مستقبل وطن ينظم مؤتمرات حاشدة لتشجيع المواطنين على المشاركة في انتخابات النواب| فيديو    البابا تواضروس: أدعوكم أن تتعرفوا على بلادنا مصر بتاريخها العريق وحضارتها الممتدة    أسعار الذهب تواصل الانهيار.. وانخفاض كبير في قيمة الجرام    خبير: مصر نجحت في تعزيز موقعها داخل السوق الأوروبي ب «الصادرات الزراعية»    الصحة العالمية: ندعو إلى فتح جميع معابر قطاع غزة    بيسكوف: العقوبات الأمريكية ستكون بلا جدوى كسابقاتها    فراس العجارمة: الخلافات الفلسطينية ليست جديدة لكنها اليوم أمام مفترق تاريخي حاسم    وصول حافلة الزمالك إلى ستاد السلام لمواجهة ديكيداها    رباعي ريال مدريد يعود للمشاركة في المران كاملاً    الوداد المغربي يتعاقد مع حكيم زياش    الغزاوي: أثق في عمومية الأهلي.. وحضورهم رسالة قوية لدعم استقرار النادي    فيديوهات خادشة ووقائع تحرش.. ضبط متهم آثار غضب السوشيال ميديا    بحوزتهم طن مخدرات.. الداخلية تكشف تفاصيل مصرع 4 عناصر شديدة الخطورة    تامر حسني يشعل حفل جامعة بدر ويعلق: "أجمل حفلات حياتي" (صور)    منة هيكل: جناح توت عنخ آمون بالمتحف المصري الكبير تجربة فريدة    من التمر إلى الزيتون.. رحلة النباتات المباركة بين العلم والإيمان    وزير الشؤون النيابية: البرلمانات العربية والآسيوية تتحمل مسؤولية مراجعة منظوماتها التشريعية    ترامب: لن نطلب موافقة الكونجرس لشن هجمات على عصابات المخدرات    الرقابة المالية تستعد لتطبيق المشتقات بالبورصة المصرية في 2026    محمد وهبي - مُعلم خجول أصبح بطلا للعالم.. ورحلة خاصة ل فهم اللعبة واكتشاف المواهب    لأول مرة.. مهرجان الموسيقى العربية يعزز نجاحه المحلي وينطلق دوليًا بثلاث حفلات بالإمارات    بالفيديو.. هدف بن شرقي ينافس على الأفضل في الجولة ال11 للدوري    الجدل يتجدد في أمريكا حول إلغاء التوقيت الصيفي واعتماد توقيت دائم    أمن القاهرة يوجه ضربات حاسمة لعصابات السرقة    "الداخلية" ضبط 13 شركة ببني سويف للنصب علي راغبي السفر إلي الخارج    قطر: نجاح اتفاق إنهاء الحرب في قطاع غزة مسئولية جماعية    انطلاق القافلة الدعوية المشتركة بين الأزهر والأوقاف ودار الإفتاء المصرية إلى شمال سيناء    قناة كان الإسرائيلية: الشرطة تستعد لاحتمال تسليم حماس جثتي أسرى إسرائيليين    جمارك مطار أسيوط تضبط تهريب كمية من مستحضرات التجميل    وزارة الصحة تعلن محاور المؤتمر العالمي للسكان والتنمية البشرية    نائب وزير الصحة يوجه بإحالة مدير مستشفى حلوان العام إلى الشئون القانونية    «التأمين الشامل» يواصل تسجيل وتحديث بيانات المواطنين في أسوان لضمان وصول الخدمات لكافة الأسر    من العدم إلى الخلود.. الداعية مصطفى حسني من جامعة القاهرة: الإنسان يمر ب4 مراحل (تفاصيل)    خام الحديد يهبط تحت ضغوط ضعف الطلب الصينى وتراجع أرباح مصانع الصلب    بينها «مؤتمر الذكاء الاصطناعي واجتماع فولبرايت».. الحصاد الأسبوعي للتعليم العالي (تفاصيل)    عالم أزهري: أكثر اسمين من أسماء الله الحسنى تكرارًا في القرآن هما الرحمن والرحيم    إعدام 187 كيلو مواد غذائية غير صالحة للاستهلاك خلال حملات تموينية في أسوان    إصابة شاب في تصادم سيارة بسور استراحة محافظ مطروح    جذوره تعود لآل البيت.. من هو إبراهيم الدسوقي بعد تعليق الدراسة أسبوعًا بسبب مولده؟    