اختلف الفقهاء في حكم الأصل في وصول الأعمال الصالحة من قراءة وذكر وصدقة وصلاة وصوم وحج لأموات المسلمين وذلك علي ثلاثة مذاهب في الجملة. المذهب الأول: يري عدم مشروعية الاتيان بأي عمل صالح باسم الميت ولحسابه وإذا قام الحي بذلك كره ولم يصل إلي الميت وتحسب لفاعلها الحي نافلة وهو قول بعض المالكية واختاره القرافي. كما ذهب اليه ابن عقيل من الحنابلة وحجتهم: عموم قوله تعالي "وان ليس للإنسان إلا ما سعي" "النجم: 39" وقوله تعالي "كل امرئ بما كسب رهين" "الطور: 21" وقوله تعالي "كل نفس بما كسبت رهينة" "المدثر: 38" وأخرج مسلم عن أبي هريرة ان النبي صلي الله عليه وسلم قال "إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: إلا من صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له" قالوا: فغير تلك الثلاثة لا يصل للميت. المذهب الثاني: يري مشروعية وجواز الاتيان بكل عمل صالح باسم الميت ولحسابه وإذا قام الحي بذلك وصل اليه سواء كان هذا العمل من العبادات البدنية كالصوم والصلاة أو من العبادات المالية كالزكاة والصدقة أو من العبادات المختلطة كالحج وهو مذهب الجمهور قال به الحنفية وابن عبدالحكم من المالكية وهو وجه عند الشافعية والمشهور عند الحنابلة واختاره الصنعاني وحجتهم: عموم قوله تعالي "يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا" "التحريم: 6" وما أخرجه الشيخان من حديث عائشة ان رجلا سأل النبي صلي الله عليه وسلم فقال: ان أمي افتلتت نفسها وأظنها لو تكلمت تصدقت. فهل لها أجر ان تصدقت عنها فقال صلي الله عليه وسلم "نعم" وفي رواية أفأتصدق عنها؟ فقال صلي الله عليه وسلم "نعم تصدق عنها" وأخرج الشيخان عن ابن عباس ان رجلا سأل النبي صلي الله عليه وسلم عن أمه التي ماتت وعليها صوم شهر أفأقضيه عنها فقال صلي الله عليه وسلم "نعم فدين الله أحق أن يقضي" وأخرج البخاري عن ابن عباس ان امرأة من جهينة قالت: يا رسول الله ان أمي نذرت أن تحج فلم تحج حتي ماتت أفأحج عنها؟ فقال صلي الله عليه وسلم: "نعم حجي عنها أرأيت لو كان علي أمك دين أكنت قاضيته؟ اقضوا الله فالله أحق بالوفاء". المذهب الثالث: يري مشروعية وجواز الاتيان بالأعمال الصالحة باسم الميت ولحسابه إذا كانت من الأعمال المالية مثل الصدقة والزكاة والكفارات المالية. أما إذا كانت الأعمال بدنية مثل القراءة والذكر والصوم والصلاة فلا يجوز الاتيان بها عن الميت. لأن التكليف بها علي سبيل الابتلاء الشخصي وهو المشهور عند المالكية والشافعية ووجه عند الحنابلة.