الذي ظهرت به بعد استيلائها علي ثورة 25 يناير 2011 والتي ادعت انها صنعتها وكانت في ذلك من الكاذبين ويمكن القول هنا ان ما ظهر به الدكتور محمد مرسي وهو في مقعد الرئاسة من عجز من ناحية واتجاه إلي السيطرة والاستئثار بالسلطات من ناحية أخري هو تعبير كامل متكامل عن الجماعة التي حملته إلي السلطة وظلت مسيطرة عليه ومتحكمة في قراراته وقد اعترف بذلك وهذه من النوادر إعلامي اخواني هو أحمد منصور في عموده في صحيفة الشروق في يوم السبت الماضي بعنوان "طوفان الكراهية للاخوان المسلمين" فقد كتب ان الاخوان المسلمين تمتعوا من قبل بشعبية كبيرة.. لكن العجيب وهذا كلماته بالحرف انه خلال عام واحد فقط من وجودهم في السلطة بلغ طوفان الكراهية لهم حدا غير مسبوق ثم ذكر ان طوفان الكراهية هذا لجماعته بدأ مبكرا وليس الآن وتحديدا مع الدعاية الانتخابية وزاد مع تولي الرئيس مرسي السلطة وبداية مسلسل الأخطاء التي كتبت عنها في حينها وأرجو أن يدقق القارئ العزيز معي عند قراءته كلمات أحمد منصو ر الإعلامي الاخواني كان اختيار مرسي للمنصب خطأ كبيرا في حد ذاته لأن الرجل لا يملك المقومات الرئيسية لرجل الدولة لكن الاخوان رشحوه علي عجل ومن ثم وجد مرسي نفسه في مكان لم يعد نفسه له ولم يفكر فيه فخدع بمظاهر السلطة ولم يتمكن من أدواتها ويدخل إلي جوهرها تحكم الدولة بعقلية رجل الحزب والجماعة وجمع حوله فريقا لا يتمتع بكفاءة إدارة الدولة ولم يكن لدي أي منهم خبرة بها. كما فشل في تكوين فريق متجانس من المصريين يدعم أول تجربة انتخابية رئاسية مصرية في التاريخ ولم ينتبه إلي ان أخطاء من يحكم ليست كأخطاء من هو في المعارضة فترك الدولة العميقة تعمل ضده وحوله وتسير أمور الدولة وتهدم أركان الثورة بينما هو غارق في الشكليات والسفريات واعتقد ان كونه رئيسا منتخبا هذا يكفي ليكمل مدته أو أن يفعل ما يشاء.. دعنا من حديث الدولة العميقة وهدم أركان الثورة فلم يكن الاخوان يوما ثوارا ولا من أنصار الثورة لدرجة انهم لا يكتبونها في أدبياتهم كما ندع جانبا حديث أحمد منصور عما يسمه إعلام الفلول لنتابع ما كتب عنه الرئيس محمد مرسي اذ وصف اداء رئاسته بالمزري إذ اصر علي ان يقدم لأعداء الثورة والفلول والاعلام الأدوات التي يحاربونه بها مثل خطاباته العاطفية والمرتجلة الخالية من المحتوي والمضمون والرؤية والخيال واصراره علي رئيس الحكومة وعلي النائب العام والاعلان الدستوري وأشياء أخري كثيرة والسياسة لا تعرف العناد حيث بقي مرسي يعاند إلي آخر لحظة خلال طوفان 30 يونية بل قبله وتحديدا بعد بيان القوات المسلحة الأول حاولت التحدث مع بعض من أعرفهم حول الرئيس لم يرد علي أحد أرسلت لهم كلهم رسائل علي الموبايل وقلت لهم: يجب أن يمتص الرئيس الطوفان لا مجال للعناد عليه أن يخرج وينفس الغضب الشعبي ويمتصه ويصدر قرارات ولا يطرح مبادرات ويستجيب للاستفتاء وليحدد موعده بعد انجاز الانتخابات البرلمانية وتشكيل الحكومة ويختتم أحمد منصور عموده بقوله: هذه الأخطاء مكنت الإعلام المعادي للإخوان أن يصنع ماكينة كراهية استمرت عاما كاملا ونجحت في أن يخرج عليهم من ايدهم ويعاديهم من تعاطف معهم فدمرت صورة الاخوان ومكانتهم في المجتمع التي صنعوها خلال ستين عاما بالدماء والسجون والمعتقلات ولن يستطيع الاخوان استعادة مكانتهم وتعاطف الناس الذين خسروهم إلا اذا درسوا تجربتهم وقيموا أخطاءهم وأعادوا بناء أنفسهم من جديد فهل هذا ممكن؟ وهل اذا أعادت الجماعة بناء نفسها من جديد لن تكرر أخطاءها ولن تضيع فرصة أخري؟ أغلب الظن لا. فقد أضاعت من قبل ثلاث فرص وها هي تضيع الفرصة الرابعة كما تنبأ من قبل وحذر الشيخ ناجح ابراهيم أكثر من مرة ولكن لا سميع لمن تنادي وهذه ليست مشكلة الاخوان الذين تحولوا إلي مشكلة مصرية ربنا يسلم منها فحذار أن يظنوا انهم قادرون علي ادخال مصر في حرب أهلية. فمصر لها درع وسيف.