بعثات أثرية فرنسية وإيطالية تواصل أعمالها فى مناطق آثار الفيوم    أبراج تشارك حياتها الخاصة مع متابعيها على السوشيال ميديا.. أبرزهم برج الحمل    الجيش الإسرائيلي يوصى المستوى السياسي بعدم عودة السكان الفلسطينيين إلى المنطقة العازلة    أشعل سيجارة أثناء تفريغ البنزين.. حريق ورشة بالعجوزة يودي بحياة سيدة وابنتها ويصيب الزوج بحروق    فضل قراءة سورة الكهف يوم الجمعة.. وحكم الاستماع إليها من الهاتف    سر ساعة الإجابة يوم الجمعة وفضل الدعاء في هذا الوقت المبارك    أفضل الأدعية والأذكار المستحبة في يوم الجمعة وفضائل هذا اليوم المبارك    أوسكار رويز يطير للإمارات 4 نوفمبر لحضور مباريات السوبر المصرى    وزيرة التنمية المحلية: إزالة أدوار مخالفة في حي الزيتون بالقاهرة واتخاذ إجراءات قانونية حازمة تجاه المخالفين    الوزير: افتتاح مصنع جديد في صناعة الضفائر الكهربائية للمركبات قريبا    مجلة فوربس: رئيس الرعاية الصحية ضمن أبرز 10 قادة حكوميين بالشرق الأوسط لعام 2025    خطة مانشستر يونايتد لضم نجم نوتنجهام فورست    وزير الدفاع ورئيس الأركان يلتقيان رئيس أركان القوات البرية الباكستانية    هل تم دعوة محمد سلام لمهرجان الجونة؟.. نجيب ساويرس يحسم الجدل    آخر فرصة للتقديم لوظائف بشركة في السويس برواتب تصل ل 17 ألف جنيه    فردوس عبدالحميد: كنت خجولة طول عمري والقدر قادني لدخول عالم التمثيل    هنادي مهنا: «أوسكار عودة الماموث» يصعب تصنيفه وصورناه خلال 3 سنوات بنفس الملابس    المشهراوي: لا بد من إطلاق إعمار غزة سريعًا لتثبيت صمود الشعب    وكيل صحة الفيوم تفتتح أول قسم للعلاج الطبيعي بمركز يوسف الصديق    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ويبقي الامل
لو كنت "مرسي" !
نشر في الجمهورية يوم 29 - 11 - 2012

ماذا لو تخيلت أنك الدكتور مرسي رئيس الجمهورية وتواجهك الأزمة التي ترتبت علي الإعلان الدستوري الذي أصدره فقامت الدنيا ولم تقعد؟
أنا شخصياً تخيلت فرحت أتصرف كما يلي:
أولاً: رحت اسأل نفسي سؤالاً غاية في البساطة وهو: هل أود أن أكون رئيساً لفريق جماعة الإخوان ومريديها وأحبائها الذي يلعب في الميادين وملاعب الجامعات ضد فريق المعارضة بكل أشكالها وألوانها وأطيافها. أم أنني يجب ألا أغفل دقيقة واحدة عن أنني رئيس منتخب مصر القومي؟
ثانياً: هل الذين حولي من المستشارين - إذا كانوا بالفعل مستشارين - وكذلك قيادات جماعة الإخوان والحرية والعدالة يحثونني علي أن أكون بالفعل رئيساً لكل المصريين أم يدفعونني دفعاً كي أكون رئيساً لفصيل سياسي واحد؟
بعد البحث والتحقيق ثم التحليل والتدقيق في الإجابات التي جاءتني - أنا الذي تخيل نفسه في مكان الدكتور مرسي - اكتشفت بعد أن تحليت بالأمانة والموضوعية أن الذين يقدمون لي الشوري والأفكار يحاولون دائماً أن يلبسونني "تي شيرت" فريق الإخوان وليس فانلة فريق المنتخب. ليس هذا فقط بل إنهم يصرون علي أن ألعب في فرقتهم وعلي أرضهم ضد الفريق الآخر. وكأنهم بنظرتهم غير الحكيمة يقسمون مصر إلي فسطاطين:- فسطاط الإخوان والحرية والعدالة.. وفسطاط باقي كل المصريين. مع أنني - محمد مرسي - لست كذلك لأنني الرئيس المنتخب وأود أن أكون قولاً وفعلاً رئيساً لكل المصريين. كما عاهدتهم. وكما أقسمت علي الملأ.
