في خطابه الأخير بقاعة المؤتمرات بمدينة نصر, اعترف الرئيس محمد مرسي بارتكاب أخطاء خلال مدة عام كامل وأعلن اعتذاره عنها، ولكن يبدو أن اعتذاره جاء بعد فوات الأوان أو أن أخطاءه كانت قاتلة وعظيمة مما دفع المصريين الى الحشد والتظاهر ضده في 30 يونية للمطالبة بإسقاطه ورحيله واجراء انتخابات رئاسية مبكرة، وقد بلغ عدد المتظاهرين في الاتحادية وميدان التحرير وبعض المحافظات الكبرى مثل الاسكندرية والدقهلية والغربية والمنوفية قرابة 14 مليون متظاهر وفقاً لتقديرات جوجل إيرث، وفي تقديرات اخرى وصل العدد الى 22 مليونا، وأصابت تلك الحشود الضخمة الإخوان وأنصار تيار الاسلام السياسي بالصدمة مما دفع بعضهم الى القيام بأعمال عنف في الصعيد وحول مقرات الحرية والعدالة في الوجه البحري، ولولا جهود الشرطة والجيش في ضبط كميات أسلحة لا حصر لها على الطرق السريعة لوقعت مجازر كانت ستؤدي حتما الى حرب أهلية. بعيداً عن العواطف.. ارتكب الرئيس مرسي أخطاء قاتلة طوال الفترة الماضية دفعت الشعب لأن يثور عليه بعد عام واحد فقط، ويمكن تلخيص ابرز تلك الأخطاء في الآتي: - قال الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل إن نظام الرئيس مرسي ارتكب في شهر واحد ثلاثة أخطاء قاتلة كفيلة، بإسقاط أي نظام في الدول الديمقراطية، ابرزها اذاعة مؤتمر سد النهضة بالرئاسة على الهواء مباشرة في حين أنه من أسرار الدولة التي لا يجوز اذاعتها، كما اخطأ الرئيس مرسي عندما هدد إثيوبيا بالحرب اذا لم تحل مشكلة سد النهضة مؤكداً أن امريكا نفسها لا يمكنها التهديد بذلك، كما أخطأ مرسي بإشادته بمليونية «لا.. للعنف» في رابعة العدوية بعد أن شهدت تهديداً سافراً من الاسلاميين لمعارضي مرسي باعتبارهم ضد الشريعة الاسلامية والاسلام. - أكبر أخطاء مرسي في اعتقادي هو اعلانه الدستوري الذي منح به نفسه سلطات إلهية لم يحظ بها حاكم مصري عبر التاريخ، وقد اضطر للتراجع عنه للضغوط الشعبية الهائلة. - التمكين أو الأخونة.. كلاهما وجهان لعملة واحدة وهذا خطأ مشترك بين الرئيس والجماعة، حيث سعت جماعة الاخوان الى الاستئثار بالسلطة على حساب شركاء الثورة، ومع أن الاخوان التحقوا متأخرين بقطار الثورة - تحديداً في 28 يناير 2011 - الا إنهم عملوا على الاستحواذ بكل السلطات رغم أنهم لم يكونوا أغلبية في البرلمان المنحل، والأسوأ أنهم قاموا باستبعاد السلفيين أيضاً - الوجه الآخر لتيار الاسلام السياسي - وبالتالي وجدت قوى المعارضة نفسها خالية الوفاض من كل شىء فشكلت «جبهة الانقاذ» وتبنت حملة «تمرد» للاطاحة بالرئيس في 30 يونية. - من الأخطاء الكبرى للرئيس مرسي وللإخوان، أنهم لم يكونوا مهيئين للحكم نظراً للسنوات الطويلة التي قضوها في السجون بعد 80 عاماً، وكان يجب أن يمروا بفترة تأهيل قتل اعتلاء السلطة، فخرجوا من الدار الى النار كما يقولون وبدون خبرات تذكر وكانت النتيجة تدهور الاداء السياسي والاقتصادي والاجتماعي في مصر على نحو غير مسبوق، مما جعل المواطنين أو القطاع العريضة منهم يترحم على أيام مبارك ويتمنى أن تعود رغم كراهيتهم له، الا أن كراهيتهم لمرسي أصبحت أشد. - معاداة الاعلام والقضاء والشرطة.. من أكبر أخطاء الرئيس مرسي، فالشرطة أصبحت تواجه المحتجين والخارجين على القانون بدون سلاح يذكر أو بأسلحة عفا عليها الزمن، ناهيك عن تجاهل مطالبهم في تحسين أوضاعهم المعيشية، زاد الطين بلة انحياز الرئيس أو صمته على بعض المنتسبين اليه مثل حازم أبو اسماعيل في حصار المحكمة الدستورية ومدينة الانتاج الاعلامي اكثر من مرة، اما الاعلام فقد كان ينقل الواقع باعتباره مرآة عاكسة له، ورغم الاعتراف بحدوث تجاوزات هنا وهناك الا أن الاعلام المنتسب للرئيس أو لتيار الاسلام السياسي لم يستطع أن يكون نداً بل عمل على تكفير الآخرين وإقصائهم وما لم يقارن الحجة بالحجة والرأي بالرأي، ثم جاءت الطامة الكبرى بالصدام مع القضاء، بمحاولة اقصاء 3500 قاض من أصل 12 ألف قاض بحجة خفض سن الاحالة من المعاش من 70 الى 60 سنة، وكان الأولى أن يترك قانون السلطة القضائية للقضاة أنفسهم وليس بإقصاء بعضهم لإحلال الاخوان بدلاً منهم، كما جاء تعيين النائب العام المستشار طلعت عبدالله بدلاً من عبد المجيد محمود برسالة واضحة وهى هيمنة الرئاسة على القضاء بدلاً من أن يكون مستقلاً. - سواء الادارة هى القاسم المشترك في اختيار حكومة هشام قنديل الضعيفة والمحافظين الاخوان والمستشارين بالقصر الرئاسي الذين استقال بعضهم وتسبب بعضهم في كوارث لا حصر لها والاسماء كثيرة ومعروفة للجميع.