كان من المتوقع أو المنتظر من حكومات ما بعد الثورة أن تكون أكثر واقعية وفي نفس الوقت أكثر طموحا ولكن لم يحدث ذلك وطلعت علينا وزارة الاسكان بمخطط عمراني لمصر حتي عام 2025 وهي وغيرها من الوزارات لا تستطيع الآن أن تخطط لعام واحد وتلتزم به فما بالنا بخطة لمسافة زمنية مقدارها 41 عاما سيكون كل المخططين الآن قد انتقلوا وسيكون العالم عندئذ غير العالم الآن. ولماذا عام 2025 ولم تكن الخطة بعيدة المدي مثلا حتي عام 2050 والسبب ان الرئيس السابق تولي في أكتوبر 1981 بعد مقتل الرئيس الراحل السادات فتقرر أن يستمر العام المالي حتي 30 يونيه 1982 ثم تبدأ خطط خمسية كان المقرر أن تنتهي الخطة الخمسية السادسة يونية .2012 في ظل حرية التعبير والتفكير بعد الثورة يطلع كل يوم أحد علماء مصر الأفاضل بفكرة لتنمية وتعمير ونهضة مصر ولكنها كلها تحتاج إلي تأكيد الدراسة والبحث وتحقيق شبه إجماع علمي مصري عليها. قال الدكتور فاروق الباز إنه يقترح محورا للتنمية من العلمين لتوشكي عبارة عن طريق سريع وسكة حديد ومدن جديدة ومزارع ومصانع ووعد الرجل بمياه جوفية يؤكدها كعالم فاضل من علماء الجيولوجيا ووكالة ناسا للفضاء وعارضه علماء آخرون وخبراء تنمية عمرانية لارتفاع التكاليف والخوف من قلة المياه الجوفية وزحف الكثبان الرملية علي هذا المحور وعزوف الناس عن الانتقال للعيش في المجهول أو الصحراء. علي استحياء أطل علينا العالم الفاضل د. عبدالفتاح القصاص خبير البيئة العالمي بمحور آخر من سيدي براني لسيوة للداخلة هناك بعيدا في عمق الصحراء الغربية يصعب علي المصريين مغادرة أهلهم في الدلتا والوادي والذهاب بعيدا هكذا بلا مقابل مادي يغري بذلك. اقترح آخرون محورا تنمويا عرضيا من سيوة للواحات البحرية للقاهرة للقناة لسيناء مارا بوعاء بشري ضخم هو القاهرة الكبري ومستفيدا من مياه النيل والمياه الجوفية الواعدة في الواحات البحرية وسيناء وأنا أؤيد هذا المحور بشدة لأنه يتيح للمواطنين سهولة السفر والانتقال من بلادهم لشمال الصحراء الغربيةوسيناء مرورا بعقدة مواصلات الجمهورية كلها القاهرة ولأنه يحقق تعمير سيناء أمن مصر القومي. طلع علينا آخرون قائلين إن أنهارا من المياه الجوفية تسير تحت الصحراء الغربية وقالوا ان المنبع من بحيرة تشاد أو بحيرة دارفور التي جفت ولكن النهر المزعوم ساكن لا يتحرك وإذا تحرك في باطن الحجر الرملي النوبي فإنه يسير بسرعة متر واحد في السنة لأنه يسير في مسام تربة حجرية وبين شقوقها واقترح هؤلاء الآخرون زراعة من 3 5 ملايين فدان علي هذه الأنهار. حتي الآن زرع الخبراء والجيولوجيون ملايين الأفدنة في الصحراء الغربية وتركوا الدلتا تتآكل بمعدل 5 أفدنة كل ساعة من أجود الأراضي الزراعية. *** ببساطة وبدون ادعاء خبرة أو علم فإنني أقترح أن تقوم وزارة الموارد المائية بوضع خطة لحفر آبار استكشافية في الصحراء الغربية وفي سيناء وفي حالة وجود مياه كافية تقدر المساحة التي يمكن زراعتها بالتنقيط وتقوم بتسليمها للشباب وبها بيوت ومصدر كهرباء وطريق مناسب. ومع نمو الجزر العمرانية في الصحراء حول الآبار تلتحم كل مجموعة آبار بأرضها الزراعية مع بعضها لتكوين قرية صغيرة ثم تكبر وهكذا. وبدون خجل هل نتعلم من اسرائيل التي زرعت صحراء النقب علي المياه الجوفية والتي ادعي البعض عندنا انها تسرق المياه الجوفية من سيناء وهو كلام لا علاقة له بالعلم أو الصحة ولكنها تسرق المياه من الضفة الغربية. ومع نمو الجزر العمرانية الكبيرة في الصحراء سيتشكل محور تنمية أيا كان مساره فسوف يفرض نفسه علي مخططي العمران في مصر. إن فكرة الجزر العمرانية ونموها مقتبسة من التكتيكات العسكرية في الهجوم التي تقول ان علي المهاجم أن يحاول وأن يعزز النجاح ولا يصر علي الهجوم في اتجاه توقف فيه لعدم قدرته علي الاستمرار الذي لا يعرفه بعض الخبراء ان مياه سيوة الجوفية نوعان الأول سطحي من أعماق قريبة ذو ملوحة عالية والنوع الثاني من المياه الجوفية مياه عميقة "1000م" عذبة متدفقة تحت ضغط نهايتها عند بئر عين كيفار شمال سيوة ولو كانت المياه الجوفية عذبة وغزيرة لتدفقت في قاع منخفض القطارة "-134م" أو وادي الفارغ علي طريق مصر اسكندرية الصحراوي الذي تكاد مياهه الجوفية تجف. الذي لا يعرفه بعض الخبراء ان منسوب مياه البحار والمحيطات هو صفر وان البحر المتوسط مفتوح علي الأطلنطي عند جبل طارق ومفتوح علي البحر الأحمر والمحيط الهندي عبر قناة السويس وأي تصريف لمياه البحر المتوسط لمنخفض القطارة يعني تصريف مياه العالم في هذا المنخفض وإغراق الدلتا وليس حمايتها من ارتفاع المناسيب نتيجة للتغير المناخي. كانت الفكرة الأساسية لكهرباء منخفض القطارة تقوم علي تصريف كمية مياه لتوليد الكهرباء علي أن تساوي كمية هذه المياه مع كمية بخار الماء الصاعدة من هذا المنخفض وذلك خوفا من ملء المنخفض بمياه مالحة وتأثيرها علي المياه الجوفية تحت الدلتا هذا ما قاله أساتذتي في هندسة عين شمس في الستينيات من القرن الماضي. إنني أناشد علماءنا الأفاضل وهم أجلاء مخلصون أن يراعوا ظروفنا السياسية والاقتصادية والاجتماعية وأن يطرحوا علينا حقائق علمية لا تقبل الجدل وأن ينسقوا مع السلطة التنفيذية في الدولة وخططها سواء كانت في الري أو الاسكان أو الزراعة أو النقل لأن مصر لا تحتمل المزيد من التجارب الفاشلة في أي مجال من مجالات التنمية الشاملة وأن يحذروا إغراءات وسائل الإعلام بالنشر والتلميع.