شخصت العلة وعرفت أن هناك منتجا اسمه الإعلان الدستوري أصدرته وأعلنته فكان بمثابة زلزال قوته "ألف ريختر" زلزل أركان البلد وصدع بنيانها وأحدث شروخا عميقة في كل شبر فيها.. أنا الرئيس مرسي أقول وأؤكد ان هذا الإعلان كان ضرورياً وحتمياً لحماية مسار الثورة واختصار الفترة الانتقالية وكذلك قطع الطريق علي الذين يريدون بمصر وأهلها سوءاً ولابد أن أكشفهم وأخرجهم من جحورهم. حيث إنهم ذيول للنظام السابق ويتدثرون في ألف لباس ولباس.
علي الوجه الآخر هناك أصوات العقل التي تقول: اقتلوا الفلول حيث ثقفتموهم.. خذوهم فغلوهم وفي النار أو في النيل ألقوهم. لكن لا تكبلوا بلداً بأكمله في سلاسل وجنازير الإعلان الدستوري وحلقاته الغليظة. ونحن معكم من المؤيدين والمنفذين لكل ما يساعدكم علي أداء مهمتكم. لأنكم حين تتحدثون عن أعوان مبارك وأعداء الثورة. فنحن معكم في خندق واحد لنواجه نفس العدو. أياديكم علي البندقية وأصابعنا علي الزناد.
لكنكم وبدلاً من أن تحددوا الهدف وتركزوه في أعداء الثورة وسعتم الدائرة وجعلتم الشعب المصري كله هدفا وجعلتم سن "الدبانة" في منتصف رأسه ورحتم تطلقون الإعلان الدستوري فيها فضربتم الديمقراطية ومكتسبات الثورة في مقتل.
مازلت أتخيل أنني مرسي.. أرصد ما حدث وأحاول كيف أجنب مصر شر ما يمكن أن يحدث.. بداية لا عيب في أن أوسع دائرة الحوار. وبدلاً من أن أقصرها علي دائرتي الصغيرة التي نصحتني فكان ما كان. أوسع الدائرة. فالجميع في مركب واحدة أنت يا مرسي قائدها. والمؤكد أن أحداً لا يريد للسفينة أن تغرق وإلا هلك وهلك الجميع معه.
لكن مواصفات الحوار الذي تريده مؤسسة الرئاسة. جاء بنفس مواصفات الحماة التي تريد أن تذل زوجة الابن وتكسر أنفها. لكنها أمام الجميع تبدو وكأنها المادة الخام للديمقراطية.. تقول الحماة لزوجة الابن وهي تلبس قناع الكرم وتعطيها سلة الخبز:- "سليم ما تكسري. مكسور ما تأكلي. وكلي يا زوجة ابني حتي تشبعي"!
في النهاية تقول الحماة لزوجة الابن بهذه العبارة الجهنمية لا تأكلي شيئاً.. ونفس الشيء قالته مؤسسة الرئاسة لكل التيارات المعارضة:- "لا تراجع عن الإعلان الدستوري ولا مساس بالتحصينات والقرارات. لكننا نرحب بالحوار مع الجميع"!!
هذا معناه باختصار شديد صدمة لمن كانوا يتوقعون أن الرئيس بحكمته كان سيحتوي الموقف ويستوعبه بالحوار الوطني البناء قبل أن يتسع الرتق علي الراتق. فيمتلئ الثوب بالثقوب في الوقت الذي نحن فيه بحاجة إلي كل دقيقة عمل وبناء ودوران في عجلة الإنتاج. فالبلد ينهار اقتصادياً واجتماعياً وسياسياً والكل خاسر ويكفي أن تخسر البورصة في يوم واحد 29 مليار جنيه لكي ندرك حجم النزيف اليومي من شرايين مصر.
لكن الكل يركب حصان عناده وينادي بأعلي صوته: هل من منازل؟ هل من مبارز؟ دون أن يفكر أي طرف للحظة واحدة من سيبارز من؟ ومن سينازل من؟ ونحن جميعا في خندق واحد ومن جيش واحد. ومن سيسقط هو حتما سيكون خصما من قوة هذا الخندق لمصلحة المتربصين بنا وما أكثرهم.
