كيف تفتح البنوك أبوابها لاقراض الفقراء أومن يرغبون في تحسين أحوالهم ولا يملكون الضمانات الكافية. اعتادت البنوك في مصر علي التعامل مع كبار العملاء ورجال الأعمال رغم محاولات محدودة للتعامل مع صغار العملاء لم يكتب لها الاستمرار. ولن تستطيع الجهود الحكومية أو محاولات أخري في القطاع الخاص استيعاب كل العاطلين أو الراغبين في العمل واعدادهم تتزايد يوماً بعد آخر. فلماذا لا تفتح البنوك وفق سياسة جديدة ترعي جزءاً كبيراً من المجتمع يحتاج إلي الدعم والمساندة المالية وبضمانات أقل. وهناك من يحتاج مبلغاً هزيل مثل ألف جنيه أوحتي ثلاثة آلاف جنيه ليبدأ عملاً أو يقيم مشروعاً صغيراً أو متناهي الصغر. وتجارب البنوك في مصر في حالات الاقراض متناهي الصغر للفقراء تؤكد ان نسبة السداد تتجاوز 99% في أغلب الأحوال لأن هؤلاء الفقراء يخافون علي سمعتهم وكرامتهم في كل الأحوال. التجارب التي قامت بها بعض البنوك المصرية في اقراض العملاء لمشروعات متناهية الصغر تستحق المراجعة والتقويم واستعادة هذه المشروعات لمواجهة الفقر والبطالة. فلماذا لا يضع البنك المركزي المصري في برنامجه للمستقبل هذا النوع من القروض وتمويل صغار العملاء ومهمة البنوك في المرحلة المقبلة توسيع قاعدة العملاء بعد ان ركزت أعمالها علي عدد محدود من العملاء وجري ما جري من تعثر وتوقف عن السداد.. ولم تمتد مظلة التعامل مع قاعدة عريضة من العملاء. لقد تعثرت فكرة انشاء بنك للفقراء ومن الممكن ان تتحول إلي اختيار مجموعة فروع للبنوك الحالية للعمل في تمويل المشروعات متناهية الصغر بعد تدريب وتأهيل العاملين فيها علي التعامل مع العملاء الصغار..وتوفير دراسات جدوي لمشروعات متناهية الصغر. ان هؤلاء العملاء الجدد الذين يحتاجون إلي مبلغ 5 آلاف جنيه أو أقل لاقامة مشروع وليس لشراء سلع استهلاكية لم يدخلوا من قبل فرعاً للبنوك وليس لهم دراية بأعمالها وضوابطها وشروط الاقتراض. ولكننا نحتاج إلي نشر ثقافة جديدة في مصر هي ثقافة العمل الحر وتشجيع هؤلاء الفقراء علي إقامة مشروعات توفر فرصاً للعمل وتحول المجتمع المصري كله إلي الانتاج والعمل. ولا يجوز ان يولد الفقير في مصر فقيراً ويستمر طوال حياته فقيراً وعلينا ان نفتح أبواب العيش الكريم والكرامة للناس.. وحمايتهم من الفقر والذل والانكسار. وإذا كانت ثورة 25 يناير ونحن علي أبواب الذكري الثانية لها كان شعارها عيش - حرية - كرامة فإن كرامة الفقير في الحصول علي العمل ومصدر الرزق الحلال. وهذه قضية مطروحة للنقاش.. فالأموال المكدسة في البنوك بلا استثمار وتلجأ البنوك إلي ايداعها في سندات الخزينة هو شهادة إدانة لعدم قدرتها علي استثمار هذه الأموال. وإذا كانت قيادات البنوك غير قادرة علي توسيع قاعدة الاقتراض وجذب عملاء جدد حتي ولو كانت هناك مخاطر فالمخاطر مع توسيع القاعدة ستكون أقل من ان تنحصر البنوك داخل قاعدة محدودة للاقراض لعملاء يعدون علي الأصابع. ان مشكلة الفقر في مصر تتزايد وتكاد تصل إلي أكثر من 40% وهي النسبة التي كانت قائمة قبل الثورة في عهد النظام السابق ولم تنحسر هذه النسبة ولكنها تتزايد وتتسع لأن العلاج لم يبدأ بعد. ان أموال البنوك إذا لم تستثمر بكفاءة وبتوسيع قاعدة العملاء والاقتراض فإن هناك بالتأكيد ما يستدعي المراجعة وتعديل وتعتبر في السياسات والأشخاص في وقت واحد. مهمة البنوك ان تشارك في احتواء الفقر وهي لن تقدم اعانات أو عطايا بل قروضاً متناهية الصغر تنقذ الفقراء والراغبين في العمل من الفقر والذل والانكسار. كلمات لها معني قطرة الماء تحفر في الصخر ليس بالعنف ولكن بالتكرار * قول مأثور