الصلاة عبادة بدنية. والتكليف بها متعلق بالذوات. فلا يجوز لأحد أن ينيب غيره فيها. لفوات معني الابتلاء بها بالإجماع. لكن هذا الحكم متعلق بحال الحياة. أما إذا مات من عليه صلاة مكتوبة فقد ذهب بعض الشافعية والظاهرية إلي أنه سيبوء بإثمه يوم القيامة ولا حل له. أما جمهور الفقهاء فقد اختلفوا في حكمه علي ثلاثة مذاهب. المذهب الأول: يري أن الموت يحول دون قضاء الصلاة الفائتة. فصار مرهوناً بعمله. ولا فدية عليه ولا كفارة. وهو مذهب الشافعية والحنابلة. وحجتهم: عموم قوله تعالي: ¢كل امريء بما كسب رهين¢ "الطور:21". وما أخرجه النسائي بإسناد صحيح عن ابن عمر وابن عباس. قالا : ¢لا يصلي أحد عن أحد¢. المذهب الثاني: يري أن من مات وعليه صلاة مكتوبة فإنه يجب علي ورثته أن يخرجوا من تركته - إن كانت له تركة - أو من أحد المتطوعين - إن تطوع بذلك أحد - مقدار إطعام مسكين عن كل فريضة فائتة. وإلي هذا ذهب الجمهور من الحنفية والمالكية والإمام البويطي من الشافعية. واشترط الحنفية والمالكية: أن يوصي بذلك قبل موته حتي تتحقق النية. وحجتهم: ما أخرجه النسائي بإسناد صحيح عن عباس. قال : ¢لا يصلي أحد عن أحد ولا يصوم أحد عن أحد ولكن يطعم مكان كل يوم مد حنطة¢. وعن ابن عمر قال :¢ لا يصومن أحد عن أحد ولا يحجن أحد عن أحد. ولا يصلي أحد عن أحد. ولو كنت أنا لتصدقت وأعتقت وأهديت¢. المذهب الثالث: يري أنه يمكن قضاء الصلاة المكتوبة عن الميت المسلم إذا فاتته في حياته. إما بتطوع أحد للصلاة نيابة عنه. وإما بإستئجار من يصلي عنه. وهو قول ابن عبد الحكم من أئمة المالكية. وحجته: القياس علي الحج والصوم. ولما أخرجه الدارقطني بإسناد ضعيف. وابن أبي شيبة مرسلاً. أن رجلاً سأل النبي - صلي الله عليه وسلم - كيف يبر أبويه بعد موتهما؟ فقال - صلي الله عليه وسلم -:¢ أن تصلي لهما مع صلاتك. وأن تصوم لهما مع صيامك¢. وفي رواية عند الخطيب البغدادي :¢ إن من البر أن تصلي لأبويك مع صلاتك. وتصوم لهما مع صيامك¢. وبهذا يتضح أنه يجوز لكل مسلم أن يصلي عن أخيه الميت ما فاته من صلاة مكتوبة. وأن يتصدق بمثل صدقة الفطر عن كل فرض فائت. كما هو مذهب جمهور الفقهاء. وفي هذا نشر للخير. وإشغال للوقت في عبادة الله. ولن تضيع عبادة الله عند الله فهي إن لم تصل إلي الميت وتنفعه فلن تضره. ولن يحرم الفاعل من ثوابها.