هؤلاء كانوا يعدون العدة مع قدوم الشتاء للاندساس وسط النشطاء والمتظاهرين والثوار في التحرير ومحمد محمود.. والسيناريو أن تصل الدنيا إلي ذروتها في 25 يناير ذكري الثورة. لكن الإعلان الدستوري الأخير جعل عقارب الساعة تلهث في جنون حتي جاء 25 يناير في العشر الأواخر من نوفمبر فقامت الدنيا ولا تريد أن تقعد.
يبقي السؤال: هل سنترك الدنيا علي هذا الحال والذي إذا لم نسرع الخطي لتقديم حلول عاقلة سنعض جميعا أصابع الندم ونتمرغ في تراب الخراب والدمار؟
يكفي أن نتخيل سيناريو واحداً فقط. وكاد يقع لولا عناية السماء وهو ان ينزل فريق الإخوان لمواجهة فريق جبهات المعارضة. فتتحول مصر كلها إلي مصارعة ديوك تنقر في رءوس بعضها البعض فتنسال الدماء المصرية الزكية أنهاراً ويتساقط القتلي والمصابون ضحايا العناد السياسي مع أن الجميع من عشة واحدة. والمفترض أنه إذا جرح ديك تداعي له الجميع بالسهر والحمي وراحوا يطببونه ويفردون أجنحتهم حوله.
لو كنت بدلاً من الدكتور مرسي لن أستمع إلي من حولي من مستشارين وقيادات جربتهم في أكثر من موقف أحرجونني فيه وجعلوني أتراجع في قرارات أو مواقف لا يجوز - لأنني الرئيس - الا أتراجع فيها لأن كل كلمة أقولها وكل قرار أتخذه لابد وأن يكون مدروساً بعناية. وأن يكون كل حرف فيه موزونا بميزان الذهب الحساس.
سأجرب هذه المرة أن أستمع إلي غيرهم من المستشارين والقيادات.. سأغير العتبة واستبدل فريقاً بفريق. ثم أعاهد نفسي بأن تستقيم أفعالي مع القسم والعهد الذي عاهدت فيه الأمة وهو أن أعمل لصالح مصر وكل المصريين وقد طلبت منهم آنذاك إذا رأوني أسير علي طريق الوعد أن أعينوني وساندوني. وإذا رأوني أحيد عن الطريق وانحرف عن المسار المتفق عليه قوموني وعدلوا وجهتي وبوصلتي ولو بحد السيف.
وها نحن نقول لمرسي.. نحن مثلك نحب مصر. وان الإخوان وقيادات الحرية والعدالة ليسوا وحدهم الوكلاء الوحيدين لحبها. ولذلك فإنك وبصفتك القائد الذي قدر الله أن تقود سفينة مصر. لابد في تلك الظروف الحرجة والنوات الصعبة والأمواج العاتية ان تتحاور مع الجميع من أجل مصلحة "الجميع" وليس من أجل مصلحة "الجماعة".
في علم الاحتمالات وبعد الحوار قد نكتشف ان اصرارك علي أن تعيب السفينة بالإعلان الدستوري إياه له حكمة لا تدركها عقولنا القاصرة. فنعرف أننا كنا لا نطيق معك صبرا ونعترف انك لم تفعل أمرا نكرا أو إمرا.. وفي علم الاحتمالات أيضا ربما اكتشفت أنت بالحوار الوطني البناء أن هناك من زينوا لك ثقب السفينة مع انه لا يوجد من يريد أن يأخذها غصبا. وقتل الغلام مع أنه كان صالحا وبأبويه رفيقا حنونا.. فوق كل هذا وذاك أرادوك أن تهدم الجدار ثم لا تقيمه فيسهل الطريق علي المتربصين بالبلد أن ينهبوا كنزها ويفرغوا خزانتها وبالتالي جعلوك ترتكب أمرا ونكرا وإمرا.
المخرج الوحيد ها هنا.. المخرج الوحيد ها هنا.. المخرج الوحيد ها هنا.. وأشير بإصبعي السبابة إلي الحوار الوطني الجاد قبل أن تذهب السفينة إلي بحر الظلمات.. حمي الله مصر ووقاها شر الفتن.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.