لا أحد يعرف ما ستؤول إليه الأحوال في مصر. بعد صدور القرارات الأخيرة للرئيس محمد مرسي. وقد بدأ الرئيس مرسي واثقاً من ان ما اتخذه من قرارات سيقود مصر إلي الاستقرار والانطلاق.. فسيمنع حل مجلس الشوري.. وسيمنع حل الجمعية التأسيسية. وسيمنع أي تقاضي يستهدف أي قرار أصدره منذ 30 يونيو 2012 وحتي الآن. وأي قرار آخر يصدره مستقبلاً كما انه عزل النائب العام. وأتي بآخر محل ثقة. تم هو بعد ذلك يقر بوجود معارضة لقراراته شأن أي قرار يصدر لابد من مؤيد ومعارض..ومنذ صدور هذه القرارات حدث الانقسام الشديد في الشارع المصري.. القوي للمناصرة للرئيس تركزت في جماعة الإخوان المسلمين والجماعات السلفية والقوي المعارضة للرئيس شملت باقي الأحزاب والهيئات وقوي الشعب المصري. احتشدت المظاهرات المؤيدة للرئيس حول قصر "الاتحادية".. وخرج الرئيس متحدثاً إليهم.. إلي أهله وعشيرته وأبناء جماعته.. وان كان قد وجه خطابه إلي كل أبناء مصر.. ولكنه لم يكن واقفاً بين ممثلين لكل أبناء مصر. كانت هناك ميادين أخري احتشدت فيها القوي المعارضة لقراراته.. أشهرها ميدان التحرير.. الذي لحسن الحظ - حتي كتابة هذه الكلمة - لم تتوجه إليه القوي المؤيدة لمرسي.. حتي لا يتكرر الصدام. كما حدث في جمعة الحساب. في ميدان التحرير تجمعت رموز للقوي الفاعلة للشعب في المشهد المصري.. وتعالت الهتافات بالاصرار علي رفض القرارات الأخيرة. وبطبيعة الحال لم يتوجه مرسي إلي ميدان التحرير.. ليواجه الرموز التي جاءت إليه.. وانما اكتفي بوفود المبايعين الذي جاءوا إليه حيث مكتبه في الاتحادية.. وحملتهم إليه مئات الأتوبيسات التي نقلتهم من مختلف بلاد مصر.. في التزام حزبي "وجماعي".. بدأ الحشد له قبل أيام من صدور القرارات.. ولابد أنهم كانوا علي معرفة مسبقة بها. أما الذين ذهبوا التحرير.. فلا التزام حزبي يجمعهم. ولا قيادات تنظم صفوفهم. وإنما خرجوا كرد فعل طبيعي لما اعتبروه خروجاً علي ثورة يناير.. وجنوحاً إلي ديكتاتورية اعتبروها غير مسبوقة. وكان الذين تجمهورا أمام الاتحادية "يؤذنون" في الموقع الصحيح.. الملائم.. هذه المرة.. فخرج إليهم مرسي يخطب فيهم. أما الذي تجمعوا في التحرير.. فاختاروا المكان الذي انبثقت منه ثورة يناير.. والذي يبدو انه لم يعد الآن مسموعاً.. أو مسموحاً له بأن يكون مسموعاً.. فكانوا يؤذنون في "مالطة". الموقف الآن بدا واضحاً.. هذه القرارات مهما كانت دوافعها أسفرت عن شق الصف في الشعب المصري.. وزادت في الاحتقان بين أطرافه.. وزادت من حدة الانقسام بين كل ألوانه. والنتائج المتوقعة لا يستطيع أحد أن يتكهن بها الآن.. لا أحد يعرف كيف سيتصرف الرئيس مرسي.. هل سيتراجع. كما حدث وتراجع في قرارات سابقة.. أم سيمضي في تنفيذ ما أتخذه من قرارات رغم الانقسام الحاد حولها. ولا أحد يعرف إلي أين تقودنا هذه الانقسامات ولا أيضاً كيف ومتي تنتهي. وكل ما نأمله من الله سبحانه وتعالي أن يحفظ مصر وأن يبعد عنها كل احتمال يغرق الوطن في دوامة الخلاف وان يعود التوافق بين صانع القرار.. ومن يجري تنفيذ القرار عليه وان يسود النقاش والاقناع.. بدلاً من الفرض والقهر والإجبار.